أعاد انتشار صورة لطفلة لا تتجاوز الثماني سنوات بكدمات زرق حول عينيها نتيجة تعرضها لتعنيف مُفرط، الجدل بشأن العنف الذي يتعرض له الأطفال في المغرب والذي يبدو أنه في حالة ازدياد.
وأثارت صور الطفلة مريم المعنفة في مدينة تارودانت (وسط البلاد) نقاشاً حول واقع المدارس في المغرب وعلاقة المعلم بالتلميذ. تُرجِم ردود فعل غاضبة طالبت بفتح تحقيق وسط تضارب في الروايات.
تقول الرواية الأبرز إن الطفلة مريم تعرضت للتعنيف على يد معلمها في المدرسة لعجزها عن حل مسألة رياضية، فيما تقول أخرى إن "والدتها عنفتها وأصرت على اتهام المعلم".
ودعا نواب برلمانيون عن حزب التقدم والاشتراكية، الثلاثاء 14 كانون الثاني/ يناير، وزير التعليم المغربي سعيد أمزازي إلى"اتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة في حق المعلم المعني بالأمر".وطالبوا بجعله "عبرة لكل من سولت له نفسه تعنيف الطفلات والأطفال للتغطية عن فشله الذريع في القيام برسالته التربوية".
من المذنب؟
خرجت الطفلة مريم مع عائلتها في تصريحات إعلامية عدة قالت فيها إن "الأستاذ هو من اعتدى علي وضربني على رأسي بعصا بلاستيكية لعدم تمكني من حل عمليات رياضية".
في المقابل قال المعلم إنه لاحظ، يوم الثلاثاء 7 كانون الثاني/ يناير، كدمات على عيني التلميذة، لافتاً إلى أنه حين سألها عن سبب ذلك أخبرته بأن والدتها ضربتها.
وأصدرت المديرية الإقليمية للتعليم في تارودانت (تابعة للوزارة) بياناً توضيحياً، الإثنين 13 كانون الثاني/ يناير، قالت فيه: "لدى العلم بالواقعة، تم استفسار من الأستاذ عن الأمر... ونفى المسألة بشكل قاطع، مضيفاً أن أم التلميذة هي من فعلت ذلك".
وأكدت المديرية أنها أرسلت لجنة لإجراء "بحث عميق" في الموضوع، مشيرة إلى أن المؤسسة والمعلم "قاما بوضع شكايتين (شكوى) لدى الدرك الملكي (الشرطة خارج المدن) لفتح تحقيق بغية معرفة من هو الفاعل الحقيقي".
وفي 14 كانون الثاني/ يناير، قررت النيابة العام وضع المعلم المتهم بتعنيف التلميذة مريم رهن الاعتقال من أجل تعميق البحث معه بخصوص الاتهامات، التي وجهتها إليه أسرة الطفلة.
على إثر ذلك، قررت وزارة التربية الوطنية عبر المديرية الإقليمية للتعليم توقيف المعلم المتهم بتعنيف الطفلة عن أداء مهماته.
مغاربة ينتظرون الحقيقة
أثار تبادل الاتهامات بين أسرة الطفلة والمعلم ردود فعل متباينة في مواقع التواصل الاجتماعي بين متعاطف مع مريم ومدافع عن معلمها، ومكتفٍ بالحياد.
وطالب نشطاء القضاء بمحاكمة المعلم بتهمة محاولة القتل، "بعد أن ضربها بسبب عدم إنجازها عمليات حسابية"، ودعا آخرون إلى اعتقاله وإنزال عقوبات في حقه مع التوقيف النهائي عن العمل.في حين أشار مغردون إلى " تورط الأم في تعنيف ابنتها".
وقال عبد الوهاب السحيمي في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك: "لن تمر قضية تلميذة تارودانت مرور الكرام... ولكن الهجمة الشرسة الظالمة التي تعرض لها الأستاذ في زمن وجيز من دون التثبت من صدق المعلومة، هي بمثابة هجمة على عموم الأساتذة".
وأضاف أنها تعكس الحقد الكبير الذي يكنه البعض للعاملين في قطاع التعليم، مع وسم "#رجل التعليم ماشي حيط قصير، أي أن المعلم ليس حائطاً قصيراً يُستغل لتبرير أخطاء الغير.
تعنيف طفلة يثير غضب المغاربة. هل ضربها المعلم بسبب مسألة رياضية أم عنّفتها الأم واتهمت المعلم؟
قضية الطفلة مريم تأتي في سياق تصاعد تعنيف الأطفال في المغرب وقضايا عن "زوجين ذبحا طفلاً" و"أم ترمي صغارها من السطح" وأخرى "تقتل ابنها خنقاً"
وافترض نور الدين لشهب تبرئة المعلم بعد "اقتناع القاضي أن شخصاً آخر هو من عنف الطفلة البريئة"، وتساءل "كيف سيعود هذا المعلم لمتابعة عمله ويقوم بمهماته في تعليم التلاميذ؟".
وأكد أنه متعاطف مع الطفلة التي تعرضت للتعنيف، وقال: "حرام حرام أن يتم تعنيف طفلة في عمر ست سنوات. عيب وعار".
وغرد سعيد شفني: "هذه التلميذة تفتح ملفاً كبيراً مجدداً هو العنف ضد الأطفال. يجب على الدولة أن تأخذ موقفاً حازماً بشأنه. ليس الاكتفاء بتجريم العنف بل بإنزال عقوبات قاسية على المعتدي".
وتمنى فتح تحقيق "ينصف الطفلة الضحية ويعرفنا من هذا الوحش الآدمي اللي اعتدى عليها سواء كان المعلم أو أسرتها".
جرائم أسرية ضد الأطفال
وبعد أن شهد المغرب في السنوات الماضية انتشار ظاهرة العنف المتبادل داخل المدارس التعليمية، استفحلت أخيراً جرائم اعتداء على الأطفال وصلت إلى القتل من قِبل أفراد عائلاتهم.
وفي هذا السياق أدانت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة طنجة، في 12 كانون الثاني/ يناير، امرأة قتلت طفلها بـ5 سنوات سجناً نافذاً بعدما وجهت إليها تهمة "الإيذاء المتعمد المفضي إلى الموت من دون نية إحداثه، وتشويه جثة الطفل وإخفائها".
وقبل ذلك بشهر، أحالت الشرطة القضائية في مدينة العرائش (شمال المغرب)، زوجين متهمين بقتل طفل إلى المحاكمة.
وكشفت التحقيقات عن أنهما متورطان معاً في جريمة هزت الرأي العام المغربي خلال السنة المنصرمة، إذ أقدما على خنق طفل الزوج في سطل ماء وذبحه وتقطيعه، قبل توزيع أطرافه بين الثلاجة وقمامة الشارع.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أوقفت الشرطة في مدينة الدار البيضاء أمّاً رمت طفلين يبلغان من العمر خمس و10 سنوات، ورضيعاً في شهره السابع.
ونال الطفل الأوسط النصيب الأكبر من الكسور عقب سقوطه من سطح المبنى، فيما نجا الرضيع والابن الأكبر من موت محقق ولم تظهر عليهما سوى بعض الكدمات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...