شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
تسلية وحب وثورة... لعبة الببجي في حياة عشّاقها

تسلية وحب وثورة... لعبة الببجي في حياة عشّاقها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 15 نوفمبر 201905:47 م

لعبت "PUBG" دوراً هاماً في حياة محمد علي، المائل إلى الانطوائية، تعرَّف من خلالها على أشخاص من مختلف الدول والأعمار باهتمامات مختلفة، وتمكّن من عقد صداقات داخل وخارج نطاق بلاده، بطريقة لم يختبرها من قبل.

"لكن إن استغرقت في اللعبة هتبهدلك حياتك الاجتماعية، خاصة لو كان لك مصالح في الاجتماعيات في العالم الواقعي"، بحسب محمد (30 عاماً)، وهو مصري متخصص في الترويج عبر السوشيال ميديا ويسكن في القاهرة.

يقول محمد لرصيف22: "بالنسبة لي اللعبة كانت مريحة لأني كده كده كائن انطوائي، فهي متنفس اجتماعي افتراضي وترفيهي لي ولمن يشبهونني".

"مثل أعلى وقدوة"

لم يدخل محمد في علاقات عاطفية مع فتيات من خلال اللعبة، "فالعلاقات بينك وبين اللاعبين بتبقى إنسانية في الغالب، إلا لو أنت دخلتها في سكك تانية".

محمد تعرَّف على فتاة مصرية من خلال اللعبة لم تكمل بعد الرابعة عشر من عمرها، تراه "مثلاً أعلى"، ويراها هو كابنته الصغيرة.

يقول محمد: "اللعبة فهمتني شخصيتها أكتر، وفهمتها أكتر وأكتر لما لعبت مع أصحابها كمان"، ويسعى الشاب الثلاثيني لأن يكون قدوة جيدة لهذه الفتاة.

يتداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي قصصاً عن أشخاص دخلوا في علاقات عاطفية من خلال اللعبة.

ومن بين القصص المتداولة، ما نشرته صحيفة "الوطن" المصرية عن فتاة تدعى مريم، تقول إنها لعبت "PUBG" للاستمتاع بها لأنها من هواة الألعاب الاستراتيجية، مشيرة إلى أنَّها كانت بالصدفة ضمن فريق يتكوَّن من شابين وفتاة أخرى، وخلال اللعبة بدأت محادثة الفريق الصوتية، ولاحظ واحد منهما مهارتها في التصويب على الهدف، وسرعة البديهة في التعامل مع المواقف التي يتعرضون لها.

بحسب مريم، بدأ أحد الشابين يسألها: "كيف تعلّمت تلك المهارات؟"، وجاء التواصل بينهما لإرسال الروابط الإلكترونية، والألعاب جديدة، حتى تطوَّرت العلاقة بينهما لحب ثم ارتباط فخطوبة، وحدَّدا توقيت الزواج في منتصف العام المقبل.

أما فاضل بن الصغير (30 عاماً)، بائع في صيدلية في الجزائر، فيقول لرصيف22 إنَّ اللعبة علَّمته الصبر، والانتباه، وأفادته على الصعيد الاجتماعي والعاطفي، حيث نجح في التعرف على أشخاص من مختلف أنحاء العالم، ويلعبها مع زوجته عندما يكون في العمل.

"العراقيون أكثر احترافاً"

أدرك محمد من خلال "PUBG" بعض الصفات التي تتمتع بها بعض الشعوب، يقول مثلاً أنه لاحظ أنَّ الجزائريين يتوترون كثيرا، ومزاجهم انفعالي، أما الأوروبيين "أكثر احترافية من العرب"، وقليلو الكلام.

"المتظاهرون العراقيون سلميون، ولا يملكون سوى العلم العراقي، أما الأمن فهم غير عراقيين، ملثمين ويقتلون الشباب بكل سهولة، ولهذا يستخدم الشباب استراتيجيات لعبة "PUBG" في مواجهتهم"
"الآن، شركات الألعاب تقوم بإسكات الأصوات المطالبة بالحرية"

ولم يوضح محمد ما إذا كان سمات هؤلاء السلوكية هي ذاتها في الواقع، أم أن اللعبة تستفز بداخلهم سلوكيات معينة في إطارها كلعبة.

اتفقت آية بودور، طالبة جزائرية (20عاماً)، مع وجهة نظر الشاب المصري محمد علي، بأن اللعبة كاشفة لصفات الشعوب، وترى أن الجزائريين عصبيون جداً، تقول: "أؤكد ذلك، لأنني أصبحت أكثر عصبية".

وعن حكايتها مع اللعبة، تقول لرصيف22 أنَّ اللعبة أثرت سلبياً عليها، حيث أهملت دراستها، وكانت تقضي الكثير من الوقت في اللعب، لكنها في نفس الوقت فادتها اجتماعياً، حيث تعرَّفت على أشخاص من مختلف أنحاء العالم.

يرى محمد من زاويته، كلاعب وفاعل على السوشيال ميديا ومهتم بما هو جديد، أن هناك لاعبين في دول أخرى، استخدموا بعض استراتيجياتها على أرض الواقع في المظاهرات التي شهدتها بلادهم، كالعراق، التي يشير إلى أنه يحتل في بعض الأوقات المركز الأول من حيث عدد المتواجدين على اللعبة، وعبَّر عن إعجابه بتمكنهم من استخدام استراتيجيات اللعبة، "إنهم محترفون للغاية"، يقول محمد.

ببجي في ساحة التحرير

في ساحة التحرير بالعاصمة العراقية بغداد، نشر متظاهرون صوراً من قلب المظاهرات لهم، وهم يلعبون لعبة "PUBG"، أو بملابس شخصياتها الافتراضية، وجرافيتي يصف المحتجين بـ"جيل الـ PUBG والتكتيك".

كما تداول مستخدمون مقطع فيديو لمجموعة شباب يطلقون على أنفسهم سم "فريق الببجي في ساحة التحرير"، ويرتدون ملابس شخصيات لعبة الببجي، ويستخدمون المقلاة "Pan" وهي إحدى الأسلحة المستخدمة في لعبة "PUBG".

المدن المنتفضة في العراق الآن، بغداد وذي قار والبصرة والناصرية وبابل والسماوة، بحسب الشاب العراقي هادي (25 عاماً)، الذي ذكر لرصيف22، أن بعض المتظاهرين في بلاده "تعلموا من لعبة الببجي بعض الفكر والخطط".

"المتظاهرون سلميون، ولا يملكون سوى العلم العراقي، أما الأمن فهم غير عراقيين، ملثمين ويقتلون الشباب بكل سهولة"، ولهذا يستخدم الشباب استراتيجيات لعبة "PUBG" في مواجهتهم، بحسب إبراهيم، الذي خشي أن يكشف عن المدينة التي يقطنها بالإجابة على الأسئلة التي طرحناها عليه: لأن "هناك ميليشيات تابعة للأحزاب تداهم البيوت وتخطف الشبان المناصرين والمتفاعلين مع الانتفاضة".

في المقابل، يرفض صالح يعقوب (اسم مستعار) 25 عاماً، من مدينة كربلاء في العراق، ربط الحراك الذي تشهده بلاده بـ"لعبة الببجي"، مشيراً إلى أنّ "هذا يعني أنّ ما يوجد عبث".

لكن يعقوب يعترف بأن هناك بعض المراهقين الذين يمارسون أفعالاً تتعلَّق باللعبة، ويعرّضون أنفسهم للخطر، مشيرا إلى فيديو متداول لمتظاهر أسفل جسر يرقص رقصة شهيرة في لعبة "PUBG"، يؤديها اللاعبون على جثة العدو في اللعبة لاستفزاز الخصم، تعرض إثرها للقنص.

وحول "كمين الكوبري" الذي نفذه بعض المتظاهرين، قال يعقوب إنه "شيء طبيعي" بهدف التسلل إلى المنطقة الخضراء بأي وسيلة، مشدداً على أن الشباب الذي أطلق عليه "جيل الببجي" هم شباب "مثقفون واعون من كل الطبقات الموجودة".

وأكد أن أعمال القمع والقتل والترهيب وقطع الإنترنت لن تقف أمام الشباب الذي سيستمر في احتجاجاته حتى يحقق كل مطالبه، "ولن تؤثر به هذه الأفعال بل بالعكس ستزيده إصراراً وعزيمة".

"الشرطة تضربنا بدم بارد كببجي"

تشهد هونج كونج منذ حزيران/يونيو الماضي أسوأ أزمة سياسية منذ إعادتها للصين من البريطانيين عام 1997، حيث اندلعت احتجاجات على محاولة الحكومة تمرير مشروع قانون يسمح بتسليم مطلوبين إلى الصين.

ورغم تعليق نص مشروع القانون، لكن المتظاهرين وسعوا مطالبهم التي تحولت إلى احتجاج على تراجع الحريات في هونج كونج، وعلى التدخل المتزايد للصين في شؤون المنطقة التي تتمتع باستقلال شبه ذاتي.

ويستخدم المتظاهرون في هونج كونج بعض استراتيجيات لعبة "PUBG" خلال تظاهراتهم ضد قوات الأمن، بارتداء ملابس وأقنعة مشابهة لتلك التي يرتديها اللاعبون في "PUBG"، وهو ما دفع رئيسة السلطة التنفيذية في هونغ كونغ، كاري لام، لإصدار أمر بمنع ارتداء الأقنعة خلال المظاهرات، مستندة لأول مرة منذ 52 عاماً إلى سلطات تمنح في حالات طوارئ تعود إلى حقبة الاستعمار البريطاني، في خطوة أدت إلى موجة جديدة من الاحتجاجات ودعوات لتحدي القانون الجديد.

وتداول مستخدمون على موقع تويتر مقاطع فيديو تُظهر قمع الشرطة للمتظاهرين في هونج كونج، بينهم شخص يدعى مابلي، اعتبر ما تقوم به قوات الأمن تطبيق حقيقي للعبة "PUBG"، حيث لا يظهرون أي رحمة تجاه المواطنين المطالبين بمزيد من الحريات.

لعبة "G.T.A" على أرض الواقع أيضاً

حظرت شركة " أكتيفجن بليزارد" لاعب البابجي "Ng Wai Chung" لمدة عام، وجرَّدت أمواله من الجوائز لقوله "حرر هونج كونج، ثورة عصرنا"، في لقاء حي بعد إحدى مسابقات اللعبة، وذلك قبل أن تخفض الحظر إلى ستة أشهر وتفرج عن مال الجائزة الخاص به.

وقال "Ng Wai Chung" في بيان صحفي نشره عبر حسابه على تويتر إنه سيكون أكثر حذراً في المستقبل بشأن ذلك، مشيراً إلى أنه سيعبر عن آرائه ويظهر دعمه لهونج كونج على منصته الشخصية.

وبحسب أكاشي بالا، المحرر التقني في موقع "mensxp"، لا يهم أي جزء من العالم الذي تلعب منه "PUBG mobile"، فالقائمون على اللعبة لا يريدون أن يذكر أي من لاعبيها "Free Hong Kong" في اللعبة.

وقال مارك كيرن، الذي اعتاد العمل في أكتيفيجن بليزارد، في تغريدة: "نحن في وضع يملي فيه المال الشيوعي غير المحدود قيمنا الأمريكية. نحن نراقب ألعابنا من أجل الصين، ونحن نراقب أفلامنا لصالح الصين. الآن، شركات الألعاب تقوم بإسكات الأصوات المطالبة بالحرية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard