بسبب "الحكام المستبدين"، يقبع 250 صحافياً في سجون بلدان مختلفة من العالم، تحتفظ بلدان الشرق الأوسط بنصيب الأسد منهم، بحسب تقرير لجنة حماية الصحافيين الدولية عن أكثر البلدان اسجناً للصحافيين، تضمن 3 بلدان شرق أوسطية في مُقدّم ترتيبه.
وفي تقريرها الصادر في 11 كانون الأول/ديسمبر، أوضحت اللجنة أن "ثمة مئات من الصحافيين يقبعون في السجون في العالم للسنة الرابعة على التوالي، مع عدم وجود أي دلائل على تخفيف القمع عن وسائل الإعلام الناقدة من قبل الحكام المستبدين أمثال شي جين بينغ في الصين، ورجب طيب أردوغان في تركيا، ومحمد بن سلمان في السعودية، وعبد الفتاح السيسي في مصر".
تحتل الصين صدارة القائمة بـ48 صحافياً سجيناً، تلتها تركيا بـ27، والسعودية ومصر في المرتبة الثالثة بـ26.
قمع متزايد للصحافيين
إلى الأول من كانون الأول/ديسمبر الجاري، وجدت اللجنة أن إجمالي عدد الصحافيين السجناء بسبب عملهم بلغ 250 على الأقل، 98% منهم صحافيون محليون. أما الصحافيون الأجانب، وعددهم 4، فيقبع 3 منهم في سجون السعودية والأخير في سجون الصين.
يظل عدد الصحافيين المعتقلين بسبب عملهم عام 2019 قريباً من الرقم القياسي المسجل عام 2016 والمقدر بـ 273. أما العام الماضي فكان العدد 255.
ولا يشمل هذا العدد الصحافيين الذين جرى اعتقالهم ثم الإفراج عنهم على مدار العام، كما لا يشمل أولئك الذين حصلوا على إفراج مؤقت على ذمة محاكمات.
علماً أن الأعداد تشمل الصحافيين المعتقلين في سجون الحكومات، لا "المختطفين" و"المختفين قسرياً".
من الصحافيين السجناء 20 صحافية معتقلة، أي 8% منهم. وأبرز الموضوعات التي تطرق إليها هؤلاء الصحافيون المسجونون هي السياسة، وحقوق الإنسان، والفساد على الترتيب. وأكثر من نصف الصحافيين السجناء ينشر عبر شبكة الإنترنت.
واعتبرت اللجنة أن استمرار أنظمة الحكم الاستبدادية والاضطرابات والاحتجاجات الشعبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ساهمت في ازدياد عدد الصحافيين السجناء "خصوصاً في السعودية التي باتت تحتل، مع مصر، المرتبة الثالثة في قائمة البلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين".
أما في إيران التي تشهد احتجاجات شعبية ضد رفع أسعار الطاقة، ازداد عدد الصحافيين السجناء إلى 11، في حين تحتجز السلطات الجزائرية ثلاثة صحافيين على الأقل على هامش الاحتجاجات المطالبة بالانتقال الديمقراطي ورحيل القيادة الحالية.
ورصد التقرير مقتل أحد الصحافيين السجناء في سوريا، هو علي محمود عثمان.
مصر و"نشر الأخبار الكاذبة"
يواجه معظم الصحافيين السجناء في العالم اتهامات بمناهضة الدولة. في حين وجهت تهمة "بث أخبار كاذبة" إلى 30 صحافياً. وكان قد تزايد استخدام هذه التهمة بشدة بدءاً من عام 2012 الذي شهد حبس صحافي واحد بهذه التهمة، ليرتفع عدد المحتجزين بسببها تدريجياً.
وتعد مصر الأكثر استخداماً لهذه التهمة في العالم، ومن أبرز الصحافيين المعتقلين بهذه التهمة حالياً إسراء عبد الفتاح وسولافة مجدي وزوجها حسام الصياد.
ورصدت لجنة حماية الصحافيين "حالة اعتقال واحدة على الأقل جرت أخيراً اتسمت بإساءات عنيفة" في البلاد. وقد أرغم عناصر من الأمن المصري في ملابس مدنية، في 12 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، سيارة الصحافية عبد الفتاح على التوقف في أحد شوارع القاهرة ثم جرها من السيارة وضربها، وفقاً لزميلها ومرافقها في تلك الأثناء الصحافي محمد صلاح الذي تعرض للضرب أيضاً واعتقل لاحقاً ولا يزال معتقلاً.
وبرغم أن عدد الصحافيين السجناء في مصر ارتفع "ارتفاعاً طفيفاً" عن السنة الماضية بعد الإفراج عن عدد من الصحافيين المحتجزين، أشارت اللجنة إلى "تجلٍ قاسٍ آخر لخشية السلطات المصرية من الصحافيين الناقدين" تمثل في فرض نمط "مراقبة شرطية" قاسٍ.
250 صحافياً في السجون بمناطق مختلفة من العالم. لكن نصيب الأسد احتفظت به 3 دول شرق أوسطية: تركيا والسعودية ومصر
استمرار الاحتجاجات والاضطرابات في الشرق الأوسط ساهم في زيادة استهداف الصحافيين من قبل الأنظمة. أكثر التِّهم شيوعاً: "مناهضة السلطات" و"بث الأخبار الكاذبة"
تضمنت هذه الإجراءات قضاء 12 ساعة يومياً في قسم الشرطة الذي يتبع له بعض الصحافيين وأبرزهم المصور الصحافي الحائز على جوائز دولية محمود أبو زيد المعروف باسم "شوكان"، والمدون المعروف علاء عبد الفتاح الذي اعتقل أثناء قضائه ساعات المراقبة في قسم الدقي في أيلول/سبتمبر الماضي.
ومنذ الإفراج عنه في 4 آذار/مارس الماضي، يقضي شوكان كل ليلة في مركز الشرطة، لذا اعتبرته لجنة حماية الصحافيين من الصحافيين السجناء.
كما أشار التقرير إلى تعمد السلطات المصرية ضم قضايا معظم الصحافيين السجناء في البلاد إلى قضايا ومحاكمات جماعية متعلقة باتهامات تتصل بالإرهاب ونشر أخبار كاذبة.
السعودية نحو الصدارة
منذ عام 2011، ازداد عدد الصحافيين السجناء في السعودية بشكل منتظم. واستهدفت السلطات السعودية، على ما يبدو، عدة صحافيين توقفوا عن العمل، حتى بلغ عددهم حالياً 26 على الأقل.
ويشير التقرير إلى أن "السلطات السعودية تتظاهر باتباع الإجراءات القضائية السليمة إذ لم توجه اتهامات في 18 حالة من حالات سجن الصحافيين".
أما الصحافيون الذين مثلوا أمام المحكمة، فصدرت ضدهم الأحكام "بأسلوب سري وغالباً مستعجل".
ولفتت لجنة حماية الصحافيين إلى "التقارير الواسعة النطاق بشأن استخدام السلطات السعودية التعذيب"، مذكّرةً بالتقارير الطبية التي سربت لصحيفة الغارديان البريطانية قبل أشهر قليلة وتضمنت أدلة على قيام السلطات السعودية بـ"ضرب السجناء السياسيين وتعذيبهم بالحروق وتجويعهم".
واعتبرت أن "هذه الاعتقالات والإساءات الموثقة توضح كيف يواصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حملة القمع الوحشية ضد المعارضة".
ونوهت بإلقاء الاستخبارات الأمريكية وتقرير مستقل للمقررة الخاصة للأمم المتحدة أنييس كالامار مسؤولية اغتيال الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي، مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2018، على الأمير محمد.
تركيا: نجاح جهود القمع
في الأثناء، لم تحتل تركيا المرتبة الأولى التي احتلتها على مدار السنوات الأربع الماضية كأكثر البلدان سجناً للصحافيين.
لكن تراجعها في الترتيب ليس مبعثه التحسن في حالة الحريات لديها، بل نتج تراجع عدد الصحافيين السجناء فيها، من 68 في السنة الماضية إلى 27 في السنة الحالية، عن "نجاح جهود حكومة الرئيس أردوغان في ‘إخماد التغطية الصحافية المستقلة والناقدة‘ من خلال إغلاق أكثر من 100 وسيلة إعلامية وتوجيه اتهامات متعلقة بالإرهاب ضد العديد من الموظفين فيها".
وحالياً، يعيش عشرات الصحافيين الأتراك في المنفى أو عاطلين عن العمل أو يمارسون الرقابة الذاتية خوفاً من القمع.
وبعد تقويض الصحافة المستقلة، أفرجت تركيا عن صحافيين بانتظار محاكمتهم أو استئناف أحكامهم.
الصحافية التركية المفرج عنها مؤقتاً والتي تخضع للإقامة الجبرية حتى انتهاء محاكمتها، سميحة جاهين، قالت للجنة حماية الصحافيين إن السلطات لم تفرض عليها ارتداء جهاز تعقب إلكتروني، وهذا ما يعني أنها حرة عملياً ولكنها تعيش في خوف من ملاحقتها وإعادتها إلى السجن.
وبحسب المدير التنفيذي للجنة حماية الصحافيين، جويل سايمون، فإن "سجن صحافي واحد هو ظلم فادح يترك تبعات واسعة على الأسر والأصدقاء والزملاء. أما سجن مئات الصحافيين، سنة تلو الأخرى، فهو تهديد لنظام المعلومات العالمي الذي نعتمد عليه جميعاً. وتستخدم الحكومات القمعية هذه الأساليب القاسية لحرمان مجتمعاتها والعالم كله من المعلومات الأساسية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين