بينما يعتبر مجرد خروج المرأة خلف الجنازة أمراً غير مقبول في كثير من البلدان العربية والإسلامية، فإن جنازة الثائرة التونسية لينا بن مهني جاءت معبرةً عن ثورة بدأتها بالمطالبة بالمساواة بين الجنسين.
فلم تمش رفيقاتها خلف جنازتها بل حملنها على الأكتاف مودعينها بالزغاريد والهتافات القوية التي تدعو إلى مساواة المرأة بالرجل في الميراث.
رحلت "القرنفلة" أو "بنية تونس" التي ارتبطت في الأذهان بالثورة التونسية عام 2011، صباح 27 كانون الثاني/يناير عن عمر ناهز 36 عاماً وبعض صراع لسنوات مع مرض قصور الكلى.
ووريت الثرى قبل قليل في مقبرة الجلاز بالعاصمة تونس عقب جنازة "وطنية شعبية" مهيبة انطلقت من منزلها الكائن في منطقة الزهراء من ولاية بن عروس.
مستمرةً في ثورتها حتى بعد الممات… رفيقات لينا بن مهني يحملن نعشها إلى مثواها الأخير ويشيعنها بالزغاريد والهتافات الثورية
خلّف رحيل بن مهني جرحاً في قلوب أحبائها لكنه أيضاً خلف إصراراً على السير قدماً على نهجها الثوري ضد كل القيود، وكانت البداية من جنازتها.
لم تكن جنازة بالمعنى المألوف وإنما مسيرة حقوقية بالمعنى الأدق إذ وقفت الرفيقات خارج المنزل يستقبلن خروج النعش بالزغاريد والتلويح بالياسمين، مرددات النشيد الوطني التونسي "حماة الوطن… نموت نموت ويحيا الوطن".
وسرعان ما انطلقت الهتافات الثورية التي طالما رددتها لينا في حياتها، منها "مساواة مساواة للنساء" و"ماهيش (ليست) مسامحة… مانيش (لسنا) مسامحين" و "شغل حرية كرامة وطنية".
واحتشد الآلاف من الجنسين لتشييع الثائرة التونسية في جنازة "شعبية" مهيبة كما تمنى والدها، لا جنازة رسمية كما طلب بعض رفاقها، فيما حمل عدد من رفيقاتها النعش حتى سيارة الإسعاف التي نقلته إلى القبر.
جنازة #فقيدة_تونس #لينا_بن_مهني https://t.co/ZGqTpUvSBd
— Khaoula Boukrim ?? (@khawlamagrebi) January 28, 2020
وقبل نزول الجثمان القبر، علت أصوات الزغاريد مجدداً، مع تلويح بالأيدي توديعاً لها.
#linabenmhenni will be remembered as a legend. She is our national heroine. pic.twitter.com/3aAxLeSyn5
— Wafa Ben-Hassine (@ousfourita) January 28, 2020
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، رأى معلقون أن بن مهني بهذا التشييع المميز أبت إلا أن تستمر في الثورة حتى بعد الممات، واعتبر آخرون ذلك "درساً أخيراً من لينا قبل الوداع الأخير".
لأنها كانت وستظل أيقونة ثورة الياسمين… جنازة لينا بن مهني تتحول إلى تظاهرة حقوقية تطالب بالمساواة في الميراث للنساء
وأشادوا بحرص التونسيات على "منح الحرية معنى".
وحكم تتبع المرأة للجنائز في الإسلام "مكروه إلى حد التحريم"، في رأي غالبية المشايخ.
وتذكّر جنازة لينا بسابقة في أفغانستان عام 2015 حين حملت مجموعة من الناشطات الحقوقيات نعش شابة أفغانية (27 عاماً) كانت قد تعرضت للضرب حتى الموت من قبل مجموعة من الرجال قبل إشعال النار في جسدها وإلقاء جثمانها في النهر، لزعمهم أنها أحرقت نسخة من القرآن.
وطالبت الناشطات خلال الجنازة بالعدالة للقتيلة وتقديم الجناة للمحاكمة، وعُدّت سابقة صادمة في مجتمع يخضع للهيمنة من قبل المتشددين والذكور.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...