مرة أخرى، يؤكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن نظرته إلى الدول الخليجية تتأسس على أنها مناجم لغرف الأموال أو "بقرة حلوب"، كما سبق أن وصف السعودية في العام 2016.
ففي 16 أيلول/ سبتمبر، قبيل لقاء ثنائي جمعهما، تحدّث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع ولي العهد البحريني سلمان بن حمد آل خليفة، بحضور صحافيين عن كيفية حله للأزمات التي ورثها عن الإدارات السابقة، وأخبره أنه زاد من جاهزية الولايات المتحدة العسكرية، مدللاً على ذلك بزيادة ميزانية وزارة الدفاع (البنتاغون) التي زادت من 700 مليار دولار إلى 718 وصولاً إلى إقرار موازنة بقيمة 738 مليار دولار للسنة الأخيرة، مضيفاً: "هذا مال كثير، حتى بالنسبة إلى البحرين، صحيح؟".
ـ الأمير سلمان: "إنه مال كثير".
ـ ترامب: "هذا كثير حتى بالنسبة إلى البحرين".
ـ الأمير سلمان: "إنه مال كثير".
ـ ترامب: "والبحرين تمتلك الكثير من المال. صحيح؟".
ويعكس تكرار حديث ترامب عن المال وإشاراته المتكررة إلى ثراء دول الخليج نظرته إليها، ويتأسس على نظرته هذه موقفه من قضايا الشرق الأوسط: لن ندافع عن دول الخليج ونحميها بالمجان، بل عليها أن تدفع مقابل ذلك.
وخلال هذه الزيارة، أعلن ولي العهد البحريني توقيع صفقة لشراء أولى منظومات بلاده من صواريخ باتريوت الأمريكية.
ماذا عن باقي دول الخليج؟
هذه ليست المرة الأولى التي يتباهى فيها ترامب بقدرته على تحويل الأموال الخليجية وأموال دول أخرى إلى السوق الأمريكية، فهو الذي وصف السعودية عام 2016 بـ"البقرة الحلوب"، مطالباً إياها بدفع ثلاثة أرباع ثروتها مقابل استمرار حمايتها، ومضيفاً أنه حين يتوقف ضرعها عن درّ الدولارات سيتم ذبحها.
ولم يتوقف عند ذلك، فصرح مراراً مبتزاً الإدارة السعودية مقابل حمايتها. وكان قد خطب في تجمع انتخابي في ساوثافن في مسيسيبي، في 2 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي قائلاً: "نحن نحمي السعودية. ستقولون إنهم أغنياء. وأنا أحب الملك، الملك سلمان. لكني قلت: أيها الملك نحن نحميك، ربما لا تتمكن من البقاء لأسبوعين من دوننا، عليك أن تدفع لجيشنا".
واستبق هذا التصريح بالقول في 29 أيلول/ سبتمبر من العام نفسه، إن الملك سلمان يمتلك تريليونات الدولارات، ومن دون الولايات المتحدة "الله وحده يعلم ماذا سيحدث" لبلاده.
وقال في وقت لاحق، في حضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إن "السعودية بلد ثري جداً، ونأمل أن تعطي الولايات المتحدة بعضاً من ثروتها من خلال شراء أفضل المعدات العسكرية في العالم واستيلاد وظائف جديدة".
لم يقتصر الأمر على أموال السعودية والبحرين، فقد استقبل ترامب أمير قطر تميم بن حمد، في تموز/ يوليو الماضي، واحتفى به في مأدبة عشاء أقيمت في الـ"Cash Room"، التي كانت خزينة مكتظة بالعملات الذهبية والفضية والورقية، في وزارة الخزانة الأمريكية، واعتبر مراقبون أن اختيار الغرفة مقصود.
ومن داخل "غرفة الكاش" قال ترامب لأمير قطر: "أنتم حليف عظيم. قدمتم لنا المساعدة في منشأة عسكرية رائعة، ومطار عسكري لم يرَ الناس مثيلاً له منذ وقت طويل. حسبما أفهم، استثمرت 8 مليارات دولار، والحمد لله كانت غالبيتها من أموالكم وليست من أموالنا".
ثم أردف: "استثماراتكم في الولايات المتحدة من أكبر الاستثمارات في العالم، وهي موضع تقدير كبير. أما الطائرات التي ستشترونها وكل الأشياء التي ستستثمرون فيها، فأراها وظائف (فرص عمل للأمريكيين) لأنها في نظري وظائف".
المال حاضر في أزمة أرامكو
وعلى الرغم من العلاقة الوطيدة والاستثمارات السعودية الوافرة في أمريكا، باعتراف ترامب، وصفقات الأسلحة التي كلفت الرياض عشرات مليارات الدولارات، ظهر رد فعل الرئيس الأمريكي على استهداف منشأتي نفط تابعتين لشركة أرامكو السعودية في محافظتي بقيق وخريص في 14 أيلول/ سبتمبر الجاري، باهتاً.
كلما استضاف ترامب مسؤولاً عربياً بارزاً، تباهى بقدرته على "حلب" المال من بلده، وعقد صفقات باهظة يحل بها أزمات أمريكية، مقابل تقديم "الحماية"… آخرهم كان ولي العهد البحريني
بعد الإفصاح عن رغبته في "تعويض نفطي" من العراق، وقسط من ثروة السعودية ومليارات قطر، يتحدث الرئيس الأمريكي عن أموال البحرين "الكثيرة"
وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بحضور ولي العهد البحريني، مساء 16 أيلول/ سبتمبر، نفى ترامب أن يكون قد وعد السعوديين بالحماية أو الرد على إيران عوضاً عنهم بقوله "لا، لم أفعل. لم أعد السعوديين بذلك. السعوديون يريدوننا بشدة أن نحميهم، ولكني أقول حسناً، علينا أن نعمل (نجلس ونتفق). كان ذلك هجوماً على السعودية، وليس علينا".
وتابع: "لكننا بالتأكيد سوف نساعدهم. إنهم حليف عظيم. أنفقوا 400 مليار دولار في بلدنا على مدى السنوات الأخيرة. 400 مليار دولار... هذا يعني مليون ونصف المليون وظيفة. وليست (السعودية) كتلك (البلدان) التي تريد فرض شروطها. لقد ساعدونا في الخروج من أزمة (نقص) الوظائف وكل الأشياء الأخرى. وقد ساعدونا بالفعل".
الجدير بالذكر أن مصادر أمريكية مطلعة فضحت ترامب، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مؤكدةً أنه طلب من العراق "تعويضاً نفطياً" عن إنقاذه من نظام الرئيس الراحل صدام حسين خلال الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ومشيرةً إلى أنه كرر طلبه مرتين لرئيس الوزراء العراقي آنذاك حيدر العبادي.
وفي الماضي، كشف ترامب كذلك عن أطماعه بالنفط العراقي، إذ بيّن، أثناء حملته الانتخابية، تذمره من أن بلاده أنفقت تريليونات في العراق وخسرت آلاف الأرواح من دون أن تحصل على "شيء" في حين أن العادة في الحروب هي أن يحصد المنتصر "الغنائم" ، وقال مراراً إن الولايات المتحدة كان ينبغي أن "تستولي" على حقول النفط العراقية تعويضاً عن التكاليف الباهظة لحربها هناك.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين