"أخي وروحي
الفنان أحمد زكي
لولاك ما كنت مُخرِجاً"
هذا جزء من رسالة المنتج والمخرج عادل أديب إلى الفنان أحمد زكي حين كان على فراش المرض، وهي واحدة من رسائل فنانين وصلت إلى زكي وقت محنته، ووُجدت داخل ملف ورقي تراكم عليه الغبار في الشقة التي عاش فيها في حي المهندسين.
ولأن ما في الملف من كلمات حب وتقدير تؤرخ لمدى إنسانية زكي وحب فنانين له، عبّروا عنه خلال فترة مرضه القاسية، ننشرها هنا في خطوة هدفها في المقام الأول الحفاظ على بعض مقتنيات الفنان الراحل، بعدما أُثيرت ضجة كبيرة خلال الأيام الماضية عن بيع مكتبه في منطقة الهرم بما يحمله من مقتنيات هامة جداً.
وكان أديب ارتبط بعلاقة خاصة مع زكي، إذ لم يكن يمثل فقط الجهة المنتجة لآخر أفلامه "حليم"، بل جمع الاثنان رابط إنساني لدرجة إعلان شركة "غودنيوز" المنتِجة لفيلم "حليم" أنها ستقوم بتصوير جنازة زكي وإضافتها إلى مشهد تشييع المطرب الراحل عبد الحليم حافظ في الفيلم الذي غيّب الموت أحمد عن تصوير مشاهده الأخيرة.
وقال أديب وقتها إن الجهة المنتجة لـ"حليم" اتخذت هذا القرار بناء على وصية الفنان، ولأن تخليد الجنازة في الفيلم سيكون بمثابة تكريم لزكي الذي فارق الحياة قبل أن يُتم حلم عمره بإكمال المشاهد المتبقية من الفيلم والتي لم تتجاوز 10% منه. وكان أديب قد أخرج لزكي قبل سنوات فيلم "هستيريا".
وفي ما جاء ضمن رسالة أديب لزكي:
"لا أستطيع أن أراك داخل المستشفى… سأراك إن شاء الله في أول يوم للتصوير لك. أنت أعظم ممثل وإنسان فى الكون، ووعد مني لأرقصلك طول اليوم، وأهلل باسمك، أرجوك، أنا مش عارف أقول إيه... ولكن هناك العديد من المخرجين كنت أنت السبب في ظهورهم وهناك العديد والعديد منهم في انتظارك لتُخرجهم للنور... أنت أملنا فلا تخذلنا... لم أستطع الكتابة أو التفكير بسببك… أرجوك أعد البسمة إلينا من جديد في أقرب وقت وأسرع وقت ممكن... ندعو لك من أعماق قلوبنا.
ابنك الذي صنعت منه مخرجاً وإنساناً
ربنا يخليك لنا ولمصر وللعالم العربي".
رسالة عبد الرحمن الأبنودي
كتب الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي العديد من الأغاني لأفلام كان بطلها زكي.
ويروي الزميل العباس السكري في "اليوم السابع" نقلاً عن السيناريست بشير الديك قصة طريفة عن الأبنودي حينما كتب أغنية "إتقدم" لفيلم "النمر الأسود" الذي لعب زكي بطولته: عام 1984، كان زكي يصوّر "النمر الأسود" (سيناريو وحوار بشير الديك، وإخراج عاطف سالم)، وكان مطلوباً من ضمنه مجموعة أغنيات تواكب أحداثه السينمائية، واختار المؤلف والمخرج الأبنودي لكتابتها، بعدها اجتمعا مع الأخير فى منزل الملحن محمد علي سليمان (كان ذلك أول لقاء يجمع الأبنودي والديك).
"طلبنا وقتها من الأبنودي كتابة أغاني تعبر عن مشاهد البطل فى الغربة، وتحمل كلماتها الكثير من الشجن والإحساس، حتى تنقل الحالة النفسية التى ألمت بالبطل"، وكتب الشاعر أغنية: "اتقدم اتقدم اتقدم... وكفاية خلاص تتندم، للشمس للنور للشمس للنور مش هيعطلنا سور طول ما الدنيا هتدور أنا من الدنيا هتعلم... هتقدم هتعلم اتقدم اتقدم هتقدم هتعلم… اتقدم واتقدم واحلف مش راح تتندم... اتقدم اتقدم اتقدم اتقدم.. وكفاية خلاص تتندم...).
يكمل الديك حديثه: "لم تعجبنا الأغنية، والتفت عاطف للأبنودي وقال له جميل يا عبد الرحمن بس إحنا عايزين حاجة فيها تفاصيل أكثر توضح وتشرح المشهد السينمائي، رفض الأبنودي رأي عاطف سالم وبشير الديك، وقال لهما إن كل كلمة في الأغنية تعبر عن حالة البطل والمعنى سيصل للمشاهد، وطالبهما بأجر الأغنية".
رضخ المخرج والمؤلف لرغبة الأبنودي، ووضع الموسيقار جمال سلامة ألحان "إتقدم" وما إن غناها المطرب أحمد إبراهيم حتى أصبحت تتردد على كل لسان، وبقيت من علامات الفيلم.
يقول الأبنودي في رسالته لزكي على فراش المرض:
"خالك الأبنودي ومرته
وقبلنا وبعدنا
عمنا عاصم حنفي
نقبل الأيادي
ونرشرش التحايا الصباحية"
رسالة منى زكي وأحمد حلمي
في أكثر من تصريح تلفزيوني، قالت منى زكي إن وفاة أحمد زكي جعلتها تشعر أن ظهرها انكسر، فقد كانت على حد قولها "لا شيء" حين آمن بموهبتها وفنها، وقد تبناها في فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة"، ومثّلت أمامه دور الإبنة.
"أبويا وحبيبي... وحشتني موت بجد وحاولت اسأل عليك وأنت في فرنسا بس د. حسن البنا مكنش بيرد خالص ولكن كنت بطمن عليك من محمود موسى ومحمود سعد على طول"... رسائل من فنانين لأحمد زكي خلال رحلة علاجه تُنشر لأول مرة
وفي فيلم "السادات" جسّدت دور زوجته، رغم عدم إعجاب المخرج محمد خان بها في البداية.
وفي رسالتهما الموجهة له على سرير المرض، كتبت منى:
"أبويا وحبيبي... وحشتني موت بجد وحاولت إسأل عليك وأنت في فرنسا بس د. حسن البنا مكنش بيرد خالص ولكن كنت بطمن عليك من محمود موسى ومحمود سعد على طول، وبعد ذلك سافرت ولسه جايه من 3 ساعات... بحبك أوي ونفسي أشوفك معرفش ممكن ولا لا؟
أرجوك تكون كويس عشان كلنا بنحبك أوى وعاوزينك جداً.
بحبك"
وكتب زوجها الفنان أحمد حلمي:
"أبويا وأبو مراتي وأبو الدنيا كلها
كان نفسي أشوفك بس والله لسه راجعين من سوريا أنا ومنى النهاردة وكنت نايم
الدور اللي إنت فيه ده دور بسيط مش صعب ده إنت ياما عملت أدوار أصعب منه بكتير قوي قوي وكنت بتعدي منها ببراعه، معقول مش هتعرف تعدي من الدور البسيط ده.
يا رب بالشفاء العاجل وأشوفك بخير يا قلب مصر".
رسالة ممدوح وافي
علاقة قوية جمعت بين زكي وممدوح وافي، فقد كانا زميلي دراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية، وأقاما في شقة واحدة مع أصدقاء آخرين حين كانا في بداية طريقهما، لتربطهما صداقة قوية لم تنقطع حتى توفيا بالسرطان بفارق زمني بسيط، ودُفنا في مكانين متجاورين.
