شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"ترامب وقانون الغاب"... ماذا يفهم من الإعلان الأمريكي بشأن المستوطنات الإسرائيلية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 19 نوفمبر 201902:50 م

أثار إعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأييدها إقامة إسرائيل مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، تساؤلات عن "مبرر" الخطوة الأمريكية في هذا الوقت تحديداً.

وفي أحدث رد فعل على الخطوة الأمريكية، أعلن المندوب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، بدء مشاورات مع أعضاء مجلس الأمن من أجل حشد المواقف الدولية للتصدي للإعلان الأمريكي غير القانوني بشأن المستوطنات الإسرائيلية.

ومن المقرر أن يعقد المجلس الدولي اجتماعاً حول القضية الفلسطينية في 20 تشرين الثاني/نوفمبر، بحسب منصور الذي أوضح أن الموقف الأمريكي سيكون محور النقاش خلاله.

ماذا يعني الإعلان الأمريكي؟

وكانت الإدارة الأمريكية قد خلصت "بعد دراسة جميع الحجج في هذا النقاش القانوني بعناية، إلى أن إنشاء مستوطنات لمدنيين إسرائيليين في الضفة الغربية لا يتعارض مع القانون الدولي".

وجاء ذلك على لسان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.

وقبل إعلان بومبيو، كانت السياسة الأمريكية تعتمد، أقله نظرياً، على رأي قانوني لوزارة الخارجية الأمريكية عام 1978 يؤكد أن "إقامة مستوطنات سكانية في هذه الأراضي (الفلسطينية) ليست مطابقة للقانون الدولي".

وزعم بومبيو أن هذا الرأي "تقادم عليه الزمن"، مدعياً أن "الهدف (من الإعلان) ليس توجيه رسالة حول وجوب زيادة عدد المستوطنات أو تخفيضه، بل مجرد مراجعة قانونية".

غير أن الخطوة الأمريكية ضربة جديدة للتوافق الدولي على النزاع الفلسطيني الإسرائيلي إذ تعتبر الأمم المتحدة المستوطنات التي أقامتها إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد عام 1967، غير قانونية. في حين ثمة اعتقاد دولي واسع بأنها عقبة كبرى في طريق السلام.

وعلق بومبيو على ذلك قائلاً: "الحقيقة هي أنه لن يكون هناك أبداً حل قانوني للنزاع، وأن الجدل حول من هو محق ومن هو مخطىء في نظر القانون الدولي، لن يجلب السلام".

وأضاف: "اعتبار إقامة مستوطنات إسرائيلية أمراً يتعارض مع القانون الدولي إذ لم ينجح ولم يحقق تقدماً على مسار قضية السلام".

في المقابل، شدد مراقبون ومحللون على أن الخطوة الأمريكية ستزيد تعقيد الصراع المستمر منذ أكثر من سبعين عاماً بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ووصفها المفاوض الأمريكي السابق مارتن إنديك، عبر تويتر، بـ"التحرك الذي لا مبرر له على الإطلاق".

وبرغم زعم بومبيو أن توقيت الإعلان "ليس مرتبطاً بأي حال بالسياسة المحلية في إسرائيل أو غير ذلك"، فإن العديد من المراقبين رأوه دفعةً جديدةً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وعد عدة مرات بضم جزء من مستوطنات الضفة الغربية بعد انتخابات إسرائيلية جرت أخيراً.

وأشاد نتنياهو بالإعلان على الفور معتبراً أنه "يصلح خطأ تاريخياً" وحث دولاً أخرى على اتخاذ موقف مشابه.

ويعدّ هذا التحول الثالث لإدارة ترامب عن السياسة التقليدية الأمريكية، انحيازاً لإسرائيل، بعد اعترافها بشكل أحادي بالقدس عاصمة لإسرائيل عام 2017، وبسيادة الدولة العبرية على الجولان السوري المحتل في وقت سابق من العام الجاري.

ولفت بومبيو إلى أن هذا القرار لا يستبق "الوضع النهائي" للضفة الغربية والمرتبط بمفاوضات مقبلة بين إسرائيل والفلسطينيين.

إدانة لاعتراف إدارة ترامب بشرعية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية الفلسطينية ومفاوض أمريكي سابق يصفها بالتحرك الذي لا مبرر له على الإطلاق
محللون يرون أن الإعلان يهدف إلى دعم نتنياهو بعد جولتين انتخابيتين غير حاسمتين داخل إسرائيل

إدانة فلسطينية وعربية 

ودان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط "التغيير المؤسف" في الموقف الأمريكي، ورأى أن من شأنه دفع المستوطنين الإسرائيليين إلى ممارسة المزيد من العنف  ضد الفلسطينيين، وتقويض أي احتمال ولو كان ضئيلاً لتحقيق السلام العادل.

وأبدى أبو الغيط انزعاجاً من "الاستخفاف بمبدأ قانوني مستقر نص عليه القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على الاحتلال نقل سكانه إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرته".

وأشار نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان إلى أن "الإدارة الأمريكية غير مؤهلة لإلغاء قرارات الشرعية الدولية، ولا يحق لها أن تعطي الاستيطان الإسرائيلي أي شرعية".

في حين قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن "الولايات المتحدة تضع نفسها في تحد مباشر للقانون الدولي والإرادة الدولية وتحاول تقويض مرتكزاته والاستعاضة عنه بقانون الغاب".

حركة "فتح" الفلسطينية  وصفت إعلان الإدارة الأميركية بالـ"حبر على ورق".

وأكدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي أنه "لا يحق للولايات المتحدة إعادة كتابة القانون الدولي وتشويه النظام الدولي بناءً على ميلها الأيديولوجي المشوّه"، معتبرةً أن هذا الإعلان "يؤكد من جديد أن إدارة ترمب تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وأنها داعم وشريك في الجرائم الإسرائيلية بتوفير غطاء سياسي لانتهاكات دولة الاحتلال المتصاعدة".

وحذر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي "من خطورة التغيير في الموقف الأمريكي إزاء المستوطنات وتداعياته على جهود تحقيق السلام"، واصفاً المستوطنات بأنها "خرق للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية".

وقال متحدث باسم الخارجية المصرية لصحافيين إن بلاده ملتزمة قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي في ما يتعلق بوضع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، باعتبارها غير قانونية وتتنافى مع القانون الدولي.

استنكار عالمي

وفور الإعلان الأمريكي، سارع الاتحاد الأوروبي للتأكيد أنه لا يزال يؤمن بأن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني تبعاً للقانوني الدولي ويقلل فرص التوصل إلى سلام دائم.

ودعت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد فيدريكا موغيريني "إسرائيل لإنهاء كل النشاط الاستيطاني في ضوء التزاماتها كقوة محتلة".

بدورها، قالت هاجيت أوفرانز العضو في منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان: "بوسعه (أي بومبيو) أن يعلن أن الليل هو النهار لكن هذا لن يغير من حقيقة أن المستوطنات الإسرائيلية ليست إلا أمراً غير قانوني بموجب القانون الدولي فحسب، بل هي كذلك عقبة هائلة أمام السلام والاستقرار في منطقتنا".

وفي حديث للإذاعة العبرية، قالت تمار زاندبرغ العضو في الكنيست الإسرائيلي عن كتلة التحالف الديمقراطي إن المستوطنات "عقبة أمام السلام. الصراع يكلفنا ثمناً دموياً وباهظاً، حان الوقت للعمل من أجل إنهائه".

كما أعربت عن أملها أن تقود نتائج الانتخابات الإسرائيلية إلى تغير الاتجاه السائد حالياً في إسرائيل.

وفي الولايات المتحدة، نددت إليزابيت وارن السناتور الديمقراطية المرشحة للانتخابات الرئاسية المقبلة بتبدل الموقف الأمريكي الذي أكدت أنها ستلغيه حال انتخابها، مشددةً على أن "المستوطنات لا تنتهك القانون الدولي فحسب، بل تجعل تحقيق السلام أصعب".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image