بعد إعلانها منذ أربع سنوات، قرر الرئيس التونسي قيس سعيد تمديد حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية لمدة شهر واحد برغم استنكار المنظمات الحقوقية خاصة أن قيس نفسه كان قد انتقدها بقوة خلال حملته الانتخابية.
ويأتي إعلان التمديد لحالة الطوارئ بالتزامن مع تعثر مستمر لتشكيل حكومة لإدارة البلاد، وتصعيد عسكري في الجارة ليبيا، لا سيما بعد إعلان تركيا موافقتها على إرسال قوات لدعم أحد طرفي الصراع فيها.
ويصف ناشطون تونسيون حالة الطوارئ في البلاد بأنها "أمر غير دستوري".
وقالت وكالة الأنباء التونسية إن الرئيس أعلن حالة الطوارئ "ابتداء من فاتح كانون الثاني/ يناير 2020 إلى 30 منه.
أمر غير دستوري ينتهك الحريات
يثير إعلان حالة الطوارئ جدلاً واسعاً في تونس ، ويعتبره البعض غير دستوري بمن فيهم سعيد الذي كان قد انتقده في أكثر من مناسبة قبل انتخابه في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وكتب أمين في تغريدة عبر تويتر: "قيس سعيد يمدد حالة الطوارئ، مسكين والله الشعب الذي ينتظر من ناس صفر خبرة سياسية أن تقرر أمراً جيداً".
وقال عمر: "أستاذ القانون يرسب في أول امتحان قانوني، كم سمعنا قيس سعيد ينكر حالة الطوارئ، ها هو يمددها"، وتساءل: "من يحكم؟".
وكانت جمعيات تونسية قد أعلنت، في نيسان/ أبريل الماضي، رفضها تنظيم حالة الطوارئ الحالي، وقالت إنه "غير دستوري"، مستشهدة باعتراف الرئيس السابق الباجي قايد السبسي في اجتماع مجلس الأمن القومي في آذار/ مارس الماضي، بعدما اعتبرته تضييقاً على الحريات والحقوق الأساسية.
وشددت في بيان وقعه كل من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومنظمة محامون بلا حدود، وجمعية بوصلة، على أن الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد لا يبرر انتهاك حقوق المواطنين وحرياتهم.
بعد انتقاد حالة الطوارئ في حملته الانتخابية، الرئيس التونسي قيس سعيّد يعلن أول تمديد لها في جميع أنحاء الجمهورية خلال فترة حكمه
يلقى قانون حالة الطوارئ استنكاراً حقوقياً واسعاً في تونس لما يتضمنه من تعدٍ على الحريات وانتهاك لحقوق التونسيين: "منع التجوال والإضراب وتفتيش البيوت وتشديد الرقابة على الصحافة"
وبدوره رفض مرصد الحقوق والحريات في تونس استمرار حالة الطوارئ منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، "وما ترتب عن هذا الخرق من استغلال سياسي لضرب جملة من الحقوق الفردية والجماعية".
وقال إن تونس تمتلك من التشريعات والنصوص القانونية ما يمكّن الجهات القضائية والأمنية والعسكرية من التصدي لكل التهديدات الداخلية والخارجية من دون الحاجة إلى خرق الدستور والتعدي على الحريات.
ويأتي هذا الإعلان في وقت تشهد الجارة ليبيا تصعيداً عسكرياً في المعركة الجارية بين قوات حكومة الوفاق المعترف بها دولياً وقوات خليفة حفتر المدعوم من الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي.
ويتضمن التصعيد استعداد تركيا إرسال قوات عسكرية صوب العاصمة الليبية طرابلس بعد أن طلبت حكومة الوفاق بقيادة السراج رسمياً دعماً عسكرياً لمواجهة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وبينما أكدت تونس تمسكها بالحياد وعدم انضمامها إلى أي تحالف، تداولت وسائل إعلام محلية تعزيز وزارة الدفاع التونسية بالتنسيق مع وزارة الداخلية إجراءاتها الأمنيّة وجاهزيتها على الشريط الحدودي، مع تكثيف الانتشار الأمني في المناطق السياحية والأماكن العامة.
قالت إن الإجراءات العسكرية، بالإضافة إلى ما يعيشه الوضع الليبي، تأتي تزامناً مع احتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة، والتي قد تستغلها العناصر الإرهابية لتنفيذ هجمات.
تعرضت تونس لثلاث هجمات إرهابية عام 2015، اثنتان منها استهدفتا سياحا في منتجع بمدينة سوسة ومتحف باردو وأسفرتا عن مقتل عشرات السياح الغربيين.
ووقع الهجوم الآخر في نهاية العام نفسه، وأسفر عن مقتل 13 من الحرس الرئاسي بعد تفجير حافلتهم، ومنذ ذلك الوقت تعيش تونس حالة طوارئ تذمّر منها المواطنون واستنكرتها المنظمات الحقوقية.
ماذا يعني قانون الطوارئ؟
يمنح قانون حالة الطوارئ في تونس وزير الداخلية صلاحيات واسعة تشمل منع الاجتماعات وحظر التجول وتفتيش المحالّ ليلاً ونهاراً، فضلاً عن مراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية من دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء.
ويخول القانون المستند على الأمر العدد 50 لسنة 1978، الذي أصدره الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة إثر إضراب شهدته البلاد آنذاك عُرف بـ"الخميس الأسود"، صلاحيات استثنائية مثل حظر التجوال على الأشخاص والعربات ومنع الإضرابات العمالية.
كذلك يمكن وزير الداخلية الأمر بإغلاق مؤقت لقاعات العروض ومحالّ بيع المشروبات وأماكن الاجتماعات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ 19 ساعةتحليل رائع. لم يخطر ببال هذا التأثير المحتمل لمسلسلات الطفولة.
لطيفه محمد حسيب القاضي -
منذ يومقصة جميلة
لطيفه محمد حسيب القاضي -
منذ يومقصة جميلة
Mohammed Liswi -
منذ 3 أياممقال أكثر من رائع. قمة الإبداع والرقي. شكرا.
Salim Abdali -
منذ 4 أياماتابع يومياتك الأليمة، وشكرا يا شاعر لنقلك هذه الصور التي رغم الالام التي تحملها، الا انها شهادات تفضح غياب الضمير الانساني!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامماذا لو أن النبي بداية منذ أواخر سنواته الشريفات وحتى اليوم كان محروماً من حقوقه في أمته مثلما أن المرأة قد حرمت حقوقها وأكثر؟ وأنه قد تم إيداعه "معنوياً" في غرفة مقفلة وأن كل من تصدر باسمه نشر فكره الخاص باسمه بداية من أول يوم مات فيه النبي محمد؟ إن سبب عدم وجود أجوبة هو انحصار الرؤية في تاريخ ومذهب أو بالأحرى "تدين" واحد. توسيع الرؤيا يقع بالعين على مظلومية محمد النبي والانسان الحقيقي ومشروعه الانساني. وجعل القرءان الدستور الذي يرد اليه كل شيء والاطلاع إلى سيرة أهل البيت بدون المزايدات ولا التنقصات والتحيزات يرتفع بالانسان من ضحالة القوقعة المذهبية إلى جعل الإنسان يضع الكون كاملاً والخليقة أمام عينيه ولا يجعله يعشق التحكم في الآخر.
إن وصف القرءان للنساء بأنهم نساء منذ طفولتهن بعكس الرجال الذين هم بنين ثم يصيرون رجالاً هو وصف بأن المرأة منذ الصغر تولد أقرب بكثير للتقوى الذي هو النضج وكف العدوان بينما للرجل رحلة طويلة في سبيل التقوى التي هي كف العدوان وليس فقط تدوير المسبحات في الأيدي.
مشروع محمد لم يكتمل لأن "رفاقه" نظروا له على أنه ملك ويجب وراثته والتعامل مع تراثه كملك. أما الذين فهموا مشروعه وكانوا أبواب المشروع الانساني فقد تم قتلهم وتشريدهم وفي أحسن الاحوال عزلهم السياسي والثقافي حتى قال الإمام علي أنه يرى تراثه نهباً أي منهوب.