استبقت إسرائيل عدة أشهر مفترضة من التجارب، وكشفت، مساء 5 أيار/مايو، عن "إنجاز علمي عالمي" يتمثل في "تطوير جسم مضاد لكورونا أثبت فعالية في شل الفيروس داخل الجسم".
وذكر موقع هيئة البث الإسرائيلية (مكان) أن "علماء المعهد البيولوجي في مدينة ‘نس تسيونيا‘ (وسط إسرائيل) حققوا اختراقاً جذرياً في تطوير جسم مضاد لفيروس كورونا"، لافتاً إلى أن فريق الباحثين برئاسة البروفيسور شموئيل شابيرا أنهى مرحلة تطوير الجسم المضاد الذي "يهاجم الفيروس داخل أجساد المرضى ويعمل على تحييده وشله"، وهو ينوي الحصول على "براءة الاختراع ليتوجه به إلى شركات دولية بهدف إنتاجه بكميات تجارية".
وتضاربت المعلومات التي قدمها الموقع الرسمي الإسرائيلي بشأن الاختراع إذ أورد أن "الأمر بحاجة إلى عدة أشهر لإجراء تجارب إضافية والحصول على التصاريح اللازمة"، مع الزعم أن "المرحلة التالية هي تواصل الباحثين مع شركات دولية ودرس إمكان إنتاج العلاج بكميات تجارية".
جاء ذلك برغم إقرار الباحثين في المعهد الإسرائيلي أن "الجسم المضاد لكورونا يحوي نسبة ضئيلة جداً من البروتينات التي قد تعرض المريض المعالج للخطر"، علما أن "تجربته تمّت مباشرة على الفيروس الفتاك وثبت أنه يشله".
احتفاء vs تشكيك
بمعزل عن احتفاء المسؤولين الإسرائيليين وإعلامهم الرسمي بـ"الإنجاز العالمي" و"الاختراق الجذري" و"التقدم الهائل"، وبأنهم "أوائل من حققوا انطلاقة كهذه"، شددت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" على أنه لا يزال أمام الجسم المضاد تجارب تستغرق عدة أشهر على الحيوانات، ولاحقاً على البشر، قبل اعتماده علاجاً للفيروس.
وبيّنت الصحيفة الإسرائيلية أن إعلان المعهد يتعلق على وجه الدقة بـ"عزل جسم مضاد يُعتقد أن استخدامه ممكن لتطوير علاجات ضد الفيروس"، وأن "هذا التقدم لن يفيد في تطوير لقاح يمكن تطعيم الأشخاص به"، مشددةً على أن التجارب على الجسم المضاد "لم تتجاوز الأنابيب المختبرية بعد".
وأضافت: "بينما اكتشف عدد من المؤسسات العلمية أجساماً مضادة قادرة على تدمير كورونا، رأى المعهد الذي تديره وزارة الدفاع الإسرائيلية أنه الأول عالمياً في تطوير جسم مضاد جمع ثلاثة معايير عالمية رئيسية (يهاجم الفيروس التاجي تحديداً ويدمره، وأحادي النسيلة، ويفتقر إلى بروتينات إضافية قد تسبب مضاعفات للمرضى).
وقال المعهد في بيانه: "وفقاً للنشر العلمي الشامل من جميع أنحاء العالم، فإن المعهد البيولوجي هو الأول في العالم الذي يحقق هذا الاختراق وفق هذه المعايير الثلاثة معاً".
"أطالب المقاطعين ومعارضي التطبيع بعدم تناول الدواء بتاتاً"... كان هذا ما قاله المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد الكشف عن "تقدّم هائل" في مكافحة كورونا، وردود بأن الإعلان ليس سوى "دعاية سياسية"
أما صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية التي رفضت وزارة الدفاع الإجابة عن سؤالها الآتي: "كيف اختبر الجسم المضاد المكتشف لمعرفة فائدته في وقف الفيروس؟"، فنبّهت إلى أن السبق في تحديد جسم مضاد فعال ضد فيروس كورونا كان، حسب ما نشر في مجلة Nature Communications العلمية في 4 أيار/مايو، لباحثين من جامعة أوترخت الهولندية، المركز الطبي لمستشفى إيراسموس الجامعي في روتردام وجامعة هانوفر الألمانية.
