شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
التونسية الحائزة على جائزة رائف بدوي للصحافيين حنان زبيس لرصيف22: الصحافة تساهم في التغيير

التونسية الحائزة على جائزة رائف بدوي للصحافيين حنان زبيس لرصيف22: الصحافة تساهم في التغيير

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 31 أكتوبر 201903:01 م

"الجائزة هي تكريم لمسيرتي الصحافية التي تمتد على مدار سبعة عشر عاماً، ولكنها أيضاً تكريم لجيل كامل من الصحافيين التونسيين والعرب الذين يؤمنون بدورهم في محاربة الفساد والمفسدين، والدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان والأوضاع الصعبة، وخصوصاً منذ بدء الربيع العربي"، هذا ما قالته الصحافية حنان زبيس، الفائزة بجائزة رائف بدوي للصحافيين الجسورين للعام 2019، في لقاء خاص معها لرصيف22. 

تشغل حنان زبيس منصب رئيسة اتحاد الصحافة الفرنكوفونية في تونس، وتعمل كمدربة معتمدة في الصحافة الاستقصائية من قبل منظمة أريج وعدة منظمات دولية أخرى.

استلمت زبيس الجائزة التي تقدمّها سنوياً مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية، وهي مؤسسة ألمانية لدعم انتشار السياسات الليبرالية في ألمانيا. كما تحدثت في العديد من المدن الألمانية عن عملها الصحافي للصحافيين والمهتمين وطلبة الجامعات.

رائف بدوي، الذي سُمّيت الجائزة باسمه، هو مدون سعودي ألقت السلطات السعودية القبض عليه العام 2012، على خلفية انتقاده الهيئة الدينية في السعودية، وأطلقت زوجته إنصاف حيدر بمشاركة الصحفي ومقدم الأخبار الألماني كونستانتين شرايبر الجائزة، بُغية إبقاء بدوي وقصته ضمن "دائرة الوعي العام".

عن الجائزة، قالت زبيس: "لم أكن أعرف هذه الجائزة مسبقاً، فقد تلقيت اتصالاً منها لإعلامي بأن تحقيقاتي الاستقصائية مرشحة للفوز بالجائزة، وعندما بحثت وجدت إنها جائزة مهمة، فاز بها صحافيون قدموا الكثير لمجتمعاتهم ولحرية الصحافة وكانت مسيرتهم الصحافية مهمة، كالصحافي والحقوقي المغربي علي أنوزلا في 2015، وفي راديو عراقي موجه للنازحين في2016، بينما ظفر بها عام 2017 الصحفي التركي أحمد شيك، الذي اعتقل بتهمة الترويج لتنظيم إرهابي، فيما حصلت عليها في العام 2018 شبكة إعلاميون من أجل صحافة عربية استقصائية (أريج). ولكنني لم أتوقع الفوز بها، فكانت مفاجأة رائعة".

نحنكصحافيين مستمرين في عملنا حتى يأتي مناخ سياسي يتخذ إجراءات مهمة لمحاسبة الفاسدين

وتابعت: "سُعِدتُ بالجائزة لأنها تكريم لمسيرتي الصحافية الطويلة والشاقة، منها ثماني سنوات في مجال الصحافة الاستقصائية، وهو نوع صعب وشاق من الصحافة، ولكنه ممتع ويساهم مساهمة كبيرة في إحداث التغيير وكشف الملفات العميقة".

تونس هي نقطة ضوء في المنطقة

واعتبرت حنان أن هذه الجائزة تأتي أيضاً لإلقاء الضوء على ما حدث في تونس منذ العام 2011، وتتابع: "من توفر المناخ للقيام بدورنا كصحافيين، وكسلطة رابعة، وتقديمنا عملاً صحافياً جدياً لتغيير المجتمع ومحاربة المفسدين، كما إنها تكريم لتجربة تونس ولمسارها وتجربتها القصيرة في الديمقراطية في العالم العربي، فعلى الرغم من أوضاعه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الصعبة إلا أنه يمثل نقطة الضوء في المنطقة، ومثال للديمقراطية الصاعدة بجهود شعبها".

وتضيف: "خلال ثماني سنوات، هناك مناخ لحرية التعبير يكفله القانون والدستور، من بينها قانون النفاذ إلى المعلومات وقانون حماية المُبلغين والمرسومان 115 و116 المُنَظِّمان لقطاع الصحافة، فضلاً عن إنشاء الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري، وهو ما ساعد في الكشف عن الفاسدين، وهو مناخ مشجع للصحافة الاستقصائية، بالإضافة إلى أنه منذ العام 2011، تلقى العديد من الصحافيين التونسيين التدريب على الصحافة الاستقصائية، وقاموا بتحقيقات مهمة واستطاعوا إحداث تغيير في مجتمعاتهم".

وتتابع: "إلّا أن تغييراً جذرياً لم يحدث، وذلك بسبب ضعف الدور الذي تقوم به السلطة القضائية والتنفيذية بعد كشف الصحافيين عن الفساد والمفسدين، حيث يبدأ التحقيق القانوني معهم، والذي يفضي عادة إلى إجراء ضعيف، أو غلق للملفات أو استمرارها لسنوات بحيث لا يكشف عن رغبة حقيقية في معاقبة المفسدين".

وأضافت: "وهو ما يخلق حالة من الإحباط نوعاً ما، ولكننا كصحافيين مستمرين في عملنا حتى يأتي مناخ سياسي يتخذ إجراءات مهمة لمحاسبة الفاسدين".

"الجائزة هي تكريم لمسيرتي، ولكنها أيضاً تكريم لجيل كامل من الصحافيين التونسيين والعرب الذين يؤمنون بدورهم في محاربة الفساد والمفسدين، والدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان والأوضاع الصعبة، وخصوصاً منذ بدء الربيع العربي"

أكدت حنان زبيس أن حصولها على الجائزة يسلط الضوء على الصحافة الاستقصائية في الوطن العربي عامة، وفي تونس خاصة، وعلى المستوى الشخصي، فإنها تحفزها على مواصلة العمل على كشف المزيد من الظواهر والتجاوزات.


صحافة الاستقصائية قيمة مضافة لعمل الصحافيين

"فتحت لنا الصحافة الاستقصائية مجالاً لم يكن موجوداً في السابق، فأصبحنا نعطي الموضوعات التي نعمل عليها وقتاً وجهداً وطاقة أكبر، وندخل في العمق، ونجمع الكثير من الحقائق التي لا يتم تغطيتها في العمل الصحافي اليومي"، قالت زبيس.

وأشارت إلى أن هذا النوع من الصحافة يعطي الصحافيين الذين تم تدريبهم، المجال للاستثمار في هذا النوع من الصحافة الذي يعطي قيمة مضافة لعملهم حين يقطفون ثماره.

ولخصت التحديات التي تواجه الصحافيين اليوم العاملين في مجال الصحافة الاستقصائية في: "أن وسائل الإعلام اليوم لا تقبل على هذا النوع من الصحافة لعدة أسباب منها أنه مكلف بالنسبة لها، كما أنها لا تريد توفير الوسائل اللازمة للصحافي للوصول إلى المعلومات والحقائق، كما أنها تقلل من أهمية النتائج التي قد تحققها هذه التحقيقات من نسبة القراء والمتابعين، وهو تفكير خاطئ، فالعديد من أكبر صحف العالم لديها اليوم أقسام خاصة بالصحافة الاستقصائية، كما أن عدد قراء هذه التحقيقات مرتفع، في الوقت الذي تشهد فيه الصحافة التقليدية تراجعاً في عدد القراء والمتابعين".

نموذج تحقيق... عن رياض الأطفال القرآنية في تونس

أنتجت زبيس ونفذت عشرات التحقيقات الاستقصائية طيلة السنوات الماضية، ولعل أشهر تحقيقاتها باللغتين العربية والفرنسية: "ملفات الزرع الطبي: فضيحة اللوالب القلبية المنتهية الصلاحية، القضية لم تغلق بعد" و"تونس : محضر (التريّث) الذّي عرّى الفساد في قطاع الذهب"، و"رياض الأطفال القرآنية في تونس: مختبر لتكوين نخبة وهابية"، الذي قالت عنه: "لم يكن موضوع هذا التحقيق الذي يركز على رياض الأطفال غير القانونية والتي تقوم على تربية الأطفال على التطرف الديني وتنتج مجاهدين متطرفين وتكفيريين، سهلاً، كما أن طريقة العمل فيه كانت أصلية".

عن سيرورة عملها على التحقيق، قالت: "تمكنت من دخول رياض الأطفال هذه متخفية، مرة لتدريب مربيات الأطفال ومرة كمربية أطفال، بكاميرا خفية، وثقت ما يحدث داخل هذه الرياض من عملية غسيل للدماغ ومنع سماع الموسيقى، ومحاولة التأثير على الوالدين عن طريق طفلهما، بالإضافة لمعاملتهم معاملة صارمة تصل لمرحلة عدم احترام حقوقهم كأطفال، وما يمثله ذلك كله من خطر في المستقبل لما تقوم به هذه الرياض من إعداد جيل كامل من المتطرفين".

بدأت هذه الظاهرة في الظهور والانتشار في المجتمع التونسي في العام 2011، وبدأت حنان العمل عليها في العام 2013، التي أوضحت: "كانت هذه الفضاءات ولا زالت غير قانونية، ورغم فضح التحقيق خطورتها وقيام الدولة بإغلاق ما يقارب المائة فضاء في العام 2014 كأحد نتائج التحقيق الاستقصائي، إلا أن هذه الفضاءات استمرت في الانتشار حتى بلغ عددها الآن أكثر من 1200 فضاء، فيما كانت لا تتجاوز الأربعين فضاءً عندما أعددت التحقيق".

وترى حنان أن عدم الوعي بخطورة هذه الفضاءات وعدم محاربة الدولة لها أدى إلى تكاثر أعدادها، كما كشف تحقيق مؤخراً بأن عدد من الأطفال في هذه الرياض تعرضوا لاعتداءات جنسية واغتصاب، وقامت الدولة لامتصاص غضب الناس بسجن مالك الفضاء 6 أشهر وإغلاق الفضاء، فيما غضت النظر عن بقية الفضاءات".

وتوضح زبيس: "هدفي من إجراء التحقيق هو لفت الانتباه لهذه الظاهرة، والسعي لتغيير هذا الواقعة لكن ذلك للأسف ليس على أجندة السياسيين السابقين الذين خرج التحقيق في أيامهم ولا السياسيين الحاليين، خصوصاً وأنه بعد الانتخابات الأخيرة في تونس، وجدنا أنفسنا في نفس المناخ السياسي الذي ظهرت فيه هذه الفضاءات".

وعما إذا كنت قد تعرضت لأي تهديد أو اعتداء قالت زبيس: "لم أتعرض لذلك، لأن القائمين على رياض الأطفال هذه لم تتم معاقبتهم، ولم يتم التحقيق قانونياً في هذه الظاهرة من قبل المسؤولين في الدولة، وهذا ما يحبطنا نحن كصحافيين في تونس".

مواصلة كشف الفساد

أكدت حنان زبيس أن حصولها على هذه الجائزة يسلط الضوء على الصحافة الاستقصائية في الوطن العربي بشكل عام، وفي تونس بشكل خاص، وعلى المستوى الشخصي، فإنها تحفزها على مواصلة العمل على كشف المزيد من الظواهر والتجاوزات.

وأشارت إلى أن عدداً من المصادر والمبلغين قد قاموا بالفعل بالاتصال بها بعد فوزها بالجائزة للكشف عن ملفات فساد وتوفير مستندات ووثائق تكشف ذلك.

واختتمت حديثها: "الجائزة هي مكافأة للعمل الصحافي الاستقصائي وسينمي الرغبة لدى الصحافيين الجدد للعمل في هذا المجال، والكشف عن الفساد وتغيير الواقع التي تعيشه مجتمعاتهم".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard