الأفلام القصيرة هي وسيط سينمائي مهدور حقه، على الرغم من أهميته، فهو لا يخضع للشروط الرقابية والإنتاجية والتوزيعية الموجودة في صناعة الفيلم الطويل، ولذلك فهو وسيط يمنح صناع الأفلام الشباب القدرة على سرد قصص غير تقليدية، بشكل أكثر حرية وجرأة.
وعلى الرغم من السهولة المفترضة لمشاهدة الفيلم القصير، بسبب قصر زمنه، إلا أن طرق مشاهدته شبه مقتصرة على العرض في المهرجانات، ويكاد المحتوى النقدي المكتوب عنه أن يكون منعدماً.
لذلك نحاول هنا، إلقاء نظرة خاصة على بعض إنتاجات الأفلام العربية القصيرة التي عرضت خلال عام 2019، في محاولة لتعريف الجمهور بها، وفتح باب للحديث عن هذا الوسيط في المستقبل.
الاختيارات في القائمة محددة بمشاهدات كاتب هذه السطور وذوقه الشخصي بالطبع، بما يناسب المساحة التي يسمح بها الموضوع. والأفلام مرتبة زمنياً تبعاً لعرضها الأول.
وأنا رايحة السينما
بلد الإنتاج: مصر
إخراج: سندس طارق
العرض الأول: مهرجان زاوية للأفلام القصيرة (يناير 2019)
يوم واحد في حياة ثلاث فتيات، يجمع بينهن حدث واحد.
هذا الفيلم شديد التجديد في شكل سرده، شديد الصدق في معالجته، وهو من أفضل الأفلام التي نجحت في التعبير عن القضايا، بدون أن تنسى أنها تحكي عن أناس من لحم ودم.
كما أن صعوبة تنفيذ الفيلم الذي تدور أحداثه كلها تقريباً في شوارع القاهرة، تحسب لصناعه الذين نجحوا بتحقيق ذلك، بأفضل جودة وأقل تكلفة، فهو من الأفلام القليلة في القائمة ذات التمويل الذاتي.
فيلم تجريبي
بلد الإنتاج: مصر
إخراج: نورا عبد الرحمن
العرض الأول: مهرجان زاوية للأفلام القصيرة (يناير 2019)
اسمه البسيط والبديهي هو أفضل تعبير عن محتواه، فهو ليس فيلماً روائياً ولا وثائقياً، ومع ذلك ينجح بشكل مذهل باستخدام مرادفات السينما الأساسية، من صورة وصوت، للتعبير عن شعوري الأرق والاكتئاب، وخلق حالة معايشة غير مريحة، لكنها شديدة الصدق والحساسية.
كراكيب
بلد الإنتاج: مصر
إخراج: أحمد نادر ونهال القوصي
العرض الأول: مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير (يناير 2019)
الفيلم التسجيلي الوحيد في القائمة، تنفيذه شديد البساطة، لكنه يناسب تماماً محتواه وروح أبطاله.
فمن خلال مجموعة من الحوارات مع أناس بسطاء، يدور الفيلم عن عادة مشتركة بينهم، وتوجد عند أغلب المصريين حتى لو لم يدركوا ذلك، وهي عادة الإبقاء على الأشياء غير الضرورية، أو الكراكيب بلغة المصريين.
فخ
بلد الإنتاج: مصر
إخراج: ندى رياض
العرض الأول: قسم أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي (مايو 2019)
فتاة في علاقة مؤذية مع شخص وتريد تركه، لكن كيف ستفعل ذلك؟
فتاة في علاقة مؤذية مع شخص وتريد تركه، لكن كيف ستفعل ذلك؟، يجيب عن هذا فيلم "فخ" دون أن يسقط في فخ المباشرة والشرح
اللافت في معالجة الفيلم، هو أنه يقول كل ما يريده بدون أن يقوله فعلياً، فلا نحن نرى الفتاة تتحدث عن تأثير العلاقة المؤذية عليها ولا أي شيء عن تاريخ علاقتهم، بل أنها حتى لا تتطلب منه الانفصال بشكل مباشر.
فالفيلم، عوضاً عن الحديث المباشر، يخلق مواقف ترينا انكسار هذه الفتاة، والاشمئزاز والخوف الذي تشعر به نحو صديقها، وهو ينجح تماماً في إيصال هذه المشاعر بشكل سينمائي غير مبتذل.
إطلالة على 10 من أفضل الأفلام العربية القصيرة في عام 2019
سلام
بلد الإنتاج: الأردن
إخراج: زين الدريعي
العرض الأول: مسابقة الأفلام القصيرة بقسم الآفاق في مهرجان فينسيا السينمائي (سبتمبر 2019)
زوجة، تتفاجأ بقرار زوجها الزواج عليها لكي يستطيع الإنجاب.
الفيلم يناقش قضايا شائعة في العالم العربي، مثل تخلف العادات والتقاليد، وكيف أنها قد ساعدت في ظلم الأنثى وسلبها حقوقها.
لكن المميز في الفيلم، أن معالجته لهذه الأفكار لم يكن سطحياً أو مبتذلاً، بل كانت معالجته صادقة، تجعل من أحاسيس ومعاناة بطلته هي أساس حكايته، وقد ساعدت الحرفة السينمائية الشديدة والناضجة في كل تفاصيل صناعته، بجعلنا نصدق تلك المعاناة ونتعايش معها.
أمي
بلد الإنتاج: لبنان
إخراج: وسيم جعجع
العرض الأول: مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الجونة السينمائي (سبتمبر 2019)
أكثر أفلام القائمة جرأة في محتواه، فالفيلم الذي يجعل بطله طفلاً لم يتجاوز العاشرة من عمره، يقوم بسرقة تمثال السيدة العذراء، لكي يجبر يسوع المسيح على إرجاع أمه التي توفيت، وكيف أن هذا الحدث البسيط سيتفاقم ويؤدي إلى نتائج مهولة، لن تغير فقط حياة الطفل، بل ستغير حياة أهل قريته بأكملهم.
ينتقد الفيلم التأثير السلبي للدين على الناس، وكيف أنه يقودهم إلى التعصب والظلم والأذى لمن حولهم. وجرأة الطرح ليست مقتصرة على القصة، فهي تمتد إلى الحوارات وأبسط الأفعال والأحداث، ونجاح الفيلم في تنفيذ كل ذلك، بما يتطلب من صعوبات تمثيلية وتنفيذية، يحسب له بكل تأكيد، فهذا النوع من الأفلام الجريئة والصادمة أصبح قليل التواجد في السينما العالمية، وشبه منعدم في السينما العربية.
عمى ألوان
بلد الإنتاج: مصر
إخراج: منة إكرام
العرض الأول: مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الجونة السينمائي (سبتمبر 2019)
تقابل شابة مصرية رجلاً مصرياً في لندن، وعلى الرغم من انسجامهما في البداية، فأن هذه المقابلة ستسفر عن نتيجة غير متوقعة.
عنوان الفيلم "عمى ألوان" يحمل معنيين، فهو وصف لحالة مرضية عند البطل تجعله لا يميز بين لونين، لكن هذا الوصف أيضاً هو مجاز عن ذهنيته التي تجعله لا يستطيع التميز بين أشياء أخرى غير الألوان.
يناقش الفيلم أفكاراً مثل: حالة الاغتراب، الفروق الطبقية، وانتقاد العقلية الهمجية لدى الرجل الشرقي، وينجح بالتعبير عن هذه الأفكار دول تيه أو ابتذال، بسبب بساطة وتماسك بنائه وشخصياته.
قصة حقيقية
بلد الإنتاج: تونس
إخراج: أمين لخنش
العرض الأول: مسابقة الأفلام القصيرة بأيام قرطاج السينمائية (أكتوبر 2019)
تولد فتاة من رحم أم ميتة، تعاني من تشوه سيجعلها تموت خلال أسابيع، والسبيل الوحيد لبقائها على قيد الحياة هو استخدام السحر الأسود.
أكثر أفلام القائمة أسلوبية ونوعية، فالنوع هنا هو رعب كابوسي، والأسلوبية السردية القريبة من الكتابة الأدبية، بجانب اللغة الإخراجية المميزة، ينجحان في خلق هذا الكابوس غير المريح للمشاهد بشكل فعال، ليذكرنا الفيلم بأفلام لسينمائيين كبار، مثل إنجمار بيرجمان وديفيد لينش.
منارة
بلد الإنتاج: لبنان
العرض الأول: قسم أيام فينسيا بمهرجان فينسيا السينمائي (سبتمبر 2019)
إخراج: زين إسكندر
العرض الأول: مسابقة الأفلام القصيرة بأيام قرطاج السينمائية (أكتوبر 2019)
عائلة تتعرض لصدمة جراء وفاة الأب. تقرر الأم عدم كشف السبب الحقيقي لوفاته، وتصيغ مع أولادها رواية مختلقة لسبب الوفاة، كي يرووها للحاضرين في العزاء.
العلاقات الأسرية المضطربة، فقدان التواصل، التصنع وحب المظاهر، هذه هي التيمات الموجودة في الفيلم، وهي تيمات إنسانية عالمية يمكن لأي شخص التواصل معها، والفيلم ينجح بشدة في توريط المشاهد مع شخصياته، كما أنه يترك باب الأسئلة مفتوحاً ولا يعطينا كل الإجابات، لكن ما يكفي للتخيل والتفكير.
أمين
بلد الإنتاج: مصر
إخراج: أحمد أبو الفضل
العرض الأول: قسم سينما الغد بمهرجان القاهرة السينمائي (نوفمبر 2019)
التأثر بمخرجين كبار هي سمة متكررة في أفلام التجارب الأولى، وفيلم "أمين" متأثر تأثراً واضحاً بلغته البصرية والسمعية، بفيلم المومياء، وبشخص مخرجه "شادي عبد السلام"، إلى درجة أنه جعل منه عنصراً في حبكة الفيلم.
لكن هذا التأثر لا يعني أن مخرج الفيلم ليس لديه جديد، بل على العكس، فهو يمتلك هوية بصرية مميزة، ولذلك، وعلى الرغم من أن حكاية الفيلم غير مشبعة كفاية، إلا أنه فيلم يبشّر بصانع أفلام متمكن.
فيلم "فيلم تجريبي": اسمه البسيط هو أفضل تعبير عن محتواه، فهو ليس فيلماً روائياً ولا وثائقياً، ومع ذلك ينجح بشكل مذهل باستخدام مرادفات السينما الأساسية، للتعبير عن شعوري الأرق والاكتئاب
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 19 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع