شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
مشوار ثوار

مشوار ثوار "محمد صلاح" بين انتفاضتين ونكسة وحلم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الثلاثاء 28 أغسطس 201803:08 م
حينما تصبح كل الأسئلة عن المستقبل والعمل والأمل بعد الخيبات والتجارب الصعبة، قد تبدو الإجابة الصحيحة الوحيدة في مصر هي محمد صلاح، على الأقل من وجهة نظر الملايين من الشباب المصري، الذي قرر أنه، وإن لم يحقق أحلامه الخاصة، سوف يخوض تجربة الاستمتاع بحلم ذلك الشاب المصري الذي يحمل رقم 10 على قميص منتخب بلاده. لذا فإن قررت يومًا ما أن تخوض معركة في مواجهة محمد صلاح يجب أن تكون على أتم استعداد لأن تواجه أيضًا كل هؤلاء الشباب، الذين سوف يقفون مدافعين بكل قوة عن أيقونتهم الوحيدة التي نجحت حقًا، ولن يسمحوا أبدًا بالتلاعب بها أو تحويل ذلك الحلم إلى كابوس.

الانتفاضة الأولى قبل الإقلاع

تجلت إحدى أهم المعارك التي قادها شباب مواقع التواصل الاجتماعي في الدفاع عن اللاعب محمد صلاح، حينما اشتعلت أزمة كبرى قبل إقلاع طائرة المنتخب المصري المُشارك في كأس العالم في روسيا العام الجاري، الأمر بدأ باستغلال إحدى شركات الرعاية لصورة النجم المصري بشكل يتعارض مع اتفاقاته الإعلانية الخاصة مع إحدى الشركات المُنافسة حينما تم وضعها بحجم كبير على هيكل الطائرة، مما أدى إلى غضب اللاعب من ذلك التصرف وسرعان ما تطور الأمر إلى هجوم قاده وكيل أعماله بصحبة ملايين من التدوينات للشباب المصري ضد الشركة والمسؤولين عن إعداد رحلة المنتخب المصري، رافضين ما أسموه سرقة نجاح وشهرة "صلاح"، حينها نجحت تلك الحملات في تغيير تصميم الطائرة بالكامل.

تصميم الطائرة قبل الأزمة

Picture1 رد صلاح الذي أشعل الثورة Picture3

تعديل التصميم ونجاح الانتفاضة

Picture2 لم يكن الأمر مجرد اتفاقات إعلانية متضاربة، ولكن حماس النشطاء في الدفاع عن محمد صلاح كان بمثابة رفضهم استغلال مشوار اللاعب الذي خاضه وحده في ظروف صعبة دون مساعدة من مؤسسات الرياضة في الدولة، بدءًا من أحد الأندية الصغيرة نادي المقاولون العرب وصولًا إلى أحد أعرق الأندية العالمية نادي ليفربول الإنجليزي، ما اعتبره المصريون موقفًا يتكرر معهم في حياتهم الخاصة ولكنه لن يتكرر في حياة مُلهمهم بالتأكيد.
حينما تصبح كل الأسئلة عن المستقبل والعمل والأمل بعد الخيبات والتجارب الصعبة، قد تبدو الإجابة الصحيحة الوحيدة في مصر هي محمد صلاح، على الأقل من وجهة نظر الملايين من الشباب المصري
يبدو أن الشاب المصري قرر أنه، وإن لم يحقق أحلامه الخاصة، سوف يخوض تجربة الاستمتاع بحلم ذلك النجم الذي يحمل رقم 10 على قميص منتخب بلاده
حتى إن كثيرًا منهم ذهب بحماسه إلى تحطيم شرائح خطوط الجوال الخاصة بتلك الشركة التي تسببت في الأزمة الأساسية، مع توثيق ذلك بالصور ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أي أنهم قرروا خسارة أموالهم حتى، ولكن لن يخسر "صلاح".

ما بعد نكسة روسيا.. أنتم السبب لا صلاح

استمرارًا لحالة الدعم غير المحدود لمشوار النجم المصري شنت الجماهير هجومًا حادًا على جميع القائمين على الرياضة المصرية بدايةً من اتحاد الكرة ووزارة الرياضة وصولًا إلى الجهاز الفني والإعلام المصري، الكل أخطأ والكل تسبب في النتائج المُخيبة في المشوار القصير للمنتخب في منافسات كأس العالم بعد 3 هزائم آخرها من السعودية والخروج دون إحراز أي نقاط، بل أن الكثيرين تصاعدت حدة غضبهم بسبب خسارة "صلاح" ذاته لفرصة تحقيق نتائج جيدة قد تؤثر في مسيرته خاصة أن اختيار أفضل لاعب في العالم على الأبواب، وبالتأكيد أن وصول الفريق المصري لأدوار مُتقدمة كان ليُصبح عاملًا مساعدًا للغاية في تلك المنافسة الخاصة. فصلاح قد حقق ألقابًا فردية عديدة في الخارج، أبرزها لقب هداف الدوري الإنجليزي وأفضل لاعب في المسابقة، مع نجاحه في مساعدة فريقه الإنجليزي في الوصول لنهائي أعتى البطولات الأوروبية للأندية، بعد سنوات كثيرة فشل الفريق في الوصول إلى خط النهاية، وبعد كل ذلك شاهد المصريون حُلم تحقيق إنجازات جديدة للاعب قد توقف حينما اضطر إلى الوجود داخل منظومة مصرية مجددًا.

الأزمة الأخيرة.. صلاح يقود ثورته

في الساعات القليلة الماضية اشتعلت الأمور كثيرًا بين اللاعب وبين اتحاد الكرة، إذ قرر "محمد صلاح" نشر فيديو له عبر صفحته على فيسبوك يهاجم فيه جميع المسؤولين ويتهمهم بالكذب وتزييف الحقائق، حتى أنه كشف عن كواليس اختراق معسكر المنتخب المصري في روسيا من قبل الجماهير التي وصلت إلى غرف نوم اللاعبين ومنعتهم من النوم قبل ساعات من المباريات المصيرية التي خسرها المنتخب جميعها، حينذاك طالب محمد صلاح عن طريق وكيله بتوفير حراسة على أبواب الغرفة من أجل حفظ تركيزه مع باقي زملائه، الطلب الذي كرره مجددًا اللاعب في 3  مقاطع فيديو شاركها مع جماهيره وحصلت على ملايين المشاهدات مع وجود معسكرات جديدة مقبلة.
/
/  
/ بعد ذلك، حاول اتحاد الكرة تقليل خسائره المنتظرة كالعادة في كل مرة يواجه فيها جماهيرية محمد صلاح عبر بيانات مضادة، ولكن الأمر لم يفلح وتعالت الأصوات المؤيدة لرحيل مجلس اتحاد الكرة كاملًا مناصرة للاعب.  

ردود أفعال غاضبة من مشاهير وعشاق السوبر "صلاح مان"

لم ينتهِ الأمر في الهجوم على مؤسسات الرياضة في مصر عند الجماهير العادية، بل أن جبهات الهجوم اشتدت بانضمام العديد من نجوم الفن والإعلام في مصر في رسائل تحذيرية غاضبة ضد المسؤولين، على هاشتاج ادعم محمد صلاح، الذي كلما كانت هناك أزمة تجده في طليعة محركات البحث في ساعات قليلة جدًا.
 

لماذا محمد صلاح؟

قد يبدو جليًا أن إحباط الشباب المصري من تحقيق أحلامهم مع إرهاق رحلة البحث عمن يساندهم في تحقيقها، دفعهم إلى مساندة حلم تحقق بالفعل ولو لم يكن حلمهم من الأساس، فنجاح صلاح يُمثل للكثير ردودًا مقنعة عن حملات الهجوم التي طالت الأجيال الحديثة ومدى عدم مقدرتها على تحقيق الإنجاز المطلوب، ففي النهاية "صلاح" لم ينجح هنا في أرضه وداخل حدود بلده ولكنه حقق أعلى مراتب النجاح حينما قرر الذهاب بعيدًا، تلك الفكرة التي تراود معظم الشباب المصري دائمًا ويواجهها الكبار بالتهكم واتهامهم بالسلبية وغياب الحس الوطني وآليات الكفاح. وبعد رحلة شاقة في البحث عن أيقونة ثورية تساعدهم في تحقيق ما يريدونه ويطمحون إليه داخل بلدهم، فإن ملجأهم الأخير حاليًا للإحساس بقيمة الشاب المصري وإثبات حسن نيته وكفاءته هو ما حققه ذلك النجم حتى ولو كان هو شخصيًا أحد المتهكمين عليهم سابقًا حينما كان لا يزال لاعبًا في صفوف فريق فيرونتينا الإيطالي، قبل انتقال مسيرته إلى مستويات عالمية. والأمر بسيط للغاية بالنسبة لهؤلاء، فصلاح شاب مصري يشتعل نجاحًا حينما يخرج من المنظومة الداخلية ويواجه الأزمات فقط عندما يصير داخلها، وهم أنفسهم في أعماق تلك المنظومة بالفعل مما يُثبت من وجهة نظرهم أن العيب لم يكن يومًا فيهم، ولكنه في المنظومة، في انتظار أن تتحسن تلك الأحوال أو أن يخوضوا معركة جديدة للدفاع عما تبقى من غضب وثورة وحلم ونجاح تحت عنوان "محمد صلاح". Picture4

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image