سخرية واسعة وشماتة بادية بعد استرداد دار أوبرا ألمانياً وساماً كانت قد منحته للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إثر احتجاجات واسعة وتهديد بمقاطعة فعالياتها من قبل العديد من الشخصيات الثقافية والفنية والرسمية.
اعتبر الكثير من الناشطين المصريين تراجع الدار عن منح الوسام لرئيس توصف فترة حكمه بأنها "الأكثر قمعاً في تاريخ البلاد الحديث" يُعدّ "صفعة دولية قوية"، فيما سخر آخرون من سحب الوسام من "أفضل من يعزف على أنين المعتقلين"، في إشارة إلى اتهامات واسعة بانتهاج التعذيب في سجون السيسي.
واعتذر رئيس دار "زمبر أوبر" الألمانية، هانز يواخيم فراي، مساء 29 كانون الثاني/يناير، عن منح السيسي وسام "القديس جورج" معترفاً بأن ذلك كان "خطأً".
وقال رئيس الدار الكائنة في مدينة درسدن: "نود أن نعتذر عن منح هذا الوسام وأن نتبرأ منه، لقد كان ذلك كله خطأ".
وكان فراي قد برر منح وسام المهرجان السنوي للدار للسيسي، عبر وفد سلّم إليه الوسام في العاصمة المصرية القاهرة في 26 كانون الثاني/يناير، بوجوب "إقامة حوار من خلال لغة الثقافة"، زاعماً أن السيسي "يدافع في مصر عن الاستقرار وبناء المجتمع، وهو صوت لإفريقيا بصفته رئيساً حالياً للاتحاد الإفريقي".
"أفضل من يعزف لحن الخراب"... دار أوبرا ألمانية تتراجع عن منح السيسي وساماً باعتباره "حاملاً للأمل ومشجعاً لقارة بأكملها ومرساة للناس" بعد اعتراضات واسعة بسبب سجله الحقوقي الشائن
إهانة لمعارضي السيسي
ولم تهدأ الأصوات المستنكرة منح السيسي الوسام الذي يمنح عادةً للساعين نحو السلام ونشر المحبة، فيما ترى غالبية المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية أن الرئيس المصري ألقى بمعظم معارضيه في السجون أو أخفاهم قسراً.
من المنتقدين عمدة مدينة درسدن، ديرك هيلبرت، الذي طالب الدار بإيضاح "معايير" منح الوسام للرئيس المصري، لافتاً إلى أنه سيدرس مشاركته في مهرجان الدار لهذا العام.
ومن المقرر تنظيم مهرجان الدار السنوي في 7 شباط/فبراير المقبل.
علماً أن النائب البرلماني وعضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، كاي جيرينغ، والخبير الثقافي الألماني إيرهارد غروندل حثّا الدار على التراجع عن منح الوسام للسيسي لـ"تفادي الأضرار التي قد تلحق بسمعة دار الأوبرا ‘المرموقة‘"، ووصفا الرئيس المصري بـ"المستبد المعادي للديمقراطية بشكل لا تشوبه شائبة"، مشدديْن على أن منحه هذا الوسام "إهانة" لجميع المعارضين السلميين لنظامه.
عدد من وسائل الإعلام الألمانية أعلن أيضاً مقاطعة المهرجان.
يُشار إلى أن مغني البوب رولاند كايزر والمذيعة في القناة الأولى بالتلفزيون الألماني يوديت راكرس، كانا سيشاركان في مهرجان الدار. لكنهما أعلنا أنهما سيعيدان التفكير في ذلك.
أما الكاتب المصري علاء الأسواني، فتساءل في مقال عبر "دويتشه فيلله" في 28 كانون الثاني/يناير: "هل تعتبر ألمانيا السيسي رمز الخير؟"، مستنداً في مقاله إلى شهادات لمعتقلين (أو ذويهم) تعرضوا للتعذيب المروع في سجون السيسي.
"صفعة قوية"
وعقب تداول نبأ تراجع الدار عن الوسام، أعرب الكثير من منتقدي النظام المصري عن سعادتهم بـ"انتهاء هذه المهزلة"، فوصفه الناشط الحقوقي ومدير معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بهي الدين حسن بأنه "صفعة دولية مستحقة".
الإعلام المصري الذي احتفى بالوسام لم يأتِ على ذكر خبر استرداده. الناشط الحقوقي بهي الدين حسن يعتبر اعتذار الدار وتنصلها من الأمر "صفعة دولية مستحقة" للسيسي
وشاركت الناشطة السياسية منى سيف خبر الاعتذار معلقةً عليه بالقول: "أصلاً ليه دار أوبرا تدي هذا الشيء (السيسي) وسام؟ ده بيحبس كتاب وناشرين ومغنيين وراقصين... يعني لو اتحاد مقاولين ولا إنشاءات نفهمها، مصلحة سجون دولة تانية برضو ممكن. لكن أوبرا؟".
وعلى سبيل السخرية، سأل آخرون: "إزاي منحه الوسام خطأ؟ دا أحسن واحد يعزف لحن الخراب" أو "أنين المعتقلين".
وأوضح مغردون أن السيسي "ليس فناناً أو رساماً لينال الوسام وإنما ديكتاتور يداه ملطختان بدماء العديد من المصريين".
وقال متهكمون: "كنا نظنها جائزة من النازيين الجدد".
واعتبر آخرون أن منحه الوسام دليل على ضعف أداء المعارضة في الخارج وعجزها عن "فضح حقيقة ما يحدث في مصر على يدي السيسي".
إعلام مصر "لا حس ولا خبر"
وبرغم أن الإعلام الموالي لنظام السيسي كان قد احتفى بالوسام، تجاهل تماماً الاعتذار والتراجع عنه.
وذكر موقع اليوم السابع الموالي للنظام والأوسع انتشاراً في البلاد أن تقديم الوسام للسيسي جاء تقديراً لـ"جهوده الحثيثة في شتى المجالات خلال السنوات الماضية، خاصةً استعادة الأمن والاستقرار فى مصر" و"صنع السلام في شمال إفريقيا"، وباعتباره "رجل دولة حاملاً للأمل ومشجعاً لقارة بأكملها" و"مرساة الناس وآمالهم".
وسعى مناصرون للسيسي إلى التقليل من شأن الوسام عقب استرداده.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينمقال أكثر من رائع. قمة الإبداع والرقي. شكرا.
Salim Abdali -
منذ 3 أياماتابع يومياتك الأليمة، وشكرا يا شاعر لنقلك هذه الصور التي رغم الالام التي تحملها، الا انها شهادات تفضح غياب الضمير الانساني!
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامماذا لو أن النبي بداية منذ أواخر سنواته الشريفات وحتى اليوم كان محروماً من حقوقه في أمته مثلما أن المرأة قد حرمت حقوقها وأكثر؟ وأنه قد تم إيداعه "معنوياً" في غرفة مقفلة وأن كل من تصدر باسمه نشر فكره الخاص باسمه بداية من أول يوم مات فيه النبي محمد؟ إن سبب عدم وجود أجوبة هو انحصار الرؤية في تاريخ ومذهب أو بالأحرى "تدين" واحد. توسيع الرؤيا يقع بالعين على مظلومية محمد النبي والانسان الحقيقي ومشروعه الانساني. وجعل القرءان الدستور الذي يرد اليه كل شيء والاطلاع إلى سيرة أهل البيت بدون المزايدات ولا التنقصات والتحيزات يرتفع بالانسان من ضحالة القوقعة المذهبية إلى جعل الإنسان يضع الكون كاملاً والخليقة أمام عينيه ولا يجعله يعشق التحكم في الآخر.
إن وصف القرءان للنساء بأنهم نساء منذ طفولتهن بعكس الرجال الذين هم بنين ثم يصيرون رجالاً هو وصف بأن المرأة منذ الصغر تولد أقرب بكثير للتقوى الذي هو النضج وكف العدوان بينما للرجل رحلة طويلة في سبيل التقوى التي هي كف العدوان وليس فقط تدوير المسبحات في الأيدي.
مشروع محمد لم يكتمل لأن "رفاقه" نظروا له على أنه ملك ويجب وراثته والتعامل مع تراثه كملك. أما الذين فهموا مشروعه وكانوا أبواب المشروع الانساني فقد تم قتلهم وتشريدهم وفي أحسن الاحوال عزلهم السياسي والثقافي حتى قال الإمام علي أنه يرى تراثه نهباً أي منهوب.
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أياماوجدتي أدلة كثيرة للدفاع عن الشر وتبيانه على انه الوجه الاخر للخير لكن أين الأدلة انه فطري؟ في المثل الاخير الذي أوردته مثلا تم اختزال الشخصيات ببضع معايير اجتماعية تربط عادة بالخير أو بالشر من دون الولوج في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والمستوى التعليمي والثقافي والخبرات الحياتية والأحداث المهمة المؤسسة للشخصيات المذكورة لذلك الحكم من خلال تلك المعايير سطحي ولا يبرهن النقطة الأساسية في المقال.
وبالنسبة ليهوذا هناك تناقض في الطرح. اذا كان شخصية في قصة خيالية فلماذا نأخذ تفصيل انتحاره كحقيقة. ربما كان ضحية وربما كان شريرا حتى العظم ولم ينتحر إنما جاء انتحاره لحثنا على نبذ الخيانة. لا ندري...
الفكرة المفضلة عندي من هذا المقال هي تعريف الخير كرفض للشر حتى لو تسنى للشخص فعل الشر من دون عقاب وسأزيد على ذلك، حتى لو كان فعل الشر هذا يصب في مصلحته.
Mazen Marraj -
منذ 5 أياممبدعة رهام ❤️بالتوفيق دائماً ?
Emad Abu Esamen -
منذ 6 أياملقد أبدعت يا رؤى فقد قرأت للتو نصاً يمثل حالة ابداع وصفي وتحليل موضوعي عميق , يلامس القلب برفق ممزوج بسلاسة في الطرح , و ربما يراه اخرون كل من زاويته و ربما كان احساسي بالنص مرتبط بكوني عشت تجربة زواج فاشل , برغم وجود حب يصعب وصفه كماً ونوعاً, بإختصار ...... ابدعت يا رؤى حد إذهالي