أثارت قضية الطفلة جنة وتعذيبها على يد جدتها لوالدتها، الرعبَ في قلوب المصريين، وفي البعض ذكريات وقائع تحرش تعرضن له في الصغر، مما خلف أثرا في قلوبهن، نادرا ما يُمحى.
وترجع الحكاية إلى ضم الطفلة جنة إلى حضانة جدتها بعد انفصال والديها، وقد أثبت الطب الشرعي تعرّض الطفلة جنة إلى التعذيب، وأشار تقرير الطب الشرعي إلى وجود حروق نارية من الدرجتين الأولى والثانية في مناطق حساسة، أدى إلى تشوّه أعضاء الطفلة التناسلية، وأضاف التقرير وجود آثار عض بأسنان بشرية.
وتوجهت أصابع الاتهام إلى الجدة، خاصة بعد اتهام خال الطفلة باغتصابها أكثر من مرّة، فما كان من الجدة إلا تعذيب الطفلة في أعضائها التناسلية للتستر على جريمة ولدها.
"سأكون أما ديكتاتورية وجبانة"
تقول رقية، اسم مستعار (29 عاماً) تعمل في المجال الإعلامي وتسكن في القاهرة، أنها تعرّضت للتحرش الجنسي وهي في عمر السابعة، أثناء ركوبها الأتوبيس مع والدها، أحدهم وضع يده فوق يدها، ونظر لها "نظرات سيئة"، ثمّ لمس يديها بحميمية، محاولاً مسك ذراعها.
وتستطرد رقية قائلة لرصيف22: "لقد تعرضت لموقف أسوأ من ذلك، فعندما كنت في الخامسة من عمري، وأثناء جلوسي في مقعد الأتوبيس، أتى رجل كبير، وتخين، ولابس جلابية زرقا، تعمد لزق عضوه الذكري في كتفي، وكلما حاولت الابتعاد زاد من قربه، وفي النهاية ندهت على ماما، فمشي".
لا تزال رقية تشعر بتأثير تلك الاعتداءات عليها حتى هذه اللحظة، فهي لا تريد الإنجاب خوفاً من تعرّض أطفالها لهذه الاعتداءات، مضيفة أنها إذا أنجبت ستكون أماً ديكتاتورية، وشكاكة، وجبانة، بالإضافة إلى تضييق الخناق على أولادها. تقول رقية: "أخشى من المواصلات العالمة، وأرتجف من الزحام، رغم محاولاتي لتخطي الأزمة".
"إلى الآن أتذكر لحظات التحرش الجنسي التي حدثت لي في صغري، ولا أستطيع نسيانها، لدرجة أنني أحلم بهؤلاء الأشخاص قد تحرشوا بي مرة أخرى"
تقول رقية أنها إذا أنجبت ستكون أماً ديكتاتورية، وشكاكة، وجبانة، بالإضافة إلى تضييق الخناق على أولادها، خوفاً من أن يتعرضوا للتحرّش
وتحكي رنا المأمون علي (22 عاماً)، طالبة جامعية من الخرطوم، قصتها لـرصيف22: "إلى الآن أتذكر لحظات التحرش الجنسي التي حدثت لي في صغري، ولا أستطيع نسيانها، لدرجة أنني أحلم بهؤلاء الأشخاص قد تحرشوا بي مرة أخرى".
تأثير التحرش تجاوز مرحلة الأحلام، وبلغ درجة أذية نفسها، وتلذذها بذلك، تقول رنا أنها لامت نفسها كثيرا، ووصلت إلى مرحلة أذية النفس "self harm"، وجرحت نفسها، الأمر الذي منحها شعوراً بالرضا.
وتتابع رنا أن علاقاتها الاجتماعية قد تأثرت بصورة سلبية نتيجة هذه الاعتداءات، وكذلك ثقتها في نفسها، بجانب خوفها الكبير من تعرض الأطفال لمثل هذه الحوادث، مؤكدة أنها تلقت جلسات "psychotherapy"، ورغم أن الأمور بدت ترجع إلى طبيعتها، إلا أنها تستعيد ذكريات حوادث التحرش في طفولتها، إذا تعرضت لحوادث مماثلة في المواصلات أو الجامعة.
وتضيف المأمون أنها عرفت الآن، بعد أن كبرت، أن التحرش ليس خطأ منها، ويجب عدم لوم الطفل إذا لم يحك ما تعرض له من تحرش، لأنه في النهاية يكون مضطرباً، وشددت على ضرورة طلب "الضحية" للمساعدة، وأن يعرف أن الخطأ ليس خطأه.
"والدتي محت آثار التحرش"
تجربة نيرة (27 سنة) اسم مستعار، صحفية من صعيد مصر، تختلف عن سابقتها، حيث امتلكت الشجاعة بأن تخبر والدتها، وامتلكت والدتها الحكمة بأن تتصرف بطريقة تزيل آثار الاعتداء.
تقول نيرة لرصيف22 أنها تعرّضت لحادثة تحرش وهي في عمر العاشرة، حيث أوقفها غريب في الشارع طالباً منها مساعدته في ربط إطار عجلته، وإذا به يتحسس جسدها الصغير، مما أصابها بحالة من الارتباك والخوف.
وتضيف نيرة أن حالة الخوف زادت مع وصولها إلى المنزل لاعتقادها أنها ارتكبت جرماً ستعاقب عليه، إلا أن والدتها لم تعاقبها أو تشعرها بأن الخطأ منها، ولكنها حاولت أن تخفف من حدة الموقف، وإزالة ارتباك طفلتها الصغيرة.
وتؤكد نيرة أنها لم تنس تلك الحادثة وتشعرها بالسوء والارتباك والخوف كلما تذكرتها، لكن تصرّف والدتها محى كل أثر سيء لهذه الحادثة.
يعلق هاني جهشان، مستشار أول للطب الشرعي بالأردن، والخبير في حقوق الإنسان والوقاية من العنف، لرصيف22، أنَّ عواقب العنف الجنسي عديدة منها: الحمل غير المرغوب فيه، الإيدز، والتهاب الكبد الوبائي. بالإضافة إلى العواقب الوخيمة التي تصيب الصحة النفسية للضحية منها: اضطراب ما بعد الكرب، الاكتئاب، الرهاب الاجتماعي، القلق، إساءة استخدام العقاقير، والسلوك الانتحاري.
أما على المدى الطويل، يكمل جهشان، قد يشتكي ضحايا العنف الجنسي من الأعراض النفسية كالصداع المزمن، التعب، اضطرابات النوم، الكوابيس، استرجاع ذكرى الواقعة، الغثيان المتكرر، اضطرابات الأكل، آلام الحيض، والمعاناة من صعوبات في الحياة الجنسية. مضيفاً أن الضحايا يحاولون عادة تغيير نمط حياتهم، والبعض قد يواجه مصاعب في أدائه الوظيفي في العمل، أو المنزل، أو المدرسة. وقد تظهر أعراض الرهاب، مثل الرهاب من الزحام أو الرهاب من البقاء وحيداً.
"كراهية الجنس وتشنّج المهبل"
يلفت جهشان النظر إلى احتمالية حدوث خلل في الوظائف الجنسية أو تغيير في الحياة الجنسية للضحية، كالكره الشديد للجنس، واسترجاع وتذكر منظر الاعتداء أثناء ممارسة الجنس، المعاناة من مرض تشنج المهبل، واضطرابات التمتع الجنسي.
وتشير سهير لطفي، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر لرصيف22، أن التحرش والعنف الجنسي ضد الأطفال يؤثر على التركيبة الأنثوية والذكورية في سن الطفولة، ما يعمل على تدميرها أثناء فترات النمو والنضج، بجانب تدمير هوية النوع عند الأطفال، والتي تعتبر جزءاً أساسياً في تركيبتهم الإنسانية.
"يحرم الطفل من أن يكون زوجاً صالحاً، أو زوجة صالحة، بسبب تخريب تكوينه البيولوجي".
موضحة أن تدمير الطفل ينعكس في المستقبل على المجتمع والدولة، فنتيجة لتلك الاعتداءات يحرم الطفل من أن يكون زوجاً صالحاً، أو زوجة صالحة، بسبب تخريب تكوينه البيولوجي، والتي تنعكس بالضرورة على خصائصه الثقافية والفكرية والاجتماعية، ما يجعله عرضة للعلاج من الجانبين الطبي والنفسي.
وختمت لطفي كلامها محذرة: التحرش والاعتداء الجنسي على الأطفال يضرب بقسوة على المنظومة الأخلاقية للمجتمع.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يوماوجدتي أدلة كثيرة للدفاع عن الشر وتبيانه على انه الوجه الاخر للخير لكن أين الأدلة انه فطري؟ في المثل الاخير الذي أوردته مثلا تم اختزال الشخصيات ببضع معايير اجتماعية تربط عادة بالخير أو بالشر من دون الولوج في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والمستوى التعليمي والثقافي والخبرات الحياتية والأحداث المهمة المؤسسة للشخصيات المذكورة لذلك الحكم من خلال تلك المعايير سطحي ولا يبرهن النقطة الأساسية في المقال.
وبالنسبة ليهوذا هناك تناقض في الطرح. اذا كان شخصية في قصة خيالية فلماذا نأخذ تفصيل انتحاره كحقيقة. ربما كان ضحية وربما كان شريرا حتى العظم ولم ينتحر إنما جاء انتحاره لحثنا على نبذ الخيانة. لا ندري...
الفكرة المفضلة عندي من هذا المقال هي تعريف الخير كرفض للشر حتى لو تسنى للشخص فعل الشر من دون عقاب وسأزيد على ذلك، حتى لو كان فعل الشر هذا يصب في مصلحته.
Mazen Marraj -
منذ يوممبدعة رهام ❤️بالتوفيق دائماً ?
Emad Abu Esamen -
منذ يومينلقد أبدعت يا رؤى فقد قرأت للتو نصاً يمثل حالة ابداع وصفي وتحليل موضوعي عميق , يلامس القلب برفق ممزوج بسلاسة في الطرح , و ربما يراه اخرون كل من زاويته و ربما كان احساسي بالنص مرتبط بكوني عشت تجربة زواج فاشل , برغم وجود حب يصعب وصفه كماً ونوعاً, بإختصار ...... ابدعت يا رؤى حد إذهالي
تامر شاهين -
منذ 3 أيامهذا الابحار الحذر في الذاكرة عميق وأكثر من نستالجيا خفيفة؟
هذه المشاهد غزيرة لكن لا تروي ولا تغلق الباب . ممتع وممتنع هذا النص لكن احتاج كقارئ ان اعرف من أنت واين أنت وهل هذه المشاهد مجاز فعلا؟ ام حصلت؟ او مختلطة؟
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممن المعيب نشر هذه الماده التي استطاعت فيها زيزي تزوير عدد كبير من اقتباسات الكتاب والسخرية من الشرف ،
كان عيسى يذهب إلى أي عمل "شريف"،
"أن عيسى الذي حصل على ليسانس الحقوق بمساعدة أخيه"
وبذلك قلبت معلومات وردت واضحة بالكتاب ان الشقيق الاصغر هو الذي تكفل بمساعدة اهله ومساعدة اخيه الذي اسكنه معه في غرفه مستأجره في دمشق وتكفل بمساعد ته .
.يدل ذلك ان زيزي لم تقرأ الكتاب وجاءتها المقاله جاهزه لترسلها لكم
غباءا منها أو جهات دفعتها لذلك
واذا افترضنا انها قرأت الكتاب فعدم فهمها ال لا محدود جعلها تنساق وراء تأويلات اغرقتها في مستنقع الثقافة التي تربت عليها ثقافة التهم والتوقيع على الاعترافات المنزوعه بالقوة والتعذيب
وهذه بالتأكيد مسؤولية الناشر موقع (رصيف 22) الذي عودنا على مهنية مشهودة
Kinan Ali -
منذ 3 أيامجميل جدا... كمية التفاصيل مرعبة...