شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"زائفة" و"موجهة للاستهلاك"... هل تغري وعود الرئاسيات المرأة الجزائرية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 11 ديسمبر 201905:20 م

حظيت المرأة الجزائرية بنصيب كبير من الوعود التي أطلقها مرشحو الانتخابات الرئاسية، فجميعهم ركزوا في حملاتهم الدعائية على سبل وآليات كسب صوتها، واستوسلوا الحديث عن تلبية بعض مطالب الجزائريات بحال فوزهم.

وأتى التوظيف السياسي للمرأة في الحملات الانتخابية تحت غطاء اجتماعي، فتعهد المرشح الرئاسي عز الدين ميهوبي، بسن قوانين صارمة للتصدي لكل أشكال العنف ضد المرأة الجزائرية في حال انتخابه رئيساً للبلاد، إضافة إلى رفعه منحة المرأة الماكثة في البيت إلى 200%.

عز الدين ميهوبي

وتعهد المرشح الرئاسي على بن فليس، رئيس حزب طلائع الحريات المعارض، بتخصيص منحة للمرأة الماكثة في البيت "مقابل جهودها في تربية الأسرة"، إضافة إلى "منحها قروضاً وتشجيعها على إنشاء نشاطات اقتصادية وتجارية مصغرة"، كما وعد بـ"إلغاء الفوارق بين الرجل والمرأة التي تمثل نصف المجتمع".

على بن فليس

أما المرشح الرئاسي عبد القادر بن قرينة، المحسوب على التيار الإسلامي في البلاد، فقد تعهد برفع إجازة الأمومة إلى ستة أشهر مدفوعة الأجر بدل الثلاثة كما هو الحال الآن، وقال في تجمع نسوي إن "المرأة في مشروعنا لديها أهمية كبرى لأنها كانت في الريادة خلال الثورة وكانت المضحية خلال العشرية السوداء التي شهدتها الجزائر سنوات التسعينيات"، في إشارة إلى الحرب الدامية التي دارت بين النظام والإسلاميين وأزهقت أرواح عشرات الآلاف.

عبد القادر بن قرينة

بدوره، قال المرشح عبد العزيز بلعيد إنه "لا فرق بين المرأة والرجل" وإن "المرأة أساس المجتمع" ووعد بتخصيص منحة للمرأة الماكثة بالبيت، وبـ"إقحامها في عالم الشغل".

ولم يخرج المرشح الرئاسي عبد المجيد تبون، رئيس الوزراء السابق، عن هذه الموجة، فقد تعهد بتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، وأشار إلى أن "المرأة مواطنة مثلها مثل الرجل ولديها كامل الحقوق، ليست ديكوراً ولن تصبح كذلك"، لافتاً إلى وجوب استغلال النابغات والمثقفات والجامعيات الجزائريات بهدف النهوض بالبلاد، وواعداً بوضع برنامج خاص بالماكثات في البيوت حتى تساهمن في النهوض بالاقتصاد الوطني حتى وهنّ موجودات في منازلهن.

عبد المجيد تبون

المرأة الماكثة في البيت في قلب الحملة

وتخصص الدولة الجزائرية منحة شهرية للمرأة الماكثة في البيت، تُضاف إلى راتب زوجها ولا تستلمها مباشرة، وتقدر بـ500 دينار (نحو 4 دولارات) جزائري للزوجة الماكثة في البيت من دون أطفال و800 دينار (نحو 6.5 دولارات) للزوجة الماكثة في البيت ولديها أطفال بعد أن كانت قبل سنوات 600 دينار (نحو 5 دولارات)، وهي مبالغ ضئيلة جداً لا تلبي حاجات الزوجة.

وتؤكد الناشطة النسوية دليلة حسين لرصيف22 أن المنحة التي تقدمها الدولة الجزائرية للمرأة الماكثة في البيت والتي ليس لها مدخول هي "إهانة لها"، لأنها ضئيلة جداً ولا تكفيها حتى لسد حاجيات يوم واحد.

حقبة بوتفليقة "الوردية"

"أن تُطرح مشاكل المرأة الجزائرية في الحملات الانتخابية أمر عادي في الجزائر، لكن المعيب أن تتحول الوعود إلى سراب"، بحسب ما تقول النائبة في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) فاطمة سعيدي لرصيف22.

فاطمة سعيدي

تعتبر سعيدي أن "المرأة الجزائرية برزت بقوة في حقبة الرئيس الجزائري المخلوع عبد العزيز بوتفليقة"، واصفةً فترة تربعه على عرش قصر "المرادية" في العاصمة الجزائر، بـ"الوردية".

وتقول إن بوتفليقة بادر بمراجعة قوانين مثيرة للجدل تطال المرأة، كقانون الأسرة، سنة 2006، كذلك حظيت المطلقات الحاضنات بامتيازات جديدة، كصندوق النفقة الخاص بالمطلقات الحاضنات للأطفال القصر بسبب عجز أو رفض الوالد الإنفاق على أبنائه.

ولكنها تضيف أن هذه القوانين شهدت تطبيقاً جزئياً، واستناداً إلى تحقيق أجرته بنفسها، فمن بين آلاف المطلقات استفادت 800 امرأة فقط من الخدمات التي يوفرها الصندوق المذكور لعدة أسباب أبرزها البيروقراطية والعراقيل التي تفرضها الإدارة.

وتشير المتحدثة إلى حزمة الإصلاحات السياسية المستعجلة التي أقرها بوتفليقة عام 2011، تفادياً لامتداد الربيع العربي إلى الجزائر، وأهمها إعداد قانون عضوي لترقية مشاركة المرأة في الحياة السياسية بشكل فرض على قوائم الأحزاب والقوائم المستقلة إشراك النساء، وخصص للمرأة كوتا 30% من مقاعد البرلمان والمجالس المنتخبة، وفرض حضورها في الحكومة والمؤسسات السيادية.

حضور محتشم في الحياة السياسية

وبعد دخول هذا القانون حيّز التنفيذ، شهدت حكومات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة المتعاقبة مشاركة واسعة للنساء. فمثلاً، عرفت الحكومة التي عيّنها مباشرة بعد أدائه اليمين الدستورية بعد فوزه بالولاية الرئاسية الرابعة، حضورا قوياً للمرأة إذ ضمت سبع نساء منهن خمس تولين لأول مرة مناصب وزارية.

"أن تُطرح مشاكل المرأة الجزائرية في الحملات الانتخابية أمر عادي في الجزائر، لكن المعيب أن تتحول الوعود إلى سراب"... مرشحو الانتخابات الرئاسية الجزائرية يغدقون الوعود على النساء
"كل المرشحين الحاليين يراهنون على صوت المرأة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، واستعرضوا وعوداً بعضها زائف، وأقروا أنهم مناصرون لها وساروا على خطى الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة"

ورغم ترسانة القوانين الهادفة إلى تحسين أوضاع النساء، تصف فاطمة سعيدي حضور المرأة في الساحة السياسية بـ"المحتشم"، مشيرةً إلى عدم تمكنها من الوصول إلى الغرفة العليا للبرلمان، فهذه الهيئة لا تضم ولا امرأة، لعدة أسباب تذكر منها الطبيعة السوسيوثقافية للمجتمع الجزائري.

ومن بين القوانين الأخرى التي سنها بوتفليقة، تذكر سعيدي المادة 36 من الدستور الجزائري التي تنص على المناصفة في التشغيل، غير أن الواقع يشير إلى أن نسب تشغيل المرأة لا تتجاوز الـ20% من العمالة الكلية.

وعود لبستها المبالغة والمغالطة

وفي سياق حديثها عن الوعود التي أطلقها المتنافسون الخمسة على كرسي الرئاسة، تؤكد النائب عن حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، أن ليس كل هذه الوعود قابلة للتنفيذ، فمنها "وعود موجهة للاستهلاك"، لأن تخصيص منح وصناديق جديدة لا يتوافق حالياً والموارد المالية المتاحة في البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها منذ عام 2014 بفعل تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية.

وتقول إن "بعض هذه الوعود لبستها المغالطة والمبالغة، والهدف منها هو كسب صوت المرأة خاصة بعد تأكد المرشحين أنها تشكل وزناً انتخابياً هاماً في عملية التصويت".

المرأة مغيّبة في المناصب العليا

من جهتها، تقول الناشطة الحقوقية والباحثة في شؤون الأسرة فيروز سلال لرصيف22 إن "كل المرشحين الحاليين يراهنون على صوت المرأة في الانتخابات الرئاسية، واستعرضوا وعوداً بعضها زائف، وأقروا أنهم مناصرون لها وساروا على خطى الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي منح المرأة مكانة خاصة، لذلك التفّت النساء حوله في الاستحقاقات الرئاسية الماضية".

وتستحضر سلال التهميش الذي تعاني منه المرأة الجزائرية، رغم ترسانة القوانين التي سنها بوتفليقة، فهي برأيها تتمتع بحريات منقوصة، "رغم أنها سعت إلى المشاركة الكاملة مع الرجل في مجالات الحياة، وتمكنت من فرض نفسها بقوة في الساحة".

وتقول إن "معارك أخرى لا زالت في انتظار المرأة داخل البرلمان وفي الساحة السياسية وحتى الاجتماعية، كتعديل قانون الأسرة الجزائري"، فكل ما طرحته التعديلات الأخيرة "هو مجرد شكليات".

وبخصوص حضور المرأة في الحياة السياسية، تتساءل سلال: "لماذا لم يسبق أن تم تعيين امرأة على رأس الجهاز التنفيذي في البلاد؟"، وترى أن "حرية المرأة لا زالت مقيدة، والمجتمع الجزائري لا زال ينظر إليها على أنها عنصر مكمل للرجل".

القضاء على العنف أبرز مطالب المرأة

ومن أبرز مطالب المرأة الجزائرية، تذكر الناشطة النسوية دليلة حسين لرصيف22 رفع إجازة الأمومة إلى ستة أشهر بدل الحالية المقدرة بـ98 يوماً، إضافة إلى تعميم قرار العمل بدوام جزئي حتى يتسنى لها تربية أبنائها تربية سليمة.

وتؤكد حسين على ضرورة القضاء على العنف الممارس ضد المرأة والذي تقف وراءه عدة أسباب أبرزها التفكك الأسري، وتقول إن "العنف الأسرى شهد ارتفاعاً كبيراً في السنوات الأخيرة وهذا ما يدعو إلى دق ناقوس الخطر".

وتشير المتحدثة إلى أن "جمعية حورية للمرأة الجزائرية" التي تترأسها تستقبل يومياً من حالتين إلى خمس حالات تعرّضن للعنف الأسري سواء من طرف الأزواج أو الآباء أو الأشقاء، وترى أن "المرأة هي الحلقة الأضعف في محيطها العائلي خاصة إذا فاتها سن الزواج ودخلت عالم العنوسة وعدم امتلاكها لأي شهادة جامعية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image