"إمتى نخلص من الكورونا؟ بقالي أسبوعين ما قربتش لمراتي"
"ليه كده يا عم... هو إيدز؟"
غضب أحمد، اسم مستعار (41 عاماً)، يعمل محاسب في شركة خاصة، ويسكن في وسط العاصمة القاهرة، من رد صديقه، فمنذ أن ظهرت أزمة فيروس كورونا، وهو يشعر برعب شديد، ومع قرار تقليل العمالة تحسباً للطوارئ، أصبح نزيلاً دائماً في المنزل.
طالت أوقاته مع زوجته أكبر من أي وقت مضى، ومع ذلك لم يقترب منها بشكل حميمي، تحسّباً من العدوى، فهو يشعر كما لو أن جسد زوجته يحمل الفيروس وهي لا تدري، وخاصة أنها "غير مبالية، وغير مهتمة بتفاصيل الحماية اللازمة، كما أنها لم تُغيّر أياً من عاداتها اليومية، سواء داخل المنزل أو خارجه".
يتذكر أحمد حياته قبل ظهور كورونا، يقول لرصيف22: "كنت زمان أتمنى يكون عندي وقت عشان أقضي وقت حميمي لطيف مع مراتي، بس الله يخربيته الفيروس، قلق منامي ودمّر راحتي".
"عقّم يديك قبل مصافحتي"
ريهام (30 عاماً)، إعلامية تسكن في القاهرة، تحمل مشاعر مشابهة لأحمد حيال صديقها، فكلما تراه تطلب منه أن يعقّم يديه قبل أن يصافحها، وتخبره دوماً بضرورة أن يستحمّ أكثر من مرة، إن كان يريد ممارسة الحب معها.
تقول ريهام لرصيف22 أنها على علاقة بصديقها الحالي منذ 3 سنوات، إلا أنه بمجرد ظهور كورونا، أصبحت تخشى على نفسها من صديقها، حتى أصبح الأمر وسواساً يمنعها من الاستمتاع بلحظاتهما معاً، وتقول إنها باتت تبحث عن طريقة جديدة للاستمتاع معه، من خلال الاستماع إلى موسيقى أو التحدث عبر "فيديو كول" لتقليل احتكاكها به قدر المستطاع، وتشير إلى أن صديقها يبادلها نفس الأفكار، حتى أنه أقنعها بممارسة الاستمتاع الذاتي للوصول إلى نشوة آمنة.
"كنت زمان أتمنى يكون عندي وقت عشان أفرّغ طاقتي الجنسية مع مراتي، بس الله يخربيته الفيروس، قلق منامي ودمّر راحتي"
تحت هاشتاغ #صورتك_في_البيت عبر فيسبوك، وثّق مئات المصريين يومياتهم مع فيروس كورونا، ونشر الكثيرون إبداعاتهم داخل المنزل أثناء فترة الحجر المنزلي، فمنهم من اعتبره فرصة للجلوس فترة أطول في المنزل، والتعرف بشكل أقرب على أفراد أسرته، والبعض وجدها فرصة جيدة لاكتشاف مهاراته في الرسم والطبخ، تصليح بعض الأعطال، وابتكار وسائل ترفيه جديدة، كالعزف على "المقشة"، تصفيف شعر فتيات صغيرات، وتأليف قصص للأطفال، وبعض الرجال اكتشفوا مهارتهم في تدبير الأعمال المنزلية.
حلّت أزمة فيروس "كورونا" على المجتمع المصري كالضيف الخفيف، في البداية تمّت معاملته بالتجاهل والاستخفاف أحياناً، ثم ما لبث أن غيّر ظهوره من شكل الحياة الاجتماعية في مصر، وزادت وتيرة الهلع والخوف من انتشاره وتفشّيه، وساهم القرار السيادي الأخير بإقرار حظر تجوّل جزئي، في مزيد من التحوّل لشكل الحياة الاجتماعية في مصر.
"كيف أسيطر على أطفالي؟"
تقول سهام (37 عاماً) من محافظة القليوبية، أم لثلاثة أطفال، ويعمل زوجها مُسعفاً طبيّاً، إنها استقبلت قرار إيقاف الدراسة لمدة أسبوعين بصدمة شديدة، نظراً لما ينتظرها من مجهود مضاعف في المنزل مع أولادها.
لا تريد سهام أن تفوّت على أطفالها دروسهم، فتبحث عن دروس تعليمية عبر الإنترنت، ومن جهة ثانية تحتجزهم في حجر منزلي يتطلب توفير مزيد من أدوات الترفيه لهم.
تقول سهام لرصيف22 : "إنه منذ احتجاز أولادها في المنزل تضاعفت طلباتهم، وباتت كلمة "زهقانين" على لسانهم دوماً، هم أطفال لا يجدون ما يُفرِّغون طاقتهم من خلاله، لذلك فطلباتهم زادت عن حدها، فهذا يريد لعبة جديدة، وهذه تريد حلوى كثيرة، والطفل الثالث يطلب حاسباً آلياً جديداً".
وفي النهاية، تقول سهام، إنها عجزت عن السيطرة عليهم، وخاصة مع غياب الأب الذي يعمل في الطوارئ الطبية، وهي وحدها تتعامل مع الأولاد المُطالِبين بفكّ أسرهم وخروجهم للشارع، في زيارات أو "خروجات"، وأنهم يطلبون منها أن يخرجوا ليلعبوا مع "كورونا المرعب"، كما يحب أطفالها أن يسموه.
