من الآلام والتشجنات في البطن والظهر، وصولاً إلى الانقلاب الحاد في المزاج والحساسية المفرطة، تعاني العديد من النساء من مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية قبل الدورة الشهرية.
هذا الإجهاد الذي يحصل للمرأة أثناء "متلازمة ما قبل الحيض" (PMS) يتفاقم في الغالب بسبب حدوث مشاكل وتوترات في العلاقة العاطفية، فمن الشائع أن تشتكي النساء اللواتي يعانين من أعراض ما قبل الدورة الشهرية من علاقتهن العاطفية، سواء كان ذلك بسبب نقص الدعم العاطفي الذي يتلقينه في المنزل، أو بسبب الأطباق المتبقية في "المجلى" في نهاية اليوم، وغيرها من المهام المنزلية التي قد يشعر الرجل بأنه غير مسؤول عنها.
والواقع انه ليس على المرأة أن تتحمل أوزار بيولوجيتها، في حين يقف الرجل مكتوف الأيدي خلال الفترة التي تسبق الدورة الشهرية، إذ أظهرت دراسة نشرت مؤخراً في مجلة PLoS ONE، أن الرجل باستطاعته مساعدة شريكته في تقليل أعراض الدورة الشهرية، بدلاً من المساهمة في تأجيجها.
المشاكل العاطفية
تستقبل المرأة الدورة الشهرية كـ"ضيف ثقيل" على قلبها، كما أن متلازمة ما قبل الحيض تعكر مزاجها وتؤثر على تصرفاتها وأحاسيسها، وقد كشفت حوالي 40% من النساء أنهن يعانين من إجهاد ما قبل الحيض، خلال 3 إلى 4 أيام قبل الدورة الشهرية.
وبحسب كلية الأميركية للطب والتوليد، فإن ما يصل إلى 85% من النساء يعانين من واحد أو أكثر من أعراض ما قبل الحيض، وهذا يمكن أن يتراوح من ظهور حب الشباب والتعب وصولاً إلى تقلبات مزاجية حادة واكتئاب.
ليس على المرأة أن تتحمل أوزار بيولوجيتها، في حين يقف الرجل مكتوف الأيدي خلال الفترة التي تسبق الدورة الشهرية، إذ أظهرت دراسة أن الرجل باستطاعته مساعدة شريكته في تقليل أعراض الدورة الشهرية، بدلاً من المساهمة في تأجيجها
واللافت أن الأعراض تتأثر شدتها باستراتيجيات المواجهة التي تتبناها المرأة ومسار علاقتها مع الشريك، كما أن النساء اللواتي يعترفن بالتغيير الذي يحصل لهنّ ما قبل الحيض ويشاركن في الرعاية الذاتية ويطلبن الدعم من الطرف الآخر، هن أقل عرضة لاختبار أعراض ما قبل الحيض.
تخبر هلا (اسم مستعار) عن التغيرات النفسية والجسدية التي تمرّ بها أثناء متلازمة ما قبل الحيض: "بالإضافة إلى آلام الظهر وتشجنات البطن، بحس حالي down (محبطة) وما بكون طايقة شوف حدا، لا بدي أضهر ولا أختلط مع العالم"، وتضيف بتهكم: "كل يلي بدي ياه، أقعد قدام الـTV (التلفاز) آكل شوكولا وتشيبس".
وتكشف الشابة البالغة من العمر 29 عاماً، أن الخلافات بينها وبين حبيبها تزداد خلال هذه الفترة: "قبل موعد حدوث الدورة الشهرية بعدة أيام، أشعر ببركان غضب في داخلي، حتى الحوار الهادىء مع شريكي يصبح من سابع المستحيلات"، وتضيف لرصيف22: "لا أنكر أنني أكون حساسة خلال هذه الفترة، وأنزعج من أي حركة أو كلمة خاطئة، إلا أن شريكي يزيد الطين بلّة، لكونه لا يفهمني ويردد دوماً أنني أصبح غريبة الأطوار خلال هذه الفترة، كما أنني أنزعج من ملاحظاته الدائمة حول شهيتي المفرطة للطعام".
هذا وتعبر هلا عن رغبتها في أن يتمكن شريكها في يوم من الأيام من أن يفهمها: "يا ريت بيجي نهار ومنبدل فيه الأدوار تيفهم شو يعني PMS (متلازمة ما قبل الحيض)".
دور الرجل
نظراً لغياب الثقافة الجنسية، بالأخص في عالمنا العربي، فإن العديد من الرجال يجهلون حقيقة التعامل مع المرأة، في فترة ما قبل الحيض أو أثناء الدورة الشهرية، فالبعض منهم يحاول تجنب الحديث مع شريكته في المسائل الحساسة خلال هذه الفترة، والبعض الآخر قد يسخر من حساسيتها المفرطة.
من الأهمية بمكان ما أن يتذكر الرجل أن متلازمة ما قبل الحيض لا تحوّل المرأة إلى شخص آخر، بل أنها مجرد حالة مؤقتة سرعان ما تنتهي، ومع بذل القليل من المجهود فإن هذه المرحلة الشهرية تمر بطريقة أسهل من المتوقع
إليكم هذا الدليل الذي قدمته صحيفة تلغراف البريطانية حول كيفية التصرف مع المرأة التي تمر بفترة ما قبل الحيض.
القاعدة الأولى: عدم الهروب
لا ينبغي أن تكون متلازمة ما قبل الحيض سبباً لهروب الرجل والانتظار حتى "تمرّ العاصفة"، إذ أن تجنب الشريكة أو "دفن" المسائل التي تطرحها، يعني أن الرجل لم يتعلم على الإطلاق كيفية التعامل مع تحديات الدورة الشهرية بطريقة صحية.
وفي حين أن هناك أمور يمكن أن تفعلها المرأة لتحسين تجربتها الخاصة في مرحلة الدورة الشهرية، فإن الرجل لديه القدرة على مساندتها.
وبالتالي يتعيّن على الرجال أن يعترفوا بأن متلازمة ما قبل الحيض هي مسألة مهمة شأنها شأن أي مسائل أخرى موجودة في الحياة.
القاعدة الثانية: التواصل بشكل فعال
بعض جوانب الدورة الشهرية تدور حول المنظور الخاص بكلا الطرفين.
واللافت أن المرأة خلال هذه الفترة تكون حساسة، وهو ما يجعل الأشياء الصغيرة التي لا تزعجها في العادة، تصبح مصدر إزعاج لها حين تمرّ بمتلازمة ما قبل الحيض.
فخلال أسبوع أو أسبوعين من فترة PMS، يمكن أن تتضخم بعض القضايا التي عادة ما تكون المرأة هادئة تجاهها، بحيث أنها فجأة تعمل على إزالة "الفلاتر" التي لطالما ساعدتها على تقديم الأعذار لشريكها ولنفسها، ولتبرير تصرفات الأطفال بطريقة معينة.
بمعنى آخر، يمكن أن تظهر السلبيات في العلاقة التي لم يتم حلها والتعبير عنها بطريقة غير مناسبة وغير متوقعة.
وبالتالي يمكن القول إن التحدث بصراحة قدر الإمكان، وحلّ أي مشكلة طوال الشهر بأكمله، هما أمران بالغا الأهمية، بخاصة وأن متلازمة ما قبل الحيض يمكن أن تحوّل عملية التواصل إلى "معركة"، مع العلم أنها ليست دائماً السبب الأساسي للمشكلة.
القاعدة الثالثة: تعلّم النمط
إذا كانت متلازمة ما قبل الحيض هي القضية الوحيدة التي تؤثر باستمرار على سلوك شريك حياتكم، فسيكون هناك نمط لذلك.
لا تفترضوا أبداً أن المرأة تعرف إيقاعاتها الخاصة أو أنها اكتشفت كل شيء. بقدر ما نود أن نعتقد أننا متناغمون تماماً مع أنفسنا، فإن قيام البعض بالتعامل بمفرده لفترة طويلة، يجعل الخطوط الفاصلة بين ضغوط نمط الحياة العامة وPMS غير واضحة.
يجب على الرجل أن يكون مهتماً بما فيه الكفاية بصحة علاقته العاطفية لمراقبة مواعيد دورات شريكته وأعراضها العاطفية والجسدية.
القاعدة الرابعة: وضع خطة
بعد تمضية بضعة أشهر في تعلّم دورة مشاعر المرأة وسلوكها، ماذا يجب فعله بهذه المعلومات؟
بقدر ما يعتبر دعم الشريكة أمراً مهماً ويجب القيام به، فإنه يتعيّن على الرجل أيضاً أن يعرف كيف عليه أن يتصرف خلال هذه الفترة العصيبة.
قد تكون أفضل استراتيجية هي ممارسة التأمل صباحاً، أو الاستماع إلى هواجس الشريكة، أو استباق وترتيب الأشياء التي قد تفجر غضبها.
وبالتالي على الرجل أن يفعل ما يشعر بأنه الأفضل لنفسه وللعلاقة، ولكن ينبغي عليه أن يحتفظ بأي شيء يزعجه، ويناقش الأمر عندما تهدأ أعراض الحيض، هذا ومن المهم التذكير بأن إساءة المعاملة غير مقبولة في أي وقت من الشهر.
في الختام من الأهمية بمكان ما أن يتذكر الرجل أن متلازمة ما قبل الحيض لا تحوّل المرأة إلى شخص آخر، بل أنها مجرد حالة مؤقتة سرعان ما تنتهي، ومع بذل القليل من المجهود فإن هذه المرحلة الشهرية تمر بطريقة أسهل من المتوقع.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون