شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
بعد

بعد "بيلا تشاو" العراقية... فرقة ما بعد الظلام المسرحي تستعد لإطلاق "عَ المايا عَ المايا"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 4 مارس 202012:05 م

اختاروا الشاشة بديلاً عن الشارع، من أجل المشاركة في إحداث التغيير في العراق. اشتهرت الفرقة التي أسسوها، تحت اسم "ما بعد الظلام المسرحي"، منذ أن أطلقوا أغنيتهم الأولى، نسخة عربية من "بيلا تشاو". والآن، يستعدون لإطلاق عمل فني جديد سيكون بعنوان "عَ المايا عَ المايا".

مسخّرين الفن من أجل الثورة، يعود أعضاء الفرقة بالزمن إلى الخلف دون أن ينسوا اللحظة الراهنة، ويمزجون التراث الغنائي بالحداثة، ليحاكوا في أغنيتهم الجديدة معاناة الخريجين العاطلين عن العمل.

بدأت قصة تأسيس الفرقة عقب تحرير الموصل من سيطرة تنظيم داعش. قرر جمع من شباب المدينة إنشاء فرقة فنية، لنقل معاناة مدينتهم المنكوبة بفعل الحرب، ولرواية "معاناة الموصليين في حقبة داعش"، وللوقوف في وجه الظواهر السلبية التي خلّفتها.

هكذا، بدأت الفرقة الشبابية بإقامة مسرحية في كل مكان كان داعش يستخدمه كنقطة إعلامية، يعرض منها بياناته وأفلامه.

أحد أعضاء الفرقة، عمر أكرم (27 عاماً)، يقول لرصيف22: "أهدافنا تتطور بمرور الوقت، لكنها تنطلق من ثوابت ومطالب شعبية، هي محاربة الفساد والإرهاب والبطالة ودعم الاحتجاج السلمي".

عمر أكرم خلال تصوير أغنية بيلا تشاو

التجربة الأولى... "بيلا تشاو"

"بيلا تشاو"، في نسختها العراقية، كانت تجربة الفرقة الأولى. عبّروا من خلالها عن أهمية الحراك السلمي في تحقيق المطالب، وكانت بمثابة احتجاجٍ موازٍ، عاكسةً ما في داخل أعضاء الفرقة من رغبة عارمة في دعم المتظاهرين.

يقول محمد البكري (26 عاماً)، وهو أحد مؤسسي الفرقة، وصاحب فكرة الأغنية، لرصيف22 إنه "عقب الاحتجاجات الشعبية حاولنا مساندة الشباب المتظاهرين في ساحات الاحتجاجات، عن طريق عمل فني، بطريقة سلمية".

محمد البكري خلال أداء عمل مسرحي في مدينة الموصل

ويضيف: "تولّدت لدي فكرة تحويل أغنية بيلا تشاو الشهيرة إلى أغنية عراقية باستخدام مصطلحات باللهجة المحلية وبدعم ذاتي من أعضاء الفريق".

ويؤكد عمر أكرم ذلك قائلاً: "بيلا تشاو جاءت للتعبير عن دعمنا للحراك السلمي، وهي تمثل ما في داخلنا، وما يعانيه الشعب العراقي، وهي محطتنا نحو العالمية، لا نريد للثورة الشعبية أن تتسيس، وأعمالنا الفنية هي دعم للاحتجاجات، عبر الفن، كأسلوب احتجاجي جديد".

هكذا ظهرت الفكرة ثم أتت الأغنية التي اشتهرت، ليس فقط في أوساط المتظاهرين العراقيين، بل في كل أرجاء المنطقة العربية.

يترقب الجمهور العراقي كل ما هو جديد للفرقة، في الوقت الذي يستعد لإطلاق أغنيته الجديدة، والتي "تنتقد البيروقراطية، والمحسوبية، والإجراءات الروتينية في ملف التعيينات في العراق".

يقول البكري عن ذلك: "أصبح لدينا جمهور يترقب أعمالنا الفنية التي تتضمن رسالة وهدفاً، مثل أغنية ‘توك توك’ التي قدّمها شباب الموصل في ساحة التحرير أثناء الاحتجاجات في العاصمة العراقية بغداد، والتي تم تصويرها هناك، بدعم ذاتي، ولاقت تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي".

وعن آلية عملهم وطريقتهم الخاصة، يقول البكري إن الأغاني يتم تحويلها وكتابتها من خلال استخدام لحن موجود وتغيير الكلام بما يتناسب مع الواقع أو القصة أو القضية المراد معالجتها".

"صوت للمهمشين"

عن آخر أعمال الفرقة، يؤكد البكري أنه وزملاءه يستعدون لإطلاق أغنية تعالج قضية البطالة والشحّ في فرص العمل، والصعوبات التي تواجه شريحة الشباب، عبر تحويل كلمات أغنية "عَ المايا عَ المايا" للفنان السوري الشهير ذياب مشهور.

اشتهرت الفرقة التي أسسوها، تحت اسم "ما بعد الظلام المسرحي"، منذ أن أطلقوا أغنيتهم الأولى، نسخة عراقية من "بيلا تشاو". والآن، يستعدون لإطلاق عمل فني جديد سيكون بعنوان "عَ المايا عَ المايا"

ويضيف البكري: "تجاهل السلطات العراقية شريحة الخريجين دفعنا إلى نقل معاناتهم التي تتلخص في عدم توفير فرص عمل، بالإضافة إلى الإهمال الكبير الذي تنتهجه الحكومات المتعاقبة، والإجراءات الروتينية التي خلّفت جيوشاً من العاطلين عن العمل. حاولنا نقل يوميات تلك الشريحة الواسعة وأحلامها وطموحاتها، وأصبحنا صوتاً لمَن لا صوت له".

يعلّق أكرم على ذلك بأن "الفن هو رسالة مهمة وخطيرة، ومن خلالها يمكن تغيير ثقافة أي بلد، وهو كذلك رسالة توعوية إنْ جاز استخدام التعبير"، مضيفاً أن "ردود الأفعال الإيجابية والمشجعة هي دافع ومحفّز لنا لتقديم ما هو أفضل، وجميع أعمالنا الفنية السابقة أوصلت الرسائل التي نريد إيصالها".

جيهان المزوري (24 عاماً)، وهي الفتاة الوحيدة في الفرقة، تحدثت لرصيف22 عن تجربتها، وعن الصعوبات التي واجهتها، بالإضافة إلى أهمية الأعمال الفنية التي أنتجتها الفرقة.

جيهان المزوري، خلال أداء عمل مسرحي في مدينة الموصل

تقول: "نحن صوت المواطن. وظيفتنا إرسال الرسائل إلى السلطات. نرصد الظواهر المجتمعية، عبر الفن، سواء بأغنية أو عرض مسرحي، ونحاكي معاناة المجتمع والفرد العراقيين".

وتضيف: "لفتنا نظر السلطات من خلال أعمالنا التي شخّصت العديد من الظواهر السلبية، مثل زواج القاصرات، والبطالة والعزوف عن الزواج، وبمرور الوقت أصبحنا صوت المواطن، وهذا هو السبب الرئيسي الذي جعله يترقب أعمالنا، وهناك حماس كبير لدى الناس".

صرخة من أطلال الموصل

من أطلال الموصل، المدينة المنكوبة التي لم تشهد استقراراً منذ سنوات، انطلقت المجموعة بحزمة أعمال فنية، تطالب من خلالها بحقوق العراقيين جميعاً.

مسخّرين الفن من أجل الثورة، يعود أعضاء فرقة "ما بعد الظلام المسرحي" العراقية بالزمن إلى الخلف دون أن ينسوا اللحظة الراهنة، ويمزجون التراث الغنائي بالحداثة، ليحاكوا في أغنيتهم الجديدة معاناة الخريجين العاطلين عن العمل

تؤكد جيهان أن "الموصل كانت تفتقر سابقاً إلى أنواع كهذه من الفنون والمهرجانات، لكنها ازدهرت عقب تحريرها من سطوة داعش عام 2017"، وأن "الفن رسالة مقدسة وعظيمة، يقدمها الفنان إلى الناس".

وعن موقفها من الاحتجاجات الشعبية تقول إنها "تمثل جميع العراقيين، وإن السلطات لم تتأثر بها حتى الآن، لكن المحتجين قدّموا رسالة قوية، خُطَّت بحروف الصبر".

"لدينا حلم"

بضحكة بسيطة، علقت جيهان على دورها ومشاركتها في فرقة "ما بعد الظلام المسرحي" قائلة: "كوني الفتاة الوحيدة في الفريق فإن المعوقات لا تُعَدّ ولا تُحصى، وخصوصاً في بداية مشواري، لكني اليوم لا أهتم لكلام الناس. لدي موهبة أريد تطويرها، والعمل في المجال الفني أضاف إليّ شيئاً كثيراً، ونظرة المجتمع هي سلّم الوصول إلى القمة، ومحبة الناس هي المعيار الأهم. كلمة إيجابية واحدة، تعادل آلاف التعليقات السلبية".

"لدي حلم"، العبارة الشهيرة في الخطاب التاريخي لمارتن لوثر كينغ، هو شعار الفرقة. بخطوات متأنية تواصل إنتاجها الفني، وتطمح أيضاً إلى العالمية، من أجل إيصال مظلومية الشعب العراقي الذي أنهكته الحروب والمآسي. فرقة شبابية تبحث عن الجديد والتجدد، "لإحداث التغيير عبر الفن".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image