"الحجر الصحي مكلف جداً"
أما محمود (38 عاماً)، مهندس اتصالات، يسكن في حي الهرم في محافظة الجيزة، فيقول إن التداعيات الصحية لفيروس كورونا تمثل "أزمة مادية" بالنسبة له.
يقول محمود لرصيف22: "الجلوس في حجر صحي منزلي يُكلّفني الكثير من المال، ما يعني أزمة مادية كبيرة".
مع بدء تطبيق القرار، وزيادة ساعات الجلوس في المنزل، عرف إسلام احتياجاته لفترة إقامة منزلية سعيدة، وأهمها الإنترنت كوسيلة ترفيه، يضيف محمود: "إذن زيادة سرعته ضعفي السرعة الحالية أمر مطلوب جداً، ثم الطعام، السجائر، المشروبات، والتسالي من مكسرات وسكاكر وغيرها، لجعل اليوم ألطف دون شعور بالملل، وفي حالة الخروج للضرورة القصوى، فيجب ألا ننسى وسائل الحماية، وهي القفازات، الكمامات والمطهرات بأنواعها".
وما صدم محمود أن فيروس كورونا ومستجداته خلّفت أزمة مادية كبيرة لم يكن يتوقعها، فراتبه انتهى بعدما استلمه بأيام معدودة، بسبب شرائه احتياجاته التي يرى أنها ستخفف من وطأة ملل الجلوس لفترات طويلة في المنزل.
"المطبخ هو الحل"
يعمل عبد الرحمن (40 عاماً) في إحدى الشركات الإعلامية، وبمجرد إعلان خبر دخول كورونا مصر، اتخذت الشركة إجراءات سريعة، فعملت "قُرعة" بموجبها يعمل 25% من الكادر داخل مقر الشركة، والباقي يتوقفون عن العمل في حجر إلزامي منزلي.
"كنت مُعتاداً على احتضان أولادي بمجرد عودتي للمنزل، إلا أني ومن فرط خشيتي عليهم أصبحت أخاف أن أقترب منهم، فربما كنت أحمل الفيروس وأنقله لهما دون أن أدري"
يقول شريف الذي يسكن في حي الدقي في القاهرة، لرصيف22، إنه جاء ضمن الـ75% الآخرين، وبمجرد سماعه هذا التأكيد، "نزل عليه الأمر كصاعقة"، فالمنزل بالنسبة له "جحيم مستتر"، فهو على خلاف دائم مع زوجته، وكان يرى في عمله هروباً منها، أما الآن وقد بات وجوده إلزامياً فهو يشعر بضيق شديد، فـكافة وسائل تمتعه بالحياة مُنتهية، فالعمل متوقف، و"القهوة والشيشة" متوقفة كذلك مع قرار الإغلاق، لذلك فقد أصبحت حياته بلا "استمتاع حقيقي".
ولكن عبد الرحمن لم ييأس، بدأ يبحث عن بدائل، فوجدها في المطبخ، فقرر أن يستثمر وقته في عمل أكلات شهية لذيذة تكسر روتين يومه.
"كورونا منعني من عاداتي"
يكره بدر (33 عاماً) يسكن في حي إمبابة في القاهرة، كورونا بشكل خاص، لأنه حرمه من "أحب عادة" إليه، وهي "ملامسة طفليه بعد عودته من العمل".
يقول بدر: "يضطرني عملي أن أخرج وأعود من وإلى بيتي يومياً، وكنت مُعتاداً على احتضان طفلييَ الولدين بمجرد عودتي للمنزل، إلا أني ومن فرط خشيتي عليهما أصبحت أخاف أن أقترب منهما، فربما كنت أحمل الفيروس وأنقله لهما دون أن أدري".
"أصبحت أكره نفسي وألعن الفيروس الخبيث".
يحكي بدر أن عمله يقتضي عليه أن يتعامل يومياً مع أشخاص كُثُر، ورغم أنه يأخذ كافة عوامل الأمان القصوى، إلا أن رُعبه على ولديه الصغيرين البالغين من العمر ثلاث وخمس سنوات، جعله يبتعد بجسده عنهما، مكتفياً بالتلويح لهما من بعيد خشية عليهما، ويحكي أنه اضطر يوماً أن ينهر صغيره لأنه ركض لـيحتضنه بمجرد وصوله إلى المنزل، قبلما يغيّر ملابسه، ويرتدي ملابس جديدة معقمة، وهو موقف جعله "يكره نفسه ويلعن ذلك الفيروس الخبيث"، على حد تعبيره.
تقول أحدث إحصائية عن فيروس كورونا، حتى كتابة هذا التقرير، صادرة من وزارة الصحة والسكان المصرية، إن الحصيلة النهائية للمصابين والمتوفين بفيروس كورونا، وكذلك الذين تعافوا من الإصابة بفيروس كورونا، منذ أول مارس وحتى الآن، بلغ 327 إجمالي حالات الإصابة، و 14 حالة وفاة، و74 حالة تحولت نتائجها من إيجابية إلى سلبية، منهم 56 حالة تمّ شفاؤها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون