شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
نصر الله وخطاب الشراكة مع الصين وروسيا وإيران... استقالة من المسؤولية؟

نصر الله وخطاب الشراكة مع الصين وروسيا وإيران... استقالة من المسؤولية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الثلاثاء 12 نوفمبر 201902:28 م
Read in English:

Economic Alliances With Russia, China and Iran, Nasrallah Proposal For A Brighter Future

إقرار أمين عام حزب الله حسن نصر الله بفشل السلطة التي أعلن سابقاً أنه عرابها في معالجة الأزمة التي يعيشها لبنان هو إعلان إفلاس سياسي صارخ. لا تقلل من حدة هذا الإقرار شكواه من المؤامرات الدولية على البلد وعلى حزبه.

فالخارج، والولايات المتحدة في مقدمته، يريد، بحسب نصر الله، تركيع البلد اقتصادياً ليتسنى له النيل من المقاومة. والحال أن هذا اعتراف ضمني بأن مشروع المقاومة لا مستقبل له في هذا العالم. ولكن نصر الله يقترح على اللبنانيين عالماً بديلاً هلامياً ولا مركز صلباً له.

يقترح إقامة شراكة بين لبنان والصين وروسيا وإيران، في السياسة أولاً وفي الاقتصاد ثانياً وبدرجة قد تكون أكثر إلحاحاً. وبصرف النظر عن حظ هذا الطرح من الواقعية والمنطق، إلا أنه يمثل إعلاناً للبنانيين بأن الأزمة لن تُحلّ حتى لو تمت محاسبة الفاسدين، وأن البلد يسارع الخطى نحو هاوية عميقة، لن يسلم منها أحد، حتى مقاتلي حزب الله الذين ما زالوا يتلقون رواتبهم من إيران.

بشارة نصر الله إلى اللبنانيين تفيد بأن أهل السلطة في لبنان ليسوا مذنبين، وأن كل ما يعاني منه البلد سببه مؤامرات خارجية. وتالياً، فإن هذا الخطاب ليس أكثر من تبرئة مسبقة لأهل السلطة وجمهورها على حد سواء.

مرة أخرى، تطل شعارات المظلومية والحرمان برأسها من نافذة حزب الله، ومرة أخرى يجدر باللبنانيين تحمّل ما لا طاقة لهم على حمله، لمجرد أن حزب الله قرر مقاتلة العالم نيابة عن إيران التي تسعى بكل ما تملك من حنكة وحيلة لعقد صفقات مع الغرب الذي يحمّله نصر الله مسؤولية المؤامرات.

ومرة أخرى يخطئ حزب الله في تقدير قوته وقوة لبنان على حد سواء. فهذا البلد ليس قادراً على التأثير في أي حلف من النوع الذي يقترحه نصر الله، خصوصاً على المستوى الاقتصادي. وهذا البلد صغير وثانوي إلى درجة أنه طوال تاريخه لم يكن يستطيع إشهار الخصومة في وجه سوريا، مع أنها أيضاً بلد صغير إذا ما كان القياس على الصين أو روسيا أو الولايات المتحدة. وهذا البلد صغير إلى درجة أن إيران الشرق أوسطية والتي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة قادرة على استعماره وإلحاقه.

"ما دامت الصين وروسيا قادرتين على حل أزمات لبنان فلماذا لا تحلان أزمة إيران وتساعدانها على الخروج من شرنقة العقوبات الأميركية؟"

كل هذا يعني أن نصر الله يريد إقناع الناس بما ليس قائماً قطعاً. فما دامت الصين وروسيا قادرتين على حل الأزمات فلماذا لا تحلان أزمة إيران وتساعدانها على الخروج من شرنقة العقوبات الأميركية؟ وما دامت الصين قادرة إلى هذا الحد على مواجهة الولايات المتحدة، فلماذا تسعى بكل ما أوتيت من حنكة ودهاء لعقد صفقة مع واشنطن، تجنّبها استمرار التراجع في ناتجها القومي؟ وما دامت روسيا قوية إلى هذا الحد، فلماذا لا تساهم في إعمار سوريا التي تستعمرها؟

هذه الأسئلة البديهية لا تحتاج إلى خبراء اقتصاديين للإجابة عنها، فهي بديهية إلى الحد الذي لا تخفى أجوبتها على أحد. مع ذلك يخرج زعيم أكبر قوة سياسية في لبنان ليطرح خططاً غير واقعية على اللبنانيين بوصفها الحل المنشود، محاولاً إقناعهم بأن "الآخرين" هم مَن يعرقل مثل هذه الخطط الناجعة.

"مرة أخرى، يجدر باللبنانيين تحمّل ما لا طاقة لهم على حمله، لمجرد أن حزب الله قرر مقاتلة العالم نيابة عن إيران التي تسعى بكل ما تملك من حنكة وحيلة لعقد صفقات مع الغرب الذي يحمّله نصر الله مسؤولية المؤامرات"
يقترح أمين عام حزب الله حسن نصر الله إقامة شراكة بين لبنان والصين وروسيا وإيران... هذا الطرح يمثل إعلاناً للبنانيين بأن الأزمة لن تُحلّ حتى لو تمت محاسبة الفاسدين، وأن البلد يسارع الخطى نحو هاوية عميقة، لن يسلم منها أحد"

إقرار نصر الله باستعصاء الحلول لن يقف عند هذا الحد على الأرجح. فإما سيعمل على استعداء مَن يتهمهم بعرقلة الحلول التي يطرحها، وهذا الاستعداء سيكون مكلفاً للبنان واللبنانيين، وإما أنه يريد من اللبنانيين براءة ذمة تفيد بأن مشاركة حزبه في السلطة كانت صورية، وبأن السلطة الحقيقة تقبع في مكان آخر.

وإذا صح الافتراض الأخير، يكون حزب الله قد التحق أخيراً بكل أركان السلطة الآخرين الذين سقط بعضهم في الشارع وأعلن بعضهم الآخر جهراً أو سراً أنه لم يكن شريكاً فيها وأن مكاسبه منها لم تكن بالشيء الذي يوجب عليه الدفاع عنها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image