شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"جيش العراق الأبيض"... الفرق الطبية تشكّل خط الدفاع الأول على "جبهة كورونا"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 14 أبريل 202011:22 ص

تراجع الخدمات الصحية في العراق وضعف الإمكانات بسبب التقشف المالي الذي تعانيه الدولة، وتدهور البنى التحتية للمؤسسات الصحية، كلّها ضاعفت من احتمالية تعرض الكوادر الطبية للإصابة بفيروس كورونا، ل اسيما أن المستشفيات تكتظ بالآلاف الذين يشتكون من أعراض مشابهة لما يسببه كوفيد-19.

"قلقون دائماً. حذرون بشكل مبالغ. نكاد نهلك ونقع فريسة للاكتئاب". هذه الجملة تلخّص الحالة النفسية لجعفر حيدر (27 عاماً).

يقول الشاب الذي يعمل تقنياً مخبرياً لرصيف22: "المختبر ليس منفصلاً عن المستشفى وهذا يضعنا في اختلاط مباشر مع مئات وأحياناً آلاف المرضى الذين يزوروننا بشكل يومي، ويأتون بعد ظهور أعراض مرضية عليهم".

ويعمل جعفر مع زملائه في أحد مختبرات العاصمة بغداد المخصصة لفحص عينات المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا.

"نحن قنابل موقوتة"

تتعرض الكوادر الطبية في العراق لضغوط كبيرة، إضافة إلى ضغط ساعات العمل الطويلة التي تصل إلى 18 ساعة متواصلة. يروي جعفر: "نحن مشغولون طول الوقت بالتعقيم المستمر، كما تصعّب الملابس المخصصة للحماية حياتنا، فالأقنعة والقفازات لا تفارقنا، نختنق بها ونشعر كأننا في جبهة حرب. لا تغمض أعيننا أبداً".

كل هذه الضغوط لا تقارَن بمشاعر الخوف والقلق اللذين يسيطران عليهم، خشية أن يصابوا بالعدوى وينقلوها إلى أسرهم في المنازل.

يصف جعفر الحالة قائلاً: "نحن قنابل موقوتة في منازلنا، في أي لحظة يمكن أن تنفجر"، ويتابع: "حينما نعود إلى منازلنا بعد قضاء ساعات عمل متعبة، نحجر أنفسنا، ونبتعد عن عائلاتنا، لعدة أيام، خشية أن نكون حاملين للفيروس وننقله لمَن يعيشون حولنا".

"يُفضّل البقاء في المنزل والانسحاب من مواجهة هذا الخطر"، يقول جعفر ويضيف: "يمكن لكثيرين منّا تسيير أمورهم بما لديهم من مخزون مالي، حتى انتهاء وباء كورونا"، ويكمل: "الشعور بالمسؤولية، وحجمها الذي يقع على عاتقنا يدفعنا بالاستمرار ويقوي عزيمتنا، هذا دورنا وهذه مقاومتنا".

"نحن أملهم الوحيد"

بالعودة إلى المستشفيات وأروقة الحجر الصحي، يخوض الأطباء والممرضون ومقدمو الرعاية الصحية معركة تحدٍ للوقت، للحد من تفشي فيروس كورونا حتى الوصول إلى لقاح أو علاج فعال.

"بحسب التوقعات التي لدينا، فإن 80% من المصابين بالفيروس، لم تظهر عليهم الأعراض، أو شابهم عرَضٌ بسيط لم يحفزهم على زيارة المستشفيات وإجراء الفحص الطبي"

يروي الطبيب المقيم في مستشفى ابن الخطيب المخصص لمرضى كورونا مرتضى عباس (27 عاماً) أن "أكثر المرضى يشعرون بالضيق بسبب البيئة المحيطة، ومعظمهم معنوياتهم متدنية"، ويضيف: "يبقى المصاب يشعر بالعزلة وأحياناً بالذنب، كما يعتريهم القلق والخوف. لاحظت كثيرين من المرضى يبدأون بالبكاء عندما ينزلون من سيارة الإسعاف".

ويضيف: "نحاول مساعدتهم وطمأنتهم، نشرح لهم أكثر عن المرض، ونعاملهم بأكبر قدر من اللطافة، ومع مشاهدتهم لأشخاص آخرين يتماثلون للشفاء تعود معنوياتهم للارتفاع".

"يتملكنا الأمل". بهذه العبارة يعبّر مرتضى عن مشاعره حينما يرى بعض المرضى ممَّن تظهر عليهم أعراض خفيفة ويخرجون في وقت قصير بعد شفائهم.

"عندما نتعامل مع المرضى ذوي الأعراض المتوسطة، فإن شغلنا الشاغل هو منع تطور حالاتهم إلى وضع حرج، لكن الأشخاص الذين وصل مرضهم إلى مراحل متقدمة وحياتهم في خطر، فنحن أملهم الوحيد"، يقول مرتضى.

"نشعر أن المريض يعلّق أمله علينا ويرانا الإسناد الوحيد المقدم له في هذه الحياة، لا سيما أنه يكون وحيداً في غرفته المعزولة. نحن أملهم الوحيد وحياتهم متعلقة بمدى إخلاصنا في رعايتهم"، يضيف.

وفقاً لمشاهدات مرتضى، فإن 20% من الحالات الإيجابية لا تظهر أعراض عليها، ومثلها لآخرين تظهر عليهم أعراض خفيفة، أما مَن يصلون إلى مرحلة الخطر فهم يتراوحون بين 5 إلى 10%"، ويؤكد: "هذه أكثر فئة يجب التعامل معها بحذر".

كيف واجهت السلطات الصحية كورونا؟

رغم كثرة توافد الناس ممَّن يشكون من أعراض كورونا إلى المستشفيات، إلا أن بعض مَن تحدثنا إليهم من الكوادر الصحية يعزو أسباب صفو الأجواء داخل المحاجر الصحية إلى قلة عدد المصابين مقارنة بما سجلته دول أخرى، ما يعني أن نسبة أعداد الكادر الطبي إلى المرضى لا تزال مقبولة.

"نحن قنابل موقوتة في منازلنا، في أي لحظة يمكن أن تنفجر. حينما نعود إلى منازلنا بعد قضاء ساعات عمل متعبة، نحجر أنفسنا، ونبتعد عن عائلاتنا، لعدة أيام، خشية أن نكون حاملين للفيروس وننقله لمَن يعيشون حولنا"

وسجلت محافظات بغداد، البصرة، النجف، أربيل والسليمانية أعلى نسب الإصابات في البلاد.

هذه الأرقام تدعو للتفاؤل، لكن الطبيب عباس الدهلكي، مسؤول وحدة الأمراض الانتقالية في مستشفى ابن الخطيب يعتقد أن "انخفاض أعداد الإصابات المسجلة يرجع إلى عدم ظهور الأعراض المرضية على كثيرين من المصابين".

يقول لرصيف22: "بحسب التوقعات التي لدينا، فإن 80% من المصابين بالفيروس، لم تظهر عليهم الأعراض، أو شابهم عرَضٌ بسيط لم يحفزهم على زيارة المستشفيات وإجراء الفحص الطبي".

في ظل هذه المعطيات، عمدت السلطات العراقية إلى فرض إجراءات مشددة، أهمها حظر التجول الشامل، واعتقال المخالفين حتى بلغت عمليات الاعتقال أكثر من 10 آلاف عملية، فيما تحاول وزارة الصحة زيادة إمكانياتها بالتعاون مع الصين، لإجراء فحوصات بمعدل يومي أكبر.

ورغم أن السلطات الصحية والأمنية فرضت الحجر المنزلي على المواطنين، إلا أن كثيرين يشكون من هذه الإجراءات التي حرمت عدداً ليس بقليل من مواصلة أعمالهم التي هي مصدر رزقهم، وينتظرون عودة الحياة إلى طبيعتها، بعد أن ضاقت بهم الظروف الحالية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image