خلافاً لغالبية نواب البرلمان المصري المعروفين بدعمهم الكبير للرئيس عبد الفتاح السيسي، يعد النائب أحمد الطنطاوي صوتاً مختلفاً، إذ لا يتوقف عن المطالبة بإصلاحات سياسية حقيقية في بلاده، كان أحدثها إطلاقه يوم 3 تشرين الثاني/نوفمبر، مبادرة إصلاحية طالب من خلالها برحيل السيسي عام 2022.
وكان البرلمان وافق بأغلبية كبيرة في نيسان/أبريل الماضي، على تعديلات دستورية تسمح ببقاء السيسي في السلطة حتى 2034، لكن حينذاك خرج الطنطاوي بمفرده ليعلن رفضه هذه التعديلات قائلاً إنه لا يحب السيسي، ولا يثق في أدائه، وليس راضياً عنه، معتبراً أن هذا حقه كمواطن قبل أن يكون نائباً.
وقبل يومين، طرح الطنطاوي مبادرة من 12 محوراً رئيسياً للإصلاح السياسي تهدف لدولة ديمقراطية حديثة، وفق قوله.
وفي مقطع مصور رفعه على قناته الرسمية على يوتيوب، مساء 3 تشرين الثاني/نوفمبر، قال إنه تقدم بمذكرة لرئيس البرلمان علي عبد العال لتشكيل 12 لجنة برلمانية لمناقشة مبادرته من أجل الخروج مما وصفه بالأزمة التي تشهدها بلاده.
وطالب الطنطاوي كذلك بإلغاء التعديلات الدستورية التي تسمح للسيسي بالبقاء في السلطة حتى 2034، على أن يترك الحكم في 2022، ويدعو لانتخابات رئاسية مبكرة لا يكون مترشحاً فيها، بالإضافة إلى إلغاء حالة الطوارئ الكاملة التي تشهدها البلاد، فضلاً عن الإفراج عن المعتقلين السياسيين.
المبادرة التي وصفها مصريون بالجريئة، تضمنت كذلك مناقشة اقتصاد القوات المسلحة، إذ يرى مراقبون أنه نما بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، إلى جانب إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة، وإعادة هيكلة مؤسستي القضاء والداخلية بما يتناسب مع مواجهة الإرهاب والفساد وفي الوقت نفسه الاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر.
الإعلام المصري يهاجم النائب
وجد الإعلام المصري - المقرب بمعظمه من النظام - في مبادرة الطنطاوي فرصة لمهاجمته واتهامه مجدداً بخدمة أجندة جماعة "الإخوان المسلمين" التي تصنفها الحكومة المصرية جماعة إرهابية. وكثيراً ما تطلق صحف مصرية على الطنطاوي مصطلح "فتى حمدين صباحي المدلل"، في إشارة إلى قربه من المرشح الرئاسي السابق.
على سبيل المثال، رأت صحيفة "الفجر" إنه ما إن تم الإعلان عن المبادرة "حتى سارعت الحسابات الإخوانية والقنوات الإرهابية، لاستغلالها، لإشاعة الفوضى واليأس بين أوساط المواطنين". وقالت الصحيفة المقربة من النظام إن المبادرة "تطرقت إلى الأزمة السياسية، برغم عدم وجود أزمة سياسية في الأساس".
خلافاً لغالبية نواب البرلمان المعروفين بدعمهم الكبير للسيسي، يعد النائب أحمد الطنطاوي صوتاً مختلفاً، وقد طرح مؤخراً مبادرة إصلاحية تطالب برحيل الرئيس عام 2022... فمن هو الطنطاوي وماذا قال لرصيف22 عن مواقفه؟
انتمى إلى "حزب الكرامة" الناصري الذي أسسه حمدين صباحي وأمين اسكندر، ثم استقال منه رفضاً لترشح صباحي للرئاسة، وعارض مرسي كما عارض السيسي... من هو النائب أحمد الطنطاوي، ولماذا عاد اسمه إلى دائرة الجدل؟
بدورها، تساءلت صحيفة "صوت الأمة" عن "سر التوقيت الغريب لطرح مبادرة عن دولة ليست مأزومة"، معتبرة أن مبادرة الطنطاوي هي "الفوضى بعينها".
"همي الوحيد هو مصر"
يرى الطنطاوي، في حوار له مع رصيف22، أن اتهامات بعض وسائل الإعلام المصرية له بأنه يخدم أجندة الإخوان هي اتهامات لا تستحق الرد، معتبراً أن بعض وسائل الإعلام اختارت أن تدافع عن النظام بتشويه صورة الناس بالكذب.
ويعتبر أن مبادرته الجديدة تأتي من منطلق خوفه من انفجار مصر في أي وقت، معلقاً بأن الهجوم الذي يتعرض له سببه أنه عبّر عن عدم رضائه عن أداء السيسي، في وقت لا يرحب النظام إلا بالتأييد المطلق.
ويضيف الطنطاوي أن همه الوحيد هو مصر، إذ لا يرغب في أي مكاسب سياسية، ويرى أن النظام يجب أن يدرك أن البلاد تحتاج لحوار وطني شامل يجمع كل المصريين ما عدا المتورطين في العنف، مؤكداً أنه لا ينتظر من أي جهة صك الوطنية.
ويرفض أن يخيّر النظام الحالي المصريين بين العيش والحرية، مؤكداً أن الاختيارين حق أصيل لكل مواطن.
من هو أحمد الطنطاوي؟
ولد الطنطاوي في 25 تموز/يوليو 1979 في مركز قلين التابع لمحافظة كفر الشيخ (شمال مصر)، ودرس في كلية التجارة في جامعة المنصورة، وعام 2008 حصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، ثم الماجستير في العلوم السياسية عام 2013.
انتمى الطنطاوي إلى "حزب الكرامة" الناصري الذي أسسه صباحي وأمين اسكندر عام 1996، وتولى أمانة الحزب في مركز قلين عام 2009، وأصبح عضواً في الهيئة العليا للحزب عام 2011، ثم انتُخب عضواً في المكتب السياسي عام 2012، لكنه استقال في آذار/مارس 2014، اعتراضاً على مشاركة صباحي في السباق الرئاسي أمام السيسي، إذ كان يرى أن الانتخابات الرئاسية وقتذاك لم تكن سوى مسرحية، معتبراً أن صباحي بمشاركته ساهم في ترسيخ الحكم العسكري.
كان الطنطاوي الصوت البرلماني الوحيد الذي طالب السيسي بالإفراج عن الصحافيين الذين اعتقلوا بعد 30 يونيو/حزيران 2013، مندداً بوضع مصر المتردي عالمياً في حرية الرأي والتعبير.
إلى جانب عمله في السياسة، عمل الطنطاوي في مجال الصحافة، وهو عضو في نقابة الصحافيين المصريين، وكتب في جريدة "الكرامة" التابعة للحزب وتولى القسم السياسي فيها حتى عام 2012.
شارك الطنطاوي في ثورة يناير 2011، ثم دعم ترشح صباحي لرئاسة الجمهورية عام 2012، وكان من أشد المعارضين للرئيس الأسبق محمد مرسي، فتظاهر ضده في 30 حزيران/يونيو 2013، لكنه في ما بعد عارض ترشح السيسي لرئاسة الجمهورية لكونه "ضد الحكمين الديني والعسكري على السواء".
رشح نفسه لانتخابات مجلس النواب الأخيرة مستقلاً، وفاز بدائرة دسوق وقلين في محافظة كفر الشيخ، ثم انضم إلى تحالف 25/30 وهو تحالف المعارضة الوحيد داخل مجلس النواب.
عرف عن طنطاوي معارضته الشديدة لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية التي قضت بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وقد اتهم حينذاك الحكومة بعدم احترام الدستور في إقرار الاتفاقية، كما اتهم النواب بخيانة ناخبيهم بالتنازل عن أرض مصرية، وبلغ غضبه حداً حطم معه الميكروفون أثناء حديثه.
كما كان الطنطاوي الصوت البرلماني الوحيد الذي طالب السيسي بالإفراج عن الصحافيين الذين اعتقلوا بعد 30 يونيو/حزيران 2013، مندداً بوضع مصر المتردي عالمياً في حرية الرأي والتعبير.
في المقابل، كثيراً ما طالب مقربون من النظام برفع الحصانة عنه ومحاكمته. وعلى سبيل المثال، قدم المحامي المقرب من النظام أيمن محفوظ بلاغاً للنائب العام، في حزيران/يونيو الماضي، مطالباً برفع الحصانة عن الطنطاوي، بعدما قبضت السلطات على مدير مكتبه في القضية التي عرفت حينذاك بـ"خلية الأمل".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...