شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"أغانيه تحكي الحبّ والنضال والنساء"... لماذا ما زلنا نحبّ بوب مارلي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الخميس 6 فبراير 202006:55 م

"الأشياء التي تشدني لموسيقى بوب مارلي أعتقد هي أيضاً ما تجذب المستمعين العرب إليها، وهي مفاهيم ابتكرها غنائياً تخص الحب، السلام، النضال، النساء والأطفال"، يقول إيهاب مجدي، أحد العازفين لموسيقى بوب مارلي في الحفلات بالقاهرة، مبرزاً افتتانه بأسطورة الريغي.

يحتفل العالم في السادس من شباط/ فبراير من كل عام بعيد ميلاد بوب مارلي، رغم مرور تلك السنوات، إلا أن الإعلام نمّطه في الشاب المتمرد ذي الشعر المجعد، الذي يدخن الماريغوانا ويؤمن بالحرية.

موسيقى روحانية متمردة

في 1972 عرف مارلي بالموسيقي الثائر، وكان لقصة حياته دور في تشكيل هذا الوعي.

من "ترينش تاون" في مقاطعة كينجستون جاءت الجالية التي ينتمي لها مارلي، وهو مجتمع أسود فقير بلا عمل ولا تعليم، ومن خلال فريقه "ويلرز"،  أصبحت موسيقى الريغي تربح المال من الحفلات، ما جعل أبواب استديوهات كانت تسجل للنجم بوب ديلان في الماضي، تنسخ أعماله في ذلك الوقت.

يقول دون تيلور، مدير أعمال بوب مارلي في حوار مسجل: "إن النجاح لا يعني القوة، بل يعنى أن تستطيع أن تطعم أطفالك وأن تأكل وتنام جيداً، هذا ما يعطيك الطاقة والحضور والبساطة".

كانت الريغي الطريقة الوحيدة التي يعبر بها الشعب الجامايكي الفقير عن احتياجاته، وكانت كلمات الأغاني كالبيانات الثورية، وهو السبب الذي جاء بموسيقى الريغي إلى المشهد السياسي.

لذلك قد لا يمكنك فهم قوة موسيقى بوب مارلي بعيداً عن معرفة الحكاية التي منحتها روحاً ثائرة، تجاوزت الضاحية الفقيرة إلى العالم كله.

قضية "الجامايكيين" كانت ثالث أشهر قضية نضال في العالم، وهي أيضاً القضية التي كانت ستكلف مارلي حياته في 3 كانون الأول/ ديسمبر من عام 1976، ذلك عندما كان في بيته مساء، وقبل أيام من انطلاق حفل محلي، حيث كان يسود جو الانتخابات في كينجستون، وبينما يتناول العشاء في المطبخ مع مدير أعماله، توقفت سيارة أمام النافذة، وترجل مسلح مجهول ليطلق النار عليهم، أصيب مارلي وزوجته ريتا، منذ ذلك الوقت أطلق على بوب مارلي اسم الناجي أو الباقي.

مثل كل الجامايكيين، تحدث مارلي عن قضيته في وقت يصعب على الجميع فهم ما يحدث بالضبط. يقول مارلي في مقابلة تلفزيونية أثناء حفل نيوزيلاندا: "نعم، الشعب الجامايكي هم من قاموا بلعب هذه الموسيقى من روافد مختلفة، مثل البلوز وأنواع أخرى، وما أقدمه هو ليس نسخاً لكن إحساسي بما لعبوه، كنت أستمع إلى أنواع موسيقية كثيرة في الراديو لكن ما قمت بتقديمه هو الموسيقى الروحانية المتمردة".

"الأشياء التي تشدني لموسيقى بوب مارلي أعتقد هي أيضاً ما تجذب المستمعين العرب إليها، وهي مفاهيم ابتكرها غنائياً تخص الحب، السلام، النضال، النساء والأطفال"

كان معظم الجامايكيين الشباب يرون في عدم قص الشعر، وتضفيره معتقداً صحيحاً لرجل الراستا، والراستا في اعتقاد مارلي شيء مرتبط بالخلق منذ البداية إلى النهاية، أما الضفائر فهي هوية هذا الاعتقاد.

"ما لم أتعلمه من المدرسة"

ولد روبرت نيستا مارلي الشهير ببوب مارلي 6 شباط/ فبراير 1945، في ضاحية سانت آن، وفي شارع كايلي كانت عائلته المسيحية وتدعى مالكوم، مرتبطة بالموسيقى، وتتكون من جد وجدة وأم وأخت وعم، إلا أن مارلي هجر العائلة كما هجر الكنيسة، ليبحث عما يدور في أفكاره حتى أستقر في ترينش تاون.

في واحدة من المقابلات يحكي مارلي: "في المدرسة كنت أتعلم من هو كريستوفر كلومبس وماركوبولو، لكن لم أتعلم من هو ماركوس جارفي وهيلي سيلاسي، وما هو الإتقان والتفاني".

وعن الراستافري يقول مارلي: "ولدت وكبرت مع الكثير من الوعي والإدراك، وكنت لا أجد بسهولة أشخاصاً يفكرون مثلي، لا أعني أني مختلف كثيراً، لكنني كنت أجد أن التفكير يقتصر فقط على من هو الإله ومن أين يأتي البشر وهذا ما يفعله المسيحيون حولي، كنت لا أحب التنقل من كنيسة إلى أخرى، بل أواصل البحث عن أشخاص يشبهون تفكيري من الراستا".

يستخدم الراستافارين الماريغوانا كجزء من طقوس العبادة، وتسمى القانجا، ويعتبر مارلي من أوائل دعاة تشريع الحشيش.

يتحدث مارلي عن القانجا قائلاً: "هذا عشب، نبات، يساعدك على التأمل الذى هو جزء من التفكير، وهي تشبه الطائر، الحكومات دائماً ما تكذب وتقول عن الأشياء غير شرعية، حتى عن وجود الحملان في الجبال، رغم أن أحد الأناجيل شرع تدخين العشبة".


أثر مارلي في موسيقيين كثر في البلدان العربية، فمنهم من شارك في تطوير موسيقى الريغي ومزجها، مثل أمازيغ كاتب ياسين في الجزائر، ومنهم من لعب أغانيه بشكل منسوخ "cover"، وفي مصر ظهرت تجارب عديدة للقاء مع بوب مارلي، كان آخرها تجربة لمحمد منير مع من بقي من فريق بوب مارلي ويلارز.

"موسيقى الريغي قليل ما تجد من يختلف عليها، وخصوصاً موسيقى بوب مارلي، بسبب المصداقية، والفلسفة الروحانية، وحكاية الموسيقى نفسها، و إن كنا نعتقد أنها بسيطة، إلا أنها حكاية ليست بسيطة"

إيهاب مجدي، عضو فرقة "ريجانج"، التي بدأت في 2013 وتلعب أغاني "كافرز" لبوب مارلي فقط، يقول: "جاءت فكرة فرقتنا من أن الناس تحب موسيقى الريغي بشكل عام، الأعضاء كانوا يلعبون في مشروع يحبون فكرته، لكن عندما حددنا أن نلعب cover أو أغاني مشهورة، قررنا نلعب بوب مارلي لأنه الأب الروحي لموضوع الريغي أو الفازر بلغة الراستا".

تطوير موسيقى الريغي

حسام غالب، لاعب الباص، مؤسس "استوديو بازل"، كان له تجربته الخاصة أيضاً مع مارلي يقول لرصيف22: "يمكن تقسيم الريغي، ومن ضمنها موسيقى بوب مارلي إلى عدة مراحل و تسجيلات، و هي مراحل كثيرة، كل مرحلة لها صوت مختلف، كان هناك دائماً من يطور موسيقى الريغي بالإضافة لبوب مارلي، هذا التطوير في اعتقادي هو ما جعل بوب مارلي يعيش إلى الآن، وليست النسخة الأولى من الأغنية أو شكلها البدائي".

"تطوير موسيقى الريغي ما جعل مارلي يعيش وليست النسخة الأولى من الأغنية".

يحاول حسام أن يفسر سر تعلقه والكثيرين بمارلي، يقول: "أنا أحب هذه الموسيقى، ولا أقدر على حصر ذلك في سبب، فهي تهبط إلى القلب مباشرة، لكن أعتقد كمستمع قبل أن أكون موسيقياً، أن موسيقى الريغي قليل ما تجد من يختلف عليها، وخصوصاً موسيقى بوب مارلي، بسبب المصداقية أولاً ثم الفلسفة الروحانية، أيضاً الأزمات والحروب التي عاصرتها هذه الموسيقى، أو حكاية الموسيقى نفسها، و إن كنا نعتقد أنها مسموعة بشكل بسيط، إلا أنها حكاية ليست بسيطة أو مكررة، لكن هذه البساطة و السهولة في السمع هي سر حب الناس لها".


من الناحية الموسيقية، هذه الهارمونية في أغاني مارلي ليست بهذه البساطة، يقول حسام: "من الناحية التقنية كما يعتقد البعض إن أخذت في الاعتبار الكلام واللكنة الإنجليزية المختلفة وموضوع الأغنية، كان لابد أن ينصهر هذا كله في معادلة بدون تفاصيل كثيرة، ويمكن أن نقول إن تفاصيل شبيهة بأرتام الفلكور، في تقابل مع الأرتام الحديثة، مثل الجاز وهذه عظمتها".

في زيارة فريق بوب مارلي "الويلرز" للنوبة لتسجيل أغنية مع محمد منير، قال قائد الفريق ولاعب الباص فاملي مان، إنه عندما كان يحمل نعش بوب في الجنازة شعر بأن النعش ثقيل جداً، وشعر كأنه المعبود الإغريقي أطلس في الميثولوجيا يحمل قبة السماء.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image