"المراهقون يسعلون بطريقة مسرحية بينما يرحل الشركاء بعيداً عنهم، فينسحبون إلى الهودي (الرداء ذي القلنسوة) كما تتراجع السلاحف إلى قشرتها. يسير الرجال والنساء في الشارع، يمدون أذرعتهم بحثاً عن العناق وتمتد وجوههم إلى الأمام من أجل القبلات، ليقفزوا إلى الوراء في اللحظة الأخيرة ويضربون أقدامهم بدلاً من ذلك. رجل ببدلة واقية كاملة يمشي في الشارع ويضع يده بيد امرأة ترتدي سروالاً قصيراً وتي شيرت، بينما تتردد في خلفية الفيديو أغنية تطبيق تيك توك الشهيرة It’s Corona Time، مصحوبة بعبارة: عندما تكون صديقتك مصابة بفيروس كورونا وما زلت تحبها. إن الحميمية والتباعد الاجتماعي لا يختلطان"، هذا ما كتبه موقع wired.
@piques When your girlfriend has corona virus but you still love her ??♂️ ##foryoupage ##foryou ##fyp
♬ Its Corona time - playboierik21
لا شك أن كل التعليمات والإرشادات التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية بغية الحدّ من انتشار فيروس كورونا، تتناقض تماماً مع فكرة التقارب الإنساني وزيادة التواصل الاجتماعي المباشر، بحيث تدعو جميع الدول اليوم إلى تجنب الذهاب إلى الأماكن المزدحمة، ومحاولة البقاء في المنزل قدر المستطاع، بالإضافة إلى التوقف عن المصافحة والعناق والتقبيل... هذا كله يعني بالمقابل، عدم لقاء أشخاص جدد وتراجع فرص بدء مغامرات عاطفية وإيجاد الشريك المناسب، فهل يمنع فيروس كورونا الناس من الحب؟
بين الحب المجنون والفرار
لم يكن الكاتب الشهير غابرييل غارسيا ماركيز، صاحب رواية "الحب في زمن الكوليرا"، يعرف أنه بعد مرور أكثر من 30 عاماً سيأتي فيروس جديد باسم كورونا، ليغيّر مفاهيم الحب وصوره العديدة: حب الذات، الحب المفعم بالشغف الذي يكنّه المرء لشريك حياته، حب الإنسانية، حب الحياة...
ردود أفعال الناس تتراوح بين من يعتبر أن ما نشهده ينذر بنهاية العالم، وبالتالي يريد "تفجير" طاقات الحب الكامنة في داخله، وبين من يقرر الفرار بمجرد أن يكتشف أن شريكه المحتمل كان مؤخراً على متن طائرة
والواقع أنه مع تزايد المخاوف بشأن فيروس كورونا، تحوّلت عقول العديد من الناس إلى التفكير في تأثير ذلك الوباء على مظاهر الرومانسية والحب، ففي الصين مثلاً، حيث بقي الكثير من الناس في الحجر الصحي لأسابيع، تناقل السكان صور بعض المتاجر التي أُفرغت من الأوقية الذكرية، على اعتبار أنه ليس هناك الكثير للقيام به في المنزل.
أما في بلدان أخرى، حيث لا يزال المحبون المحتملون أحراراً في مغادرة منازلهم، يركز المواطنون بشكل أكبر على ما إذا كان التعارف أثناء الوباء أمراً مقبولاً من الناحية الطبية.
واللافت أن ردود أفعال الناس بهذا الخصوص تتراوح بين من يعتبر أن ما نشهده حالياً ينذر بنهاية العالم، وبالتالي يريد "تفجير" طاقات الحب الكامنة في داخله مهما كلف الأمر، وبين من يقرر الفرار بمجرد أن يكتشف أن شريكه المحتمل كان مؤخراً على متن طائرة.
وفي هذا الصدد، تحدثت صحيفة واشنطن بوست عن قصة شابة كندية تبلغ من العمر 36 عاماً، كانت قد تعرفت على شاب عبر تطبيق Hinge للمواعدة، وبالرغم من تأكيد الفتاة بأن الطرف الثاني كان يمتلك صفتين مميزتين بالنسبة إليها: عضلات 6 باك ووظيفة، إلا أنه كان هناك شيء واحد يقلقها: لقد كان يمزح قائلاً إنه لا يعرف ما إذا كان صداعه بسبب ارتجاج المخ الذي حصل له في الصين، أو من أعراض الإصابة بفيروس الكورونا، وعندها قررت إلغاء موعد اللقاء بينهما على الفور.
كيف تكيّفت مواقع المواعدة مع انتشار كورونا؟
لا شك أن مخاوف فيروس كورونا قد زادت من تعقيد التواصل الاجتماعي بين البشر، وباتت تطبيقات المواعدة تلعب دوراً آخر بعيداً عن مجرد "جمع قلبين" باسم الحب.
إذ تحاول معظم تطبيقات المواعدة أن تتكيّف مع الحب في زمن كورونا، محذرة مستخدميها من المخاطر المرتفعة للذهاب في مواعيد غرامية، كما أنها تحاول في الوقت نفسه أن تتأكد من أنهم لن ينغلقوا على أنفسهم تماماً، إذا دعتهم الحاجة لتجربة الحجر الصحي الذاتي.
وفي هذا الصدد، قام تطبيق OKCupid القائم على أهمية البيانات الشخصية في المواعدة، بحيث أنه يطلب من المستخدمين ملء استبيانات تفصيلية يقوم بمطابقتها مع استبيانات الآخرين، بإرسال تنبيه لكل مستخدميه يطرح عليهم سؤالاً جديداً: "هل يؤثر فيروس كورونا على مواعيدكم الغرامية؟"، حسب ما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية.
وقال متحدث باسم الشركة المسؤولة عن التطبيق، إن الشركة لجأت إلى طرح هذا السؤال بعد أن لاحظت زيادة بنسبة 262% في عدد الإشارات إلى فيروس كورونا، في الملفات الشخصية للمستخدمين في المملكة المتحدة، بين شهري يناير ومارس.
وعليه، يبدو أن فيروس كورونا قد دفع الناس إلى قضاء المزيد من الوقت في البحث عن الحب عبر الفضاء الإلكتروني، فقد حقق تطبيق OkCupid زيادة بنسبة 7% في عدد المحادثات الجديدة على مدار الأيام الماضية.
تحاول معظم تطبيقات المواعدة أن تتكيّف مع الحب في زمن كورونا، محذرة مستخدميها من المخاطر المرتفعة للذهاب في مواعيد غرامية، كما أنها تحاول في الوقت نفسه أن تتأكد من أنهم لن ينغلقوا على أنفسهم
بدورها، اتخذت تطبيقات المواعدة الأخرى نهجاً أكثر ليونة، فقد بدأ تطبيق تندر بتحذير المستخدمين من مخاطر المقابلات الشخصية، مع تزويدهم بنصائح بغسل اليدين، حمل معقم اليد دائماً، تجنب لمس الوجه والحفاظ على مسافة اجتماعية خلال التجمعات العامة: "في الوقت الذي نريد فيه أن تستمر بالاستمتاع، فإن حماية نفسك من فيروس كورونا أكثر أهمية"، وأضاف الموقع: "يدرك تندر أن أعضاءنا يقابلون أشخاصاً جدداً شخصياً في الكثير من الأحيان، ونظراً للوضع الحالي، أردنا تذكيركم بالاحتياطات التي يجب عليكم اتخاذها".
أماHinge فلم يأت بعد على أي ذكر للفيروس في التطبيق نفسه، لكنه يقوم بجهود توعية على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل تغريدته التي يدعو فيها المستخدمين إلى غسل اليدين قبل سرقة البطاطا المقلية من الشريك، قائلاً: "لا بأس أن نتشارك البطاطا، ولكن ليس الجراثيم".
PSA:
— Hinge (@hinge) March 2, 2020
Please wash your hands before you steal your Hinge date's fries.
It’s okay to “share” fries, but not germs ?
"الحب أونلاين"
رغم حالة الذعر من فيروس كورونا، لا يزال النشاط على تطبيقات المواعدة ثابتاً، ومن المتوقع أن يزداد عدد المستخدمين مع زيادة عدد الأشخاص في الحجر الصحي، بحيث يعد الارتفاع في استخدام تطبيقات المواعدة أمراً نموذجياً لأي حدث يُبقي الناس متحصنين في عالمهم الخاص، وهو يعادل، بشكل رقمي، إقبال الصينيين على الواقي الذكري.
هناك بعض الأفراد غير مستعدين على الإطلاق لجعل مواعيدهم الغرامية تقبع بدورها معهم في الحجر الصحي
إذن على ما يبدو أن الأشخاص بمعظمهم لن يتوقفوا عن البحث عن الحب بسبب فيروس كورونا، والتطبيقات ترى ذلك بشكل جيد، بحيث يأمل البعض أن تصبح منصاتهم وسيلة للبقاء على اتصال والتعرف على أشخاص جدد دون أن يضطروا إلى مغادرة المنزل، بخاصة في حال تضمنت هذه المنصات ميزة المكالمات الصوتية والفيديو، بالإضافة إلى الإجابة على بعض الأسئلة التي تدور حول فيروس كورونا.
وبالتالي يمكن القول إن فيروس كورونا المستجدّ أضاف على تطبيقات المواعدة جرعة من الواقع، وأصبح هذا الوباء محور نقاش وطريقة للحكم على الشخص الآخر، ففي الوقت الذي تكثر فيه الدعوات للعمل من المنزل وتجنب التجمعات والاحتكاك الجسدي، فإنه يبدو أن هناك بعض الأفراد غير مستعدين على الإطلاق لجعل مواعيدهم الغرامية تقبع بدورها معهم في الحجر الصحي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون