شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"كانا يتنكران ليدخلا بيوت الضحايا"... جرائم عالقة في ذاكرة الأردنيين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 23 ديسمبر 201901:47 م

"بعد أن رفضت الدنيا حلمنا بالزواج، قررنا الانتقال إلى السماء عساها تنصف عشقنا!"، بهذه العبارة وضع كل من عقلة ورغد نهاية للمسلسل التراجيدي الذي جسّدت عائلتاهما شخصيات الأشرار فيه، حين حاربتا قصة عشق بين شاب بدوي يُدعى "عقلة" وفتاة تُدعى "رغد".

وتعود قصة عقلة ورغد، وفق ما يرويها الصحافي الأردني، موفق كمال، المتخصص في صحافة الجرائم منذ 26 عاماً، خلال حديث لرصيف22، إلى أن الشاب عقلة، وهو ابن إحدى القبائل البدوية الأردنية، كان يحب فتاة تدعى رغد تقطن مع عائلتها في إحدى المخيمات الفلسطينية في الأردن، وكان عقلة ينظم لرغد القوافي في أجمل الأشعار البدوية من تأليفه وألحان نبضات قلبه التي كانت تعشق تلك الصبية.

مع الوقت، اختار عقلة أن يتوّج قصة غرامه مع رغد، التي كانت تبادله الشعور، وقرر أن يتقدّم لخطبتها، وما إن طرح الفكرة على والده حتى تم إحباطه بجملة: "إحنا ما مناسب فلسطينية".

وكما يضيف الصحافي كمال الذي يسرد القصة، لم يكترث عقلة للصد الأبوي، وذهب "حاله باله" لوحده وبكل ثقة إلى عائلة حبيبته رغدة وطلب يدها من أبيها، الذي سرعان ما أكمل قافية والد عقلة، قائلاً: "إحنا ما بنعطي أردنية".

ويستكمل كمال: "حكاله هيك وكحشه من الدار"، ويهز برأسه وهو يتحدث وينفث بالسجائر، ثم يأخذ نفساً متقطعاً وهو ينظر إلى سيجارته ويحركها بشكل دائري على المنفضة: "طبعاً إجا عريس الغفلة من دولة خليجية"، ذلك أنه في خضم الآلام التي كان يعيشها كل من عقلة ورغد بسبب رفض عائلتيهما لزواجهما، جاء عريس من دولة خليجية "مثل القدر المستعجل"، وطلب يد معشوقة عقلة، وبالطبع قوبل بالإيجاب والترحيب من أهلها، دون أخذ رأيها!

وعلى ضوء ذلك اتفق عقلة ورغدة على الانتحار سوية، حيث ذهبا إلى مزرعة جد عقلة في إحدى محافظات المملكة، ودخلا إلى غرفة متهالكة، وقام عقلة بإطلاق ثلاث رصاصات على رأس رغدة وكانت الرابعة من نصيبه، مخلفين وراءهما رسالة: "بعد أن رفضت الدنيا حلمنا بالزواج، قررنا الانتقال إلى السماء، عساها تنصف عشقنا!".

جريمة انتحار العاشقين عقلة ورغد، والتي حدثت في العام 1996، من أكثر الجرائم حضوراً في ذهن الصحافي كمال، حيث من خبرته في الكتابة عن الجرائم في الأردن، قال إن الجرائم التي تعلق في الأذهان هي التي يكون فيها القاتل قد أمعن في أدوات وطريقة الجريمة، كذلك الجرائم التي تُسجل ضد مجهول.

جرائم "أبو شاكوش"

مثل تلك الجريمة بحسب ما يرويه، هنالك جريمة أخرى حدثت في العام 1996 في منطقة جبل الحسين في عمان، عندما قام شخص بقتل عائلة عراقية كاملة من سبعة أفراد وحتى اليوم لم تعرف هوية القاتل.

من الواضح أن هذه الجريمة ما تزال عالقة في ذهن الصحافي كمال حد الاستفزاز الذي تلمسه وهو يتحدث عنها ويهز بقدمه ويأكل أظافر يده بغيظ، غيظ الصحافي الفضولي الذي لا يرتاح لمعلومات منقوصة، كتلك الجريمة.

أما "أبو شاكوش" والذي يضحك كمال فور سماع اللقب، لأنه يعيده بذاكرته إلى سلسلة جرائم حدثت قبل 27 عاماً، ارتُكبت من أكثر من شخص، لكن الأداة واحدة وهي الشاكوش، حيث كانت الجرائم متخصصة بسلب محلات تجارية وصيدليات، حتى أن إحدى الجرائم حصلت في خمارة.

ويقول كمال: "كان مرتكب جرائم أبو شاكوش، يدخل إلى إحدى المحلات ويطلب من البائع غرضاً ما، وهو يقف خلف الكاش، وعندما كان يلتفت إليه وجهه، يباغته بضربة شاكوش قاتلة أسفل العنق"، هذه الجرائم لم تسبب رعباً فقط في المجتمع الأردني تلك الفترة، بل كانت كفيلة أيضاً باستقالة مدير الأمن العام آنذاك، وفق ما يقوله كمال.

وبما يتعلّق بجرائم "أبو شاكوش"، فقد تم إعادة فتح الملفّات في عام 2017، حيث أتت إجراءات النيابة هذه لغايات "قطع مدد التقادم على هذه القضايا فيما لو ظهر لاحقاً أية أدلة قد تعود لمعرفة الفاعل"، وبالأساس يعود فتح الملفّات إلى جريمتين وقعت أحدهما عام 1992 والثانية عام 1993، والتصق بهما اسم "أبو شاكوش" لتشابه الأسلوب الإجرامي للقتل.

جرائم من التسعينيات

ومن الجرائم العالقة في ذهن الصحافي كمال، وهو يعود بذاكرته إلى أيام صحافة الأسبوعيات في التسعينيات خلال حديثنا، هي جريمة حدثت في منطقة الصفاوي في البادية الشمالية، عندما تحالفت سيدة مع جارتها المنحازة إليها ظالمة أو مظلومة، وقامتا بقتل زوج السيدة وتقطيعه إرباً ووضعه في طنجرة وطبخه.

كذلك جريمة اقترفتها فتاة تعمل في أحد المصانع، كانت على علاقة حب مع عامل في المصنع، وعندما غدرها وطعن حبهما وقام بخطبة فتاة أخرى، قامت فتاة المصنع بخطف شقيقه وشقيقته، وكانا صغيرين في السن وأغرقتهما في سد الملك طلال.

أما جريمة "أم العقارب" فيرويها الصحافي، أحمد كريشان، الملقب بمؤسس صحافة الجرائم في الأردن، في حديث لرصيف22 جاء فيه، أن سيدة متزوجة كانت تسكن في منطقة جبل الحسين في عمّان، ربطتها علاقة حب بمحامٍ.

وتطورت العلاقة واتفقت مع المحامي على التخلص من زوجها، وتم الاتفاق على إحضار مجموعة من العقارب ووضعها في فراش الزوج أثناء نومه، وفعلاً تمكن المحامي من إحضار العقارب، وأعطاها للزوجة التي استغلت نوم زوجها ووضعت العقارب في فراشه، وكانت هذه من أسوأ الجرائم في تلك الفترة، وتم القبض على الزوجة التي اعترفت بعلاقتها بالمحامي وبكل التفاصيل.

وضمن "ثريد" نشره خبير في علم النفس، رشيد دحاربة، حول اضطراب الشخصية السايكوباثية، ذكر جريمة من وحي الذاكرة الأردنية، وهي عن بلال موسى وزوجته سوزان إبراهيم، اللذين ارتكبا 13 جريمة قتل ما بين الأعوام 1994 و1998، في مختلف محافظات المملكة، حيث كانا يتنكران بشخصية صحافيين أو موظفي مبيعات، حتى يستطيعا الدخول إلى بيوت الضحايا.

وهو ما أكد صحته الصحافي موفق كمال، الذي زاد عليه أيضاً أنه حكم على الزوج بالإعدام وعلى الزوجة بالمؤبد، وبعد تنفيذ حكم الإعدام بحق زوجها، أصيبت بالجلطة وتوفيت في السجن.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard