يبدو أن المعارك المنظمة للتأثير والتأثير المضاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي والفضاءات الإلكترونية بين أطراف الأزمة الخليجية وحلفائهم لن تنتهي قريباً.
من هذا المنطلق أعلنت شركة فيسبوك إغلاق شبكتين منظمتين للحسابات الزائفة التي تدعم أو تهاجم دولاً خليجية بعينها عبر منصتي فيسبوك وانستغرام.
وفق بيان الشركة، وتقريرها عن تتبع النشاط المنظم الزائف لشهر شباط/فبراير عام 2020، فإن ملكية الحسابات المشار إليها تعود إلى ثلاث شركات مقارّها في مصر والهند.
اتهمت فيسبوك الشبكتين بانتهاك سياساتها بشأن "التدخل الأجنبي" من دون أن تسمي أي دولة أو تلمح إلى وقوفها خلف هذه الحسابات. لكنها أوضحت أن الحسابات نشرت محتوى "متعاطفاً" مع طرفي الخلاف الدبلوماسي الخليجي الذي وقع عام 2017، وقاطعت على إثره السعودية والإمارات والبحرين دولةَ قطر.
حملات مضادة
في هذا الإطار، أشارت فيسبوك إلى تركيز إحدى الشبكتين على نشر انتقادات لقطر وتعليقات إيجابية على الإمارات، رابطةً هذا النشاط بشركتي "نيو ويفز" و"فليكسيل" ومقراهما في مصر.
وأوضحت أن الشركتين اللتين واجهتا اتهامات مماثلة في العام الماضي أنفقتا على الحسابات المرتبطة بتلك العملية نحو 48500 دولار أمريكي على الإعلانات لدعم المحتوى الذي تقدمه إلى نحو ستة ملايين متابع.
"استئجار شركات تسويق لمصلحة قوى جيوسياسية"... فيسبوك يحذف عشرات الحسابات التابعة لحملتَيْن تمتدحان أو تهاجمان الإمارات والسعودية وقطر
أما الشبكة الثانية، فبيّنت فيسبوك أنها "أصغر" وترتبط بشركة التسويق الرقمي الهندية "إيريب غلوبال" التي قالت إنها كانت تستخدم حسابات زائفة لنشر رسائل تمدح قطر وتنتقد السعودية والإمارات.
وأضافت أن الحسابات قُدمت كما لو كانت لصحافيين ونشطاء محليين ووجّهت المتابعين إلى مواقع إلكترونية تتخذ شكل منافذ إخبارية محلية.
ولفتت إلى إنفاق نحو 450 دولاراً أمريكياً على الحسابات التي يتابعها نحو 100 ألف شخص.
عملية "البطاقة الحمراء"
في سياق متصل، لفتت شركة "غرافيكا"، شركة أبحاث شبكات التواصل الاجتماعي التي تعمل مع فيسبوك على تحليل عمليات التأثير، إلى أن العمليات المرصودة "نفذتها، على ما يبدو، شركات تسويق تجاري تعمل لحساب قوى جيوسياسية لها مصالح في الخليج، وهذا ما يجعلها جزءاً من نمط ‘التأثير عبر الإنترنت الذي يمكن تأجيره‘".
وأوضحت أن هذه الحملات تشبه إلى حد بعيد حملات التأثير التي سبق أن رصدتها فيسبوك، وقالت إن الحكومات في مصر والإمارات والسعودية متورطة فيها.
وأطلقت "غرافيكا" على الحملة التابعة للشركة الهندية اسم "عملية البطاقة الحمراء"، لافتةً إلى تركيزها على القضايا السياسية في جميع أنحاء الخليج، بالإضافة إلى بعض القضايا الرئيسية في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وأوروبا الغربية. فضلاً عن توظيف حسابات رياضية معنية بعالم كرة القدم الاحترافية.
وفيما حرصت الحسابات التابعة للحملة، والتي توارت وراء حسابات إخبارية كاذبة وصفحات لمنظمات حقوقية زائفة ومواقع رياضية لتكون أكثر صدقية لدى الجمهور المستهدف، "أظهرت تياراً ثابتاً من العداء تجاه الإمارات والسعودية، وثناءً على حكام قطر، وبعض العداوة لإيران"، بحسب "غرافيكا".
عملية "البطاقة الحمراء" المحدودة الأثر والنطاق أظهرت "تياراً ثابتاً من العداء تجاه الإمارات والسعودية، وثناءً على حكام قطر، وبعض العداوة لإيران"
ورصدت الشركة انتهاج حسابات "البطاقة الحمراء" أسلوباً متقارباً عبر إثارة المخاوف الدولية حيال قضايا مثل الحملة العسكرية لدول الخليج في اليمن والأزمة الإنسانية المترتبة عليها، ومقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول نهاية عام 2018، وسجل السعودية السيىء في مجال حقوق المرأة وغيرها.
ومن الحسابات التي أظهرها التقرير، حساب في تويتر باسم "@H4_humanrights" الذي غرد بغزارة عن "الممارسات السادية والشيطانية للسلطات في مصر والسعودية وإيران".
وجرى توظيف الحسابات المعنية بالأخبار الرياضية في إطار هذه الحملة، في نشر مقالات مطولة بالإنكليزية بغرض التأثير على الجغرافيا السياسية لكرة القدم وتوجيه رسائل سياسية بشكل مباشر وغير مباشر.
وكانت هناك طريقتان في ما يتعلق بالحسابات الرياضية، أولاهما: الترويج لقطر باعتبارها البلد المضيف لعدد من البطولات الرياضية المهمة والمباريات العالمية مثل كأس الخليج العربي الرابع والعشرين (الذي استضافته بين تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر عام 2019)، وكأس العالم 2022 المقررة إقامتها في قطر.
وفي هذا الإطار أيضاً، سعت الحسابات إلى مهاجمة منظمة العفو الدولية التي تنتقد عدم التزام قطر منح عمال المونديال الأجانب حقوقهم.
أما الطريقة الثانية، فتتمثل في استهداف الإمارات بشكل خاص عبر التركيز على الفضائح المالية الأخيرة لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي الذي يملكه الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس وزراء الإمارات.
كذلك اتهمت حسابات "البطاقة الحمراء" الشيخ منصور والإمارات بـ "محاولة تبييض سمعتها" عبر الإنفاق الباذخ على الرياضة واستضافة المباريات العالمية للتستر على اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان وجذب المستثمرين الغربيين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...