أبرز القضايا التي طرحها انتشار فيروس كورونا على مواقع التواصل الاجتماعي، مقارنة رواتب العاملين في القطاع الطبي بإيرادات لاعبي كرة القدم والمؤثرين بشكل عام في مجالات الفن والتواصل الاجتماعي.
بدأ النقاش عقب تغريدة نُسبت تارة لباحثة إسبانية وتارة أخرى لباحثة إيطالية جاء فيها: "تعطون مليون دولار للاعبي كرة القدم في حين أعطيتم الأطباء والباحثين 1300 يورو فقط! اذهبوا الآن إلى رونالدو وميسي للعلاج!".
تُرجمت التغريدة إلى عدة لغات وباتت مادة للنقاش العام، لكن بمعزل عن مصدر التغريدة وما إذا كانت باحثة قد قالت هذه العبارة أم لا، اتفق كثيرون في أنحاء العالم معها، معتبرين أن العالم بدّل الأولويات، ولم يعد هناك عدل.
في المقابل، تساءل آخرون لماذا الحديث يدور حول اللاعبين فحسب ولا يتم ذكر أصحاب الأندية الذين يجنون أضعاف ما يحصل عليه هؤلاء الرياضيون؟ وماذا أيضاً عن رواتب السياسيين؟
وقال أحد المغردين: "اللاعبون لا يضعون مرتباتهم. الناس هم الذين يدفعون المال لمشاهدتهم، وهم يفعلون أشياء لا يستطيع الآخرون القيام بها. ولم يقل أحد إنهم أكثر أهمية من العاملين في القطاع الطبي".
نقاش عربي مماثل
انتقل هذا النقاش إلى العالم العربي، وكان آخر فصوله مع تغريدة للاعب منتخب مصر السابق أحمد حسام الذي أشار إلى ضرورة خفض أجور لاعبي كرة القدم وزيادة رواتب الأطباء لتحقيق العدالة الاجتماعية.
وكتب حسام، المعروف باسم "ميدو"، على تويتر: "أكثر حاجة لازم الدولة تتعلمها إن لازم يحصل تعديل في الموازنة العامة، لازم الصحة والتعليم يتخصص لهم نسبة أكبر بكتير، لازم يتم تخفيض عدد الموظفين الحكوميين، لازم الفلوس اللي بتتصرف على الكرة والإعلام والفن يتم تخفيضها بشكل كبير! لازم يتعمل سقف لمرتبات اللاعبين والمدربين والإعلاميين!".
وتابع: "مينفعش العاملين بالقطاع الصحي والقطاع التعليمي يبقوا بيعانوا واللاعبين والمدربين والإعلاميين والفنانين يتقاضون مئات أضعافهم... وهنا الموضوع مش موضوع أرزاق، الموضوع موضوع عدل. لازم يبقى في نسبة وتناسب... لازم نستغل الظروف اللي بنمر بيها وحاجات كتيرة تتعدل".
"مينفعش العاملين بالقطاع الصحي والقطاع التعليمي يبقوا بيعانوا واللاعبين والمدربين والإعلاميين والفنانين يتقاضون مئات أضعافهم"... تغريدة للاعب كرة قدم مصري تعيد فتح النقاش الذي بدأ مع انتشار كورونا حول واقع النظام الطبي
وأضاف: "مينفعش لاعب أو مدرب في الدوري المصري المتواضع جداً فنياً يكون دخله مئات أضعاف العاملين في القطاع الصحي والقطاع التعليمي بالذات... اه لاعب الكرة والمدرب لازم يتم تقديره بشكل جيد لأنها موهبة ومهنة صعبة جداً، لكن الفروق لازم مايكونش بعيد قوي كده!... مثلاً زوج أختي دكتور مخ واعصاب في مستشفى كبيرة جداً وعندما علمت عن دخله السنوي صعقت! إزاي واحد درس سبع سنين في كلية الطب موت نفسه فيهم يشتغل أقل حاجة 16 ساعة في اليوم يكون ده دخله! على فكرة ده الوضع في العالم كله مش في مصر بس... في رأيي أن كل ده لازم يتغير".
أثارت تغريدة ميدو ردود أفعال عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مرحب بها ورافض لها.
غرّد محمد كامل: "مستحيل ده يحصل، بداية من الإعلام لأنه عمل خاص، والإعلام جزء من موارد الأندية، والعرض والطلب مش محدود، لأن اللي هياخد في مصر جنيه، ها يقدر ياخد قده عشر مرات في دول البترول، وهتلاقي الدوري المصري يضعف أكثر، هترجع من تاني نقطة الصفر".
وقال أحمد عبد الكريم: "كلامك كله صح، أي دولة عاوزة تتقدم، لازم الاهتمام بالتعليم وجودته والصحة، والاهتمام بالقيم والمبادئ والاهتمام بالتغذية تخلق مجتمعاً واعياً متحضراً متقدماً وعدالة في المرتبات لكل الوظائف، فعامل النظافة الآن يعرض حياته للخطر وليس الأطباء فحسب".
وغرد عماد نيدو: "كلام جميل نظرياً لكن التطبيق العملي صعب أو مستحيل، هيتقال إن فلوس الممثلين ولاعبي الكرة مدفوعة من القطاع الخاص وليس ميزانية الدولة والقطاع الخاص حر لأنه يدفع ضريبة وملتزم بالقانون".
تحرك حكومي ورياضي
في الأيام الماضية، اتخذت قضية رواتب لاعبي كرة القدم والأطباء مساراً رسمياً في بريطانيا، بعدما طالب وزير الصحة بخفض أجورهم في ظل هذه الأزمة.
وحثت رابطة الدوري الإنكليزي الممتاز اللاعبين على المبادرة إلى خفض رواتبهم 30% إلى حين عودة الحياة "آمنة ومناسبة".
في مقابل ذلك، اعترض عدد كبير من رموز كرة القدم في بريطانيا على دعوة وزير الصحة إلى خفض أجور اللاعبين، رافضين أن يتحملوا هم أخطاء الحكومة بحق القطاع الطبي.
النقاش حول غياب العدالة بين الاستثمار في كرة القدم ورواتب اللاعبين وتطوير القطاع الطبي ورواتب العاملين فيه بدأ مع كورونا، ويستمر بالتفاعل مع دراسة أندية عدة لخفض أجور لاعبيها، وتباين المواقف بين مؤيد ورافض للإجراء
وقال جون بارتون، اللاعب السابق في نادي "مانشستر سيتي" والمدير الحالي لنادي "فليتوود تاون": "هناك سوء تمويل في القطاع الطبي منذ سنوات. هل يتحمل لاعبو كرة القدم مسؤولية هذا الخطأ الآن. استيقظوا! إنهم يريدون صرف الانتباه عن الحكومة التي تتعامل مع هذا الوباء بشكل مروع".
بدوره، خرج لاعب وسط "ريال مدريد" الإسباني توني كروس ليقول إن اللاعبين كانوا "أهدافاً سهلة" في تبعات أزمة كورونا، مؤكداً أن لديه الإمكانات والرغبة لتقديم مساهمات مالية كبيرة، لكن خفض الرواتب يصب في مصلحة ميزانية النادي ولا يساعد من هم في أزمة حقيقية، منتقداً رد الفعل الإجمالي على اللاعبين.
وكانت نوادي عديدة قد طرحت مسألة خفض رواتب اللاعبين لديها، في مبادرة أثارت ردود فعل متباينة، بينما تتصاعد التساؤلات حول ما ينتظر عالم كرة القدم، لعباً واستثماراً، جراء أزمة كورونا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...