وثّق هاني مسار اعتقاله في بث مباشر. وفيما أغضب الفيديو الكثير من المتابعين، واصفين إياه بـ "المرعب"، أفرح فريقاً كبيراً منهم "عشان الدنيا تنظف من أشكال اللي طالعين يتـ*ـرمطو على السوشيال ميديا"، حسب تعبير أحد روّاد التواصل الاجتماعي.
سبب اعتقاله لم يُعرف حتى الآن، إلا أن بعض عارفيه رجّح أن تكون منشوراته على مواقع التواصل وراء القبض عليه، لأنها "تفضح فتيات من خلال نشر صور عارية لهن، وصور نساء أقام علاقات جنسية معهن وكتابة اسمه على أجسادهن"، وفق عدة متابعين لحساباته. وقيل أيضاً إن "القبض على هاني كان بسبب بلاغات لمباحث الإنترنت عن ابتزازه لبنات قُصر، مش لأنه مخالف 'للذوق العام'".
في سياق متصل، قالت الناشطة الحقوقية سارة حجازي: "نوفر على النيابة قائمة الاتهامات المحفوظة ضد هاني: نشر الفسق والفجور، لأنه بيشتم وبيشخر كتير وبيكسر تابوهات مجتمع محافظ. وطبعاً الدولة دورها الحفاظ على أخلاق المجتمع عشان همّا الوصاية علينا. ويليها انضمام لجماعة وأشياء من هذا القبيل الغبي".
ولفتت حجازي في منشور لها على فيسبوك: "دا واحد بيهرج، حرفياً بيهرج وبيهلس. هاني بسيط جداً وبعيد كل البعد عن السياسة، فمش فاهمة سبب الخوف منه؟".
وخاطبت هاني: "يا هاني، حاسه بيك وحاسه بالخوف اللي كنت فيه وقت دخولهم زي العصابات المجرمة. اعتقالك هيوجع بس مش هيكسرك يا حبيبي"، وطالبت الحقوقيين بمتابعة قضيته، مؤكدةً: "إحنا ملناش غير بعض، حتى أهالينا هيتخلوا عنا، إنما إحنا كوسط حقوقي في ظهر بعضنا البعض، اسندوا هاني ارجوكم واتكلموا عنه بترجاكم".
ومما قيل عن اعتقال هاني: "القبض على أي شخص، أياً كان، لأسباب أخلاقية وأنه بينشر محتوى لا يليق بعاداتنا وتقاليدنا الكارتونية، لا يفرق عن فِكر التكفيريين في حاجة، وما هو إلا إرهاب شلح الجلابية والشبشب ولبس بدلة، وتأييدك للقبض على حد في قضية زي دي لا يجعلك سوى داعم للإرهاب ده".
اللافت هو توقيت اعتقال هاني، فمنشوراته التي تتضمن مواضيع جنسية ليست جديدة، إذ عُرف بها مصرياً وعربياً بين أوساط الشباب قبل نحو أربع سنوات.
في الأيام الأخيرة، كان هاني يظهر مع فتيات يتحدثن عن مشاكلهن الجنسية عبر بث مباشر مشترك. في إحدى المرات تحدث مع فتاة يريد حبيبها خوض علاقة ثلاثية (Threesome)، ومع أخرى يريد حبيبها أن تُرسل له صوراً عارية. علماً أن بعض هؤلاء الفتيات قاصرات، وهذا ما أغضب متابعين كثراً.
يتحدث هاني مع الفتيات بشكل عفوي، مسمّياً الأفعال الجنسية والأعضاء التناسلية بأسمائها باللهجة المصرية العامية، وهذا ما لقي تعليقات رافضة ومنددة، بما في ذلك من إشكالية كبيرة في مضمون ما ينشره، خاصة بما يتعلّق بتنميط صورة نساء والإساءة إليهن، أو تصويرهن كأداة جنسية.
"نوفر على النيابة قائمة الاتهامات المحفوظة ضد هاني مصطفى: نشر الفسق والفجور، لأنه بيشتم وبيشخر كتير وبيكسر تابوهات مجتمع محافظ. وطبعاً الدولة دورها الحفاظ على أخلاق المجتمع عشان همّا الوصاية علينا. ويليها انضمام لجماعة وأشياء من هذا القبيل الغبي"
جرائم خادشة للحياء
يأتي اعتقال هاني في إطار حملة النيابة العامة الرامية إلى "التصدي للجرائم الخادشة للحياء، والمتعدية على المبادئ العامة وقيم المجتمع العريق"، وفق بيانها الذي دعت فيه إلى التفرقة بين حقوق التعبير والإبداع الحُر وبين دعاوى الابتذال والإباحية والسعي لجنى المال بطرائق غير مشروعة.
وكانت النيابة العامة قد أمرت في 24 نيسان/أبريل الماضي بالقبض على الفنانة سما المصري بتهم عدة تندرج تحت "الفسق والفجور"، منها نشر صور وفيديوهات خادشة للحياء العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والقيام بأفعال مخلة بالآداب.
وجاء اعتقال سما المصري بالتزامن مع الجدل الذي أثارته قضية حنين حسام بعدما صدر في 23 نيسان/أبريل قرار قضى بسجنها 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيق بتهمة "التحريض على الفسق والفجور". (للاطلاع على تفاصيل قصتها، انقر هنا)
من مشاهير اليوتيوب المعتقلين في مصر أيضاً شادي سرور الذي عُرف بنشره فيديوهات ساخرة. وقبض عليه في آذار/مارس 2019 عقب حملة "الصفافير" التي أطلقها الإعلامي معتز مطر، وتتلخص في إطلاق الصافرات في وقت واحد تعبيراً عن الاحتجاج على النظام المصري.
الحبس الاحتياطي
يعيدنا الكلام على "الحبس الاحتياطي" إلى حادثة وفاة الفنان شادي حبش، السبت 2 أيار/مايو الجاري في سجن طرة بعد سنتين على اعتقاله "احتياطياً" من غير محاكمة بسبب إخراجه فيديو كليب أغنية "بلحة" لرامي عصام. و"بلحة" هو لقب أطلقه ناشطون على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وكان قد قبض على حبش بتهم "الانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أنباء كاذبة، وإساءة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وازدراء الأديان، وإهانة الجيش". وضمت القضية سبعة متهمين، أُفرج عن خمسة منهم، باستثناء شادي حبش ومصطفى جمال الذي كان مسؤولاً عن توثيق صفحة رامي عصام على مواقع التواصل وكتابة الكلمات.
وأشاع رحيل حبش حزناً على مواقع التواصل، خاصة عقب تداول آخر رسالة له كان قد كتبها في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وقال فيها:
"السجن ما بيمَوتش بس الوحدة بتموّت. أنا محتاج دعمكم عشان ماموتش. في السنتين اللي فاتو أنا حاولت 'أقاوم' كل اللي بيحصلي لوحدي عشان أخرجلكم نفس الشخص اللي تعرفوه بس مبقتش قادر خلاص. مفهوم المقاومة في السجن: إنك بتقاوم نفسك وبتحافظ عليها من الآثار السلبية من اللي بتشوفوا وبتعيشوا كل يوم وأبسطها إنك تتجنن أو تموت بالبطيء، لكونك مرمي في أوضه بقالك سنتين ومنسي ومش عارف هتخرج منها إمتى؟ أو إزاي؟ والنتيجة إني لسه في السجن وكل 45 يوم بنزل عند قاضي وبتكون نفس النتيجة 'تجديد 45 يوم' من غير حتى ما يبصلي أو يبص لورق القضية اللي كل اللي فيها مشيوا من 6 شهور.محتاج لدعمكم ومحتاجكم تفكروهم أني لسة محبوس وأنهم ناسيني وإني بموت ببطئ كل يوم لمجرد إني عارف إني لوحدي قدام كل ده وإني عارف إني ليا صحاب كتير بيحبوني وخايفين يكتبوا عني أو فاكرين إني هخرج من غير دعمهم ليا. أنا محتاجلكم ومحتاج لدعمكم أكتر من أي وقت".
"مبسوط من اللي حصل معاه عشان الدنيا تنظف من أشكال اللي طالعين يتـ*ـرمطو على السوشيال ميديا"... جدل بشأن اعتقال هاني مصطفى الذي اشتُهر بمنشوراته الجنسية
اعتقال غير القانوني
لفت موت شادي حبش منظمات إنسانية وحقوقيين إلى مصائر المساجين. قالت الناشطة الحقوقية والسياسية منى سيف، شقيقة المعتقل الناشط والمدون علاء عبد الفتاح: "إكراماً لشادي، لازم كل واحد فينا يراجع نفسه وطريقته". واعتذرت له بالقول: "احنا آسفين. ربنا يرحمك ويهون على كل حبايبك ويجعلك سبب رحمة ونجاة لشباب تانيين مظلومين".
وأشارت إلى أنه من حق جميع المعتقلين الذين كانوا مع شادي وشهدوا على وفاته أن يحصلوا على "دعم نفسي ومعنوي"، مضيفة: "ملعون كل بتوع الداخلية اللي بيصروا يتجاهلوا استغاثات المساجين ويتعاملوا معاها باستهتار واستخفاف". وشددت على أن هذا التجاهل "مرعب ومرفوض".
وكان شقيقها قد بدأ منذ 12 نيسان/أبريل الماضي إضراباً عن الطعام، احتجاجاً على استمرار حبسه غير القانوني ومنعه من التواصل مع أسرته، بالإضافة إلى ظروف حبسه غير الإنسانية والتي وصفتها عائلته بأنها: "الأسوأ على الإطلاق مقارنة باعتقالاته السابقة منذ عام 2006".
في هذا السياق، أطلقت مؤسسة "أكسس ناو" عريضة طالبت من خلالها عدة مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني (منها رصيف22) السلطات المصرية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن "الصديق الشجاع والمدافع عن حقوق الإنسان والمدون علاء عبد الفتاح".
وليس خافياً أن هنالك بضعة معتقلين على غرار علاء في السجون.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...