"من بيروت إلى بغداد نساء، رجال، عجائز، شباب، جميعهم في الشوارع لإسقاط نظام الملالي ونحن فقط نراقب"، هكذا قرأ بعض المغردين الإيرانيين التظاهرات في لبنان قراءة تشبه أحلامهم، وأقرب إلى تطلعاتهم، فتغيير السلطة الدينية في إيران هو الهاجس المقرون اليوم بأحلام الكثير من الشباب الإيرانيين.
أمام المستجدات الداخلية والإقليمية، يقرأ الشعب الإيراني من زاويتين مختلفتين تماماً الأحداث في لبنان. تفاعل الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إيران مع وسم #لبنان-ينتفض، يبدو أقوى من التفاعل مع التظاهرات في بغداد. وبرغم أن الأخيرة أقرب إلى إيران جغرافياً وسياسياً وحتى من حيث المرجعيات الدينية، فإن لثورة لبنان خصوصية مثيرة أيقظت هاجس الثورة لدى متابعيها الإيرانيين، بما يعكس تعطش الشعوب لحرية التعبير والمطالبة بحقوقها.
تغيير الأنظمة في الدول المدعومة من نظام طهران أصبح حلماً لدى معارضي النظام في إيران، كأن بتر حلفائه في المنطقة لن يضعف حكم طهران فقط بل سيقضي عليه. يعيد مغرد إيراني تغريدة له من عام 2017 يقول فيها "لتنجح في حركة كش ملك الشيعة عليك أن تضربه في قلاعه وفيله في لبنان وسورية واليمن”. وبينما يتمنى هؤلاء النصر السريع لثورة لبنان، إلا أنهم يظنون أن هذا النصر سيقطع يد النظام الإيراني القمعية، وربما لهذا تداولوا منشورات حقيقية وأخرى مزورة من بيروت تندد بالثنائي الشيعي أمل وحزب الله. يعيد آخرون نشر مقاطع فيديو يذكر المتظاهرون فيها بوضوح اسم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، متعاطفين مع لبنان في ثورته على الفساد، ومحملين طهران مسؤولية انتشار الفساد من خلال نفوذها في لبنان.
بعض التغريدات الإيرانية المبتهجة بالثورة اللبنانية رأت أن حزب الله وحرس الثورة هما المتهمان رقم واحد من قبل الحراك الشعبي في لبنان، ويرى إيرانيون أن مدى الثورة سيصل إلى طهران. الاتهام لـ "عملاء طهران" في لبنان زاد بعد إطلاق الرصاص في مدينة صور، مشبهين ما حدث بسعي طهران إلى قمع التظاهرات بطريقة وحشية في قلب العاصمة خلال الأعوام الماضية.
قارن رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين ردة فعل مشاهير لبنان والعراق الإيجابية تجاه الحراك وردات فعل نظرائهم في إيران، مطالبين جميع فئات الشعب في إيران ولا سيما المشاهير بتعلم الدرس من دول الجوار وعدم التملق للأنظمة الفاسدة، والتظاهر بشكل حضاري، معتبرين أن ما يحدث في لبنان هو مثال للاحتجاج السلمي.
دعونا نشارك أيضاً
في التغريدات الإيرانية، نلاحظ أيضاً إقبالاً على تبادل صور الثورة من لبنان، دون تأييدها بل بهدف التسلية. فتبادل المواد الفكاهية (حسب تعبير البعض) كالتي تعرض صور الشبان اللبنانيين أثناء لعب الورق أو تدخين النرجيلة أو الرقص وسط التظاهرات معلقين بدورهم على صور الجميلات في الشارع اللبناني مطالبين بالسماح لهم بالمشاركة في الحراك. كل ذلك يتم في قالب ساخر لا يتطرق إلى مطالب الثورة وكأن الهدف من هذه التغريدات العبثية تسطيح انتفاضة لبنان أمام المتابع الإيراني.
"المؤامرة" ضد لبنان
في المقابل تفاعل الإعلام الرسمي في إيران في اليومين الأول والثاني من التظاهرات اللبنانية مع الحراك إلا أن هذا التفاعل سجل تراجعاً كبيراً، ولا سيما مع بدء ترويج الخطة ب التي ربما يحتاجها النظام في طهران إذا ما تغيرت مجريات الساحة اللبنانية. وقدمت الصحف الإيرانية (20-21 تشرين الأول/ أكتوبر) رواية أخرى وهي "المؤامرة" على حزب الله في لبنان و"الأيادي الخفية" التي تحرك الشارع مستشهدةً بتسييس قناة "العربية" لهذه التظاهرات، فيما ذهبت صحيفة جوان الإيرانية إلى الكشف عن تدخل مباشر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الحراك اللبناني الذي وصفته بالاضطرابات.
"من بيروت إلى بغداد نساء، رجال، عجائز، شباب، جميعهم في الشوارع لإسقاط نظام الملالي ونحن فقط نراقب"... هكذا قرأ بعض المغردين الإيرانيين التظاهرات في لبنان قراءةً تشبه أحلامهم وتطلعاتهم
تغيير الأنظمة في الدول المدعومة من نظام طهران أصبح حلماً لدى معارضي نظام الملالي، كأنّ بترَ حلفائه في المنطقة لن يضعف حكم طهران فقط بل سيقضي عليه
بعض التغريدات الإيرانية المبتهجة بالثورة اللبنانية رأت أن حزب الله وحرس الثورة هما المتهمان رقم واحد من قبل الحراك الشعبي في لبنان... إيرانيون يرون أن مدى الثورة اللبنانية سيصل إلى طهران
التصريح الرسمي الإيراني حول الحراك الشعبي في لبنان صدر صباح 21 تشرين الأول/ أكتوبر على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي الذي اعتبر أن مطالب الشعب اللبناني مشروعة، وأن إيران لا ترغب في التدخل في الشؤون الداخلية لبقية الدول، وترفض تدخل الآخرين في شؤون لبنان أيضاً.
الشوق للثورة والتحسر على غياب حرية التعبير هما اللون الغالب على الشارع الإيراني أمام الحراك اللبناني. كما أن محاربة الفساد ورفض الضرائب المبالغ بها لتحصيل ميزانية الدولة هما الجامع المشترك بين إيران ولبنان. فهل تصل شرارة الانتفاضة إلى طهران؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...