عندما تربّع زكي على عرش السينما والبطولات المطلقة، لم ينسَ وافي الذي جسّد دور الصديق في عدد من الأفلام التي قدمها، مثل "سواق الهانم"، "البيضة والحجر"، "زوجة رجل مهم"، "الإمبراطور"، "إستاكوزا"، و"أبو الدهب".
وفي إحدى الرسائل كتب وافي:
"حبيبي أحمد
حضرت أنا وحبيبك محمود موسى واستلم
1 – مصحف
2 – خطاب وزير الإعلام
3 – ورد الشيخ صالح كامل والأخت صفاء أبو السعود
4 – الدكتور زكريا محمد حشاد نقيب عام التطبيقيين
5 – كلمني ابراهيم عفيفي وأيمن عزب وبكر عزت وسماح أنور وشهيرة ود. عصام الشماع ومحمود أبو زيد وفاطمة المعدول ومحمود عبد العزيز".
رسالة أنوشكا
ربطت الفنانة أنوشكا بزكي علاقة صداقة قوية بالرغم من عدم عملهما سوياً في السينما، وكتبت تقول:
"العزيز الغالي الفنان القدير أحمد زكي
أن تكون محبوباً فهذا جميل... أن تكون مثلاً أعلى مثلما أنت مثل أعلى لي ولكثيرين غيري فهذا صعب وصعب جداً.
كثيراً ما يكن الإنسان في قلبه كماً كبيراً من المشاعر الصادقة تجاه شخص آخر ولا يستطيع البوح بها أو العثور على الكلمات المناسبة والعميقة للتعبير عن كل هذه المشاعر... أؤكد لك أن هناك الملايين من الناس تريد أن تعبر لك عن كم هائل من أحاسيس الحب والاحترام والتقدير لذاتك وتدعو لك كل يوم... ولا تجد غير الكلام... وتتحلى بالصمت... أنا واحدة من هؤلاء أتمنى فقط أن تعلم أننا نحبك، ونحبك كثيراً".
رسالة نبيلة عبيد
تركت الفنانة نبيلة عبيد التي اشتركت مع زكي في العديد من الأفلام الناجحة جماهيرياً ("التخشيبة"، "شادر السمك"، و"الراقصة والطبال") كلمة مقتضبة:
"مدام نبيلة عبيد
مع أطيب تمنياتي بالشفاء العاجل"
رسالة محسن محي الدين
اشترك الفنان محسن محي الدين مع زكي في بطولة فيلم "اسكندرية… ليه؟" الذي تم إنتاجه عام 1978. تدور أحداث الفيلم فى الإسكندرية خلال فترة الحرب العالمية الثانية، والعلاقات الشخصية، والدينية، والسياسية بين مختلف توجهات من قطنوا مصر آنذاك؛ وصراعاتهم بين النضال ضد الاستعمار، والسعي لتحقيق الأحلام، واختلاف الطبقات، وكيف تشتتت بهم السبل بسبب الحرب. هذا الفيلم كان من أوائل سلسلة أفلام السيرة الذاتية التي أخرجها يوسف شاهين.
وكتب محي الدين:
"إلى الأخ أحمد زكي
شفاك الله وعافاك ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، أتمنى أن أراك وفي الخارج نمرة التليفونات".
رسالة شيرين سيف النصر
لعبت شيرين سيف النصر مع زكي بطولة فيلم "سواق الهانم" الذي عُرض عام 1994، وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً.
