سكب لاعب كرة القدم المصري محمد صلاح مزيداً من البنزين على اللهب المشتعل بتغيّبه عن حفل جوائز "الأفضل في إفريقيا لعام 2019"، وتهكمه على فوز اتحاد كرة القدم في بلده بجائزة "أفضل اتحاد" قاري.
نشر صلاح المحترف في صفوف نادي ليفربول الإنجليزي عبر خاصية الـ"ستوري" على حسابه على انستغرام صورة لابنته، مكة، وأرفق بها عبارة "وجائزة أفضل اتحاد تذهب إلى… ".
جاء ذلك بعد ساعات من إعلان فوز الاتحاد الكرة المصري بالجائزة خلال الحفل الذي احتضنه سهل حشيش في الغردقة (جنوب شرقي البلاد) مساء 7 كانون الثاني/يناير.
وكان هجوم على صلاح قد بدأ قبل أيام من الحفل بسبب تغيبه عن الحفل. ورأى المنتقدون أن ذلك يعكس "إصابته بغرور النجومية وقد يؤثر ذلك على رصيد شعبيته بين الجمهور المصري".
ورجحت تكهنات عدة غياب صلاح عن الحفل بناءً على مؤشرات قوية إلى فوز زميله في ليفربول ساديو ماني بلقب أفضل لاعب في القارة لعام 2019. واعتبر معلقون عبر السوشيال ميديا أن عدم مشاركة صلاح في تكريم ماني يعني "غيرته" من زميله الذي شاركه في الاحتفال بالجائزة عينها في العام الماضي.
غير أن البعض التمس لصلاح العذر، معتبراً أن تغيّبه موجه إلى المسؤولين في الاتحاد المصري لكرة القدم، الذي توترت علاقة صلاح به منذ انتقاله إلى ليفربول بسبب خلافات على حقوق الرعاية والإعلانات.
وقدم صلاح التهنئة إلى "أخي ماني" عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الحفل، فهدأت موجة التعليقات الغاضبة.
"حقه… لكن غير موفق"
لكنه عاد، صباح 8 كانون الثاني/يناير، إلى تفجير الجدل مجدداً بالتهكم على جائزة أفضل اتحاد قاري، إذ عدّ مراقبون تصرف صلاح "غير احترافي وطفولي" بل يسيء إلى بلده وليس إلى المسؤولين في اتحاد الكرة وحدهم.
تعليقاً على ذلك، قال الصحافي والناقد الرياضي أحمد عويس لرصيف22: "صلاح له مطلق الحرية في حضور الحفل من عدمه. قراره يخصه وتعليقات الناس الممتعضة تخصهم. لديه أسباب منطقية، من وجهة نظره، دفعته لتقرير عدم المشاركة في أي حدث أو فعالية تنظم برعاية اتحاد الكرة المصري بإدارته الحالية بعد مواقف سابقة سلبية له معها".
ورأيه في موقف صلاح هو : "لديه بعض الحق في اتخاذ هذا القرار، لكني لا أوافقه عليه".
اتفق معه الناقد الرياضي أحمد درويش في أن عدم حضور صلاح "نتاج رواسب علاقته بالإدارة السابقة لاتحاد كرة القدم برئاسة هاني أبو ريدة، الذي تسلم جائزة أفضل اتحاد، وتضارب المصالح في أمور مالية".
لكن درويش اعتبر تهكم صلاح على اتحاد الكرة المصري غير موفق من لاعب يفترض أن يكون "عقله أكبر من ذلك، ويترفع عن هذه الخلافات".
ويقول درويش لرصيف22: "الجمهور بدأ يراكم المواقف السلبية لصلاح بعدما كان يرى فيه القدوة والنموذج المثالي للاعب الخلوق".
وكان صلاح قد صدم جمهوره عندما قدم الدعم للاعب المنتخب المصري عمرو وردة الذي اتهم بالتحرش بعارضة أزياء أجنبية. وبرغم محاولة صلاح لاحقاً شرح موقفه وتبريره، مثّل هذا الموقف "شرخاً لا يلتئم" في نظرة الكثيرين إليه.
وكان صلاح قد حذف من النبذة التعريفية الخاصة به عبر حساباته توصيف "لاعب بمنتخب مصر لكرة القدم". وأثار هذا لغطاً أيضاً بين فريق اتهمه بالتخلي عن منتخب بلاده وآخر رآه محقاً بعدما تعرض للأذى بسبب المسؤولين عن الكرة في البلاد.
وتوقع درويش أن تؤثر التصرفات الأخيرة على شعبية صلاح التي تعافت كثيراً عندما فاز بكأس العالم للأندية مع ناديه، وحمل علم مصر. ونصح درويش صلاح بأن "يكون أكثر هدوءاً واتزاناً وتماسكاً في تعامله عبر السوشيال ميديا مستقبلاً، حتى لا تأخذ من رصيد شعبيته وتقدير البسطاء له".
وبعدما كان تركيز صلاح عبر مواقع التواصل الاجتماعي منصباً على أدائه في الملعب، تحوّلت حساباته شيئاً فشيئاً إلى منصة للأمور الشخصية لا سيما خلافه مع المسؤولين عن الكرة في مصر وأقحم الجمهور في هذاالخلاف مراراً.
وقل التركيز على أهداف وإنجازات مو، أو الملك المصري كما يطيب لجمهوره تسميته، منذ ذلك الحين.
بعدما عرف بإنجازاته وأهدافه البديعة، تحول مو صلاح إلى لاعب "مثير للجدل". هذه المرة تهكم على جائزة ذهبت لاتحاد كرة القدم في بلاده محدثاً ضجة حول "تصرف طفولي غير احترافي"
صحافية مصرية تسأل عبر رصيف22: "هل كان صلاح يجرؤ على التهكم على الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم إذا كانت لديه خلافات معه؟"
"سقطة كبيرة"
على الجانب الآخر، قال الناقد الرياضي علاء أبو الحاج لرصيف22: "لا مبرر لعدم حضور صلاح الحفل الضخم الذي نظمته مصر. كان هدف الحفل تنشيط السياحة والترويج لاسم مصر… تلك ‘غلطة كبيرة‘ من لاعب رفع اسم مصر عالياً ونكن له التقدير والحب"، واصفاً تهكم صلاح على الاتحاد بالتصرف "الطفولي".
في ما يتعلق بخلافات صلاح مع مسؤولي اتحاد الكرة السابق، أشار أبو الحاج إلى أنه كان ينبغي لصلاح "تغليب مصلحة بلده ومنتخبها مهما كانت مشاكله مع المسؤولين. لدى صلاح من الأساليب والقوة ما يمكنه من حل مشاكله وتصعيدها إلى أعلى مستوى لكن ليس بمثل هذه التصرفات".
وقالت الصحافية المصرية نجوى مصطفى لرصيف22 إن صلاح "لو كان يقصد استفزاز جمهوره لما تصرف بهذا الشكل. هو يطلب من الناس التعامل معه باحترافية لكنه لا يتصرف باحترافية".
وتابعت: "الحفل يتبع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) وليس الاتحاد المصري. حتى إدارة الاتحاد التي اختلف معها صلاح قد استقالت، وتسلمُ هاني أبو ريدة الجائزة ليس إلا مجاملة. لماذا يتغيب صلاح إذاً؟ لو كانت لديه مشكلات مع الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لما تصرف بهذا الشكل السيئ؟".
وختمت: "هو غير مرتاح لذهاب الجائزة إلى اتحاد بلاده. كان بإمكانه أن يتجاوز الأمر تماماً ولا يعلق عليه. نحن نحبه ونتمنى أن يكون نجماً ملهماً على الدوام. لذا ننتقده ونقسو عليه لأننا نود أن يتصرف بالشكل اللائق. هو لا يعي أنه يسيء إلى نفسه بتصرفاته خصوصاً عندما تتناولها الصحافة الرياضية العالمية المهتمة بأخباره".
وكانت صحيفة "ميرور" البريطانية قد أبرزت تهكم صلاح على جائزة اتحاد الكرة المصري، مشيرةً إلى تفضيله التغيّب الحفل الذي نظمته بلاده.
واتهم الصحافي الرياضي أحمد شاكر، في تصريح لرصيف22، صلاح بـ"الغرور"، مبيّناً أنه "نسي أن مصر ليست الاتحاد فحسب. الجمهور مستاء منه لرفضه الانضمام إلى معسكرات تدريب المنتخب المصري بداعي الإصابة".
في الأثناء، أجمعت مصادر رصيف22 على أن اتحاد الكرة المصري "لن يتحرك ضد صلاح، لأن الأخير أقوى من إدارة الاتحاد التي تراكم أخطاءها ولا تستطيع الوقوف في وجه ثالث أعلى لاعب في العالم من حيث القيمة التسويقية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...