بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فقد أمر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الجمعة 7 آذار/مارس، باعتقال ثلاثة أمراء من ذوي النفوذ القوي في المملكة، هم الأمير أحمد بن عبد العزيز الشقيق الأصغر للعاهل السعودي، وولي العهد السابق محمد بن نايف، والأمير نواف بن نايف.
ولم يظهر حتى كتابة هذه السطور أسباب الاعتقال، إلا أن محللين اعتبروا أنها قد تكون خطوة من بن سلمان لإقصاء منافسيه على العرش، فيما أشار آخرون إلى أنها قد تكون محاولة انقلابية فاشلة عليه لمنعه من الوصول إلى العرش.
وكان محمد بن نايف وزيراً للداخلية حتى عزله من منصبه ووضعه في الإقامة الجبرية بأوامر من بن سلمان عام 2017.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن رجال أمن مقنعين ويرتدون زياً أسود، اقتحموا منازل الأمراء الثلاثة صباح يوم الجمعة، واعتقلوهم وقطعوا عنهم الاتصالات.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُعتقل فيها عدد من الأمراء في البلاد، فقد احتُجز مئات من أفراد العائلة المالكة ورجال الأعمال عام 2017 في فندق ريتز كارلتون في الرياض بزعم مكافحة الفساد.
أسباب الاعتقال
في الإطار نفسه، أشارت نيويورك تايمز إلى أن أسباب اعتقال الأميرين غير معروفة، لكن محمد بن نايف وأحمد بن عبد العزيز هما منافسان بارزان لولي العهد في خلافة الملك.
وقالت الصحيفة: "أحد الدوافع المحتملة للاعتقالات هو شيخوخة والد الأمير محمد، الملك سلمان البالغ من العمر 84 عاماً، فمن الممكن أن يكون ولي العهد يسعى إلى حبس المنافسين المحتملين لخلافته قبل وفاة والده أو تخليه عن العرش".
اعتقال أمراء يحظون بشعبية داخل العائلة السعودية مثل شقيق الملك وولي العهد السابق. هل جرت محاولة انقلاب في المملكة؟
ومع ذلك، تذكر الصحيفة أن هؤلاء الأمراء الذين احتُجزوا لم يقدموا أي إشارة إلى أنهم يعتزمون تحدي ولي العهد محمد.
وقالت نيويورك تايمز إن الأمير أحمد هو شخصية ذات جاذبية خاصة في الأسرة، لأنه الشقيق الوحيد الباقي للملك سلمان، وكلاهما من أبناء المؤسس الحديث للمملكة.
وكانت الخلافة منذ وفاة والدهم تنقل من أخٍ إلى أخ، حتى عيّن الملك سلمان ابنه محمد ولياً للعهد عام 2017.
وأضافت: "اعتمد معارضو ولي العهد على الأمير أحمد (للوقوف في وجه وصول بن سلمان للعرش) واعتبروه بطلاً لنقده سياسات المملكة الحالية خلال لقاء مع متظاهرين في لندن عام 2018".
كان المتظاهرون وقتذاك يهتفون ضد الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وحاول الأمير أحمد إبعاد بقية أفراد العائلة المالكة عن المسؤولية في الحرب.وقال الأمير أحمد للمتظاهرين: "ما علاقة هذا بالسعودية؟ المسؤولون هم الملك وولي عهده".
في ما بعد تعهد سعوديون ساخطون من ولي العهد، وفقاً للصحيفة، الولاء للأمير أحمد في منشورات وتغريدات على مواقع التواصل. لكن الأمير أحمد سرعان ما أوضح أنه لا يعتزم الوقوف في وجه ولي العهد، وأصدر بياناً قال فيه إن تعليقاته قد أُسيء تفسيرها.
وعاد الأمير أحمد إلى المملكة في وقت لاحق من ذلك العام، واحتضن ولي العهد محمد، وحافظ على علاقات حميمة مع ابن أخيه منذ ذلك الحين.
لم تظهر أسباب اعتقال ثلاثة أمراء سعوديين يوم الجمعة. إلا أن محللين اعتبروا أنها قد تكون خطوة مسبقة من بن سلمان لضمان وصوله للعرش من دون منافسة
أما الأمير محمد بن نايف، فقد جمّد مساعدو ولي العهد ممتلكاته، ومنعوه من السفر واتهموه على وسائل التواصل بأنه مدمن على المخدرات.
وقالت الصحيفة: "نتيجة لسلب حريته وتجريده من سلطاته يبدو أن بن نايف وافق على القيام بعمل ضد ولي العهد الحالي".
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن ولي العهد واجه تذمراً كبيراً داخل المملكة والعالم الإسلامي بسبب قراره وقف الزيارة إلى مكة في إطار الإجراءات الرامية إلى مكافحة فيروس كورونا، في حين أبقى أماكن الترفيه، مثل السينما وغيرها، مفتوحة.
في هذا السياق، نقلت وكالة رويترز أن بن سلمان أثار استياء لدى بعض الفروع البارزة للأسرة الحاكمة بسبب تشديد قبضته على السلطة. وشكك فريق من ذوي النفوذ في قدرته على قيادة البلاد عقب قتل الصحافي البارز جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول في 2018 وتعرّضِ البنية التحتية النفطية السعودية لأكبر هجوم على الإطلاق العام الماضي.
قال مصدران للوكالة إن بعض أفراد الأسرة الحاكمة سعوا إلى تغيير ترتيب وراثة العرش، معتبرين أن الأمير أحمد أحد الخيارات الممكنة إذ يمكن أن يحظى بدعم أفراد الأسرة والأجهزة الأمنية وبعض القوى الغربية.
وقال سعوديون مطلعون ودبلوماسيون غربيون للوكالة إنه من غير المرجح أن تعارض الأسرة الحاكمة ولي العهد أثناء حياة الملك سلمان (84 عاماً)، مدركة أنه من غير المحتمل أن ينقلب الملك على ابنه.
وفوض العاهل السعودي معظم مسؤوليات الحكم إلى نجله، ولكنه لم يزل يترأس الاجتماعات الأسبوعية لمجلس الوزراء ويستقبل الضيوف الأجانب.
الانتخابات الأمريكية والعرش
في سياق متصل، رأى الدكتور عاطف عبد الجواد، الباحث في العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، أن مخطط ولي العهد قد يكون تأمين سلطاته بعد اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، خشية أن يخسرها حليفه الرئيس دونالد ترامب، الذي ساعده على تخطي أزمة خاشقجي.
وطالب الحزب الديموقراطي الأمريكي وقتذاك بالكشف عن دور ولي العهد في مقتل خاشقجي. كما نُشرت تقارير وكالة الاستخبارات الأمريكية التي تظهر دوره في هذه الجريمة، لكن ترامب عارض جميع هذه الإجراءات.
ورأى عبد الجواد أن الحزب الديمقراطي، الذي من المحتمل أن لا يدعم وصول بن سلمان إلى العرش بسبب مقتل خاشقجي وحرب اليمن وتحالفه مع ترامب، قد يحثّ مرشح الحزب، لدى وصوله إلى البيت الأبيض، على المساعدة في تولي أمير آخر العرش.
وقال عبد الجواد إن اسم الأمير أحمد يتم تداوله في واشنطن خليفةً لمحمد بن سلمان.
وأشار لرصيف22 إلى أنه من المحتمل أن يتسلم ولي العهد العرش قبل الانتخابات الأمريكية، أو إذا شعر أن ترامب سوف يخسر، حتى يحصل على شرعية واشنطن.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...