شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
“ثورتنا في يومياتنا“...المرأة في أعمال بصرية لفنانات

“ثورتنا في يومياتنا“...المرأة في أعمال بصرية لفنانات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 24 يناير 202004:37 م

فنانات تبنين عبر مواهبهن في التصوير والإخراج والدراما، هموم ومشاعر المرأة، متمردات على تنميط المجتمع لهن، وأدوارهن.

اهتمامهن كفنانات باليومي والمعاش، دفعهنّ ليقدمن نظرة عن نضالات يومية في الأمومة، الزواج، التعامل مع الزوج والأهل، "التزويغ" من المدرسة، الهروب من حصص الجامعة، تدخين السيجارة في الشرفة وذكور الأسرة نيام، أو في طريقة إغواء الشريك، الإثارة والحميمية.

كما استخدمت إحداهن تقنيات سينمائية لتحليل وفضح الطريقة التي تصور بها الدراما والسينما المرأة، خاصة ما يطلق عليها "النظيفة"، ما جسّد في المخيلة العامة صورتها كأنثى مثيرة للتحرش والاعتداء.

"نثور في بيوتنا مع أطفالنا"

هبة خليفة، فنانة تصوير فوتوغرافي، تستخدم في أعمالها أنواعاً مختلفة من الفنون، أو ما يطلق عليه "عبر النوعي"، تمزج الصورة بتقنيات أخرى، كالألوان، والكولاج.

تحكي هبة قصصاً عن المرأة، من خلال قصّ كل واحدة منهن تجربتها الشخصية التي تشتبك فيها مع الحياة كنوع من النضال، فتُخرج من الأحاسيس الخاصة، مشاعر ورؤى مشتركة تتقاسمها النساء.

تقول هبة لرصيف22، عن فكرة معرضها "من الداخل": "بدأت الفكرة عندما كنت أنزل الى الشارع بكاميرتي، خلال عامين عقب انطلاق ثورة يناير التي كانت حية حتى عام 2013، وعرضت الفكرة لأول مرة عام 2014".

"كنت على وشك إنجاب طفلتي، التي أدخلتني من الشارع الى المنزل بعد إنجابها مباشرة، ومعها بدأت مشاعر متداخله ومتنوعة، ما بين الثورة، حياتي الشخصية، الأمومة والوحدة".

"كان ذلك هو الموقف داخل نفسي وداخل منزلي مع ابنتي، بينما الثورة في الشارع، لكني كنت أشعر أن الثورة دخلت بيتي أيضاً، وقد حولت إحساسي هذا لكتابة مقدمة عن المشروع".

"منعنا الإنجاب، وتربية الأطفال من النزول إلى ثورة يناير، ولكني أشعر أن الثورة دخلت بيتي، وحولتُ إحساسي هذا  لكتابة مقدمة عن مشروعي، واهتممت بالتعبير عن العام عبر تصوير الشخصي"

تؤمن هبة بأن الفن شخصي بالأساس، واهتمامها بالمرأة وقضاياها هو الهم الشخصي، الحميمي والداخلي، تقول موضحة فكرتها: "كلما كان الحفر "داخل النفس" ينطوي على تجربة حقيقية، كلما انتقل من التعبير عن الشخصي إلى التعبير عن العام، ولدي صديقات قالوا إنني قمت بعمل نسختنا وتجربتنا عن الثورة، حيث منعتهن تربية الأطفال من النزول للثورة".

تؤكد هبة ضاحكة: "الإحساس الشخصي هنا أصبح جمعياً".

"النضال اليومي للمرأة ثورة"

لا يرى المجتمع أي معنى نضالي في حياة المرأة اليومية، لا يتعدى دورها حقاً مكتسباً تحت سقف من الخضوع، تحاول هبة من خلال تكوينات اللقطة في الصورة الفوتوغرافية، تحطيم هذه "الأسطورة"، وإبراز دور المرأة باعتباره ثورة موازية.

تقول هبة: "النضال بالنسبة لي هو أن أكون حاضرة، لدي رؤية وكلام أمتلك الشجاعة لأقوله أو أعبر عنه، وأن أمتلك الأدوات التي تساعدني في التعبير، ببساطة أن أكون حاضرة بالكامل داخل الصراعات، الاكتشافات، العمل اليومي، رعاية ابنتي وتفاصيلي اليومية، أختار ما يناسبني منها وأرفض ما لا يناسبني".

وعن تجسيد أفكارها تلك فنياً، تقول هبة: "في المعرض لم أكن مستقرة على اختيار العناصر والأدوات البصرية لأعبر عن فكرتي، فقط أعرف أنني أقوم بالتعبير من خلال البيت".

"حولت الأدوات ليكون بيتي هو موقع التصوير "لوكيشن"، ووظفت إضاءة المنزل في العمل لما يتضمنه الموضوع من تعبير وسخرية في المواقف".

التفكير في الأدوات، تقول هبة، كان نابعاً من محاولة ترجمة المشاعر بصرياً، لذلك كانت العناصر واقعية، فقد استخدمت قناعاً للغاز أحضرته من موقعة محمد محمود واستخدمته في عمل، أيضاً مصفاة الأرز وأدوات مطبخ وشريط لاصق، كلها محاولة لترجمة المشاعر بصرياً.

تبذل هبة مجهوداً كبيراً في ترجمة ما تحسه بصرياً، في البداية تراودها الأفكار كحلم، تقول: "الأفكار كانت تشغلني كحلم، وكنت أجرب الكثير منها والتي أحياناً لا تصلح، وأحياناً أخرى تصلح، مثل صورة "القطع" التي استخدمت فيها نبات الحلبة الخضراء المرتبط تراثياً بمشاعر الأمومة".

تقول هبة معبرة عن الزاوية التي ترى من خلالها فنّها: "منذ بدأت مجالي الفني وأنا أحكي قصصاً تخصني، لذلك لم أستخدم أشخاصاً مجهولين في الصور، فهم أقارب وصديقات مقربات، وهذا ما فعلته من قبل في مجموعة كولاج تسمي (غياب مؤقت) عام 2006، كان عندي تساؤل، هل الصور تجعل هذه الشخصيات غائبة أم حاضرة؟ أيضاً كنت أحمل سؤالاً عن صراع بداخلي بين عالمين، أحدهم بالأبيض والأسود والآخر بالألوان".

وتنهي هبة حديثها، بالتأكيد على هدفها من خلال كل ما تصوره، تقول: "الفن من خلال تجربتي هو نوع من العلاج".

"مي" لماذا كل هذا الجدل؟

تركت شخصية "مي" التي جسدتها الممثلة هديل حسن في مسلسل الدراما المصري "سابع جار"، ردة فعل مازالت مستمرة، "مي" التي تسكن بمفردها في مكان عملها، المكتب، وتستقبل زملاءها، والمقربين في نفس المكان، لم تكن "مهضومة" لدى قطاع كبير في المجتمع.

بدأت هديل تعي بعد رفض المجتمع لهذا الدور، أو الجدل الذي أثاره. أنّ صورة المرأة في مصر "منمطة درامياً، ومرفوض الخروج عن هذا النمط عند قطاعات عريضة من جمهور الدراما".

تقول هديل لرصيف22: "لا أعرف بالتحديد الزمن الذي بدأ معه تنميط صورة المرأة في الدراما، لكنني متأكدة من أن الخروج على القالب يقابله هجوم عنيف، والنساء عموماً تحت هذا الضغط الرهيب بسبب الخضوع، ليس لقالب الأخلاق فقط بل الشكل أيضاً".

وأشارت هديل إلى أن بعض من يرفضن الخضوع، يطمحن في النهاية إلى أن يقبلهن المجتمع، وفي الحالتين ثمة ثمن تدفعه المرأة نظير تمردها، أو خضوعها..

من جهة أخرى، ترفض هديل اختزال العمل الفني باعتباره رسالة، تقول: "الفن له قيمة ويمكن أن يعلم ببساطة لكن لا يعقل أن يكون تعليماً أخلاقياً من خلال العيب والحرام، لأن الدور المهم هنا يكون في حرية اختيار المتلقي والقدرة على التفكير في الاختيار".

عندما تمشي هديل في الشارع يستوقفها البعض متحدثاً عن دور "مي"، تقول: "يتحدث معي شخص في الشارع عن دور مي، أشعر بالخلط بين هذا وذاك، مرجع هذا الخلط هو التقييم الأخلاقي رغم أننا نتفق على أن الفن خيال".

"على سبيل المثال كلنا نعيش في نفس الشارع ونسمع الشتيمة، لكن الجميع يريد للصورة أن تكون نظيفة".

تشير هديل في النهاية إلى الأفكار الأبوية في الكليشهات الجاهزة التي تعكسها الدراما، مثل "الولد رجل البيت" و"المرأة ليست مستقلة مادياً" أو "أنها غير مسؤولة"، وهي أفكار غير واقعية تماماً، بحسب هديل، ولكن الدراما ترسخ الصورة التي يريدها كثير من الرجال في مصر عن المرأة.

"يمتنعن وهنّ الراغبات"

التطبيع مع ثقافة العنف الجنسي في "السينما النظيفة"، كان موضوع البحث الذي أعدته المخرجة سلمى الطرزي، بعنوان "يتمنّعن وهن الراغبات "، والذي عرض في إطار فاعلية "تشويش" التي أقامها معهد جوته الألماني في القاهرة.

بعد إثارة هذا الفيلم للجدل، ساء المخرجة تصنيفها كباحثة أو ناشطة، تتمسك بهويتها كمخرجة أفلام غير مصنفة، ولكنها تحب أن تعرض أفلامها للمعرفة والاشتباك مع الواقع.

بدأت الممثلة هديل تعي بعد الجدل الذي أثاره دور "مي" في  "سابع جار"، أنّ صورة المرأة في مصر "منمطة درامياً، تعكس خيال الرجل، وبعيدة عن الواقع، وأي خروج عن النمط يقابله هجوم عنيف"

تستخدم سلمى عملية سينمائية معقدة، وتقنية بصرية حديثة، لتحليل الصورة السينمائية من زاوية "الجندر" أو النوع الاجتماعي.

يعرض البحث الذي قدمته سلمى في مادة فيلمية في أول أجزائه، تحليلاً لمشهدين من فيلمين مصريين، يدور الحوار في كليهما بين رجل وامرأة في سياق جنسي.

ويُقدم المشهدان في سياق لعبة "الفريسة والصياد"، أشهر اللعب الجنسية وأكثرها إثارة، حيث ترفض الفتاة مراودة شاب بكلمات "لا لا "، والتي كثرت في أفلام فترة ما بعد الانفتاح، منذ ثمانينيات القرن المنصرم، لتصبح رفض المرأة ممارسة الجنس مع الرجل مجرد رغبة في إثارته جنسياً.

"بسبب أفلام فترة الانفتاح وما بعدها أصبح رفض المرأة لممارسة الجنس رغبة في إثارته جنسيا".

و من خلال مقولة ذكورية شائعة في هذا السياق "يتمنّعن و هن الراغبات"، و هي المقولة التي تلخص المفهوم السائد في ثقافتنا للتعبير عن رغبة المرأة، يعرض البحث تحليلاً لعدد من المفاهيم الجنسانية التي تدخل في إطار العنف الجنسي، مثل الاغتصاب، ثم يعرض البحث لتاريخ اجتماعي سينمائي محافظ قام بعمل غطاء لتمرير هذه الممارسات.

تعمل سلمى  هذه الأيام على جزء آخر من البحث، تقول لرصيف22 أنه قيد التطوير، ويعرض لتحليل، عبر عملية بصرية وتقنيات سينمائية، لجأت المخرجة خلالها لاستخدام برامج التقطيع أو ما يعرف سينمائياً بالمونتاج، وقامت بتحليل عينات من المقاطع المنتشرة على موقع اليوتيوب بعد أن وضعت عينة من المحتوى على برنامجها.

وبطريقة معملية، تعرض سلمى المقاطع المتداولة على الشبكات العنكبوتية، والتي لعبت دور في تشكيل الخيال البصري الجمعي الخاص بالمرأة في مجتمعاتنا العربية، تحت عنوان "مشاهد ساخنة" أو "اغتصاب فنانة"، وفق تحليل كمي لنقاط جسد المرأة وموقعه من الصورة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image