"الأماكن كلها مشتاقة لك"، و"حتماً سيعود"... بهذه الكلمات غردت حسابات سعودية معروفة بدعمها لولي العهد محمد بن سلمان، داعيةً إلى إعادة المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني إلى المشهد، هو الذي أُقيل من منصبه عقب اتهامات له بالتورط في مقتل الصحافي جمال خاشقجي.

وكتب حساب يحمل اسم "عبد الله بن بندر" على تويتر: "واحشنا الأسد اللي يحبونه كثار، ما يكرهه إلا المرتزقة، والخونة. أبو خالد درع من دروع الوطن شامخ كما الطود. حتماً سيعود يوماً ما".

ونشر حساب "بن عويد #2030"، على تويتر، أغنية "‫براني اللي كلنا باحتكامه" وهي قصيدة قيل إن سعود القحطاني كتبها، بعدما تمت تبرئته في قضية مقتل خاشقجي.

ويُعَدّ "بن عويد" من أكثر الحسابات المثيرة للجدل، وسبق أن نشر بعض الأحداث الهامة التي وقعت في المملكة، قبل الإعلان عنها رسمياً، منها مقتل حارس الملك سلمان بن عبد العزيز، اللواء عبد العزيز الفغم في العام الماضي. وتزعم مواقع سعودية معارضة أن هذا الحساب يديره محمد بن سلمان بنفسه، أو مكتبه.

ونشر صحافيون سعوديون ذات الأغنية على حساباتهم، فيما نشر آخرون أغاني أخرى تحمل الكثير من التمجيد لسعود القحطاني.

وراحت حسابات أخرى تعيد نشر صور تغريدات كتبها سعود القحطاني على حسابه المُغلق، تهاجم مسؤولين قطريين وجماعة الإخوان المسلمين.

فنشر حساب "خالد مُنبش" تغريدات للقحطاني يهاجم فيها رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم. وكتب: "تلوموني في حب سعود القحطاني جلاّد تنظيم الحمدين (التسمية الساخرة من النظام القطري)، ورب البيت أن الساحة تفتقده وكلنا آمل بالله أن يرجع ويواصل جلده في أهل المراهقة السياسية".

وكان قد صدر أمر ملكي، في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، بإعفاء سعود القحطاني من منصبه عقب اتهامه بالتورط في مقتل الصحافي جمال خاشقجي.

وفي 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، قُتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول، على يد فريق مكوّن من 17 سعودياً قدموا من الرياض لتنفيذ الجريمة على متن طائرة خاصة.

"إعادة تأهيل القحطاني"

أعاد مراسل صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في بيروت، بن هابرد، نشر تغريدة "بن عويد"، مشيراً إلى أن "الجهود تتواصل لإعادة تأهيل سعود القحطاني، الذي ارتبط بقتل جمال خاشقجي وأشرف على حملة قمع واسعة ضد المعارضين".

"أبو خالد درع من دروع الوطن الشامخ"... مغردون سعوديون يطلقون حملة لإعادة سعود القحطاني الذي ارتبط اسمه بجريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي وبملفات تعذيب في المعتقلات السعودية

وعلق الناشط الفلسطيني إياد البغدادي على تغريدة هابرد بأنها "ملاحظة جيدة"، لكنه لفت إلى أن "هذه الحسابات تعمل منذ أيلول/ سبتمبر الماضي على تمجيد سعود القحطاني".

وأشار البغدادي إلى أن "الأغنية التي تم نشرها ليست جديدة ولا يظهر مقطع الفيديو صوراً جديدة للقحطاني".

"مطلوب دولياً"

من أبرز العقبات التي تواجه عودة سعود القحطاني إلى منصبه إصدار الادعاء العام التركي مذكرة حمراء لاعتقاله، وهو ما يجعل تحركه أمراً صعباً.

فعقب تحقيقات واسعة، أصدر الادعاء العام التركي، في 25 آذار/ مارس الماضي، مذكرة توقيف بحق 18 سعودياً، وتضمنت لائحة الاتهام المطالبة بسجن كل من النائب السابق لرئيس الاستخبارات العامة السعودية أحمد العسيري، وسعود القحطاني بتهمة "التحريض على القتل المتعمد مع التصميم والتعذيب بشكل وحشي".

مراسل لنيويورك تايمز يشير إلى تواصل الجهود "لإعادة تأهيل سعود القحطاني، مستشار الديوان الملكي السابق الذي ارتبط بقتل جمال خاشقجي وأشرف على حملة قمع واسعة ضد المعارضين"

وأعلن الادعاء التركي عن إصدار مذكرة بحث حمراء بحق المتهمين جميعاً، وتم إبلاغ الشرطة الدولية (الإنتربول) والسلطات السعودية بطلب تسليمهم إلى تركيا.

وكانت النيابة العامة السعودية قد أصدرت، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أحكاماً بإعدام خمسة متهمين في قضية مقتل خاشقجي، وسجن ثلاثة متهمين لمدة 24 عاماً، وردت طلبات عشرة أشخاص، وحكمت بإطلاق سراحهم لعدم كفاية الأدلة، ومنهم القحطاني.

ويتهم معارضون سعوديون بارزون القحطاني بالوقوف خلف تعذيب عدد من النشطاء الذين اعتُقلوا عقب تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد.

وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أعلن وليد الهذلول، شقيق الناشطة السعودية المحتجزة لُجين الهذلول، إقامة دعوى قضائية دولية ضد سعود القحطاني، بتهمة الاعتداء على شقيقته، وذلك في أعقاب تبرئته من مقتل خاشقجي.

وقال وليد الهذلول إن القحطاني أشرف على التحرش الجنسي والتعذيب الذي تعرضت له أخته في السجن.