دعاية سياسية واستفزاز
في مناسبات عدة، رافقت تصريحات إسرائيل التي ظهرت فيها 16,314 إصابة مؤكدة بكورونا، توفي منها 238، حول تحقيقها "إنجازات" على صعيد مكافحة كورونا ردود بأنها تسعى لتحقيق "دعاية سياسية"، وربما "مكاسب معنوية" في إطار المعركة ضد الفيروس.
ما يدعم هذا الاعتقاد أن المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أوفير جندلمان استفز رافضي التطبيع مع الدولة العبرية في تغريدة له على موقع تويتر كتب فيها: "أطالب المقاطعين وأنصار المقاولة (يقصد ساخراً كلمة المقاومة) ومعارضي التطبيع المصابين بالمرض بالتزام موقفهم وعدم تناول الدواء بتاتاً. هذه مسألة شرف، أليس كذلك؟".
ومن خلال تعليقه، ألمح المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى السجال الذي أثاره مسؤولون إسرائيليون، مطلع نيسان/أبريل الماضي، بشأن قبول رافضي التطبيع مع دولة الاحتلال التداوي بعقار إسرائيلي لكورونا لدى نجاحها في تطويره.
حينذاك لفت الأنظار تصريح لمؤسس "حركة المقاطعة" (BDS) عمر البرغوثي، مما قال فيه: "لا نرى مشكلة في التعامل مع إسرائيل إذا اخترعت دواء لعلاج مرضى السرطان أو أي وباء لإنقاذ حياة الملايين".
"اختراق عملاق, طوّرنا جسماً مضاداً يشل فيروس كورونا في الجسم"... إسرائيل تثير جدلاً بإعلان تقدم نحو اكتشاف علاج للفيروس التاجي دون اختباره على الحيوانات أو البشر
واستدرك قائلاً: "إسرائيل في الـ70 عاماً الماضية لم تخترع شيئاً (...) ولم تكن هناك في أي مرحلة ضرورة للتعامل مع إسرائيل وحدها، ولم تكن هي وحدها التي يمكن أن تنقذنا"، محذراً من "تضخيم صورة إسرائيل التكنولوجية والعلمية التي تكذب كما تتنفس، مثل كذبة أن إسرائيل على وشك تطوير لقاح لفيروس كوفيد-19 من أجل الترويج للتطبيع".
وكانت مندوبة الإمارات لدى الأمم المتحدة لانا نسيبة أول مسؤول عربي يعلق على أنباء "الاختراق الإسرائيلي"، إذ قالت إنه "مثير جداً"، موضحةً أن التعاون بين أبوظبي وتل أبيب في مواجهة كورونا ممكن.
"إسرائيل في الطليعة"
في أوائل شباط/فبراير الماضي، وقبل وصول الفيروس إلى إسرائيل، ناشد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المعهد البيولوجي ووزارة الصحة العمل على تطوير لقاح للفيروس تمهيداً لإنشاء مصنع له. قال حينذاك: "إذا عملنا بالسرعة الكافية، وأمّنّا الموازنة المناسبة والأشخاص الموهوبين (الباحثين)، فإن إسرائيل ستكون في طليعة العالم".
منذ ذلك الحين، بدا أن الجهات الرسمية والعديد من شركات الأدوية الإسرائيلية الخاصة تسابقت إلى إنتاج لقاح للفيروس تلبية للهدف الذي حدده نتنياهو وكرره مسؤولون إسرائيليون كثر، وهو: "أن تصبح إسرائيل في طليعة العالم".
وفي آذار/مارس الماضي، كشفت تقارير إعلامية عبرية عن نقل فيروسات كورونا مجمدة عند درجة حرارية معيّنة إلى تل أبيب سراً عبر سويسرا وإيطاليا من أجل التعرف على سلوك الفيروس وإنتاج لقاح له".
لاحقاً، انتشرت إعلانات إسرائيلية عن تحقيق تقدم في الوصول إلى علاج/ لقاح للفيروس من دون تأكيد أي من هذه المزاعم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين