شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"إنستا-منافقون" يتلقّون "مبلغاً من 6 أو 8 أرقام" لتلميع صورة السعودية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 23 ديسمبر 201902:32 م

"هل وَجدتَ جثة جمال خاشقجي هناك؟"

"الجانب المعتم من عالم الفاعلين في مواقع التواصل -"الإنفلونسرز"- هو أنه يجسّد الرأسمالية. المال مقابل حياة الإنسان". 

"كان من الأجدر أن يعترضوا هناك على اعتقال نساء مثل لجين الهذلول التي ارتكبت 'جرماً'... هو المطالبة بحق المرأة في القيادة في السعودية".

هذا بعض ما قيل لعدد كبير من الشخصيات العامة الغربية التي ذهبت إلى العاصمة السعودية الرياض لحضور فعاليات مهرجان MDL Beast الموسيقي "الأكبر" في المنطقة بين 19 و21 ديسمبر/كانون الأول، مقابل حصولها على أموال هائلة لـ"تلميع صورة السعودية". 

من تلك الشخصيات، لاعبو دي جي (منهم الأمريكي ستيف أوكي والفرنسي ديفيد جيتا) وممثلون (منهم الأمريكي أرمي هامر والبريطاني إد ويستويك) وعارضات أزياء (منهن الكندية ويني هارلو والبورتوريكية جون سمولز والبرازيلية أليساندرا أمبروسيو).



وكانت مدوّنة Diet Prada على انستغرام التي يتابعها نحو 1.6 مليون شخص قد نوّهت بأن ظهور الشخصيات العامة الغربية في المهرجان "مدفوع الثمن". وقالت إن "المحتوى الذي يُنشر على حسابات 'المؤثرين' هو جزء من حملة السعودية لتلميع صورتها". 

وأشارت نقلاً عن مصدر لم تكشف هويته أن هذه الشخصيات تلقت "مبلغاً يتألف من 6 أرقام" (أي 100 ألف دولار على الأقل) لحضور الفعالية وذِكر "الموقع الجغرافي" (الرياض، السعودية) حين نشر المحتوى المصور على مواقع التواصل.

في سياق متصل، كشفت عارضة الأزياء الأمريكية العابرة جنسياً تيدي كوينليفان أن عارضة الأزياء الأمريكية إميلي راتاجكوسكي رفضت دعوة السعودية لـ"معرفتها بتدهور حقوق الإنسان هناك". 

قالت راتاجكوسكي: "من المهم جداً أن أوضح أنني أدعم حقوق المرأة ومجتمع الميم وحرية التعبير والصحافة. أتمنى أن يتم تسليط الضوء أكثر على الظلم الحاصل هناك".

ولم تكشف راتاجكوسكي عن رفضها الدعوة حتى كتبت كوينليفان عبر الإنستغرام ستوري أن "ليس كل المال هو مال جيّد".

وشنّت كوينليفان حملة على المشاركين في تلميع النظام السعودي المنتهك حقوق الإنسان برغم أن بعض المشاركين "أصدقاؤها" حسب قولها. ولفتت إلى أنها في المقابل هوجمت هجوماً عنيفاً من قِبل الذباب الإلكتروني السعودي الذي وصفها بـ"العاهرة". ورداً على هذا نشرت صورة عارية لها وعلقت ساخرة: "يبدو أنهم اعتقدوا بأن هذه إهانة لي…".

"مبلغ من 8 أرقام"

في الإطار نفسه، نقل الصحافي الأمريكي ياشار علي أن "فنانةً شهيرةً" كشفت له أنه عُرض عليها هي وزوجها مبلغاً من 8 أرقام (أي 10 ملايين دولار أمريكي على الأقل) لحضور المهرجان، ولكنهما رفضا. وذكر في تغريدته مرّتين: "مبلغ يتألف من 8 أرقام"، معرباً عن ذهوله من الرقم. 

"فنانة شهيرة كشفت لي أنه عُرض عليها هي وزوجها مبلغاً من 8 أرقام (أي 10 ملايين دولار أمريكي على الأقل)".... حينما "تضعف" الشخصيات العامة أمام أموال السعودية وتتخلى عن "الحقوق" التي تزعم أنها مدافعة عنها
كارين عطية، محررة مقالات الراحل جمال خاشقجي في الواشنطن بوست، تصف الذين يشاركون في تلميع صورة السعودية، وفي الوقت ذاته يدّعون أنهم مناصرون لحقوق الإنسان بـ "Insta-hypocrites" (إنستا-منافقون)

تناقض؟

يبدو أن للمال سحراً على أصحابه. ففي 12 نوفمبر/تشرين الثاني، شاركت كارين عطية، محررة مقالات الصحافي الراحل جمال خاشقجي في الواشنطن بوست، في فعالية أقامتها مجلة Glamour الأمريكية، تحدثت فيها عن الصحافة وعن جريمة اغتيال خاشقجي. وقالت عطية آنذاك: "لم يكن مقتل خاشقجي مجرد اعتداء على الصحافة بل اعتداء على كل من يؤمن بحرية التعبير". 

وبعد نحو عام (أي الآن)، فوجئت عطية أن مجلة Glamour قبلت أيضاً عرض السعودية وقامت بتغطية المهرجان إعلامياً من خلال "تعاون مدفوع الثمن". وعلّقت على هذا: "ليس لدي ما أقوله حقاً. إنها أشبه بصفعة على الوجه".

وأضافت في سلسلة تغريدات أن "الجانب المعتم من عالم المؤثرين في مواقع التواصل -"الإنفلونسرز"- هو أنه يجسّد الرأسمالية. المال مقابل حياة الإنسان"، متسائلة عن قيمة ما تفعله كل هذه الحسابات إذا كانت تتلقى أموالاً وهي متجاهلة جريمة قتل خاشقجي واعتقال عشرات الحقوقيين وتعذيبهم. 

وأطلقت عطية مصطلح "Insta-hypocrites" (إنستا-منافقون) على الذين يشاركون في تلميع صورة السعودية، وفي الوقت ذاته يدّعون أنهم مناصرون لحقوق الإنسان. 

وكان لعلياء الهذلول، شقيقة الناشطة لجين الهذلول المعتقلة منذ مايو/أيار 2018 والتي تعرضت للتعذيب، تعليق على الأمر، فقالت في تغريدة: "بالطبع أريد لبلدي الانفتاح، وبالطبع أريد السماح بالفن والرياضة، لكن للأسف هذه الإصلاحات غير مؤسسية وتعتبر بريقاً لإخفاء انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، من ضمنها الاعتقال التعسفي لشقيقتي وتعذيبها". 

أموال السعودية والفنّ

لا تعدّ هذه المرة الأولى التي تستقبل السعودية نجوماً عالميين لتلميع صورتها خاصةً بعد اغتيال خاشقجي. ولكنّ الرافضين قد يعدون على أصابع اليد الواحدة من بينهم الفنانة العالمية نيكي ميناج التي أعلنت في يوليو/تموز الماضي إلغاء حفلتها في مهرجان جدة العالمي، مبررة ذلك "بدعمها حقوق المرأة والمثليين وحرية التعبير".

وقالت ميناج في بيان آنذاك: "لم أكن أريد شيئاً أكثر من تقديم العرض أمام جمهوري في السعودية، ولكن بعد التفكير العميق، أعتقد أنه من المهم أن أوضح دعمي حقوق النساء ومجتمع المثليين وحرية التعبير".

والانتقادات التي وُجهت إلى الفاعلين في مواقع التواصل في الغرب لا تختلف كثيراً عن الانتقادات التي شملت الفنانين العرب، منهم ماجدة الرومي التي أحيت حفلة ضمن مهرجان "شتاء طنطورة" في محافظة العلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة بعد شهرين من مقتل خاشقجي. ورافق الرومي آنذاك وفد من الفنانين والإعلاميين اللبنانيين منهم نجوى كرم ووليد توفيق وراغب علامة ونيشان وريما مكتبي.

وكان الهدف من الزيارة الاستعانة بوجوه لبنانية في مجالات الفن والإعلام للترويج لمدائن صالح، الموقع الأثري في محافظة العلا.

بعد ذلك أحيا نجوم حفلات غنائية عدة على مسارح سعودية، أشهرها مسارح موسم الرياض التي استقبلت عدداً كبيراً من الفنانين العرب والعالميين. 

ولم يقتصر الأمر في الكثير من الأحيان على المشاركة فحسب، بل تعداه إلى مدح "جهود" بن سلمان المتعلقة بالانفتاح الحاصل في السعودية و"محاربته الفساد". فلراغب علامة كلمة قد لا ينساها جمهوره: "لبنان يشهد ثورة شبان وشابات ضد الفساد. اللبنانيون كانوا يتمنون وجود شخص مثل الأمير محمد بن سلمان ليكافح الفساد، لكن الشبان في لبنان يقومون الآن بهذا الدور".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard