فيما تبحث دول عدة في صرف إعانات لتخفيف وطأة أزمة تفشي فيروس كورونا على مواطنيها، قررت الحكومة المغربية فرض "تبرع إجباري" على جميع الموظفين العموميين لمصلحة صندوق حكومي مخصص لتدابير مكافحة الجائحة.
وذكرت وسائل الإعلام المغربية أن رئيس الوزراء سعد الدين العثماني أصدر تعليماته بـ"تفعيل مقترح مساهمة جميع موظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية ومستخدمي المؤسسات العمومية في الصندوق الخاص بتدابير جائحة كورونا".
ورأت أن هذه الخطوة جاءت بـ"مبادرة من أكثر النقابات المركزية تمثيلاً"، وأن القرار الذي وصلت نسخ منه إلى الوزراء والوزراء المنتدبين والمنتدبين السامين والمندوب العام تمهيداً لتطبيقه، يتعلق باقتطاع أجر ثلاثة أيام (أي يوم واحد عن كل من نيسان/أبريل وأيار/مايو وحزيران/يونيو) من الراتب الصافي بعد حسم الضريبة على الدخل والاقتطاعات المتعلقة بالتعاقد والتعاضد.
ووصف رئيس الحكومة المبلغ المقتطع في قراره بـ"المساهمة"، معتبراً أنه "تجسيد لروح التضامن التي عبّر عنها الشعب المغربي في مناسبات عديدة، وتنزيل لأحكام الفصل الـ40 من الدستور، الذي ينص على أنه ‘على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد‘".
وجاء هذا القرار، وفق المصدر نفسه، بناء على مقتضيات المرسوم في قانون 2.20.292 المتضمن أحكاماً خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، ولا سيما المادة الخامسة منه، و"تجاوباً مع ما أعربت عنه المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية من تجند ورغبة في الانخراط في دينامية التضامن والتكافل".
نقابات عمالية اقترحته… الحكومة المغربية تُصدر قراراً باقتطاع أجر ثلاثة أيام على مدار ثلاثة أشهر من جميع الموظفين العموميين كـ"مساهمة" لصالح صندوق حكومي مخصص لمواجهة كورونا
وأشاد بما وصفه بـ"الروح الوطنية العالية للموظفات والموظفين والمستخدمات والمستخدمين العاملين والعاملات بمختلف الإدارات والجماعات الترابية ومستخدمي المؤسسات العمومية"، شاكراً "انخراطهم التلقائي في مختلف الأشكال التضامنية التي عبّر عنها المغاربة، تجسيداً لقيم التضامن والتعاون والتكافل التي تميزوا بها على مر العصور، وخاصة في زمن المِحن والابتلاءات".
ونهاية الشهر الماضي، اقترحت عدة نقابات عمالية، هي الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل، على الحكومة اقتطاع ثلاثة أيام على مدى ثلاثة أشهر من رواتب العاملين.
وزعمت أن مقترحها "يعبّر عن انخراط الطبقة العاملة المغربية في القطاع العام وشركات الدولة، ومساهمتها في هذا المجهود التضامني".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعرب فريق كبير من المغاربة عن استيائه من هذا الإجراء الذي وصفه بـ"الحكرة (الظلم) والاستعباد".
وأوضح أنه برغم إبداء العديد من المغاربة استعدادهم للتطوع لحماية بلدهم من تفشي الفيروس في البداية، فإن الكثيرين لا يتحملون الاقتطاع من رواتبهم.
ولفت أحدهم إلى أن "التبرعات تصرف لأصحاب المعالي، أما الفقراء فلهم المحسنون"، مشيراً إلى أن المعونات الحكومية المقررة، إن صح صرفها للفقراء، ستُصرف في اليوم نفسه بسبب قلتها.
"حكرة واستعباد"... مواطنون مغاربة يُعربون عن استيائهم من إلزام جميع الموظفين العموميين بتبرع إجباري لإجراءات الحد من كورونا معتبرين أنها تتجه بالعاملين "من الفقر إلى المجاعة"
وأعرب آخر عن دهشته من الاقتطاع من رواتب الموظفين المثقلين بالأعباء والديون، معتبراً أن هذا سيؤدي إلى "انتقالهم من الفقر إلى المجاعة". واعتبر أن القرار الذي سيطبق على الأطباء والممرضين العموميين سيزيد من معاناتهم بسبب الجائحة.
كورونا والاقتصاد المغربي
وأثّرت أزمة تفشي فيروس كورونا في الاقتصاد المغربي تأثيراً سلبياً قوياً إذ توقع صندوق النقد الدولي، في 15 نيسان/أبريل، أن تخلف الأزمة "ركوداً حاداً" خلال السنة الجارية مع تراجع الناتج الداخلي الخام نحو 3.7%، وارتفاع مُعدل البطالة إلى حوالي 12.5% مقارنةً بـ9.2% في العام الماضي.
وأكدت بحوث وطنية تضرر قطاع المقاولات بشكل غير مسبوق وقطاع المعادن والصناعات الكيميائية وغيرها.
وتسبب توقف عدد من القطاعات الاقتصادية عن العمل بتخصيص الحكومة أجوراً تعويضية مؤقتة لقرابة 800 ألف أجير (عامل براتب غير منتظم) من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حتى نهاية آذار/مارس الماضي. تراوحت هذه الأجور بين 800 و 1200 درهم مغربي، أي بين 78 و117 دولاراً أمريكياً، وسط توقعات بارتفاع عدد الأجراء المتضررين إلى نحو مليون.
وهذا ما اضطر الحكومة إلى اتخاذ قرارات بـ"ترشيد النفقات وتوجيه الموارد المتاحة في هذه المرحلة نحو الأولويات". ثم لجأت إلى اقتراض "نحو 3 مليارات دولار (30.8 مليار درهم) قابلة للسداد على مدى خمس سنوات، مع فترة سماح ثلاث سنوات" من صندوق النقد الدولي في وقت سابق من الشهر الجاري.
وسجّل المغرب 1988 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، تعافى 218 شخصاً منهم وتوفي 127.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...