كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن تكبد العمال الفلسطينيين مبالغ طائلة للحصول على تصاريح للعمل في إسرائيل، مؤكدةً أن هذه التجارة غير القانونية كلفت 20 ألف عامل فلسطيني نحو 140 مليون دولار (نصف مليار شيكل) في العام الماضي.
وبحسب ما كتبته أميرة هاس في الصحيفة، فقد دفع كل عامل من هؤلاء حوالي 7000 دولار، ذهبت أرباحها إلى السماسرة وأصحاب العمل.
"تقدير متحفظ"
وتشير دراسة حديثة أجراها "بنك إسرائيل" إلى أن نحو ثلث العاملين من الضفة الغربية في إسرائيل يتعين عليهم الحصول على تصاريح للعمل في تل أبيب.
ويدفع كل عامل مبلغاً يراوح بين 1500 شيكل و2500 شهرياً للحصول على هذه التصاريح، أي ما يعادل نحو ثلث أو نصف مكسبه المحتمل من العمل.
وتتطابق دراسة "بنك إسرائيل"، المنشورة في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، مع تقدير أصدرته "Kav La’Oved" قبل خمس سنوات. وهي منظمة معنية بتقديم المساعدة القانونية والمشورة للعاملين الذين لا يحمي حقوقهم "هستدروت" (اتحاد النقابات العمالية الإسرائيلية).
وكان التقرير الصادر في أيار/مايو عام 2014 قد خلص إلى أن نحو 25 إلى 30% من العمال الفلسطينيين في إسرائيل مجبرون على شراء التصاريح.
وبحسب الصحيفة، فإن دراسة "بنك إسرائيل" تقدم "تقديراً متحفظاً لأرباح الاتجار غير المشروع في تصاريح العمل خلال العام الماضي، كما انتقدت عدم توزيع الأرباح بين مختلف المتورطين في هذه التجارة".
"تجارة رائجة وتزدهر يومياً"
ويلفت المحامي الحقوقي الذي يعمل لدى "Kav La’Oved" خالد دوخي إلى أن هذه الممارسة تتسع يومياً "لأنها مربحة"، موضحاً أن "ما يثير القلق حقاً هو أن الجميع يعرفون بهذه الممارسة ومن يشاركون فيها".
في أحسن الأحوال، قد يحصل العامل الفلسطيني على تصريح عمل طويل الأجل مع صاحب عمل واحد، وفي أسوأ الأحوال، يستخدم تصريحاً زائفاً للبحث عن عمل يومي غير رسمي.
20 ألف عامل فلسطيني دفعوا نحو 140 مليون دولار في العام الماضي وحده لشراء تصاريح للعمل في إسرائيل، بحسب تقرير لصحيفة "هآرتس"
"لا يحصل العاملون الفلسطينيون على حقوق مساوية لبقية العاملين في إسرائيل، صحياً ومادياً واجتماعياً. وتكون التصاريح أكثر تكلفة إذا كانت تشمل حق النوم في إسرائيل"... تقرير لـ"هآرتس" يكشف كيف يُجبر الفلسطيني على دفع "ثروة" مقابل العمل
لكن في بعض الأحيان قد يستغرق العثور على هذا العمل شهرين أو ثلاثة، وربما تنتهي صلاحية التصريح قبل العثور على عمل.
وتقول الصحيفة: "هذه التجارة التي تطورت على مدى الثلاثين عاماً الماضية تعرفها جيداً السلطات الإسرائيلية، ولن يكون من الصعب الوصول إلى المتورطين فيها، لا سيما أصحاب العمل".
وبحسب "هآرتس"، فإن التجارة "ممكنة" بسبب سياسات الحكومة الإسرائيلية التي تحدد من ناحية الحصص المخصصة للعمال الفلسطينيين في كل صناعة يسمح لهم بمزاولتها، ومن ناحية أخرى تربط هؤلاء العمال بصاحب عمل محدد.
وتخصص أعلى حصص للعمال الفلسطينيين في مجال البناء، ثم الزراعة، فيما لدى بعض الشركات وأرباب العمل حصة منخفضة لتشغيل الفلسطينيين، والبعض الآخر غير مسموح لهم بذلك.
"هنالك أرباب عمل في إسرائيل لا يملأون حصتهم من العمال الفلسطينيين، فيلجأون -لجني المزيد من الأرباح - إلى العمل في التصاريح غير المشروعة".
وهنالك أرباب عمل في إسرائيل لا يملأون حصتهم من العمال الفلسطينيين، فيلجأون - لجني المزيد من الأرباح - إلى العمل في التصاريح غير المشروعة.
وتكشف الناشطة الحقوقية العمالية سيلفيا بيترمان أنها - خلال 14 عاماً من العمل التطوعي مع آلاف العمال الفلسطينيين - شاهدت حالات طُلب فيها من العمال دفع راتب 6 أشهر مقدماً للحصول على تصريح عمل.
وقالت للصحيفة: "إذا مُنع شخص لأي سبب من الأسباب، من دخول إسرائيل فترة من الزمن، لأسباب لا تعتمد عليه، لن يسترد أمواله".
ورصدت جماعات حقوقية إعلانات لبيع تصاريح غير قانونية عبر فيسبوك. ووجدت أن التصريح يصبح أكثر تكلفة إذا شمل الحق في النوم في إسرائيل، وأقل تكلفة خلال شهر رمضان، إذ يكون يوم العمل أقصر من الأيام المعتادة.
وذكرت الصحيفة بأن العمال الفلسطينيين لا يتمتعون بالحقوق الاجتماعية والرعاية الطبية والمالية في حالة المرض أو الإصابة من جراء العمل، على غرار العمال في إسرائيل.
"الواقع أقوى من القوانين"
منذ سنوات عدة، تطالب "Kav La’Oved" بإعادة النظر في ربط العمال الفلسطينيين بأرباب العمل.
وكان مراقب الدولة في إسرائيل، المعني بمتابعة مهمات مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية، انتقد عام 2014 الطريقة التي أُعتمدت لدى منح حصص العمال الفلسطينيين لأصحاب العمل في مجال البناء.
وبعد توصيات مراقب الدولة، قرر مجلس الوزراء الإسرائيلي، في كانون الأول/ديسمبر عام 2016، تطبيق "إصلاح من شأنه إلغاء العلاقة بين العامل الفلسطيني وصاحب عمل واحد بشكل تدريجي"، لكن ذلك لم ينفذ ذلك كما ينبغي، وكان التنفيذ أبطأ مما وعد به، حسب الصحيفة.
وانتقدت دراسة "بنك إسرائيل" الإجراء الوزاري الإصلاحي بصيغته الحالية، مؤكدةً أن من شأنه تقييد تنقل العمال الفلسطينيين والمساهمة في ازدهار التجارة غير المشروعة في التصاريح.
ولا تبدو بيترمان متفائلة بشأن القضاء على هذه الممارسة، إذ قالت "صحيح أنها فاسدة وغير قانونية. لكن إذا لم يُقترح بديل، فسوف يستمر ذلك، لأن الواقع أقوى من القوانين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.