عادل أديب، عبد الرحمن الأبنودي، منى زكي، ممدوح وافي، أنوشكا، شيرين سيف النصر... وُجدت رسائل بخط يدهم للفنان أحمد زكي خلال فترة مرضه في ملف داخل شقته، وفيها الكثير من كلمات الحب والدعم والتقدير
وكشفت سيف النصر في حوار سابق أجرته مع مجلة "الإذاعة والتلفزيون" أنها اعتذرت عن بطولة الفيلم ثلاث مرات بسبب القبلات، قائلة: "أحمد زكي حاول إقناعي بخوض التجربة، وأقنعني أن القبلات لن تكون بشكل حقيقي، وبقيت لفترة مترددة، لكن في النهاية وافقت، لا سيما وأنني كنت معجبة جداً بالسيناريو وكنت أجده فرصة لن تُعوض، وقد اختارني أحمد زكي بنفسه لأداء الدور الهام".
وإليه كتبت رسالة تحمل محبة كبيرة تقول فيها:
"أحمد يا أعز إنسان لي في الوجود
رجعت بالسلامة في يوم عيد الحب
الحب الذي يكنه لك كل الشعب المصري والعربي بالإجماع، أرجوك أتوسل إليك أن لا تضعف لحظة واحدة واجعل إرادتك القوية الفولاذية هي التي تدافع عنك الآن يا أعظم من أنجبته السينما المصرية والعربية،
ألف حمد لله على سلامتك في بلدك، وسطنا ووسط أصدقائك وجمهورك.
أنا جئت إلى المستشفى قبل سفرك بساعات قليلة مع أحمد السقا وشريف منير أول ما سمعت الخبر، لكن مع الأسف لم أستطع مقابلتك ولكن تأكد أنني بجانبك قلباً وقالباً وتأكد أننا جميعاً في حالة انعدام وزن منتظرين أن نطمئن عليك شخصياً ونحن متأكدين أنك ستقاوم وتقاوم إلى أن يكتب لك الله الشفاء بإذن الله.
أرجوك يا أحمد لا تخذلنا أنا بجانبك ليلاً نهاراً أصلي وأدعو الله عز وجل أن لا يتخلى عنك ويكتب لك الشفاء من أجل خاطر كل الذين أحبوك بصدق.
نحن أقوياء بك ومحتاجين لك فلا تتخلى عن إرادتك وقوتك وشجاعتك (أرجوك يا أحمد).
منتظرة أن اسمع صوتك في أي وقت تريد فأنا لا أريد إزعاجك وأنا في لهفة لسماع صوتك.
أرجو الله أن يحفظك لنا سالماً من كل سوء إن شاء الله إنه سميع مجيب الدعوات ونحن في لهفة لرؤية أدوارك العبقرية القادمة إن شاء الله (العندليب) و(الضربة الجوية) وغيرها من أعمالك العظيمة كي تمتعنا بها ونشعر بقيمتنا بفنانين، بيننا هذا الفنان العظيم يا أجمل فنان (وإنسان) في الوجود".
رسالة هادي الجيار
اشترك هادي الجيار مع زكي في مسرحية "مدرسة المشاغبين" التي حققت نجاحاً كبيراً منذ عرضها في أكتوبر عام 1973 حتى اليوم.
وقال الجيار عن كواليس المسرحية، من خلال مقابلة تلفزيونية مع الإعلامية إسعاد يونس فى برنامجها "صاحبة السعادة": "كان أجري وقتها 15 جنيهاً في الشهر، أنا ويونس شلبي وأحمد زكي، وكنت أتشارك نفس الغرفة مع أحمد، إلا أنه بعد العام الأول من النجاح تزعم المطالبة بزيادة المبلغ وتصدرت أنا للأمر، وتمت زيادته 5 جنيهات فقط".
في رسالته لزكي يكتب:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ والصديق والزميل الغالي ورفيق الطريق الفنان العظيم أحمد زكي
دعاء من القلب بالشفاء العاجل إن شاء الله قلوبنا معك ونحن في انتظار عودتك الحلوة إلى فنك وزملائك وأصحابك إن شاء الله يا زكاوه.
إنت طول عمرك راجل وصلب وزي الحديد مش كده يا أحمد، ربنا معاك وقلوبنا معاك
أجر وعافية إن شاء الله.
أخوك".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...