أحياناً تبدو لنا الأماكن وكأنها قطعة من الجنة، وكأن خوض تجربتها هو كلّ ما نحتاجه لرفع مستوى الأدرنالين بأجسادنا، ولكن ماذا لو كانت تلك الأماكن ليست على حقيقتها التي تبدو لنا، ماذا لو كان الجمال الساحر مُميتاً؟! ماذا لو كانت المناظر الخلابة سامة، أو الأماكن الهادئة يكسر هدوءها الذعرُ المُفاجئ؟
هذا ما نتناوله في تقرير عن أخطر 10 أماكن سياحية حول العالم كلاً منها له خطورته الخاصة التي جعلت منه مكاناً غير آمن، مهما كان بديعاً أو مُبهراً، ففي كلّ الأحوال ماذا يفيدني إذا التهمني تمساح بين شواطئ ساحرة، أو لدغني ثعبان وسط غابات تملؤها الأشجارالمُثمرة؟
1. شاطىء نيو سميرنا New Smyrna
يبدو ظاهرياً أنه من الشواطئ الجميلة التي ينتابكم فضولُ زيارتها بمجرد رؤية مياهها الزرقاء، وسمائها الصافية، ولكن تخيلوا حالة هلع فجائية تعكر ذاك الصفو، وتهدّد أمن الجالسين بهجمات أسماكِ القرش المفترسة!
وهذا ما يحدث تحديداً في هذا الشاطئ بمقاطعة فولوسيا بولاية فلوريدا الأمريكية الذي يعدّ من أخطر شواطئ العالم تهديداً لأمان المصطافين، بفعل عدد أسماك القرش التي تفضل تلك البقعة تحديداً لتهاجم ما بها من بشر.
2. صخرة لسان القزم Trolltunga
في كثير من الأحيان تكون الخطورةُ مصدرَ الجذب الأساسي للأماكن، فيذهب لها عدد من الشباب المغامرين من جميع أنحاء العالم، فقط من أجل أن يفوزوا بتجربة متعتُها في اختلافها. فهذه صخرة في النرويج بمدينة أوددا، سُمّيت بلسان القزم، وأخذت هذا الاسم نظراً لشكلها الأشبه للّسان. ورغم سحر طبيعة موقعِها، إلا أنها تعتبر من أخطر الأماكن السياحية في العالم لارتفاع صخرتها التي تنطلق في الهواء، فهي لم تكن ملائمة أبداً لأصحاب القلوب الضعيفة.
ايضاً تكمن صعوبتها في استغراقها حوالي 12 ساعة لرحلة الصعود، ومن ثمّ 12 مثلها للهبوط، فلن يقدر الكثير على خوض تلك التجربة التي تتجاوز ارتفاعاً يصل لـ900 متر (2950 قدماً) . إلا أن المغامرين يستغلونها في فرصة "كامبينغ"، وكأنها عزلة عن العالم، يستمتعون من حولهم بمساحات الجبال الخضراء والمياه الزرقاء، والثلج الأبيض المُتساقط من أعلى السماء؛ فأصبحت جذابة جدّاً للمغامرين، خاصة للمصوّرين، شغفاً بتوثيق ذلك الجمال، ولكن لا يقلّل جمالها من خطورة زيارتها.
3. وادي الموت في كاليفورنيا
أما هذا فهو عكس تماماً لسابقه، فتنتقلون هنا من برودة الثلوج لحرارة الصحراء، ولكنها ليست صحراء منطقية في درجاتها، إذ تُعتبر أكثر الأماكن ارتفاعاً في درجة الحرارة بالعالم؛ فعلى سبيل المثال وصلت في بعض الأعوام في الصيف إلى 120 درجة فهرنهايت/49 درجة مئوية.
والأخطر في وادي الموت الواقع في الجزء الشرقي لولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، والممتدة أجزاء منه إلى ولاية نيفادا، هو أنه لا يستطيع الشخصُ البقاءَ على قيد الحياة في داخله يوماً كاملاً، فأكثر ما يمكن تحمله 14 ساعة فقط، ثمّ يلقي حتفه، ومن قبلها يشعر بالدّوار والإرهاق الشديد.
فتثقل عليكم الحركة بداخلة لأسباب متعددة منها أن نقطة مركز الوادي تصل لحوالي 86 مترًا تحت سطح البحر، فترون قاعَها تملؤها الأملاح.
4. مملكة الفيل بدون فيلة... تايلاند
في الواقع لا دخل ابداً للاسم بالحقيقة الفعلية للمكان، فلا تتوقعوا أن الأفيال سترحب بكم على الجانبين، إلا أن هذا المكان يخلو من الفيلة، ولكن يحل محلَّها التماسيح، ما جعلها ُتمثل خطراً كبيراً على زوارها؛ فالبعض يهيب حتى الاقتراب منها، ومن يستطيع السيطرة على تمساح واحدٍ حتى ينجذب لمئات منه؟!
يقع هذا المنتزه في مملكة الفيل بمدينة تشونبوري التايلاندية، ومع أن السفر إليه فكرة مثيرة إلا أن خطورتها لا تتهاون، خاصة أنه هناك فقرة لإطعام التماسيح في وسط البحيرة، وأنتم داخل أسوار حديدية تصل لوسط أجسادكم، فتمدّون لها اللّحومَ من خلال عصا خشبية تبلغ سنتيمترات، بينما يصل طول التمساح الواحد إلى 3 أمتار، إذاً لن تجدوها مباراة عادلة مطلقاً، خاصة مع زيادة أعداد التماسيح.
وقد تمّ إيقاف المنتزه مدة 90 يوماً بعد انتشار صور بيّنت مدى خطورة تلك الفقرة تحديداً، حتى ولو كانت مثيرة لبعض الأشخاص.
5. أخطر قمّة جبلية بالعالم في واشنطن
وتقع خطورة هذا المكان في رياحه التي لا تتهاون مع زائريها، فعلى قمة جبل واشنطن بالولايات المتحدة تشاهدون العلامات الصفراء طوال مدة تسلّقكم للجبل، والتي تشير إلى خطورة المناخ. فمنهم من مات بسبب شدة البرد، وآخرون بسبب العواصف التي قد يهوى البعض من فوق القمة لشدتها؛ فمثلا سُجّل بأحد السنوات انخفاضاً لدرجة الحرارة وصل إلى 43.9 تحت الصفر.
وكانت قد وصلت سرعة الرياح عام 1996 إلى 231 ميلاً في ساعة، بما يعادل 376 كيلومتراً خلال الساعة، فاحتفظتْ بالرّقم القياسي لسرعة الرياح آنذاك.
ثمة مسافرون لا يخضعون لتلك القوانين، بل ما يحرّكهم هو شغف التجربة فقط، لذا تستمرّ الرّحلات إلى قمة جبل واشنطن حتى الآن، بينما يصل عدد زياراته إلى 280 سائح سنوياً رغم خطورته المناخية.
6. جزيرة الأفاعي، أخطر جزيرة بالعالم في البرازيل
بعد الرّياح والتماسيح تجد الثعابينُ هنا النصيبَ الأكبر في قائمة المحظورات، فتُعدّ جزيرة الأفاعي في البرازيل من أخطر الأماكن حول العالم.
يبهركم في هذه الجزيرة مشهدُ الأشجار التي ترفرف أوراقها ويكسوها الهدوء من جميع الاتجاهات، ولكن لا تأمنوا شرَّ الهادئين، وتساءلوا عمّا تحتضنه تلك الأشجار البريئة.
وتسمّى هذه الجزيرة بجزيرة "إيلا دي كيمادا غراندي"، ولكن قد أطلق عليها "جزيرة الأفاعي" لكثرة ثعابينها السامّة التي تلدغ بلا تهاون، وقد وصل عددها إلى 4000 ثعبان، ولا يستطيع شخصٌ الذهاب إليها دون تصريح خاص من الحكومة البرازيلية، والسّماح بالزيارة مع إرسال خبير للتوجيه.
7. بحيرة الدماء في تنزانيا... بحيرة ناترون
أما هنا فالخطورة مختلفة تماماً؛ ليست هنا تماسيح أو ثعابين أو حتى درجة حرارة تهدّدكم، غير أن الصعوبة في هذه البحيرة تكمن في أبسط الأمور: التنفس!
سُمّيت هذه البحيرة ببحيرة الدماء أو البحيرة الحمراء، أو كما فضّل البعض تلقيبها، بحيرة الطيور المتحجرة، وتُسمّى "ناترون" في تنزانيا. يملؤها الملح القلوي بغزارة مع ارتفاع في تركيز غاز كبريتيد الهيدروجين الذي يسبّب الوفاة بمجرّد استنشاقه، وبالطبع امتنع الناسُ عن زيارتها أبداً. فضلاً عن خليط من بيكربونات وكربونات الصوديوم مع نسبة من كبريتات وكلورويد الصوديوم، وأيضاً تبخر المياه بدرجة 60 مئوية، فتجدون ارتفاع مياهها لا يتجاوز ثلاثة أمتار.
سُمّيت هذه البحيرة ببحيرة الدماء أو البحيرة الحمراء، أو كما فضّل البعض تلقيبها، بحيرة الطيور المتحجرة، وتُسمّى "ناترون" في تنزانيا. يملؤها الملح القلوي بغزارة مع ارتفاع في تركيز غاز كبريتيد الهيدروجين الذي يسبّب الوفاة بمجرّد استنشاقه، وبالطبع امتنع الناسُ عن زيارتها أبداً
الكائن الوحيد الذي استطاع التعايش مع تلك الغازات كان طائر الفلامينغو النادر؛ فحينما يتدفق البركان يختبئ هذا الطائر في خنادق يتخذها كحماية له. وبطبيعة قلويتها الشديدة ودرجة الحرارة المرتفعة، فلا يتكيف معها أيضاً ألا نوعان من الأسماك، تتعايش بالقرب من الينابيع الساخنة.
الأخطر في وادي الموت الواقع في الجزء الشرقي لولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، والممتدة أجزاء منه إلى ولاية نيفادا، هو أنه لا يستطيع الشخصُ البقاءَ على قيد الحياة في داخله يوماً كاملاً، فأكثر ما يمكن تحمله 14 ساعة فقط، ثمّ يلقي حتفه
أما لونها الأحمر فسببه أن المُلوحة تجذب نوعاً خاصاً من البكتريا ذاتية التغذية وذات أصباغ حمراء، تكسو لون البحيرة، وأيضاً أنواع من طيور الفلامينغو الحمراء؛ فلُقّبت ببحيرة الدماء لتصبّغ كلّ ما بها بالأحمر.
ولكن لماذا سميت ببحيرة الطيور المتحجرة؟ لأن الغازات المنبعثة والقاعدية الشديدة للبحيرة تؤثر على عيون وجلود الطيور التي تقترب منها فتحرقها، ومن ثمّ يسقط الطائر بداخل البحيرة، فيتمّ كساء جسده بمادة بيكربونات الصوديوم والتي تحفظه كما هو فيبقى على حالته المتحجرة، ومن هنا أخذت هذا الاسم هو الآخر. لذا لا تتخيلوا أبداً زيارة آمنة لتلك البحيرة!
8. طريق يونغاس Yungas
يُعدّ طريق يونغاس الواقع في دولة بوليفيا من أخطر طرق العالم، فيطلق عليه البعض "طريق الموت"؛ يرتفع هذا الطريق عن الأرض بحوالي 15 ألف قدم. واتّساعه قليل جدّاً لا يتجاوز الـ12 قدماً. فتخيلوا الفرق! إنه لا يتّسع إلا لسيارة واحدة فقط.
يصل الطريق بين لوس انجلوس و كورويكو، لكنه يحمل علامات الصليب بأماكن انخفاض ضحايا السيارات. ويمرّ بين غابات الأمازون دون أسوار تحيطه، وهنا تكمن الخطورة، وتزداد مع كثافة الأمطار والضباب المستمرّ على هذا الطريق. والتي تسببت في حوادث موتى وصل عددهم لحوالي 200 إلى 300 شخص سنوياً، خاصة للسائقين. لدرجة إشارة بنك التنمية للبلدان الأمريكية بأنه الطريق الأكثر خطورة في العالم لعام 1995.
ورغم هذه الخطورة إلا أن البعض اتخذه كطريق مثير لركوب الدراجات، واعتبروه مغامرة شيقة، ولكنه يُفقد منهم 18 شخص سنوياً على أقل تقدير.
9. قرية تينوبو Teanupoo
لمن ينجذبون لرياضة ركوب الأمواج، هناك شواطئ خطرة، وأخطرها هو الشاطئ الواقع في جزيرة تاهيتي، إحدى الجزر التابعة للدولة الفرنسية، لارتفاع أمواجه الذي تجاوز ارتفاع الموجة الواحدة بداخله ال 21 قدماً، فضلاً عن اقتراب الشعاب المرجانية من سطح البحر، ما يجعل الخطورة تزداد.
10. بحيرة القناديل الذهبية
رغم أنها تبدو مسالمة جدّاً، ومثيرةٌ فيها فكرة الغوص بجوار القناديل الذهبية والقمرية، ولكن ماذا لو جذبكم شغفكم لأكثر من ذلك؟!
في الواقع القناديل بتلك البحيرة سالمة جداًو غير مؤذية، لكن الخطورة كلها تكمن في أن المياه تتكون من طبقتين لا تختلطان أبداً. فيمكنكم الغوص بالطبقة العلوية فقط لنسبة أكسجينها الطبيعية التي تسمح لكم بذلك. ولكن كل التحذير من الطبقة السفلية التي تبعد عن 15 متراً، فتنخفض بها نسبة الأكسجين إلى درجة كبيرة، ومياهها تصبح مشبعة بكبريتيد الهيدروجين، والأمونيا، والفوسفات، مما يتسسب في وفاة بعض الأشخاص ممن تعدوا الحدّ المسموح للغطس سواء لصعوبة التنفس أو انتقال التسمّم عبر الجلد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...