أطلقت روسيا والصين وإيران أول مناورة بحرية مشتركة في خليج عمان والمحيط الهندي، اليوم الجمعة 27 كانون الأول/ديسمبر، في إشارة إلى تطور التعاون بين أبرز منافستين للولايات المتحدة، موسكو وبكين مع الجمهورية الإسلامية، التي تعاني تحت وطأة العقوبات الأمريكية.
وأصبح خليج عمان بؤرة توتر دولية متصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران بعد أن أسقطت طهران طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار في يونيو الماضي، واستولت على ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني بزعم انتهاكها المياه الإقليمية.
وتعرضت 6 سفن نفط على الأقل للهجوم في تلك المنطقة في شهري مايو ويونيو الماضيين، وهي الهجمات التي ألقت الولايات المتحدة باللوم فيها على إيران.
ويتصل خليج عمان بمضيق هرمز في الخليج العربي، الذي يمر عبره حوالى 30٪ من النفط الخام المنقول عن طريق البحر في العالم.
وأكدت روسيا على لسان ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة خارجيتها، أن التدريبات المشتركة قانونية وتركز على ضمان الاستقرار الإقليمي.
وقالت زاخاروفا: "نتعامل مع قضايا الحفاظ على الاستقرار في المنطقة والأمن ومكافحة الإرهاب".
ووصفت وزارتا الخارجية والدفاع في الصين التدريبات بأنها "تعاون عسكري طبيعي".
وأضاف متحدث باسم وزارة الدفاع الصينية: "لا ترتبط المناورات بالوضع الإقليمي لكن هدفها تعزيز التبادل والتعاون بين أساطيل الدول الثلاث وإظهار الإرادة والقدرات القوية للأطراف الثلاثة للحفاظ على السلام والأمن البحري العالميين بشكل مشترك، مع بناء مجتمع بحري نشط مع مستقبل مشترك".
وفي مؤتمر صحافي في 25 كانون الثاني/ ديسمبر، قال الجنرال في القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شيكارشي، إن المناورات الثلاثية تستهدف زيادة القوة والخبرة لضمان أمن التجارة الدولية في المنطقة، مضيفاً أن "المحيط الهندي وبحر عمان من طرق التجارة الرئيسية في العالم، وأن العديد من الدول تتنقل في المنطقتين، ومن ثم إن إقامة الأمن هناك أمر مهم وحيوي".
تأتي هذه المناورات بعد انطلاق تحالف بحري في الشهر الماضي بقيادة الولايات المتحدة، يشمل البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع دول غربية أخرى مثل بريطانيا واستراليا، لتنفيذ عمليات في خليج عمان بغية ضمان الإمداد الآمن للنفط في المنطقة.
مناورات بحرية للمرة الاولى بين الصين وروسيا وإيران في خليج عمان. تحمل رسالة إيرانية مفادها أنها قوة إقليمية، وروسيا تُظهر دورها كفاعل رئيسي في الشرق الأوسط، والصين تُظهر أنها قوة بحرية عالمية.
المناورات تأتي بعد انطلاق تحالف بحري بقيادة الولايات المتحدة، يشمل البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات بالتعاون مع بريطانيا واستراليا، لتنفيذ عمليات في خليج عمان لضمان الإمداد الآمن للنفط في المنطقة.
"تمرين محسوب بعناية"
ورأى عدد من الخبراء الغربيين أن هذه المناورات تحمل رسالة قوية الى الولايات المتحدة، وحلفائها الغربيين، مفادها أن "هناك قوى أخرى مستعدة لضمان أمن الملاحة الدولية في تلك المنطقة الإستراتيجية".
ولفت جوناثان إيال، المدير المساعد في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إلى أن المناورة نفّذتها الدول الثلاث لإرسال رسالة تفيد بأن النفوذ الأمريكي في المنطقة يتضاءل.
وقال المحلل البريطاني لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية :"هذا التمرين محسوب بعناية ولكل طرف من المشاركين الثلاثة مكاسب. إيران تدعي أنها قوة إقليمية ، وروسيا تُظهر دورها كفاعل رئيسي في الشرق الأوسط ، ويمكن للصين أن تُظهر أنها قوة بحرية عالمية".
واعتبر إيال أن الرسالة الإستراتيجية من هذه المناورات هي أن هذه هي البلدان التي تشكل الأحداث في الشرق الأوسط".
وعلق جيسون برودسكي، مدير مركز متحدين ضد إيران النووية بالولايات المتحدة الأمريكية، في تغريدة على حسابه على تويتر : "الصين التي تجري مناورات مع إيران وروسيا لمدة 3 أيام في خليج عمان، نفذت مناورة مماثلة مع السعودية في نوفمبر الماضي، من الواضح جداً أن بكين تنسج علاقتها مع الجميع".
ورأت إيرينا تسوكرمان المختصة في شؤون الأمن القومي بالولايات المتحدة الأمريكية أن هذه المناورات تطور كبير لعدة أسباب، أولاً من وجهة نظر الولايات المتحدة ، فإنها تظهر تحالفًا عسكريًا متزايدًا بين خصومها، وأن تحالفهم ليس مجرد تحالف تجاري بين ثلاث دول تطمح إلى فرض هيمنتها، وساهمت في الفوضى العالمية وزعزعة الاستقرار أو غير ذلك.
وأضافت تسوكرمان في حديث لرصيف22 : "الدول الثلاث تعمل معًا لمواجهة العقوبات الأمريكية. وترسل الآن إشارة إلى أنها مستعدة وقادرة على العمل معًا لإضعاف الدول الغربية وتقويضها، وأنها على استعداد لوضع خلافاتها جانباً من أجل النهوض بأهدافها".
وقالت تسوكرمان :"من منظور بحري، هناك رسالة مفادها أن الدول الثلاث يمكن أن تتحكم في معظم المجاري المائية الإستراتيجية الحيوية، وأنها قادرة على التحكم في التجارة الدولية".
إلا أن تسوكرمان أشارت إلى أنه ينبغي التنويه بأن القدرات البحرية الإيرانية غير متكافئة في مواجهة بحرية مع الولايات المتحدة. وبالمثل، فإن البحرية الروسية متدهورة. أما الصين التي تساعد طهران على تهريب النفط، فهي التحدي الحقيقي، لأن أسطولها ينمو بسرعة فائقة، وعلى الرغم من أنها لم تصل إلى مستوى القوات البحرية الأمريكية، فهي على استعداد لخوض أي معركة بشكل تقليدي.
وأكدت تسوكرمان أنه من المحتمل أن تكون هذه المناورات نواة تحالف بحري مستقبلي "كشكل من أشكال الردع والإرهاب لتخويف الدول الأصغر حجمًا، وخاصة الدول الآسيوية والخليجية التي لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة وغيرها من القوات البحرية الغربية للحماية".
وقالت المحللة الأمريكية إن واشنطن واليابان وكوريا الجنوبية والعديد من الأساطيل الغربية ودول الخليج "يجب أن تعمل على ثلاثة محاور بعد هذه المناورات، أولاً تعطيل هذا التحالف ومنعه من النجاح، ثانياً تنسيق إستراتيجياتها، ثالثاً العمل سريعاً لجعل الدول الأصغر التي تهددها روسيا والصين وإيران أقل اعتماداً على الحماية الخارجية".
وختمت: "وإلا فإن هناك سيناريو كارثياً هو أن هذه الدول الثلاث ستحتجز معظم العالم وإمداداته النفطية رهينةً".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...