ضجة واسعة رافقت القبض على مدوّنة مصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بتهم "التحريض على الفسق والفجور"، بعد أيام من التحريض ضدها عبر السوشيال ميديا ووسائل إعلامية.
وانقسمت الآراء بين من رآها ضحية تقييد الحريات ومن أيّد اعتقال كل من "يمس ثوابت المجتمع ويحاول هدم القيم الأخلاقية الفاضلة".
صباح 21 نيسان/أبريل، اعتقلت قوى الأمن الطالبة في كلية الآثار جامعة القاهرة حنين حسام التي أطلقت على نفسها لقبيْ "هرم مصر" و"هرم مصر الرابع" بتهمة "نشر مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحرض فيها على الفسق والفجور".
وخلال الأسبوعين الأخيرين، تصدرت حنين "الترند" بفضل مقاطع الفيديو التي تسخر منها، ولا سيما من طريقة نطقها الإنجليزية، بعدما اتهمتها بـ"الجهل والادعاء واستعراض جسدها لجمع المعجبين".
وبرغم ذلك يتابع مئات الآلاف، وأحياناً الملايين، المقاطع التي تبثها حنين عبر "انستغرام" و"تيك توك" وتطبيق "لايكي".
"تحريض إعلامي"
ومساء 18 نيسان/أبريل، كان الإعلامي المصري نشأت الديهي، مقدم برنامج بالورقة والقلم عبر قناة "تين"، قد نشر مقطعاً مصوراً لحنين قال إنها تحث فيه الفتيات على "ممارسة الفجور والدعارة، مقابل مبلغ مالي".
ودعا الديهي الشرطة ومباحث الإنترنت والنائب العام إلى القبض على حنين، مضيفاً: "اعرفوا مين دي... ومين اللي وراها وبيشغلها".
كما نشر الإعلامي المصري جزءاً من مقطع بثته حنين طلبت فيه مجموعة من الفتيات للانضمام إلى "وكالة" قالت إنها دشنتها للعمل عبر تطبيق "لايكي".
و"لايكي" هو تطبيق يحوي مقاطع فيديو قصيرة تتضمن أداء حركياً على إيقاع أغنية معيّنة.
في ذلك المقطع، قالت حنين "أنا عارفة أن قعدتنا في البيت جت بالخراب علينا كلنا، وعارفة أن ناس كتيرة أشغالها اتعطلت، وعارفة أن ناس كتيرة عندها مشاكل مادية الفترة دي، عشان كدا أنا عملت وكالة على لايكي".
وأضافت: "الوكالة دي أنا خلاص مسكت ورقها ومسكت إدارتها، مش هزار ومش دعاية. هي وكالتي أنا (...) أنا عايزة الغروب (المجموعة) بنات بس (...) مواصفات البنات اللي عايزاها، أول حاجة ميقلوش (لسن أقل) عن 18 سنة، شكلهم كبير، حضرتك هتكوني مذيعة في الأبلكيشن (التطبيق) مينفعش تكوني طفلة قاعدة".
"الحاجات الوحشة بتتعمل في السر، إحنا بنصرف على أسر مش لاقية تاكل"... تفاصيل القبض على مدونة مصرية، وصفت نفسها بـ"هرم مصر الرابع"، بعد دعوتها الفتيات إلى محادثات فيديو مباشرة برواتب مُجزية
وتابعت: "تاني حاجة أنك يكون عندك نت (إنترنت) كويس وإضاءة كويسة، مش عايزة منك حاجة أكتر من كدا. اللايف (العرض) بيكون فورمال (رسمي) مينفعش تطلع بأي لبس خارج. المميز معايا أني مبحبش الحال المايل".
وأوضحت: "التارغت (الهدف) مفتوح مش كل الناس هتتساوى ببعض، لو جبت 5000 ليك قبض معين لو 10، 30، 80… القبض بيكون من 36 دولار لحد ألفين وثلاثة آلاف دولار".
وختمت: "القصة كلها أنك هتفتحوا لايف بوشكم، مش شاشة سودا، ونت كويس وشكل لائق شوية… تفتحي اللايف داعمينك هيدخلوا تبدئي تتعرفي عليهم وتكوّني صداقات مع الناس بشكل محترم وجميل (...). مش عايزة تجاوزات وأهم حاجة عندي السمعة".
عقب تداول هذا المقطع انطلقت ردود فعل غاضبة، لا سيما مع تحريض الديهي.
تحقيق جامعي واعتقال
لاحقاً انتشرت أنباء عن تقديم بلاغات رسمية ضد حنين حسام.
وقرر رئيس جامعة القاهرة محمد الخشت، في 20 نيسان/أبريل، إحالة حنين إلى التحقيق في الجامعة لـ"قيامها بسلوكيات تتنافى مع الآداب العامة والقيم والتقاليد الجامعية"، مبرزاً أن الجامعة تلقت العديد من الرسائل والشكاوى في هذا الصدد.
وشدد الخشت على أن الجامعة "ستتخذ أقصى عقوبة ضد الطالبة وهي العقوبة التي قد تصل إلى الفصل النهائي من الجامعة، لارتكاب أفعال لا تتناسب مع القيم والتقاليد الجامعية".
وبعد ساعات أُعلن القبض على حنين.
"أنا فتاة عادية، والإعلام يضطهدني"
وكانت حنين قد ردت، مساء 20 نيسان/أبريل، على الهجوم ضدها، باكيةً عبر إنستغرام إذ قالت: "الحاجات الوحشة (تقصد الدعارة) بتتعمل في السر (...). في أسر كثيرة لا تجد قوت يومها، هذا العمل ينفق عليها".
وأضافت خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "حضرة المواطن"، عبر قناة "الحدث اليوم"، قبيل القبض عليها، مؤكدةً أن والديها موافقان على المقاطع التي تنشرها، معتبرةً أنها فُهمت خطأً، وأن الإعلام المصري يضطهدها.
وقالت: "الفيديو من ثلاث دقائق، إذا الناس سمعته ستفهم قصدي (...) الإعلامي المحترم قص منه 10 ثوانٍ فقط ليثير كل هذه الضجة. قلت أريد 20 بنت محترمات وليس 100 سافرات".
ورداً على تصريحاتها السابقة التي استفزت بها المتابعين، قالت: "لم أقل إني أجمل واحدة ولا فيّا حاجة حلوة. أنا عادية جداً. هرم مصر أو الهرم الرابع لأني في كلية آثار. هناك أساتذة غيروا أسماءهم بأسماء تاريخية مُخلدة. من تأثُري بكليتي وحبي لها".
قُبض عليها عقب تحريض إعلامي وشعبي واسعين… ردود الفعل تباينت حول قضية صانعة مقاطع الفيديو حنين حسام بين من اعتبرها مجرمة ومن رأى أنها ضحية "نفاق مجتمعي" و"تقييد حريات"
وأشارت إلى أن أهلها يحثونها حالياً على غلق حساباتها، مبينةً أنها تعتقد أن "السخرية والتنمر والشتيمة" أمر عادي يتعرض له جميع المدونين عبر السوشيال ميديا، وأن ما عزز الهجمة عليها هو "الفراغ بسبب كورونا".
وختمت: "لم أفعل شيئاً أستحق عليه ما يحصل لي".
وقالت لإدارة جامعة القاهرة: "لم أستغل جامعتي في أمر شائن، ودائماً أفخر بها".
السجن والغرامة
وتصل عقوبة التهم الموجهة إلى حنين، بحسب مواقع محلية، إلى السجن نحو خمس سنوات.
ورجح ياسر سيد أحمد، الخبير القانوني، في تصريح لموقع اليوم السابع المحلي، أن حنين ستواجه عدة اتهامات بارتكاب جرائم أخرى مثل "إنشاء موقع من دون ترخيص"، إذ تنص إحدى مواد القانون على عدم جواز تأسيس مواقع إلكترونية داخل البلاد أو إدارتها أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من الخارج إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
وأضاف أن المادة (14) من قانون مكافحة الدعارة لسنة 1961 في مادته الأولى، فقرة (أ)، تنص على أن "كل من حرض شخصاً ذكراً كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له، وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه". وتُشدد العقوبة إذا كان الضحية قاصراً أو قاصرة.
"تستاهل"... "لأ ضحية"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، تباينت آراء المعلقين عقب القبض على حنين حسام بين فريق رآها ضحية القيود على حرية التعبير والتدوين في مصر و"النفاق المجتمعي"، وفريق رأى أنها تستحق العقوبة بسبب ترويجها "للفجور عن جهل أو عن قصد".
واحتفى معلقون كثر بالقبض عليها، قائلين إن "بيوت الفقراء لا تصرف من الدعارة".
وسخر فريق منهم من "دموع التماسيح"، فيما قارن عدد كبير من المعلقين بين ما تقدمه حنين وما تنشره الراقصة سما المصري عبر حساباتها، معتبرين أن الأجدر محاسبة الأخيرة على "نشر الفجور".
من جهتها، قالت الناشطة النسوية والجندرية ملك الكاشف عبر فيسبوك: "يا نهار أسود، البنت دي اتدمرت أرجوكم يا جماعة اتكلمو عنها عشان هي دلوقتي عايشه كابوس بشع. البنت دي ضحية الذكورية والوصاية وضحية خطاب ‘بتبوظ بناتنا‘ اللي ياما ستات مننا اتوصمت بيه، كثفوا التدوين عنها البنت دي متستاهلش كل ده".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...