شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"كابوس وانتهى"… قرار غير مسبوق ينقذ "فتاة العياط" وينعش آمال المصريات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 13 نوفمبر 201906:20 م

بعد أشهر من الجدل، أُسدل الستار على قضية "فتاة العياط"، الطفلة التي قتلت سائقاً حاول اغتصابها في مصر، بحكم غير مسبوق، وسط آمال نسوية وحقوقية بأن يؤصل القرار لحق المصريات في الدفاع عن أنفسهن ضد أي اعتداء.

وأتى قرار النائب العام المصري حمادة الصاوي، مساء 12 تشرين الثاني/نوفمبر، ليعزز تلك الآمال، إذ اعتبر أن "لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد الفتاة أميرة أحمد عبد الله مرزوق (الشهيرة إعلامياً بفتاة العياط) لوجودها في حالة دفاع شرعي عن عرضها بعدما طعنت سائقاً حاول الاعتداء عليها".

وكانت الطفلة أميرة (15 عاماً) قد سلمت نفسها، في 12 تموز/ يوليو الماضي، لقسم شرطة العياط، معترفةً بقتل سائق سيارة أجرة بعدما حاول اغتصابها.

احتجزت الفتاة احتياطياً على ذمة القضية حتى أمر قاضي الأحداث في محكمة شمال الجيزة، في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد أربعة أشهر من الاحتجاز، بتسليمها إلى ولي أمرها، على أن تستمر محكمة الطفل في محاكمتها بتهمة القتل.

حيثيات القرار

وخلصت التحقيقات، بحسب بيان النائب العام، إلى أنه عقب لقاء المتجنى عليها (أميرة) بصديق لها ومرافقه في حديقة الحيوان، استدرجها أحد سائقي سيارات الأجرة إلى منطقة نائية (صحراوية) حيث حاول الاعتداء عليها مهدداً إياها بسكين.

بعد ذلك، أوهمت الفتاة السائق بقبول ما أراد مشترطةً إبعاد السكين لتمكنه من نفسها، فنزل على رغبتها وحاول الاقتراب منها، لكنها استلت السكين وعاجلته بطعنة في رقبته، فخلع قميصه محاولاً وقف النزف به، والنيل من الفتاة التي استمرت في طعنه في عدة أجزاء من جسده. ثم هربت حتى وجدت مزارعين أعاناها على الوصول إلى عامل مسجد مكنها من الاتصال بوالدها وإبلاغ الشرطة.

وجاء قرار النائب العام المصري مستنداً إلى تطابق أقوال الفتاة مع معاينة النيابة العامة لمكان الحادث (منطقة صحراوية أي يتعذر عليها الاستغاثة وطلب المساعدة فيها) وأقوال الشهود وتسجيلات كاميرات المراقبة في المحطة التي اصطحب القتيل منها الفتاة والتقرير التشريحي لجثمانه، وسجلات المكالمات التي أجرتها أميرة.

وترى مديرة "مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون" المحامية والحقوقية والناشطة النسوية انتصار السعيد التي كانت مؤسستها ضمن هيئة الدفاع عن "فتاة العياط"، أن التضامن الواسع مع أميرة لصغر سنها وبشاعة الموقف الذي تعرضت له كان وراء صدور القرار الذي عدته "تاريخياً" و"سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ القضاء المصري".

حق النساء في الدفاع عن أنفسهن

قالت السعيد لرصيف22: "اعتدنا دائماً أن نسمع عن براءة شخص أو انتفاء التهمة عنه لأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس عندما يكون المتهم رجلاً... هذه هي المرة الأولى التي يطبق فيها هذا النص على سيدة أو فتاة".

وأملت السعيد أن "يثبّت هذا الحكم حق النساء، في مصر، بالدفاع عن أنفسهن ضد أي اعتداء من دون خوف من السجن أو الإعدام".

واعتبرت أن القضية "عادت إلى مسارها الصحيح عندما قرر قاضي التجديد الإفراج عن الطفلة وتسليمها لولي أمرها بدون أية ضمانات مالية، مع إحالة الدعوى إلى نيابة الطفل، وجاء القرار بانتفاء التهمة عنها ترسيخاً لقيمة العدالة وحق النساء في الدفاع عن أنفسهن ضد أي اعتداء يحدث لهن".

وبالتزامن مع قضية "فتاة العياط"، قضت محكمة جنايات مصرية بسجن ربة منزل مؤبداً (25 عاماً) وهي أقصى عقوبة بعد الإعدام، لقتلها فلاحاً حاول اغتصابها تحت تهديد السلاح بعد أن اقتحم منزلها في غياب زوجها، مع سجن زوجها وخاله مدة عام لكلٍ منهما بسبب المشاركة في إخفاء جثة القتيل.

واستند الحكم إلى المادة 234 من قانون العقوبات، وفحواها: "يُعاقب بالسجن المؤبد كل من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد".

"لا حاجة للتحقيق مع طفلة (15 عاماً) قتلت سائقاً حاول الاعتداء عليها"، هذا ما أقره النائب العام المصري منعشاً آمال حقوقية بأن يصبح للمصريات الحق قانوناً بالدفاع عن أنفسهن
المحامية والحقوقية المصرية انتصار السعيد تقول لرصيف22 إن توفير الأمان الجسدي والنفسي للطفلة أميرة ضرورة ملحة في الفترة الراهنة، حيث تخشى عليها انتقام أهل القتيل وأثر الفترة التي عاشتها بالسجن

وتعاني النساء في مصر من اعتداءات متكررة وشبه يومية، إذ بيّنت دراسة ممولة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، أجريت بالتعاون مع جهات حكومية، في عام 2013، أن معدل التحرش الجنسي بالنساء مرتفع جداً. وقد أشارت نسبة 99.3% من العينة التي أجري عليها البحث إلى أنهن تعرضن لأحد أشكال التحرش.

ووصفت دراسة أجرتها مؤسسة تومسون رويترز بإشراف خبراء متخصصين في مجال قضايا المرأة، مصر بأنها "أسوأ مكان في العالم العربي يمكن أن تعيش فيه المرأة".

"كابوس وانتهى"

بالعودة إلى "فتاة العياط"، فقد أعربت في أول تصريح صحافي لها بعد القرار عن سعادتها لانتهاء "الكابوس" والعودة إلى حياتها الطبيعية ونسيان هذه الواقعة.

وشددت على أنها "تعلمت درساً لن تنساه أبداً، وهو عدم فعل أي شيء بدون معرفة والديها مسبقاً".

وشكر أحمد عبد الله، والد الفتاة، القضاء على تبرئة ابنته، لافتاً إلى أنه كان يثق بأنه "عادل ونزيه"، ومشيراً إلى أن ابنته بحاجة للتعافي نفسياً لأن "تعبانة وكانت خايفة ترجع السجن مرة تانية".

وأشار إلى أن هم الأسرة الأول هو محو الفترة الماضية من ذهن أميرة.

وكانت محامية "فتاة العياط" دينا المقدم قد وصفت القرار القضائي بـ"التاريخي"، مؤكدةً أنه "يخص كل أنثى في مصر، لكن يجب أن لا يؤخذ ذريعة لقتل كل من يقترب من أي فتاة"، موضحةً أن "لأميرة وضعاً خاصاً. كانت في صحراء".

براءة ولكن

برغم القرار، يم يفت النائب العام أن يوجه "نصيحة" إلى أميرة بـ"التزام السلوك القويم، والابتعاد عن المخاطر والشبهات"، في إشارة على ما يبدو لخروجها رفقة شابين من دون علم أهلها.

كما أهابت النيابة العامة، في بيان، بكل أب وأم أو ولي أمر "أن يراعوا أبناءهم ويضعوا أمنهم وحمايتهم نصب عيونهم، لأن الوقاية من الخطر خير من علاج نتائجه بعد وقوعه".

وتعليقاً على نصيحة النائب العام، قالت السعيد "نحن أبناء هذا المجتمع، وهذه هي طريقه المجتمع في التعبير عن مثل هذه القضايا…".

الأمان لأميرة

أوضحت السعيد أن جل ما يهمها حالياً هو "توفير الحماية الكافية للطفلة، حتى لا تظل هذه الحادثة تؤثر في حياتها المستقبلية"، متخوفةً من "ترصد أهل القتيل بها أولاً، وثانياً المتابعة العلاجية النفسية لتفادي آثار تلك الفترة"، ومشيرةً إلى أن المجلس القومي المصري للأمومة والطفولة بدأت بالعلاج.

وأضافت: "قبل يومين، خلال زيارة للمؤسسة، صارحتنا أميرة برغبتها في العودة إلى الدراسة، وسنحرص على دعمها".

وأشادت السعيد بدعم أفراد أسرة أميرة لها مؤكدةً أنهم "يشعرون بالفخر لما فعلت، ويرون أنها دافعت عن نفسها بكل ما أوتيت من قوة. ولهذا يدعمونها"، لكنها تصر على أن معاناة الطفلة ليست بالهينة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard