"هل قامت السعودية بالقليل من البحث قبل اختيارها نيكي ميناج للمشاركة في مهرجان سيُقام في جدة؟"، سؤالٌ طرحه العديد من روّاد التواصل لعدم توافق نهج ميناج (من حيث كلمات أغانيها الإباحية ولباسها الفاضح ورقصاتها ذات الإيحاءات الجنسية) مع السعودية التي دعتها للغناء في جدة، قبل أن تعلن ميناج في 9 يوليو إلغاء حفلتها مبررة ذلك "بدعمها حقوق المرأة والمثليين وحرية التعبير".
وقالت ميناج التي اشتهرت بحركة هز المؤخرة على المسارح، والتي استهجن العديد خبر مشاركتها في السعودية، في بيان إنها "بعد تفكير عميق، قررت عدم المضي قدماً في حفلتها التي كان من المقرر إقامتها في مهرجان جدة العالمي (في 18 يوليو الجاري في ملعب الجوهرة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في جدة)".
وتابعت: "لم أكن أريد شيئاً أكثر من تقديم عرضي أمام جمهوري في السعودية، ولكن بعد التعمق في البحث، أعتقد أنه من المهم بالنسبة لي أن أوضح دعمي لحقوق النساء ومجتمع المثليين وحرية التعبير".
نيكي ميناج لن تغني في السعودية مبررة تراجعها عن الغناء في جدة بدعم حقوق المرأة والمثليين. كيف حولت السعودية ميناج إلى ناشطة حقوقية بعد أن كانت أيقونة الغناء الإباحي؟
قرار ملهم ومدروس
وطالبت مؤسسة حقوق الإنسان، ومقرها نيويورك، الأسبوع الماضي، في خطاب مفتوح إلى ميناج وبقية مشاركي المهرجان، من بينهم الدي جاي الأمريكي ستيف أوكي، ومغني فرقة وان دايركشن السابق البريطاني ليام باين، بعدم المشاركة في مهرجان جدة ورفض "أموال النظام السعودي" واستخدام تأثيرها للمطالبة بإطلاق سراح الناشطات المعتقلات في المملكة.
ورحّبت المؤسسة في 9 يوليو يإعلان ميناج إذ أشاد مديرها التنفيذي ثور هالفورسن بقرارها واصفاً إياه بالقرار "الملهم والمدروس برفض محاولة النظام السعودي الواضحة لاستغلالها ضمن حملة علاقات عامة"، متمنياً أن يلغي باين عرضه أيضاً.
وأضاف أن ميناج تختلف عمّن سبقوها في الغناء في السعودية من بينهم إنريكي إغليسياس، وياني، وديفيد غيتا وماريا كاري التي لم تنسحب رغم دعوات منظمات حقوقية لها بالعدول عن غناء نظراً للانتهاكات التي تمارسها السلطات السعودية في موضوع حقوق المرأة.
وقال هالفورسن إن كاري، بعكس ميناج، "اختارت أن تضع في جيبها ملايين الدولارات ومساندة الحكومات الديكتاتورية بدلاً من المجتمعات المضطهدة ونشطاء حقوق الإنسان الذين يقبعون في السجون".
وقال مسؤولون سعوديون الأسبوع الماضي إن مهرجان جدة العالمي سيكون أكبر حدث موسيقي حي في المنطقة.
"السعودية تلغي الحفل"
في سياق متصل، قالت صحيفة سبق السعودية في 10 يوليو إنها "علمت بصدور توجيهات صباح 9 يوليو، تقضي بإلغاء الحفل الذي كان مقرراً أن تقيمه نيكي ميناج، وذلك إثر مخالفتها طبيعة الحفلات الغنائية التي تقام في السعودية".
وتضمنت التوجيهات مراجعة "المعايير التي على ضوئها كان سيتم استضافة ميناج في ظل عدم ملاءمة ظهورها لطبيعة الفعاليات الغنائية التي تستضيفها مدن البلاد، المحكومة بضوابط محددة ونظامية، لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال".
وأثار خبر سبق (الذي نقلت صحيفة عكاظ خبراً شبيهاً له) موجة من السخرية بين روّاد التواصل الذين صححوا لسبق بدورهم "ميناج هي التي انسحبت من المهرجان"، فيما غرّدت حسابات سعودية بعد منتصف الليل: "عاجل… صدور توجيهات تقضي بإلغاء حفل ميناج". وليس جديداً أن يتداول الذباب الإلكتروني السعودي معلومات مغلوطة للتأثير على الرأي العام.
لنستغل منصة الفنانين
وتعليقاً على انسحاب ميناج، قالت الناشطة الحقوقية النسوية منى الطحاوي في سلسلة تغريدات: "من الجيّد أن نرى فنانة تقول 'غيرت رأيي بعد التعمق في البحث'، إذ تسلّط بذلك الضوء على انتهاكات السعودية".
وأضافت: "قد يتساءل البعض كيف قبلت دعوة السعودية من الأساس، ولكن لنعطي مساحة للفنانين ليسمعوا ويبحثوا ويغيروا رأيهم، ومن ثم نستخدم منصتهم الهائلة (20.4 مليون متابع على تويتر و103 ملايين متابع على انستغرام لميناج) لنلفت الانتباه إلى الانتهاكات التي نريد تسليط الضوء عليها".
وأشارت إلى أن ماري كاري على سبيل المثال لم تنسحب من المشاركة رغم دعوات منظمات حقوقية لها بالعدول عن الغناء، ولذلك "فلنقدّر هؤلاء الذين يغيرون رأيهم، ونحتفل بهم".
وقالت الطحاوي إن اللافت هو انسحاب ميناج دعماً لحقوق المثليين والمرأة بعد أيام قليلة من تسلم أول سفيرة في تاريخ المملكة الأميرة ريما بنت بندر رسمياً مهمات عملها سفيرةً للسعودية في واشنطن، في محاولة من السعودية لصرف الانتباه عن سجل التمييز العنصري بين الجنسين.
وأنهت الطحاوي سلسلة التغريدات مستذكرة الحقوقيات السعوديات المدافعات عن حقوق المرأة واللواتي يقبعن خلف القضبان، قائلة: "لنتذكر المدافعات عن حقوق المرأة البطلات. من المفترض الاحتفال بإنجازاتهنّ بدلاً من تعذيبهن في السجون وتعريضهن للجلد وللصعق بالصدمات الكهربائية والإيهام بالغرق والاعتداء الجنسي".
وفي الإطار ذاته، قال الكاتب الصحافي وائل قنديل تعليقاً على انسحاب ميناج: "نيكي ميناج التي رفضت الغناء في السعودية، اعتراضاً على انتهاكات حقوق الإنسان، قد تكون عارية الملبس، لكنها أكثر احتراماً ووقاراً من عراة الضمير والموقف".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...