فيما يتذمر عراقيون من تعثر خطوات تشكيل حكومة جديدة، دعت المرجعية الشيعية العليا في البلاد إلى انتخابات مبكرة باعتبارها السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة في البلاد.
ويعول عراقيون كثر على أن تسهم "توجيهات" المرجعية هذه المرة في الإسراع في تشكيل حكومة توافق هوى الشارع المحتقن وتبدأ "إصلاحات جدية" بعد تظاهرات شبه يومية راح ضحيتها أكثر من 500 قتيل ونحو 20 ألف جريح.
وكان متظاهرون عراقيون مرابطون في ساحة التحرير بالعاصمة بغداد، قد وضعوا "خارطة طريق" لتحقيق مطالبهم في دولة عادلة تنطلق من إقالة حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، المطلب الذي تحقق قبل أكثر من أسبوعين.
أما الخطوات التالية في هذه الخارطة، فتتمثل في تشكيل حكومة مؤقتة مهمتها الأساسية وضع قانون انتخابات يضمن "النزاهة"، قبل الذهاب إلى انتخابات مبكرة تعقبها تعديلات دستورية يتولاها البرلمان.
ودعا المرجع الشيعي الأعلى في البلاد، علي السيستاني، خلال خطبة الجمعة التي ألقاها ممثله في كربلاء عبد المهدي الكربلائي، في 20 كانون الأول/ديسمبر، إلى انتخابات مبكرة عقب تشريع قانون انتخابات "منصف"، مع تشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات.
واعتبر ذلك "أقرب الطرق وأسلمها للخروج من الأزمة الراهنة وتفادي الذهاب الى المجهول أو الفوضى أو الاقتتال الداخلي"، متمنياً "أن لا يتأخر طويلاً تشكيل الحكومة الجديدة".
وعدّ ناشطون عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوة المرجعية رداً حاسماً على من وصف المطالبة بانتخابات مبكرة بأنها "مشروع أمريكي"، وخاصةً زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي.
وينتظر العراقيون خطبة المرجعية باهتمام لأنها تلعب دوراً مؤثراً في معظم الأحيان في القرارات السياسية.
وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أعلن عبد المهدي اعتزامه تقديم استقالته "طاعةً للمرجعية الشيعية العليا" بعد قليل من خطبة المرجعية التي طلب فيها من "مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة أن يعيد النظر في خياراته في هذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق".
وتأتي الخطبة فيما تعثر تكليف رئيس حكومة جديد في البلاد لعدم قدرة مجلس النواب على تحديد الكتلة البرلمانية الأكثر تمثيلاً فيه لإسناد هذه المهمة إليها، ومخاطبة الرئيس العراقي برهم صالح المحكمة الاتحادية في البلاد لإنجاز هذه المهمة.
وبانتصاف ليل 19 كانون الأول/ديسمبر، انتهت المهلة الدستورية لتسمية رئيس الحكومة الجديد، فمُددت المهلة حتى 22 الشهر الجاري، وفق ما ذكره مصدر في رئاسة الجمهورية العراقية لوكالة فرانس برس.
فيما يرى مواطنون تعثر خطوات تشكيل حكومة عراقية جديدة بسبب معضلة الكتلة الأكبر "إضاعة للوقت واستفزازاً للشعب"، المرجعية الشيعية تدعو إلى انتخابات مبكرة وقانون انتخابي "منصف"
عراقيون يعوّلون على أن تسهم "توجيهات" المرجعية الشيعية في الإسراع في تشكيل حكومة توافق هوى الشارع المحتقن وتبدأ "إصلاحات جدية"
أزمة تحديد الكتلة البرلمانية الأكبر
ولم يستطع رئيس المجلس، محمد الحلبوسي، تحديد الكتلة البرلمانية الأكبر والتي لم تكن واضحة منذ إجراء الانتخابات التشريعية في أيار/مايو من العام الماضي.
ويعدّ تحديد "الكتلة الأكبر" التي تشير إلى الائتلاف الذي يضم أكبر عدد من النواب بعد الانتخابات، ولا تعني بالضرورة القائمة التي حصدت أكثرية المقاعد، أمراً معقداً للغاية.
ولم يتم تجاوز هذه المعضلة عند تسمية عادل عبد المهدي رئيساً للوزراء إلا عبر "توافق سياسي" عقب انتخاب صالح رئيساً مباشرةً.
علماً أن هذا الأمر أكثر صعوبةً الآن في ظل انقسام سياسي غير مسبوق داخل الطبقة السياسية العراقية وفي البرلمان، خصوصاً أن تحديد رئيس الحكومة المرتقبة هذه المرة يتطلب اختيار مرشح يحظى بثقة البرلمان والمتظاهرين على السواء.
أسماء مطروحة وإشكاليات
ومنذ قبول البرلمان استقالة عبد المهدي مطلع الشهر الجاري، جرى تداول أسماء عدة لتشكيل حكومة جديدة، عدّ بعضها طرحاً جدياً فيما اعتبر البعض الآخر مناورات أو من قبيل "جس نبض" الشارع.
وطرح اسم وزير التعليم العالي قصي السهيل الذي كان عضواً سابقاً في تيار الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر، قبل أن ينضم إلى كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، "دولة القانون".
وتحدثت مصادر سياسية لفرانس برس عن رهان الرئيس صالح على طرح اسم رئيس جهاز المخابرات الوطني مصطفى الكاظمي "في اللحظات الأخيرة".
وتبرز هنا إشكالية أن السهيل الذي يقال إنه يوافق هوى الإيرانيين قد يرفضه الشارع المحتقن ضد التدخل الإيراني في شؤون بلاده. ربما أيضاً يكون تولي الكاظمي، المحسوب على واشنطن، أقرب إلى المستحيل ما لم تعقد تسوية مع الإيرانيين.
وليس مؤكداً أيضاً أن يقبله الشارع الذي يشترط أن يتمتع رئيس حكومته الجديدة "بالاستقلالية وعدم الخضوع للضغوط الخارجية".
ويرى فريق كبير من العراقيين أن الحل يكمن في اختيار "شخصية مستقلة وغير جدلية" لرئاسة الوزراء.
وكان تحالف "القوى العراقية" الذي يتزعمه الحلبوسي، قد دعا، الجمعة، إلى تكليف شخصية مستقلة عن الأحزاب الحالية، لافتاً إلى أنه لن يصوت لأي مرشح محسوب على أي حزب، مبيّناً أنه "لن يفرض أسماء بعينها لشغل المنصب".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...