شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"عندَك شفرة زيادة؟"... أردنيات يلجأن لبدائل منزلية للاعتناء بأنفسهن في حظر التجول

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 22 أبريل 202001:13 م

استغرقت أماني ما يقارب ساعتين وهي تفتش في رفوف المطبخ، أدراج خزانتها وفي رفوف الحمامات، بحثاً عن كيس حنة، لعل الكيس الذي اشترته بالصدفة، يكون منقذها اليوم لقهر الشيب الذي اجتاح شعرها.

أخيراً وجدت أماني، 44 عاماً، كيس الحنة في خزانة الأدوية، بحسب ما تسرده لرصيف22، عن تجربتها في البحث عن بدائل لصالونات ومراكز التجميل التي اعتادت ارتيادها، لكن ظروف حظر التجول المفروض على الأردن حرمها من تلك الملذات، وجعلها تبحث في منزلها عن أي وسيلة قد تنقذ شعرها وبشرتها وأظافرها.

أماني واحدة من الأردنيات اللواتي تحدثن لرصيف22 عن التحديات التي تواجههن في ظل أيام حظر التجول، للبحث عن بدائل منزلية لسد احتياجاتهن الجمالية، فالشيب بدأ يتسلل فوق صباغ شعرها، إلا أنه وكما تقول: "شعري بخزي من دون سشوار".

وبالرغم من أن شعرها "بخزي بدون سشوار" كما تقول، إلا أنه بلا شك "ارتاح زيه زي أي شجرة اليوم في الشارع، صارت تتنفس بسبب انخفاض نسبة التلوث من دخان السيارات"، مشيرة إلى أنها، وفي الأيام الأولى من حظر التجول، أصيبت بما هو أقرب للاكتئاب، عندما وجدت نفسها محرومة مما اعتادت عليه سابقاً من العناية بشعرها وبشرتها، فهي، وبحسب ما قالته: "كل شهر كنت أروح أعمل شي لوجهي زي البلازما، وهيدرو فيشل، وكل أربع شهور بوتوكس، واليوم بشرتي مو سيئة بس مش زي قبل"، مشيرة إلى أنها باتت بالفترة الأخيرة تدخل على اليوتيوب وتبحث عن خلطات "ماسكات" للوجه.

"الوضع الحالي أجبرني أنا ومثيلاتي نتجه لأدوات بدائية لننجز أقل ما يمكن إنجازه، بمعنى صار إنه شعري يكون مسشور زي الحلم بعيد المنال، أو حتى إزالة الشعر اللي بالوجه صار عن طريق ملقط الحواجب!".

"حرفياً اشتقت لدكتورتي"، تقول أماني بكل صراحة، دون أن تخفي حقيقة أنها كانت تذهب باستمرار لعيادة تجميل طبية، حتى أنها تعاتب نفسها بأنها لم تقم بعمل علاجات التقشير لوجهها، والتي تتطلب المكوث بالمنزل لأكثر من عشرة أيام، "لو كنت بعرف إنه في حظر تجول كان عملت كل أنواع هديك العلاجات"، تضيف.

ولا تعلم أماني إلى متى ستبقى "صامدة" في البحث عن بدائل لحماية جمالها بعيداً عن المراكز والصالونات التجميلية، إلا أنها وضعت خطة في المرحلة الحالية: "رح أصير أحط حنة، وهيك شعري بصير تمام، بتضل بشرتي نص نص، ورح أعمل تان على سطح البيت وبتصير أموري كويسة إلى حد ما".

الكسل والاستهلاك

"عندك شفرة زيادة؟" سألت سناء، 49 عاماً، زوجها، كما تقول لرصيف22، وهو ما تأسف له، لأن ظروف حظر التجول التي حرمتها من ارتياد مراكز إزالة الشعر، ووضعتها في موقف أن تطلب من زوجها شفرة حلاقة للسيطرة على شعر قدميها.

تقول سناء عن تجربتها: "تفاجأت بعد مرور أسبوع من قرار الحظر بإنه جزء كبير من تفاصيلي اختفى بدون سابق إنذار! وهون بقصد الأمور المتعلقة بجماليات الوجه والشعر والجسم، فأنا ومثلي آلاف النساء اعتمدنا على خبيرات مختصات في هاد المجال لإنجاز هاي المهام، اللي مفروض إنها في متناول اليد".

وتعزو سناء سبب صعوبة إيجاد نساء مثلها لبدائل عن مراكز التجميل بقولها: "ثقافة الكسل المجتمعي المرتبطة بثقافة الاستهلاك قدام مبالغ مالية مش عالية، ضمنياً كانت هي السبب في اعتمادي، ومثلي كتار، على الصالونات الخارجية أو حتى اللي بتوصل للمنازل، والمشكلة الي واجهتني شخصياً هي تبين إنه ما عندي أبسط المعدات المختصة بهاي المهام الصغيرة".

وتضيف: "الوضع الحالي أجبرني أنا ومثيلاتي نتجه لأدوات بدائية لننجز أقل ما يمكن إنجازه، بمعنى صار إنه شعري يكون مسشور زي الحلم بعيد المنال، أو حتى إزالة الشعر اللي بالوجه صار عن طريق ملقط الحواجب!".

"غير صبغة الشعر عن طريق الصبغات سريعة الاستعمال"، كما تضيف وتختم: "للأسف الشديد، إزالة شعر الجسم صرت أنجزها عن طريقة شفرة حلاقة استعرتها من زوجي!".

نساء أردنيات تحدثن لرصيف22 عن التحديات التي تواجههن في ظل أيام حظر التجول، للبحث عن بدائل منزلية لسد احتياجاتهن الجمالية والاعتناء بأنفسهن

"بشرتها وأقدامها يتنفسون راحة"

بيد أن سيرين ابتكرت طريقة أخرى للقضاء على نمو شعر قدميها خلال فترة حظر التجول، حيث تلجأ إلى ارتداء بناطلين من الفيزون للسيطرة على نمو الشعر.

هذا ما قالته سيرين لرصيف22، عن جزء من تجربتها في حماية بشرتها وشعرها من تبعات الحظر الذي يمنعها من الذهاب إلى صالونات ومراكز التجميل، وتقول: "قدرت أصبغ شعري بصبغة سريعة الاستخدام، وجربت نوعين ماسك للوجه، وطلعت كل ألوان المناكير القديمة الي راحت موضتها وحطيتها على أظافري"، وهنا تتوقف وتضحك.

ورغم تلك الإنجازات التي حققتها سيرين للاعتناء بنفسها في زمن كورونا، إلا أنها حتى اللحظة لم تتجرأ على إزالة شعر حواجبها، وفي نفس الوقت تبدي عدم امتعاضها من عدم وضع المكياج ولبس أحذية الكعب العالي، بحسب وجهة نظرها، فإن البقاء في المنزل بسبب ظروف الحجر، جعلها بشرتها وأقدامها أيضاً يتنفسون راحة.

"ناوية أحط الأواعي اللي لبستهم طول الحظر مع بيجاماتي في أول كيس للتوزيع عشان ما يذكروني بأيام اللولو"، تضحك سيرين، مؤكدة في الوقت ذاته أن ظروف الحظر جعلتها تتقبل بأنه ليس من الضروري أن تكون "بيرفيكت".

"حبّوا حالكن"

د. فريدا طنوس، استشارية الجلد والتجميل والليزر، تقوم خلال أيام حظر التجول بنشر فيديوهات بشكل يومي على حسابها على الإنستغرام، تنصح من خلالهم زبائنها باللجوء إلى طرق بديلة للحفاظ على بشرتهن.

تقول الدكتورة فريدا لرصيف22، إنها تقوم بنشر هذه الفيديوهات لبث الطاقة الإيجابية لزبائنها، وخصوصاً وأن كثيرات منهن يشعرن بالتوتر وعلامات الاكتئاب بسبب القيود التي يفرضها حظر التجول، ولا شك بأن جزءاً من هذا الشعور هو تخوفهن من أن يستهدف الحظر جمالهن، بحسب ما تضيف.

"أنا ما بحكي ع عن بدائل لعلاجات الوجه والبشرة، أنا بحكي عن بدائل تكميلية"، تقول الدكتورة فريدا، وهي تظهر حرصها على أن تسمي الأمور بمسمياتها وألا تخدع من يتابعها، بأن البدائل المنزلية التجميلية لا تعوض عن البوتوكس والفيلر مثلاً، فهي مكملات للعناية بالبشرة ليس إلا.

وأشارت إلى أنها تتلقى الرسائل اليومية التي تسألها عن احتمالات عودتها لفتح عيادتها الطبية، وجاءت هذه الإشارة في سياق الحديث عن السيدات اللواتي يعتمدن اعتماداً كلياً على أطباء التجميل، وتوضح هنا أهمية أن تتحرر تلك السيدات من هذا الاتكال، وأن يؤمن بأن الجمال لا يعني أن يكون الوجه خالياً تماماً من التجاعيد.

أشارت د.فريدا، إلى أنها، ومن خلال الفيديوهات التي تبثها يومياً من منزلها، تحرص على تعويد النساء على العناية ببشرتهن وليس القضاء على التجاعيد، لافتة إلى أن هناك فكرة مغلوطة لدى بعض السيدات، حيث يعتقدن أن محاربة التجاعيد أو الوجه النحيف أولوية على حماية البشرة والعناية بها، والذي هو أمر أكثر أهمية.

وتنصح الدكتورة فريدا كافة النساء بأن يتصالحن مع أنفسهن، ويدركن أن الشكل الطبيعي أفضل من الشكل "الأوفر"، وأهمية التصالح مع الملامح والتغيرات التي تطرأ عليها، وتقول: "ما بقصد إنه تهمل المرأة نفسها أو تعالج وتحارب تجاعيد بشرتها مثلاً، بالعكس، هاد أمر مطلوب لنخاف على الجمال، لكن بقصد إنها ما تنهزم قدام ظروف استثنائية مثل ظروف حظر التجول، وتفكر إنه صعوبة وضع إبرة بوتوكس مثلاً هو تهديد لجمالها"، وتختم بعبارة لكل النساء: "حبوا حالكن".

بقدونس، بابونج، بصل، عسل وحتى أرز، أصناف من المواد التي تستخدمها مصممة المجوهرات والإكسسوارات، روان أبو شريحة، التي وجدت نفسها بين ليلة وضحاها خلال حظر التجول، قد تحولت من مصممة مجوهرات إلى خبيرة تجميل.

روان، وتقريباً كل يوم من أيام الحظر، بدأت تنشر فيديوهات على حسابها على الإنستغرام، تقدم من خلالها وصفات ماسكات الشعر والوجه والأظافر، لدرجة باتت العديد من الفتيات الأردنيات يجدن فيها المنقذة لجمالهن "الذي يهدده" حظر التجول.

"ما بقصد إنه تهمل المرأة نفسها أو تعالج وتحارب تجاعيد بشرتها مثلاً، بالعكس، هاد أمر مطلوب لنخاف على الجمال، لكن بقصد إنها ما تنهزم قدام ظروف استثنائية مثل ظروف حظر التجول، وتفكر إنه صعوبة وضع إبرة بوتوكس مثلاً هو تهديد لجمالها"... د. فريدا طنوس، استشارية الجلد والتجميل والليزر، في حديث لرصيف22

"أم الخلطات"

تصل متابعة فيديوهات والبث المباشر لروان إلى أكثر من 7000 متابعة، وتقول لرصيف22: "إجت الشغلة صدفة، قلت بستغل القعدة بالبيت بعمل خلطات لماسكات، واكتشفت قديش أغلب بنات الأردن محتاجين لهاي الخلطات".

"أم الرز"، تضحك روان، وتقول إن من ضمن الألقاب التي باتت تسمى بها ذلك اللقب، بسبب خلطة الأرز التي نشرتها لعلاج حب الشباب، وللمحافظة على نعومة البشرة ومكافحة التجاعيد.

وعن الجوانب التي اكتشفتها من خلال تجربتها في نشر فيديوهات للعناية بالبشرة، قالت روان: "اكتشفت شي جداً محزن، قديش في بنات ما عندهم ثقة بحالهم"، معتبرة أنها، وبعد أن لمست ذلك من قبل الكثير من الفتيات، بدأت تشعر أن هدفها في نشر خلطاتها ونصائحها ليس فقط لتعليم الفتيات العناية بجمالهن، بل أيضاً تعزيز ثقتهن بأنفسهن والتصالح مع ذواتهن.

"متأكدة حيصيروا ينادوني الناس بس يشوفوني في الشارع لما يخلص الحظر هي أم الخلطات مو بس أم الرز"، تضحك روان، معربة عن سعادتها بأن الصدف جعلتها تترك تأثيراً طيباً لدى الكثير من الفتيات، ومشددة على أهمية أن تدرك كل فتاة بأن الحفاظ على جمالها هو بيدها وليس عن طريق أحد.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard