في خطوة غير إنسانية جديدة تضاف إلى الممارسات التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، قرر وزير الأمن الإسرائيلي نفتالي بينيت، في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، عدم تسليم جثامين الفلسطينيين الذين يفارقون الحياة في سجون الاحتلال أو أثناء تنفيذ عمليات ضد الدولة العبرية، إلى الأهالي.
كان هذا الإجراء متبعاً في ما يتعلق بالمنتمين إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس). لكن الوزير الإسرائيلي قرر تعميمه على جميع الفصائل الفلسطينية بغض النظر عن طبيعة العملية التي كان المتوفى قد نفذها أو بصدد تنفيذها.
وتحتجز سلطات الاحتلال نحو 250 جثماناً منذ العام 1967، آخرها جثمان الأسير سامي أبو دياك الذي توفي في 26 تشرين الثاني/نوفمبر.
أبو دياك نموذج للوحشية الإسرائيلية
أبو دياك الذي توفي عن 37 عاماً، قضى منها 17 في سجون الاحتلال، أصيب خلالها بالفشل الكلوي والرئوي بسبب خطأ طبي في أحد مستشفيات الاحتلال وعانى السرطان في السنوات الثلاث الأخيرة من حياته، وحرم من أبسط الحقوق الإنسانية: تلبية أمنيته الأخيرة بالوفاة في حضن والدته.
وفي آخر رسائله، قال سامي: "إلى كل صاحب ضمير حي، أنا أعيش ساعاتي وأيامي الأخيرة، أريد أن أكون إلى جانب والدتي وبجانب أحبائي من أهلي. وأريد أن أفارق الحياة وأنا في أحضانها. لا أريد أن أفارق الحياة وأنا مكبل اليدين والقدمين، وأمام سجان يعشق الموت ويتغذى، ويتلذذ على آلامنا ومعاناتنا"، بحسب ما نشرته وسائل إعلام فلسطينية.
لم تصغِ سلطات الاحتلال لمناشدات سامي الذي كان محكوماً بالسجن المؤبد ثلاث مرات و30 عاماً، أو لتوسلات والدته المتكررة بأن يُسمح لها بمرافقته خلال أيامه الأخيرة.
وكانت السفارة الأردنية في تل أبيب قد طالبت سلطات الاحتلال بنقل جثمان أبو دياك إلى ذويه في الأردن لدفنه.
لم يتعنت الاحتلال مع أبو دياك وحده، فهناك 5 أسرى بحالة صحية خطيرة في مستشفى سجن الرملة الذي لفظ فيه سامي أنفاسه الأخيرة، وهم: منصور موقدة وخالد شاويش وناهض الأقرع وصالح صالح ومعتصم رداد.
وكان قد توفي في سجون الاحتلال خلال العام الجاري 5 أسرى هم فارس بارود وعمر عوني يونس ونصار طقاطقة وبسام السايح، وأخيراً أبو دياك.
وكثيراً ما اتهمت السلطة الفلسطينية والمنظمات المعنية بشؤون الأسرى الاحتلال بـ"قتل/إعدام الأسرى ببطء وبطريقة ممنهجة من خلال عدم تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم".
ويوجد أكثر من 700 أسير مريض في سجون الاحتلال بحسب نادي الأسير الفلسطيني، بينهم 200 يعانون أمراضاً مزمنة و10 مصابين بالسرطان.
وبوفاة أبو دياك، ارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين المتوفين في سجون الاحتلال بسبب "الإهمال الطبي" منذ العام 1967 إلى 67 من مجموع 222.
قرار يكشف عن "فاشية" الاحتلال ويثبت إجرامه… إسرائيل تعلن عدم تسليم جثامين الأسرى أو الفدائيين الفلسطينيين ضمن "خطة ردع أوسع"
أكثر من 250 جثماناً يحتجزها الاحتلال في "ثلاجات أو مقابر الأرقام"، ويرفض تسليمها إلى الأهل، آخرها جثمان سامي أبو دياك الذي حُرم من أمنيته الأخيرة: الوفاة في حضن والدته
"تفوح منه الكراهية والتطرف"
رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر قال إن قرار حجز الجثامين لدى إسرائيل "تفوح منها الكراهية والتطرف. وهو دليل آخر على أن إسرائيل كيان إرهابي يتلذذ باحتجاز الجثامين والانتقام من أُسر المتوفين".
وبيّن أن "على العالم أن يتخذ موقفاً حقيقياً وواضحاً في مواجهة هذا الكيان الغاصب الذي يثبت يوماً بعد آخر أنه كيان إرهابي".
ودان الأمين العام للتجمع الوطني لأسر شهداء فلسطين محمد صبيحات القرار الذي رأى أنه "يعكس فاشية الاحتلال وحكوماته المتعاقبة"، داعياً "المؤسسات الإنسانية الدولية إلى الوقوف عند مسؤولياتها بما يتعلق بانتهاكات حكومة الاحتلال".
واقترح صبيحات على المؤسسات الرسمية والأهلية الفلسطينية خاصة، والعربية عامة، "ملاحقة حكومة الاحتلال قانونياً، في المحاكم الدولية المختصة" بهذا الشأن.
وأشار إلى أن "العالم الحر لا يقبل احتجاز جثامين من فقدوا حياتهم في سبيل تحرير أوطانهم. لا بد من إثارة هذه القضية على المستوى الدولي حتى تُحرر جميع جثامين الشهداء المحتجزة مما يسمى بـ‘مقابر الأرقام‘، أو في الثلاجات".
إرضاء لأسر الجنود الإسرائيليين
على الجانب الآخر، لم يخفِ الوزير الإسرائيلي أن قراره يأتي ضمن خطوات "ردع" أوسع، معلناً "استثناء" بعض الحالات في ظروف خاصة كأن يكون المتوفى قاصراً (أقل من 18 عاماً).
وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، فإن مقترح فكرة إصدار مثل هذا القرار هو عائلة الضابط الإسرائيلي هدار غولدين الذي تحتجز حركة حماس جثمانه في قطاع غزة.
وكانت الأسرة قد قدمت اقتراحها لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال لقائهم به في الأسبوع الماضي.
وعلى الدوام، تحتجز إسرائيل جثامين من تتهمهم بتنفيذ أو محاولة تنفيذ عمليات ضدها. لكن المحكمة الإسرائيلية كانت تجبر سلطات الاحتلال على إعادة الجثامين للفلسطينيين عند تقديم عائلاتهم التماسات.
وفي تحول لافت، أجازت المحكمة العليا الإسرائيلية قبل نحو شهرين احتجاز جثامين الفلسطينيين لاستخدامها ورقة مساومة خلال أي مفاوضات مقبلة أو صفقات تبادل أسرى.
لكن القرار على ما يبدو لا يروق جميع الإسرائيليين، إذ نقلت القناة العبرية السابعة عن والدة الجندي أورون شاؤول أن "(الوزير) بينت مخطئ (في قراره). احتجاز جثامين الفلسطينيين لن يقدم أي شيء" في إشارة إلى الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس.
يذكر أن قرابة 5000 أسير فلسطيني، منهم 40 سيدة و230 طفلاً و500 معتقل إداري، يعيشون معاناة كبيرة في زنازين الاحتلال.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...