يبدو أن طريق التطبيع مع إسرائيل الذي يسعى إليه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان قد لا يكون سالكاً كلياً. فمنذ الإعلان عن لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا قبل أيام، وهو يتعرض لانتقادات واسعة داخل البلاد، أقساها من تجمع المهنيين الذي يعتبر من أبرز التجمعات الاحتجاجية خلال الثورة السودانية.
تأزم موقف البرهان عقب إعلان مجلس الوزراء أن "أمر العلاقات مع إسرائيل شأن يتعدى اختصاصات الحكومة الانتقالية ذات التفويض المحدود، ويجب أن ينظر فيه الجهاز التشريعي والمؤتمر الدستوري".
وأعلن السفير رشاد فراج الطيب، مدير إدارة السياسة الخارجية في مجلس السيادة الانتقالي، استقالته احتجاجاً على "تطبيع البرهان مع نتنياهو".
وكان البرهان إلتقى في أوغندا نتنياهو واتفقا على تطبيع العلاقة بين البلدين.
خارج صلاحيات العسكر
ورأى القيادي في تجمع المهنيين محمد الأسباط أن البرهان لن يقدر على تمرير خطوة إقامة علاقات مع إسرائيل، لأن هذا ليس من صلاحيات مجلس السيادة، عدا أنه ينتهك الوثيقة الدستورية التي جعلت هذه الخطوة من اختصاص الحكومة.
وأضاف لرصيف22: "الحكومة غير قادرة على إقامة هذه الخطوة أيضاً لأنها حكومة انتقالية (والخطوة) تحتاج لبرلمان منتخب أو إجراء استفتاء شعبي. قرار كهذا قد يخلق أزمة في البلاد".
وقال الأسباط إن "البرهان لجأ إلى الجيش لتمرير لقائه، والالتفاف على الوثيقة الدستورية، لكن القوى السياسية تعمل على إحباط هذه الخطوة الفاشلة من رئيس مجلس السيادة".
سودانيون يرفضون التطبيع مع إسرائيل ويحذرون من تدخل العسكر في الحياة السياسية. "كل زول ياخذ موقعه مثل من قبل 6 إبريل، العسكر طامع في السلطة ولو أقسم"
وفي ظل هذا الموقف المتأزم، قرر البرهان إلغاء اجتماع مع الحكومة، وتوجه الخميس 6 شباط/فبراير إلى أحد مقارّ الجيش الذي أيّد لقاءه مع نتنياهو، وسمح بعبور الرحلات الجوية المتجهة إلى إسرائيل.
وقال العميد عامر محمد الحسن المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية: "لم يتم التطبيع الكامل مع إسرائيل، لكن السماح للطائرات التجارية بالعبور عبر المجال الجوي السوداني هو في إطار تبادل المصالح".
أزمة مع الجيش
في سياق متصل، أثار دعم الجيش موقف البرهان غضب أحزاب وناشطين اتهموا القوات المسلحة بخرق الوثيقة الدستورية التي حرمت تدخل العسكر في العملية السياسية، ووصفوا هذا الدعم بأنه تمهيد لعودة الانقلابات العسكرية.
وقال "تجمع المهنيين" الذي قاد الثورة التي أطاحت الرئيس عمر البشير، إن "ما صدر عن المؤتمر الصحافي للمتحدث باِسم الجيش من تصريحات وإشارات يعد تجاوزاً آخر أكثر خطورة، وانحرافاً مروّعاً عن مجرى الثورة السودانية وأهدافها، كما أنه يخل بقومية القوات المسلحة وحيادها ويخرج بها عن مهماتها الأساسية". ودعا "تجمع المهنيين"، في بيان، القوات المسلحة إلى "الابتعاد عن كل تدخل مخلّ في شؤون العمل السياسي وتوازن هياكل السلطة، وذلك لما يشكله أي تدخل من جانبها من تهديد لتماسك الفترة الانتقالية وإعادة سيناريوهات الحكم العسكري التي أضرت بالبلاد وأودت بوحدة أراضيها وأهدرت مواردها".
تحذيرات من انقلاب عسكري
وأطلق ناشطون سوادنيون وسم "ما يحكمنا العسكر"، ودعوا اللجان الشعبية الثورية إلى الاستعداد لتنظيم تظاهرات شعبية من أجل الإعلان عن رفضهم تدخل الجيش وحذروا من احتمال حصول انقلاب عسكري.
وقال الصحافي والناشط وجدي صلاح: "هذه الأيام هي أيام توحيد صفوف لجان المقاومة في جميع أنحاء السودان وإصدارها بياناً مشتركاً تحسم فيه ما يحدث من فوضى داخل دهاليز الحكم وتعلن فيه رفعها حالة الاستعداد القصوى".
ووصف عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي صديق يوسف إعلان القوات المسلحة تأييد لقاء البرهان مع نتنياهو "بالمؤشر الخطير جداً الذي يعيد البلاد إلى عهد الانقلابات العسكرية".
وكتب جعفر خضر: "على لجان المقاومة المسارعة إلى تنظيم نفسها أكثر والتشبيك الديمقراطي وإغلاق منافذ الاختراق. أنتم من سيحسمون كل بوادر الفوضى".
وغرد حساب كنداكة السوداني: "اللجان تترتب، الشعب يصطف وراء المدنيين، كل زول ياخذ موقعه مثل من قبل 6 إبريل، العسكر طامع في السلطة ولو أقسم".
وقال الباحث السوادني محمد مصطفى مخاطباً الحكومة: "لديكم فرصة ذهبية الآن لإصلاح خطأ التوقيع على الوثيقة الدستورية العرجاء وإطاحة العساكر المجرمين الكذابين قبل أن يغدروا بكم".
وغرد مجتبه عباس: "موقف الجيش من لقاء البرهان أكد أن ولاء الجيش ليس لبناء دولة مؤسسات أو بناء ديمقراطية. ولاؤه هو لنفسه ليس غير. لن يحكمنا العسكر".
وغرد السوداني محمد منتصر: " القصد من لقاء البرهان ونتنياهو الذي تم برعاية إماراتية خلق شرخ يصعب ردمه بين المكون المدني والمكون العسكري وإفقاد المؤسسة العسكرية آخر سند شعبي لها. الخطوة المقبلة هي انقلاب عسكري كامل الدسم على الثورة ومن ثم مواجهة عسكرية بين الجيش والدعم السريع".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...