بينما تسعى الكويت إلى محاربة الأمية والقضاء عليها، أشارت دراسة صادرة عن وزارة العدل الكويتية إلى وجود صلة بين الأمية وانخفاض نسب الطلاق في المجتمع الكويتي.
وقالت صحيفة "الراي" المحلية، في 24 تشرين الثاني/أكتوبر، إن الدراسة تكشف "جانباً إيجابياً لافتاً للأمية فيما يتعلق بالحياة الاجتماعية هو الإسهام في تحقيق الاستقرار الأسري".
وبحسب الإحصائية الصادرة عن "التوثيقات الشرعية" في إدارة الإحصاء والبحوث التابعة للوزارة الكويتية، برز الأميون كأقل الفئات تسجيلاً لحالات الانفصال، بـ20 حالة فقط خلال العام 2018، مقابل 1766 حالة طلاق لحملة الشهادات الجامعية.
وانخفضت حالات الطلاق بين حملة الشهادة الثانوية في البلاد نسبياً مسجلةً 1041 حالة، و601 بين الحاصلين على شهادة المرحلة المتوسطة، وأخيراً 53 حالة طلاق في أوساط حاملي شهادات المرحلة الابتدائية.
ما السر؟
وعدت "الراي" هذه النتائج دليلاً على أنه "كلما قلت نسبة الثقافة والتعليم، زادت قوة الترابط بين الأزواج".
وتوضيحاً لنتائج الدراسة، ذكر عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت، حمود القشعان أن "ظاهرة طلاق الجامعيين أمر قديم عانى منه المجتمع الكويتي وما زال" مبيناً أن أسباباً عدة تقف خلف تفاقم هذه الظاهرة.
واستهل القشعان الأسباب بالإشارة إلى أن "الزواج بالنسبة للمتعلمين ليس زواجاً يهدف إلى التأمين الاقتصادي بل إلى التأمين العاطفي والاجتماعي. المرأة قديماً كانت هشة ثقافياً واقتصادياً ما دفعها إلى التمسك بالزوج خشيةً من مواجهة صعوبات الحياة. كان ذلك عاملاً في استمرارية الزواج رغم عدم سعادة الطرفين بحياتهم الزوجية".
وتابع مؤكداً أن المرأة الكويتية راهناً لم تعد تؤمن بـ"التبعية" للشريك، وإنما بالشراكة بين الزوجين في جميع مجالات الحياة، لذا، فعندما يشعر أحد الزوجين بعدم الرضا أو الاستقرار النفسي والراحة النفسية يلوح الطلاق كأحد الحلول الأساسية.
القشعان لفت إلى أن "غالبية الكويتيات المتزوجات يفقن رجالهن (أزواجهن) بالتحصيل العلمي… تسلح المرأة بالعلم والمعرفة يجعلها لا تخشى العيش من دون رجل". وتبلغ نسبة المتزوجات الحاصلات على شهادات جامعية في الكويت 72 %، وفق المصدر نفسه.
استقواء المرأة بالتعليم؟
الاستشاري الأسري الكويتي محمد رشيد العويد اعتبر أن هذا الأمر متعارف عليه عالمياً، مستعرضاً نتائج دراسة قال إن وكالة رويترز نشرتها.
الدراسة المشار إليها تؤكد أن 70% من إجمالي حالات الطلاق منبعها رغبة الزوجات في الانفصال، وأن 86% من الراغبات في الطلاق مثقفات، مع ترجيح لأن الرغبة في الانفصال تزداد بتقدم العمر والمستوى التعليم.
العويد قال إن بعض الأمور الحسنة تؤدي إلى أمور ليست حسنة، شارحاً "الثقافة والتعليم والعمران والطموح من الأمور الحسنة، لكنها زادت من الطلاق. الجامعات والمعاهد علمت المرأة كيف تكون مدرسة مجتهدة، وطبيبة ماهرة، وسكرتيرة مُتْقِنة، لكنها لم تعلمها كيف تكون زوجة سعيدة وربة منزل ناجحة".
واتهم العويد الثقافة الشائعة في الوقت الحالي بدفع المرأة نحو الاستقلالية وعدم الخضوع لأحد، معتبراً أن ذلك أدى إلى "عدم طاعة الزوج كما في السابق". وزعم أيضاً أن الطموح جعل "آمال المرأة معقودة على جمع المال وتحقيق الشهرة، ومشاركة الرجل في كل أعماله، ففقدت البيت الذي كانت تشيع فيه الحب والسرور، وتنشر فيه الرضا والأمان".
20 حالة طلاق بين الأميين فقط في الكويت خلال العام الماضي مقابل نحو 3500 بين المتعلمين بدرجات متفاوتة… ما حقيقة اقتران الأمية بـ"الترابط الأسري"؟
"كلما قلت نسبة الثقافة والتعليم، زادت قوة الترابط بين الأزواج"، هذا ما استنبطته إحصائية لوزارة العدل الكويتية. لكن مختصون يرون أن "القوانين ومواقع التواصل الاجتماعي والوعي" الأسباب الحقيقية
والقوانين متهمة
من جانبه، ألقى عضو اتحاد المحامين العرب المحامي غازي أحمد باللائمة على قوانين الأحوال الشخصية في الكويت، التي وصف آثارها بالـ"وخيمة جداً على استقرار الأسر". ونبه إلى أن تلك القوانين سنت قبل سنوات بعيدة ولا تصلح للتطبيق الآن.
ولم تعدل أو تتغير قوانين الأسرة والأحوال الشخصية في الكويت منذ عام 1984.
ولم يذهب بعيداً عن العويد، حيث رأى أن "المرأة الكويتية المتعلمة والموظفة، لا تجد حاجة تحتم عليها البقاء تحت سلطة الزوج، وينسجم تطلعها التحرري مع مواد القانون التي تساهم في تسهيل عملية الطلاق وهدم الأسرة، من دون مراعاة لمصلحة المجتمع والأسرة".
وأشار المحامي الكويتي إلى أن الكويتيات ذوات التحصيل العلمي المتواضع غالبيتهن من فئة كبار السن، و"يتمسكن بالعادات والتقاليد والرضا والعرف، لذلك لا تكون حالات الطلاق بينهم كثيرة".
الوعي والدعم الاجتماعي
في المقابل، بينت المستشارة القانونية للمنظمة العالمية لحماية الطفل "FAAVM" والسفيرة الدولية لشؤون حقوق الإنسان المحامية آلاء السعيدي أن "الوعي" هو أبرز أسباب ارتفاع معدلات الطلاق بين الجامعيين، لاسيما معرفة كل طرف لحقوقه الشرعية والقانونية.
السعيدي نبهت إلى عامل آخر هو مواقع التواصل الاجتماعي التي ترى أنها ساهمت في انتشار حالات الطلاق حيث توفر المشورة وتبادل التجارب بينما "الأميين لا ملاذ لهم إلا بيت الزواج".
عضو هيئة التدريب في معهد الكويت للمحاماة والدراسات القانونية والمدرب القانوني المعتمد والمحكم الدولي المعتمد المحامي مجبل الشريكة، اتفق مع السعيدي مشيراً إلى استغلال بعض المحامين لمنصات التواصل الاجتماعي للترويج عن قدرتهم على ربح قضايا الطلاق بأعلى التسويات، ما يشجع النساء على الانفصال.
وأكد أن هذه المنصات تسببت في "نشر ثقافة الطلاق".
ورفضت السعيدي الرأي القائل إن قوانين الأحوال الشخصية، المستمدة من الشريعة الإسلامية، سبباً في انتشار الطلاق بين المثقفات، لافتةً إلى أن الزوجة تطلب الطلاق حين يهملها الزوج أو يتنصل من مسؤوليتها.
واعتبر الشريكة أن المتعلمين ينبغي أن يكونوا الأقل طلاقاً لإدراكهم الأضرار المترتبة على الطلاق.
جدير بالذكر أن إحصائية وزارة العدل الكويتية توقعت ارتفاع حالات الطلاق خلال السنوات الخمس المقبلة، من 8642 حالة في العام الحالي إلى 10014 حالة في عام 2023، محذرةً من "كارثة تهدد المجتمع وتؤدي إلى تفككه".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون