شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"طريق مسكّر يا حلو"... جدل بين اللبنانيين حول مشروعية قطع الطرقات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 28 أكتوبر 201904:29 م

"اثنين السيارات" كان الاسم الذي اختاره اللبنانيون لليوم الـ12 لانتفاضتهم الشعبية.

"لأن الدواليب فيهن يطفوهن، والتراب فيهن يجرفوهن"، أتت الدعوة إلى قطع الطرقات بالسيارات في عدة مناطق لشل الحركة المرورية وإجبار الحكومة على الاستماع لهم والاستجابة لمطالبهم.

مع بدء التحرك ليل الاثنين في هذا الاتجاه، تصاعد النقاش بشأن مشروعية استغلال قطع الطرقات كوسيلة احتجاجية، في وقت توزعت الآراء بين فريق "محرض" وفريق "الفرصة الأخيرة" وما بينهما.

"بكرا إضراب عام… حنسكر الشوارع"

اعتمد المحتجون هذه الوسيلة المبتكرة لتعزيز المعوقات التي يغلقون بها الطرقات، بعدما استمر إغلاقهم الطرقات في الأيام الماضية بالكتل الخرسانية أو الأطر المشتعلة أو بافتراش الإسفلت... الأساليب التي لم تفلح كثيراً مع التدخل الأمني لفتح الطرقات، بالتفاوض حيناً وبالجرافات حيناً آخر.

"ليش مسكرة الطرقات؟"

عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حث العديد من النشطاء المواطنين إلى الانضمام لحملة غلق الطرقات بالسيارات، موضحين بعض الأهداف بـ: "لأنو بس ينشل (حركة) البلد بينسمع صوتنا" و"لأنو لأول مرة عم نقرر مصيرنا ولازم تقرر معنا" و"حتى لا ينقطع الأمل" و"هالمرة من أجل الشعب وليس لمرور موكب"، ولأن "منسكر الطرقات حتى تفتح بوجهك".


وأشار محتجون إلى أن السيارات وسيلة فعالة لغلق الطرقات من دون تمكن الجيش من فتحها، لأن إشعال الأطر المطاطية سهل إخماده، وهدم الحواجز الترابية والأسمنتية ليس صعباً على السلطات، مدللين على ذلك بحادثة قالوا إن "زوجة عميد دهست خلالها متظاهرة احتجاجاً على قطع الطرقات".

واعتبر مغردون أن ابتكار هذا الأسلوب دليل على أن الشعب اللبناني "عنيد" ولا يعدم حيلةً في إصراره على تحقيق مطالبه، ودليلاً على "حضارية" حراكه الشعبي السلمي أيضاً.

وذهب معلقون إلى أن هذا المشهد "تأخر كثيراً" وكان ينبغي أن يحدث في أزمات عديدة مر بها الشعب اللبناني، ومنها رفع أسعار الوقود.

أما المؤيدون لقطع الطرقات كوسيلة ضغط على الحكومة فقد انتقدوا بشدة الرافضين لهذه الوسيلة بعدما "تأفف بعض المواطنين من إغلاق الطرقات كتعبير عن وجع الشعب"، مذكرين بالمدة التي رضخوا فيها للفساد من دون شكوى.

واستهجنوا دعوات بعض الوزراء والمسؤولين إلى فتح الطرقات خشيةً على "مستقبل لبنان الاقتصادي"، داعين "الخائفين منهم على مصلحة البلد" إلى الاستقالة.

"اثنين السيارات" كان الاسم الذي اختاره اللبنانيون لليوم الـ12 لانتفاضتهم الشعبية، وسط تصاعد النقاش بشأن مشروعية استغلال قطع الطرقات كوسيلة احتجاجية، فتوزعت الآراء بين فريق "محرض" وفريق "الفرصة الأخيرة" وما بينهما

"لأنو بس ينشل (حركة) البلد بينسمع صوتنا" و"هالمرة من أجل الشعب وليس لمرور موكب"، ولأن "منسكر الطرقات حتى تفتح بوجهك"... شعارات واكبت الدعوة لقطع الطرقات في لبنان، وسط انتقادات شديدة طالت مشروعية الفكرة وصحتها 

في الإطار نفسه، أعربوا عن دهشتهم من اتهامات بعض الساسة للحراك بعدم التحضر في وسائل اعتراضه بينما هم يتعاملون بالسب والشتائم في ما بينهم.

كما ذكّر محتجون بإقفال الطرقات أمام الناس لأجل مواكب المسؤولين في مناسبات عديدة، وبإقفال مناطق حول منازل المتنفذين ومراكز جهات سياسية. وكان قد انتشر فيديو لموكب مسؤول وهو ينتظر من دون أي ردة فعل بسبب إغلاق الطريق.


"سكر يا شعبي الطريق، تبكرا يحلى"

وعمد المتظاهرون في الكثير من المناطق إلى التأكيد على سلمية احتجاجهم وشرح غرضهم من غلق الطرقات بالغناء أو الرقص أو حتى ممارسة رياضتهم الصباحية وهم يفترشون الطرقات ويغلقونها.

انتظم البعض في صف "يوغا" على جسر الرينغ، وغنى المحتجون الذين يغلقون طريق القنطاري- الحمرا للمارة "هيلا هيلا هيلا هيلا هو طريق مسكر يا حلو"، وأيضاً "سكر يا شعبي الطريق تبكرا يحلى، ولما بتمرق الإسعاف نحنا منفتحلها لا تعصب عليي كثير، جينا كرمال الفقير".

لكن بعض المواطنين رأى في هذه الأساليب "تسخيفاً للثورة" ومحاولة "مستهترة" للتعتيم على "عمق الوجع" الذي تعبر عنه الانتفاضة.

ضد الشعب أم ضد الساسة؟

الفريق المعارض لقطع الطرقات، ومنه بعض المتظاهرين والمؤيدين للانتفاضة وغالبيته من المعارضين للحراك بالأساس، روّج للتساؤل "من أكثر تضرراً لدى قطع الطريق الشعب أم الساسة؟"، مؤكداً أن قطع الطرقات يعني وقف إمدادات الخبز والوقود والدواء وغيرها.

تحدث بعض الغاضبين من قطع الطرقات عن تحول مسار الحراك المعيشي بمطالبه المشروعة إلى "بلطجة"، بينما ينشغل الفاسدون بتحويل أموالهم إلى خارج البلاد.

وتحدث بعض الغاضبين من قطع الطرقات عن تحول مسار الحراك المعيشي بمطالبه المشروعة إلى "بلطجة"، بينما ينشغل الفاسدون بتحويل أموالهم إلى خارج البلاد.

يُذكر أن المعارضين للانتفاضة اللبنانية استغلوا مشهد السيارات المتوقفة على الطرف للسخرية من أن الذين قاموا بـ"ثورة الجياع" يمتلكون "سيارات من أحدث طراز".

تحريض ضد المتظاهرين

لكن الفريق الأشد عداءً لقطع الطرقات، وللانتفاضة بوجه عام، قام بتحريض السلطات والجيش، والمواطنين، ضد السيارات القاطعة للطرق داعياً إلى "سحقها أو حرقها أو سرقتها". واستخدم بعضهم وسم "اثنين الجرافات" بدلاً من "اثنين السيارات"، في إشارة إلى جرافات الجيش المستعملة في فتح الطرقات.

وروّج بعض هؤلاء لـ"طرق سحق السيارات" معتبرين ذلك "الحل الوحيد" لإنهاء هذا المشهد، فيما نبّه آخرون إلى إمكانية "أخذ ما يلزم" من هذه السيارات، واصفين أصحابها بـ"الزعران".

حالة الطرقات

ميدانياً، استمر إغلاق طرق: غزير بالاتجاهين متسبباً في زحمة خانقة على الطريق البحرية، وأوتوستراد الزوق بالاتجاهين، وطريق العقيبة، والطريق الساحلية في البترون.

أما في نطاق العاصمة بيروت، فأغلقت الطرقات في جل الديب وجسر الرينغ والصيفي والشفرولية وساحة ساسين وفردان.

وحدثت مشادات بين المارة والمتظاهرين في عدة مناطق، بينها جسر الرينغ ومنطقة البترون ومنطقة الشفرولية والشويفات.

وفي صيدا، تمكن الجيش من "فتح كل الطرقات الرئيسية والفرعية أمام المواطنين بعد عملية كر وفر بين قواته والمحتجين منذ الصباح"، بحسب الوكالة اللبنانية الوطنية للإعلام. لكن الطريق عند ساحة تقاطع إيليا ظل مقفولاً.

واستعادت مدينة النبطية حركتها الطبيعية واستؤنف العمل في الإدارات الرسمية في السراي الحكومي فيها بشكل طبيعي، ما عدا المصارف.

وأزالت جرافات الجيش الإطارات المشتعلة لإغلاق الطرقات في بلدة عيات بالجومة وكفر رمان، كما أعيد فتح طريق الشويفات بالاتجاهين، وأوتوستراد خلدة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image