يأتي هذا المقال ضمن الملفّ المُعدّ لشهر ديسمبر 2019, في قسم "رود تريب" بـرصيف22، والمعنوَن: "فلنتسكّع معاً في الشّوارع".
في شارع وزارة الزراعة، وتحديداً أمام متحف الزراعة بالدقي، في محافظة الجيزة، أقيم أول موقع لمشروع شارع 306 بالمحافظة، والذي يأتي كخطوة ضمن إجراءات الدولة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمساهمة في القضاء على البطالة في أوساط الشباب.
الشارع يعدّ الخامس من سلسلة مواقع مشابهة وبنفس التفاصيل، سبق وتمّ افتتاحها في منطقتي ألماظة والشيراتون، بمصر الجديدة في محافظة القاهرة، وكذلك في المنصورة بمحافظة الدقهلية، وطنطا في محافظة الغربية شمال القاهرة، مع وعود حكومية بافتتاح مزيد من الشوارع المشابهة في باقي المحافظات.
يضمّ شارع 28 وحدة ثابتة ومتحركة أغلبها منافذ لبيع المأكولات والمشروبات والمثلجات، فيما يبقى البعض منها مخصصاً للأكسسوارات والعطور والملابس، كما يتوسط الشارع مكانٌ مخصّص لألعاب الأطفال، ووحدات ومقاعد ملونة للروّاد، بينما تنتشر الأشجار وشاشات العرض بطول الشارع، الذي تمّ تجهيزه بالكامل بأحدث وسائل وأنظمة مكافحة الحريق والأمن والنظافة.
إذا كنتم تزورون الشارع للمرّة الأولى، فما عليكم إلا أن تفتحوا حافظة نقود إلكترونية، لأنكم بدونها لن تستطيعوا شراء أيّ من المنتجات المعروضة أمامكم.
يقول محمد راضي، "كاشير" في الشارع: "مفيش تعامل هنا بالفلوس؛ كلّ واحد من الزوّار لازم يفتح حافظة نقود بأي مبلغ لأنه لن يستطيع التعامل داخل الشارع بدون تلك الحافظة."
ويواصل لرصيف22: "الزائر يمكن أن يفتح الحافظة بمبلغ 200 جنيه مثلاً، وعندما يقرّر شراء أي شيء من الشارع ما عليه إلا إدخال رقم هاتفه وباسورد يختاره على (التاب) الخاص بالبائع الذي سيشتري منه، بعدها يتلقى رسالة على هاتفه بأنه تمّ خصم ثمن ما اشتراه من الحافظة، وهكذا في كلّ الوحدات. وإذا انتهى المبلغ الخاصّ يمكنه شحن الحافظة من جديد بأي مبلغ. أما إذا انتهى اليوم ولم يكن المبلغ الموجود بالحافظة قد انتهى، فعند ذلك سيكون أمام أحد خيارين، إما أن يستردَ باقي المبلغ، ويصبح رصيده صفراً، أو يترك ما تبقى في الحافظة للزيارة المقبلة."
ويؤكد: "طبعاً فكرة الدفع بهذه الطريقة توفر على الجميع هنا الوقت والمجهود، بدلاً من البحث عن (فكة)، كما أنه يتيح للمسؤولين عن المكان مراقبة الأسعار حتى لا يتلاعب بها أحد."
من أهمّ مميزات المكان أنه في وسط البلد، وآمن ومراقب بالكاميرات؛ ما يعني أنه يمكنني أن أترك أطفالي يلعبون لوحدهم وأنا مطمئنة. الأسعار هنا أيضاً في متناول الجميع، والأكل نظيف وطعمه مختلف ومميز
وقال أحمد سعد، صاحب وحدة مأكولات بالشارع: "الفكرة في الأساس كانت قائمة على تشجيع الشباب على افتتاح مشروعات لعربات الطعام والأغذية الخاصة بهم، للتأكيد على أن فكرة انتظار الميرى أو الوظائف الحكومية لم تعد مجدية، وبدلاً من الانتظار على المقاهي والتحجج بأن (مفيش شغل، ييجى الشاب من دول ياخد وحدة هنا ويشتغل ويشغّل ناس تانية معاه ويبقى كسب والدولة كسبت وقضينا على أزمة البطالة)."
ويتابع لرصيف22: "الشارع مصمّّم وفقاً لمعايير أوروبية. وتوجد هنا أنشطة تراثية وترفيهية وأماكن مخصّصة للأطفال أيضاً، (الموضوع مش أكل وشرب بس). كما يتمّ القيام بحفلات وكرنفالات بين فترة وأخرى، ومنها مثلاً حفل الفلنتاين ورأس السنة. وكلّ خميس يقام حفل للأطفال لمدة ساعتين، وقد سمعت مؤخراً أن الدولة لديها خطّة لافتتاح 150 شارعاً مشابهاً بشتى أنحاء الجمهورية."
وتابع محمود حماد، صاحب وحدة خاصة بالمشروبات: "نعمل هنا حوالى 150 شاباً وفتاة. وسبق و(سمعت كلام كتير أن الشباب اللي واخد وحدات هنا خدها بالواسطة، وده طبعاً كلام فاضي)، لأن الاختيار تمّ بطريقة إلكترونية، وبعد التأكد من كلّ البيانات التي يقدّمها الشابّ، وإذا كان المتقدّم للمشروع يمتلك عربة بالفعل، ومطابقة للمواصفات، يتمّ دخولها الشارع، وإذا لم يكن الشابّ يمتلك عربة فيتمّ توفيرها له من قبل صندوق (تحيا مصر)."
يواصل لرصيف22: "بعد ذلك تمّ تدريبنا لمدة أسبوع على كيفية التعامل مع الجمهور، وكيفية إدارة الأعمال، وهنا رقابة مستمرّة على الشارع لضمان توفير أكبر قدر ممكن من الراحة للزوار."
يقوم الشارع على 3 أنماط رئيسية، الأول "الكشك الصغير"، ويتّسع لشخصين بمساحة 3 أمتار طولاً و3 أمتار عرضاً، ويستخدم لإعداد المأكولات والمشروبات البسيطة. أما النمط الثاني فهو "شاحنة الطعام المتوسطة"، ويبلغ حجمها 4 أمتار طولاً، و3 أمتار عرضاً، ويمكنها استيعاب 4 أشخاص. وأخيرا "العربات الكبيرة"، وتضمّ موقداً وثلاجة، وبمساحة 5 أمتار طولاً و3 أمتار عرضاً، وتتّسع لنحو 6 أشخاص.
وحول الشروط الواجب توفرها في الشخص ليقدّم المشروع، فهي كما قال وليد عبده صاحب وحدة مأكولات: "أهمّ الشروط ألّا يقلّ عمر المتقدم عن ١٦ عاماً، وألّا يكون موظفاً بالحكومة أو بأيّ من شركات قطاع الأعمال العام، وأن يكون مصريّ الجنسية، وحاصلاً على مؤهل عالٍ أو متوسط. كما لابدّ وأن يكون السجلّ الجنائيّ للشابّ المتقدّم نظيفاً، وبعد اختيار الشابّ يتحتّم عليه الالتزام بضوابط العمل ودفع الإيجار وفقاً لنوع العربة، وأذكر أنه ذات مرّة تم إعفاء أحد الشباب من دفع الإيجار الشهري، لأنّه لم يحقّق الأرباح وقتها."
الخروج للجميع
علي عبدالصمد، أحد زوار الشارع، قال لنا: "المكان تحوّل إلى (خروجة) وفسحة ومنطقة للترفيه، وأنا وأولادي نواظب على الحضور إلى هنا كل أسبوع تقريباً؛ فالمكان مفتوح وهادىء بعيداً عن الزّحام والصخب المعتاد في القاهرة، كما أن أولادي يحبون القدوم إلى هنا كلّ خميس لحضور حفلات الأعراس التي تقام بمنطقة الملاهي الخاصة بهم."
وتضيف منى إسماعيل من رواد الشارع: "من أهم مميزات المكان أنه في وسط البلد، وآمن ومراقب بالكاميرات؛ ما يعني أنه يمكنني أن أترك أطفالي يلعبون لوحدهم وأنا مطمئنة. الأسعار هنا أيضاً في متناول الجميع، والأكل نظيف وطعمه مختلف ومميز، باختصار هو مكان مناسب للأسرة المصرية بأكملها."
شكل الشارع جميل، وألوانه منحتْه بهجة خاصة. وفكرة توزيع الأشجار داخله مع وجود شاشات عرض كبيرة لعرض الأحداث الهامة جعلته قبلة للكثيرين. تشعرون هنا فعلاً بأنكم في أوروبا!
وقال لنا وائل الخضري، الذي يعمل موظفاً: "دخول الشارع بلا رسوم. كما أن شكله جميل، وألوانه منحته بهجة خاصة. وفكرة توزيع الأشجار داخله مع وجود شاشات عرض كبيرة لعرض الأحداث الهامة جعلته قبلة للكثيرين. تشعرون هنا فعلاً بأنكم في أوروبا! (والله الواحد زعلان أنه معرفش الشارع ده من بدري).
الأسعار في المتناول
في شارع 306 ستجدون عربة "كوستا"، تقدّم "الكريب" بأنواعه، بأسعار تتراوح من 22 جنيهاً إلى 45 جنيهاً. وفي عربة "أكلة هنية" تُقدّم السندويتشات السريعة بأحجام مختلفة، بأسعار تترواح من 31 جنيهاً، إلى 150 جنيهاً. وفي عربة Rizey’s Fish & ships، لوجبات الأسماك تبدأ الأسعار من 25 جنيهاً إلى 80 جنيهاً.
هناك أيضاً عربة "مطعم في رغيف"، وهو مخصص للسندويتشات، بأسعار تبدأ من 15 جنيهاً وتصل إلى 60 جنيهاً. وفى عربة "حواوشينا" المتخصصة في كافة أنواع "الحواوشي"، فتبدأ الأسعار من 10 جنيهات وحتى 60 جنيهاً.
أما في عربة "العو" للمأكولات الشعبية فتترواح الأسعار من 35 وحتى 80 جنيهاً. زعربة "سيخ" المتخصصة في الشاورما والأكل السوري، فتترواح الأسعار بين 10 جنيهات و200 جنيه.
أما المشروبات والمثلجات بالشارع فتتراوح أسعارها من 8 جنيهات للشاي، وتصل حتى 37 جنيهاً لمشروب "تشالينغ" المخصوص، بينما ستجدون أنواعاً مختلفة من الوافل بأسعار تبدأ من 25 جنيهاً حتى 45 جنيهاً. وفي عربة "يا زلابيا" ستجدون البطاطا وبلح الشام بأسعار من 10 جنيهات وحتى 30 جنيهاً. أما منطقة الألعاب فيصل سعرها إلى 25 جنيهاً للطّفل في 30 دقيقة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...