في رد فعل مخالف لجميع التوقعات، قامت السلطات الأمنية في منطقة القصيم باعتقال فتاتين عقب ساعات من تعرضهما لحادثة تحرش في أحد الأماكن العامة في محافظة عنيزة.
وزف المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة القصيم أنباء "القبض على فتاتين خالفتا ‘الذوق والآداب العامة‘ عقب تحديد هويتيهما (مواطنتين في العقد الثاني من العمر)" في ساعة مبكرة من صباح الأول من آذار/مارس، مبرزاً أنه سيتم اتخاذ الإجراءات النظامية بحقهما.
وتعود ملابسات الواقعة إلى تعرض فتاتين للتحرش الجنسي بأحد شوارع محافظة عنيزة التابعة لمنطقة القصيم، وهو الأمر الذي جرى توثيقه في مقطع فيديو تداول عبر وسم #متحرش_عنيزة.
#عاجل
— فهد سعود العنزي (@fahad_059) February 29, 2020
صرح المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة القصيم، بأنه وبالإشارة إلى ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن قيام فتاتين بمخالفة الذوق والآداب العامة، فقد تم تحديد هويتهما وضبطهما، (مواطنتين في العقد الثاني من العمر)، واتخاذ الإجراءات النظامية بحقهما.
.#متحرش_عنيزه pic.twitter.com/7aIubiMeig
ويظهر في المقطع فتاتين تسيران في الشارع حتى يظهر مجموعة من الشباب، ثم يقترب منهما أحدهم ويضايقهما ويلاحقهما حتى تصرخ فيه إحداهما رافعةً هاتفها لتصوره وتهدده بفضح ما يفعل ما لم يتوقف عن إزعاجها وصديقتها.
في المقطع نفسه، يُسمع صوت أحد رفقاء المتحرش وهو يسخر من الفتاة بالقول: "توثيق توثيق… يلعن أمها عصبية يا عيال".
وفي ظل ازدياد حالات التحرش الفردي والجماعي بالفتيات والنساء في السعودية، بات التصوير والنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمثل هذه الحوادث سلاح معتاد للمرأة السعودية.
لكن العديد من المعلقين يصرون على أن جزءً من المسؤولية عن حدوث تحرش هو لبس الفتيات، باعتبارهن لم يعدن ملتزمات بالعباءة والحجاب، على الرغم من التأكيدات السابقة لولي العهد محمد بن سلمان، بإلغاء الالتزام بزي محدد للنساء.
القصيم تأبى الحداثة؟
فور تداول أنباء القبض على الفتاتين، تباينت ردود أفعال السعوديين بين فريق مرحب رأى في ذلك "رادع لكل فتاة تخرج غير محتشمة"، ومن أعربوا عن صدمتهم متسائلين عن مصير "المتحرشين".
ولم تثر أي أنباء رسمية حول القبض على المتحرشين في هذه الواقعة حتى نشر هذه السطور.
عوضاً عن اعتقال المتحرشين، السلطات السعودية تقبض على ضحيتي تحرش جماعي بتهمة "مخالفة الذوق العام"... ناشطات يدشن حملة لـ"القبض على شرطة القصيم"
وقالت الناشطة السعودية سعاد الشمري: "عسى ما هما فتاتي #متحرش_عنيزة، أتمنى لأ… البيان (الشرطة) مبهم!! بنات شنطهن على ظهورهن لا كعب ولا قصير ولا تبرج وحتى العبايات والطرح سوداء ومحجبات. يقولون لي خصوصية منطقة القصيم!! لا أصدق هذا الكلام وهذا التبرير. أين المنطق!! أتمنى توضيح أنهما لستا نفس الفتاتين".
وتأتي حادثة متحرش عنيزة بعد ساعات فقط من واقعة تحرش جماعي تعرضت لها عدد من الفتيات قرب مول لو بريستيج في جدة.
وتعرضت الضحايا في الحادثة نفسها إلى اتهامات بسوء الخلق وبتعمد افتعال المشكلات بتصوير الحادثة ونشرها، وطالب العديد من السعوديين حينها بـ"معاقبة الفتيات والقبض عليهن بتهمة التشهير". لكن، وبالتزامن، وجه النائب العام بالقبض على متحرشي المول، ما دفع العديد من المعلقين إلى القول إن السلطات في منطقة القصيم منحازة ضد حقوق النساء.
كما طالب العديد من الناشطين بـ"توحيد المفاهيم الخاصة بالذوق العام" وتطبيق معايير متماثلة على جميع مناطق المملكة.
وفي مبادرة ساخرة، طالب العديد من السعوديات النشاطات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بـ"القبض على شرطة القصيم" وتعليمها القانون. فكتبت إحداهن: "شرطة القصيم يبغالهم شرطة".
وأصرين على التأكيد على أنه "ليس هناك مبرر للتحرش".
وسخر معلقون آخرون من قرار القبض على الضحيتين متهمين شرطة القصيم بعدم القدرة على التمييز بين المجرم والضحية، لافتين إلى أن القصيم "تأبى" الحداثة التي يسعى ولي العهد الجريء على إحلالها بالمجتمع السعودي.
وأشار البعض إلى ما وصفوه بـ"حادثة تحرش جماعي جديدة وترويع لفتاة في الرياض" محذرين السلطات السعودية من "تجاهل تفاقم الكارثة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...