وجوه خجولة، وأُخرى محاطة بقلوب حب حمراء. هذا ما تبادله عبر انستغرام اللاعب المصري محمد النني (27 عاماً) وعارضة الأزياء التركية بيرين جويني (22 عاماً) التي أعربت عن انزعاجها من تواصل النني معها متسائلةً: "ما قصة لاعبي كرة القدم معي؟ كيف وصلت لي وأنت ما زلت جديداً هنا في تركيا؟".
أخبرت جويني اللاعب الذي انتقل يوم 31 آب/أغسطس إلى نادي بشكتاش التركي على سبيل الإعارة من صفوف فريق أرسنال الإنجليزي أنها كانت في "صالون للتسمير (Tanning Salon)"، قبل أن تسأله عن أحوال يومه، فأجابها بأنه "انتهى تدريبه للتو". هذا بالتحديد ما نشرته عارضة الأزياء.
التفتت لمنشورها وسائل إعلام تركية، معنونةً مواضيعها بـ"بيرين جويني تكشف عن رسائل محمد النني"، و"ظاهرة انستغرام (لقبها) بيرين جويني كشفت عن محمد النني"، في حين عنونت سي أن أن بنسختها التركية موضوعها بـ"بيرين جويني تكشف عن النني" من دون أن تذكر أي منها تعرّض جويني للتحرّش، بل نقلت بالحرف ما ورد في المحادثة التي صوّرتها عارضة الأزياء ونشرتها.
عربياً، يبدو أن هناك تلذذاً في جلد الشخصيات العامة، أكان هناك دليل أم لا، وهو ما يجعلنا نتساءل: لماذا تصدّق شعوبنا كل ما قد يؤثر على ما يُسمى "السمعة"؟ ولماذا لا تُشكك الكثير من الوسائل الإعلام العربية في الأخبار المتداولة وتنقل القصة من دون دقة، بل تُضيف لمساتها إليها؟
"فضيحة"
تناقلت وسائل إعلام عربية الخبر "استناداً إلى صحف تركية" من دون الاستناد الفعلي إليها.
"على خطى وردة... محمد النني في قلب 'فضيحة تحرش'"، هكذا نقلت سكاي نيوز عربية الخبر، مشيرةً إلى كشف صحيفة تركية عن "تفاصيل واقعة تحرش تورط فيها النجم المصري محمد النني، تشبه تلك التي ارتبطت بزميله بالمنتخب المصري، عمرو وردة، قبل أشهر قليلة"، وأنها "نشرت صورة لرسائل تحرش مرسلة من النني".
أما بخصوص ما "تورّط فيه زميله وردة"، فلا مجال للمقارنة. فقد نشرت فتاة مكسيكية محادثات بينها وبينه تضمنت عبارات جنسية في حزيران/يونيو الماضي كما كشفت عن فيديو يُظهر فيه وردة عضوه الذكري. أما المقارنة، فقد تكون جائزة إذا كانت الضحية لا تملك دليلاً على التحرّش بها أو أنها تملك دليلاً غير حاسم قد لا يصدّقه الرأي العام. ولكن في حالة النني على ماذا نعتمد؟
في هذا السياق، انضمت صحف عربية أخرى لسكاي نيوز في الكشف عن "فضيحة التحرش"، منها البيان، والإمارات اليوم، وعربي بوست، ويوروسبورت، والشروق.
فيما خلت محادثات عارضة الأزياء من أية علامات تحرش، عدّ البعض محمد النني "مكبوتاً جنسياً ومحروماً ويعتبر أي أنثى ماشية بالشارع هدف ممكن"... ما الذي يجري مع اللاعب المصري؟
محادثة بين اللاعب المصري محمد النني وعارضة الأزياء التركية بيرين جويني تحوّله إلى "متحرّش"، ولكن وفقاً للإعلام العربي فقط! ماذا حصل؟
هل هو حقاً تحرّش؟
وفقاً لمبادرة "خريطة التحرّش" التي تسعى للقضاء عليه، فإن التحرش هو "أي صيغة غير مرغوب فيها من الكلمات أو الأفعال ذات الطابع الجنسي والتي تنتهك جسد شخص ما أو خصوصيته أو مشاعره، وتجعله يشعر بعدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان، أو الخوف، أو عدم الاحترام، أو الترويع، أو الإهانة، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك أو أنه مجرد جسد". والأهم أنها تكون برفض الطرف الآخر لهذه الأفعال، أما حينما يكون هناك قبول من الطرفين، فلا يُطلق عليه مسمى "تحرّش".
وفي الوقت الذي يُهاجَم فيه النني حالياً، تنشر عارضة الأزياء عبر حسابها على انستغرام صوراً نقلتها من وسائل إعلام تركية لتُشير إلى "تضخّم" القصة. واستخدمت جويني إيموجيز ساخرة للتعبير عن ذهولها من تداول القصة بهذا الشكل الواسع، أو سعادتها بما حققته، علماً أن لديها نحو 97 ألف متابع، وهو رقم قليل نسبياً مقارنة بعارضات الأزياء اللواتي ينشرن صوراً مشابهة، ويشاركن يومياتهنّ مع جمهورهنّ، وهو ما يثير الشبهات حول سعيها للشهرة.
في هذا السياق، قال مغرّد يدعى عماد: "خلينا بس نكون عارفين نقطة مهمة. مش معنى أنه جويني نشرت هالرسائل معناه محمد هو من بدأ المراسلات ويضايقها. وارد جداً هي اللي بدأت وراسلته وواضح أنها بتاخد وبتعطي معاه. خطأ محمد أنه رد عليها".
وتفاوتت التعليقات الساخرة بين روّاد التواصل، فمنهم من قال "النني اتعملّه كمين"، ومن قال "اقطعوا اشتراك النت عن اللعيبة المصريين".
وبرغم الحديث العادي بين النني وعارضة الأزياء، اتّهم شاب على فيسبوك النني بأنه "مكبوت جنسياً" و"محروم" و"يعتبر أي أنثى ماشية بالشارع هدف ممكن"، موجهاً رسالة له: "مش إذا بنت بتلبس مايوه وبيبين جسمها يعني سهلة، ومش إذا صار معك مصاري يعني فيك تشتري يلي بدك ياه. وقعت بين ايدين الاتحاد التركي ومش الاتحاد المصري يلي حامل شعار 'معلش' و'عيل وغلط' ونديه فرصة ثانية"، في إشارة إلى تهاون الاتحاد المصري مع عمرو وردة الذي رُفعت عقوبة الإيقاف عنه وتلقى كل الدعم من لاعبي المنتخب، على رأسهم محمد صلاح.
وبين رسائل موجهة له وإعلام يكتب عن "فضيحته" وسخريات على الإنترنت، لا بد من تذكّر عدم ورود كلمة "تحرّش" في ما قالته عارضة الأزياء التركية، ونقله إعلام دولتها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...