في مكان سري في إسبانيا، التقى موقع ميدل إيست آي البريطاني، بالمقاول والفنان المصري المعارض محمد علي، الذي حققت مقاطع فيديو نشرها في الأسابيع الماضية تحدث فيها عن الفساد في الجيش المصري، انتشاراً واسعاً ساهمت إلى حد كبير في خروج مئات المصريين في تظاهرات محدودة، لكنها غير مسبوقة في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وبحسب تقرير نشره الموقع المحسوب على قطر، يوم 15 تشرين الأول/أكتوبر، قال محمد علي إنه لن يتوقف عما يقوم به حتى يرحل السيسي الذي وصفه بالديكتاتور.
"مشروع مراقبة الإنترنت في مصر تموله دولة الإمارات".
وقال علي صراحة إن هدفه هو إسقاط السيسي، مضيفاً أنه يعمل بشكل مستقل تماماً، نافياً وجود أي شخص أو منظمة تقف وراءه، وشدد على أنه لا ينتمي إلى أي مجموعة معارضة أو فصيل منشق داخل الجيش المصري، وإلا أصبح بإمكانه إطاحة الرئيس المصري، وفق قوله.
ومع معاناة المصريين في ظل الاقتصاد المتدهور وإجراءات التقشف التي تنفذها الحكومة، قُوبلت قصص علي عن القصور الفخمة التي بنيت للسيسي باستخدام الأموال العامة بالغضب العارم.
وإن لم يحقق فيلم "البر التاني" الذي أنتجه وقام ببطولته محمد علي في العام 2016 أي نجاح في دور العرض، لكن فيديوهاته التي بدأ في بثها مطلع أيلول/سبتمبر الماضي، واتهم فيها السيسي وغيره من كبار المسؤولين في الدولة بالفساد، نجحت كثيراً.
وفي حواره مع ميدل إيست آي، قال علي: "لو كانت هناك مجموعة ورائي، لساعدتني، بدلاً من أن أجلس في مكان مهين، بمفردي".
وخلال يومي جمعة متتاليين، هما 20 و27 أيلول/سبتمبر، اندلعت احتجاجات محدودة في جميع أنحاء مصر، قابلتها السلطات بحملة قمع كبيرة على المعارضة، انتهت باعتقال ما لا يقل عن 3000 شخص، منهم نشطاء معروفون وصحافيون ومحامون.
وفي فيديوهاته شجع علي المصريين على التظاهر، لكنه يقول إنه لم تظهر بعد أي جماعة قادرة على قيادة الاحتجاجات وتتحدى حكومة السيسي حقاً.
وقال إن هذا يتناقض مع الفترة المضطربة بين ثورة مصر في العام 2011 وأحداث العام 2013 التي أزاحت حكم الإخوان ووضعت السيسي في السلطة، إذ "تنافس الجيش والإخوان على السيطرة" بحسب تعبيره. وتابع علي: "هل هناك أي مجموعة أخرى ظهرت في مصر اهتمت بالسيطرة على البلاد؟ الإجابة لا". وأضاف "إذاً أين هي المجموعة التي سأنتمي إليها؟ أنا أعتبر بقية المجموعات ضعيفة للغاية".
"حاولوا جذبي إلى السفارة"
بعد أن بث أول مقطع فيديو له، حاولت الحكومة جذب محمد علي إلى سفارتها في مدريد، على حد قوله، وقال له مسؤول لم يحدد اسمه: "المسؤولون انزعجوا مما حدث لك، وأنت رجل محترم، وأنت ابننا". ويضيف علي أن المسؤول قال له كذلك: "أنت عزيز علينا، لذا تعال إلى السفارة ودعنا نجلس معاً". مشدداً على أنه رفض هذا العرض.
وسأل ميدل إيست آي علي هل محاولة جذبه للسفارة يمكن أن تكون بهدف أن يفعلوا به ما فعلته السعودية مع الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي اغتيل في قنصلية بلاده باسطنبول، رفض علي هذا الطرح، وقال: "لا أعتقد أنه كان من الممكن أن يتم ذلك معي"، لكنه أضاف "الله أعلم بالطبع ، أنا فقط أعطي تحليلات".
"أنا لست سبايدرمان. يمكن لأي شخص استئجار عصابة لقتلي. كنت أعرف أنني أعرّض حياتي للخطر مع أول فيديو قمت بنشره"… في أول حوار صحافي معه، المقاول المصري محمد علي يكشف أسراراً يبوح بها لأول مرة
الفنان والمقاول محمد علي يقول إن أحد المشاريع العقارية التي عمل عليها في مصر، هو مبنى متعدد الطوابق تستخدمه المخابرات العامة المصرية لإيواء "جيش السيسي الإلكتروني"، مضيفاً أن مهمة هذا الجيش هي مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي
وتابع علي قائلاً إنه اضطر لمغادرة مصر وفضح ما قال إنه "مخالفات" النظام، بعد أن فشلت الحكومة مراراً في دفع مستحقات شركته مقابل العمل الذي أنجزه لها. مؤكداً أنه بعد ظهوره من إسبانيا، عرضت عليه الحكومة دفع مستحقاته مقابل العودة إلى الوطن. قال: "قالوا لي إنهم سوف يعطونني أموالي وأكثر" بشرط أن "تهدأ، لا تصنع المزيد من مقاطع الفيديو ولا تتحدث".
وقال علي إن محاولات تكميمه لم تقتصر على الرشوة، موضحاً أنه عاش تحت تهديد دائم بالاغتيال. "لقد تلقيت عدداً لا يصدق من التهديدات ... يقولون لي نحن نعرف أين أنت، سنجدك ذات يوم".
وتابع: "أنا لست سبايدرمان. يمكن لأي شخص استئجار عصابة لقتلي. كنت أعرف أنني أعرّض حياتي للخطر مع أول فيديو قمت بنشره".
"ضباط صغار تضامنوا معي"
على الرغم من أن علي ينفي حصوله على دعم كبير في أجهزة الأمن المصرية، قال إنه يتعاطف مع صغار الضباط في الجيش المصري، زاعماً أن "الضباط الصغار الذين لا يتمتعون بسلطة اتخاذ القرار، والذين لا يستطيعون حل الوضع، يتضامنون معي".
وقال إنه حين كان في مصر ناقش مشكلته المتصلة بالحصول على مستحقاته من الحكومة مع هؤلاء الضباط الذين، حسب قوله، أعربوا عن استيائهم من إدارة السيسي للبلاد.
وأضاف أن الضابط في مصر "لا يستطيع التحدث لأنه سيتم إرساله إلى محكمة عسكرية. لكن هل تحدث معي جنرالات الجيش المهمون؟ لا، هذا لم يحدث بالطبع"، وتابع: "في البداية، عندما كنت في مصر، اعتادوا أن يقولوا لي إننا نأمل أن يختفي السيسي، لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ وعندما أتيت إلى هنا، اعتاد الضباط الصغار أن يشتكوا ويهينوه".
ووفق علي فإن المتعاطفين معه في الجيش بعثوا له برسائل بعد نشر أول فيديو له ينتقد فيه السيسي، لكن "عندما بدأ القبض على الناس، اختفى الجميع".
جيش السيسي الإلكتروني
وقال علي في حواره مع الموقع إنه من المشاريع العقارية التي عمل عليها مبنى متعدد الطوابق تستخدمه المخابرات العامة المصرية لإيواء ما أطلق عليه المقاول "جيش السيسي الإلكتروني".
وقال إن مهمة هذا الجيش هي مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف: "جزء من وظيفته هو أن يعلق تعليقات إيجابية على جميع الفيديوهات الخاصة بالسيسي"، وكشف عن أن مشروع مراقبة الإنترنت في مصر تموله دولة الإمارات، وتابع "لقد حصلت على أموالي من المساعدات الإماراتية".
"أحياناً أضحك لأنني بنيت هذا من أجلهم والآن يستخدمونه ضدي. كلما قمت بنشر شيء ما، يعلقون عليه على الفور". قال علي.
وأكد أن مئات الموظفين يعملون في المبنى، وأن هنالك بعض الضباط، ولكن معظمهم من المدنيين.
وفي الحوار رفض علي الاعتذار عن تورطه مع الجيش والحكومة في الماضي، قائلاً إنه لم يكن على علم بأن الفساد كان متفشياً في الجيش حين كان يعمل معه في السنوات الأولى.
وكثيراً ما يتعرض علي لانتقادات من مستخدمين لأنه كان متعاقدًا مع الجيش والحكومة لمدة 15 عاماً.
وذكر أن الجيش يتمتع بسمعة ممتازة بين الجمهور المصري، وينظر إليه كنموذج للكرامة وحسن الخلق، وقال: "عندما بدأت العمل اكتشفت الفساد تدريجياً. لم أكتشف ذلك عندما بدأت لأول مرة، استغرق الأمر سنوات".
وأضاف: "لاحظت الأمور تدريجياً حتى وصلت إلى قمة هرم الفساد عندما بدأت في بناء قصور السيسي. ومنذ ذلك الحين بدأت أفهم الصورة الكبيرة للفساد وكيف يتخذ رئيس الدولة القرارات ".
وأكد علي أنه ليس من عائلة سياسية، وأضاف أنه لم يتلق التعليم المناسب. "كنت أعمل على إعالة أسرتي منذ أن كان عمري 15 عاماً".
ووجه علي رسالة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصف السيسي بأنه ديكتاتوره المفضل: "أنت مستعد للقاء قاتل، ديكتاتور، لا يهمك من هو. أنت تهتم فقط بتلقي الأموال". وقال ساخراً "ربما نحتاج إلى توفير بعض المال" لإعطائه للرئيس الأمريكي، "ثم يمكننا أن نطلب منه التخلي عن السيسي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون